تتجه الأنظار إلى الموقف البريطاني من قضية الصحراء، في وقت يتسارع فيه التحول الإقليمي والدولي بشأن هذا الملف. فقد صرح وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، بأن الموقف "قيد الدراسة"، دون تقديم أية تفاصيل إضافية حول مآل هذه المراجعة أو طبيعة ما قد تؤول إليه مستقبلا. هذا التصريح جاء في سياق سؤال برلماني طرحه النائب المحافظ أندرو ميتشل، والذي استفسر عن نية الحكومة البريطانية السير في الاتجاه نفسه الذي سلكته مجموعة من الدول ذات الثقل، والتي أبدت تأييدها لمبادرة الحكم الذاتي.
ورغم أن الجواب لم يتجاوز دائرة التريث، إلا أن طرح الموضوع داخل البرلمان يعكس حركية دبلوماسية تُؤخذ بعين الاعتبار.
في الأثناء، تستمر مجموعة من المؤشرات في التراكم داخل الدوائر السياسية البريطانية، منها ما عبّرت عنه مراسلات نواب إلى الحكومة، ومنها ما يُفهم من تطور العلاقات الثنائية بين لندن والرباط، خاصة في مجالات التعاون الأمني والاقتصادي.
لكن، ورغم هذا، لا يزال الحذر هو السمة الغالبة على الموقف البريطاني، حيث يتوزع النقاش داخل المؤسسة السياسية البريطانية بين فريق يدعو إلى الانخراط في التوجه الدولي الجديد، وآخر يُبدي تحفظا بداعي الحرص على البقاء ضمن إطار دعم الشرعية الدولية والمسار الذي تقوده الأممالمتحدة لحل هذا الملف.
وفي الوقت الذي دعمت فيه عواصم مثل باريس وواشنطن ومدريد خيار الحكم الذاتي، تظل لندن ضمن الدول التي لم تُبدِ موقفا نهائيا، وهو ما يجعل كل خطوة من جانبها محل متابعة وتحليل.
وفي وسط هذه التطورات السياسية، نجد أن المغرب ليس "دولة بعيدة في شمال إفريقيا"، بل هو شريك استراتيجي حيوي في سياقات جغرافية وسياسية صعبة، بدءا من أزمات منطقة الساحل إلى تعقيدات الشرق الأوسط. فالمملكة المتحدة تدرك تماما أن الوقوف مع المغرب في هذه القضية سيكون بمثابة دعم لمستقبل مستقر في المنطقة، خاصة وأن المغرب يُعتبر اليوم لاعبا رئيسيا في ضمان الأمن والاستقرار في محيطه.
وفيما يتعلق بالآثار المحتملة، فمن المؤكد أن مواقف بريطانيا قد تشكل دافعا لكثير من الدول الأخرى التي لم تحسم موقفها من قضيتنا الوطنية بعد. فالعالم اليوم، خاصة في سياقات السياسة الدولية المتغيرة بسرعة، يبحث عن إشارات من العواصم الكبرى.
فهل تفعلها لندن، وتسير على نهج حلفائها في دعمهم لسيادة المغرب على صحرائه، في ظل التأثيرات العميقة التي يشهدها النظام الدولي؟ لننتظر ونرى…