أعلنت الجزائر اطلاعها على قرار السلطات الفرنسية استدعاء سفير فرنسا في الجزائر لديها للتشاور، ومطالبة 12 موظفا قنصليا ودبلوماسيا جزائريا بمغادرة التراب الفرنسي، معتبرة أن ما يجري على الجانب الفرنسي ليس سوى "مسرحية مفتعلة" من قبل وزير الداخلية برونو روتايو.
وفي تصريح للإذاعة الوطنية، أكد سفيان شايب كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، المكلّف بالجالية الوطنية في الخارج، أن "الجزائر أخذت علما بالقرار الفرنسي"، مضيفا: "لا نملك بعد كل التفاصيل الدقيقة حول الأشخاص المعنيين بهذا القرار الجديد الذي نأسف له".
وأكد أن "الأزمة والتوتر الحاليين هما نتيجة مباشرة لهذه المؤامرة وهذه المسرحية المفتعلة بالكامل من قبل وزير داخلية هذا البلد، الذي أعاد إحياء قضية تعود لأكثر من ثمانية أشهر، تتعلق باختطاف مزعوم لهذا الشخص (أمير بوخرص، المدعو أمير دي زاد)، والتي استُخدمت، للأسف، كنقطة انطلاق لمناورة جديدة تهدف إلى تقويض العلاقة الثنائية والديناميكية التصاعدية التي أرادها قائدا البلدين، الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون".
واعتبر كاتب الدولة أن هذه القضية الجديدة "المختلقة" تهدف إلى المساس ب"العلاقات الثنائية التي كانت تمر بمرحلة من التهدئة"، مذكّرًا بأن الاتصال الهاتفي الذي جرى يوم 31 مارس المنصرم بين رئيسي البلدين "أبان عن وجود إرادة لاستئناف الحوار بين البلدين ومنح العلاقات الثنائية طموحًا جديدًا يشمل كافة قضايا التعاون والمسائل ذات الاهتمام المشترك".
وأشار شايب إلى أن جميع الإجراءات المتخذة، والتي أدت إلى اعتقال الموظف القنصلي الجزائري، "تم اتخاذها بتحريض من أجهزة تابعة لوزير الداخلية الفرنسي"، واصفا الذريعة المستخدمة لتبرير اعتقاله بأنها "واهية".
وتابع أن هذا الاعتقال يُعدّ "انتهاكًا صارخًا للحصانات والامتيازات المكفولة بموجب جميع النصوص والاتفاقيات الدولية التي تحمي الموظف القنصلي المعني، وتجاهلًا للأعراف والممارسات التي يجب أن تسود بين الدول في مثل هذه المسائل".
وفي المقابل، دافع وزير الشؤون الخارجية الفرنسي، جون-نويل بارو عن زميله برونو روتايو، المتهم من قبل السلطات الجزائرية بالوقوف وراء الاعتقالات، مؤكدًا أنه " لا علاقة له بالقرار القضائي، لأن العدالة في فرنسا مستقلة".
وصرّح بارو في مقابلة مع إذاعة فرانس إنتر، الأربعاء، أن السلطات الجزائرية اختارت طريق التصعيد، واصفًا قرارها بطرد 12 موظفا فرنسيا بأنه "مؤسف" ولن يكون دون عواقب.
وأوضح الوزير، أن هذا القرار جاء ردا على توقيف موظف قنصلي جزائري في فرنسا، متهم في قضايا تتعلق بالإرهاب، حسب ما أفاد به الادعاء الوطني لمكافحة الإرهاب. وأضاف: "إذا أصرت الجزائر على طرد الموظفين الفرنسيين، فلن يكون أمامنا خيار سوى اتخاذ إجراءات مماثلة".
وأكد بارو أن فرنسا ترد بحزم وبأقصى درجات المعاملة بالمثل، مشددا على أهمية إعطاء فرصة للحوار باعتباره "الطريقة الوحيدة لحل التوترات"، وأضاف: "الذين يقولون عكس ذلك هم غير مسؤولين".
وأشار الوزير إلى أن فرنسا كانت قد حصلت على التزامات من الجزائر خلال زيارته الأخيرة للجزائر في 6 أبريل، إلا أن هذه الأخيرة قررت "بشكل مفاجئ" طرد موظفين فرنسيين، بعد أن قامت العدالة الفرنسية، "المستقلة"، بتوقيف ثلاثة جزائريين يوم الجمعة الماضي.
كما شدد الوزير على أن لفرنسا مصلحة في الحفاظ على علاقة طبيعية مع الجزائر، لما لذلك من أهمية في ملفات الترحيل، والتعاون الاستخباراتي، والإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال. وأكد أن باريس ستواصل مطالبة الجزائر باحترام التزاماتها في إطار القانون الدولي. ولفت إلى إن الجالية الإفريقية، وخصوصا الجزائرية، تمثل فرصة لفرنسا، مؤكدا أنهم "لا يجب أن يكونوا ضحايا التوتر في العلاقات الثنائية".