على خلفية الاستعدادات الجارية في صفوف المعارضة لتقديم ملتمس للرقابة ضد حكومة عزيز أخنوش، يتساءل متتبعون عن مدى قدرة هذه الآلية الدستورية على إسقاط الحكومة الحالية، خاصة في ظل الأغلبية المريحة التي تتمتع بها بمجلس النواب. وتمتلك الحكومة أغلبية نيابية مطلقة تتمثل في الأحزاب الثلاثة (التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال)، فضلا عن حزب الاتحاد الدستوري الذي أعلن نفسه في الأغلبية وليس في المعارضة رغم أنه لا يشارك في الحكومة.
وفي تعليقه على قدرة ملتمس الرقابة على إسقاط الحكومة، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش عبد الرحيم العلام، أنه ليس مطلوبا من المعارضة أن تتقاعس عن القيام بدورها الرقابي حتى تضمن النصاب القانوني لطرح آليات الرقابة البرلمانية.
وأضاف العلام، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه ليست الوظيفة الوحيدة لطرح ملتمس للرقابة هي إسقاط الحكومة، بل هو أيضا مناسبة لانطلاق "بولميك سياسي" قد يؤدي إلى نقاش مجتمعي واسع بخصوص دواعي وأسباب هذه الآلية الرقابية.
وأوضح العلام، أنه حتى وإن كان التصويت لصالح ملتمس الرقابة مستحيلا في ظل الأغلبية المريحة للحكومة، فإنه يشكل على الأقل ضغطا أخلاقيا وسياسيا أكثر منه قانونيا على الحكومة. وسجل أن هذا الضغط قد يؤدي إلى مزيد من إضعاف مشروعية الحكومة أي شعبيتها ومقبوليتها لدى الرأي العام وليس من شرعيتها، مبينا أنه حتى إذا لم تستطع المعارضة سحب الثقة قانونيا من الحكومة فإنها على الأقل ستنزع من رصيدها بعض الشعبية.
وأكد العلام، أنه في جميع الأحوال لن تتضرر المعارضة من طرح ملتمس للرقابة، بل بالعكس يمكنها أن تربح من هذه الخطوة، ناهيك على أن هذا الأمر يدخل في صميم الأدوار الرقابية للمعارضة.
وخلص إلى أنه إذا لم تستطع المعارضة تشكيل لجنة تقصي الحقائق في الدعم الحكومي الموجه لاستيراد المواشي، فما بالك بطرح ملتمس الرقابة!، مستدركا: لكن كيف ما كان الحال فهذا واجبها من الناحية الدستورية لمراقبة العمل الحكومي، ولخلق سجال ونقاش واسع حول أسباب هذا الإجراء الرقابي، وهي كلها أمور مفيدة للاجتماع السياسي بالمغرب، يقول العلام.
هذا، وأعلنت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية دعمها لملتمس الرقابة الذي تستعد أحزاب المعارضة في البرلمان ممثلة في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية لطرحه من أجل إسقاط حكومة عزيز أخنوش.
وصادقت الأمانة العامة ل"البيجيدي" في أول اجتماع لها عقب مؤتمرها الوطني الذي انتهى بتجديد الثقة في عبد الإله ابن كيران أمينا عاما للحزب لولاية جديدة، على مشاركة الحزب إلى جانب باقي أحزاب المعارضة النيابية في ملتمس الرقابة لمعارضة مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها طبقا للفصل 105 من الدستور.
وقال حزب "المصباح"، وهو يوضح أسباب انضمامه إلى هذه المبادرة، إن تقديم ملتمس الرقابة يعتبر "تمرينا سياسيا وديمقراطيا من شأنه أن يُحْيي النقاش السياسي الوطني الرَّاكد، ويضع الحكومة أمام مسؤولياتها لاسيما إزاء تخلفها وعجزها عن الوفاء بوعودها في البرنامج الحكومي كما صادق عليه نواب الأغلبية النيابية".
واستحضر الحزب في هذا الصدد، سياق تقديم هذا الملتمس في ظل ما وصفه ب"تدهور الوضع المعيشي للمواطنين والمواطنات، وسحب وتعطيل العديد من التشريعات المتعلقة بمحاربة الفساد وترسيخ الحكامة الجيدة، وتهرُّب الحكومة ورئيسها من المسائلة البرلمانية، وتمرير العديد من التشريعات الهيكلية في مجال الحقوق والحريات بمنطق أغلبي وأحادي وإقصائي".
من جهته، قال المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في بلاغ صحفي عقب انعقاد اجتماعه الدوري يوم الثلاثاء 06 ماي 2025، إنه "أخذ علما بالاتصالات الجارية بين مكونات المعارضة في مجلس النواب من أجل تقديم ملتمس للرقابة".
وأعرب حزب "الكتاب"، عن أمله في أن "تتوفر شروط نجاح هذه المبادرة التي يُتيحها الدستور، لا سيما بعد كل ما مُورِسَ من مُناوراتٍ، من الحكومة وأغلبيتها، لإفشال مشروع تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول استيراد المواشي، بما يؤكد أن هذه الحكومة تَستغلُّ الأغلبية العددية، أساسا وبشكل منهجي، في رَفْضِ الخُضوعِ إلى أيِّ شكلٍ من الأشكال الرقابية".