ألمانيا تحذر من صعود جماعات شبابية يمينية إجرامية    المهرجان الدولي لفن القفطان "Art du Caftan" في طنجة مرآة للتراث المغربي وأناقة القفطان    عاجل: حريق مهول يلتهم شاحنة على الطريق السيار بين مولاي بوسلهام والقنيطرة قرب سيدي علال التازي    "Art du Caftan"يحتفي بعشر سنوات من الإبداع في دورته العاشرة بمدينة طنجة    إضرام النار يورّط قاصرين بابن جرير    ملف الصحراء المغربية في الأمم المتحدة: بين واقع الاعتراف الدولي وشروط سحب الملف من اللجنة الرابعة    ماء العينين: ملتمس الرقابة لا يلائم السياق السياسي والبرلماني المغربي    المغرب وأمريكا يختتمان مناورات الأسد الإفريقي 2025 بطانطان    نهاية 2024: الصين تتصدر العالم ببناء أكثر من 94 ألف سد وقدرات كهرومائية غير مسبوقة    هل يدخل الرجاء عصر الخصخصة بثقة: مؤسسات ملاحية عملاقة تفتح أفقًا جديدًا للنادي    تيمور الشرقية... المنتخبة غلة باهيا تسلط الضوء على التحول التنموي العميق في الصحراء المغربية    لجنة التقنيات والعمليات السيبرانية بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب تعقد اجتماعها الأول    بنك المغرب: ارتفاع سعر صرف الدرهم ب 0,6 في المائة مقابل الدولار    كيوسك السبت | المغرب يعتزم القضاء على الأمية بحلول 2029    مغربي من مواليد فرنسا يجد نفسه بدون أوراق إقامة في سن 58    انقطاع مؤقت لحركة السير على الطريق الإقليمية الرابطة بين بدال عين داليا للطريق السيار A5 ومدينة محمد السادس طنجة – تيك    نيجيريا تعلن عن خطوات جديدة في مشروع أنبوب الغاز الرابط مع المغرب    كريستيانو رونالدو على وشك توقيع عقد القرن … !    عرض بقيمة 400 مليار لضم لامين يامال … برشلونة يتخذ قراره    البرازيلي رونالدو نازاريو يبيع حصته في بلد الوليد    الاستثمار الصيني في المغرب: بطاريات المستقبل تنبض من طنجة نحو أسواق العالم    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت بالمغرب    بوريطة يمثل جلالة الملك في حفل تنصيب رئيس الإكوادور وسط تقارب دبلوماسي متزايد    حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    خبر تهريب 2,5 طن من الشيرا من شاطئ "طالع القرع"… يستنفر المصالح المختصة    تتويج الفائزين بجائزة المغرب للشباب 2025    مهرجان ماطا الدولي للفروسية يحتفي بربع قرن من العهد الزاهر للملك محمد السادس    "جائزة المغرب للشباب" تحتفي بأفكار ومشاريع شبابية إبداعية فريدة    12 جريحا في هجوم بسكين داخل محطة قطارات بهامبورغ.. والشرطة تعتقل امرأة مشتبه بها    غوتيريش يندد ب"الفترة الأكثر وحشية" في حرب غزة    تحالف مغربي-إماراتي يطلق مشروعا عملاقا في طنجة لتعزيز الأمن الطاقي بالمملكة    طفرة جديدة في المداخيل الضريبية لتتجاوز 122 مليار درهم خلال 4 أشهر فقط    آلاف المغاربة يحتجون نصرة لغزة    نهضة بركان يشكو سيمبا ل"الكاف"    رسمياً.. توجيهات بمنع بيع الأضاحي بإقليمي الناظور والدريوش خلال عيد الأضحى    بلاغ جديد من وزارة الأوقاف للحجاج المغاربة    الأزمي «البليكيه»    الرد الشامل على اللغو السافل: باب ما جاء في انسحاب الاتحاد من العبث    ملتمس الرقابة من لحظة لمكاشفة الحكومة إلى فرصة لكشف نزوات بعض مكونات المعارضة    الركراكي يكشف عن لائحة الأسود يوم الثلاثاء استعدادا لتونس والبنين    وزارة الأوقاف: حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    يهم حجاج الناظور.. وزارة الأوقاف تدعو إلى الإحرام في الطائرات    مبابي يُتوج بجائزة أفضل لاعب في ريال مدريد لموسم 2024-2025    بلقصيري تحتضن مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الثانية    تعيين عزيز الذنيبي مدربا جديدا للنادي الرياضي المكناسي لكرة القدم    "هنا".. عندما تتحول خشبة المسرح إلى مرآة لحياة أبناء "ليزاداك"    مهدي مزين وحمود الخضر يطلقان فيديو كليب "هنا"    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    الله أمَر بالسّتْر ولم يأمُر ببيْع الماسْتَر !    دراسة: الولادة المبكرة قد تكون مفيدة في حالة الأجنة كبيرة الحجم    انتشار الأفران العشوائية يزعج الفدرالية المغربية للمخابز    انطلاق أيام التراث بمراكش احتفاء بالماء والحدائق    بطاريات المستقبل تصنع بالقنيطرة .. المغرب يدخل سباق السيارات النظيفة    الحكومة تُطلق دعما مباشرا لحماية القطيع الوطني وبرنامجا لتحسين السلالات    السعودية تجري أول عملية لزرع جهاز ذكي داخل الدماغ في الشرق الأوسط    وزير الصحة المغربي يجري مباحثات ثنائية مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملتمس الرقابة من لحظة لمكاشفة الحكومة إلى فرصة لكشف نزوات بعض مكونات المعارضة

يعلم الجميع أن الغاية من لجوء الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى استثمار آلية ملتمس الرقابة لم تكن أبدا إسقاط الحكومة، بقدر ما كان هدفها الرئيسي هو جعل مناقشته لحظة لمكاشفة هذه الحكومة، ولإثارة العديد من القضايا والملفات التي تهم الرأي العام، والتي نجحت الحكومة إلى اليوم في تغييب النقاش حولها من داخل غرفة مجلس النواب.
إن القول بأن ملتمس الرقابة لم تكن غايته إسقاط الحكومة، هو قول راجع بالأساس إلى معطى موضوعي، ومنطقي، فمن الصعب جدا، بل من المستحيل الرهان على إسقاط هذه الحكومة عبر آلية ملتمس الرقابة، ذلك أن الأمر يتعلق بحكومة تتوفرعلى أغلبية عددية مريحة جدا، فحتى لو تمكنت مكونات المعارضة من تقديمه ووضعه أمام رئاسة مجلس النواب، فالأكيد أنها ستفشل في ضمان الموافقة عليه، هذه الموافقة التي تتطلب تصويت الأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب، وهو رهان خاسر أكيد، سيما أن اختلافات مكونات الأغلبية، لم تصل بعد إلى مستوى فك الارتباط، مما يحيل على إمكانية التحاق أحد مكوناتها بالمصوتين لصالح قبول ملتمس الرقابة.
لكن المؤكد، هو أن مكونات المعارضة كانت قادرة على تقديم هذا الملتمس، حيث لا يتطلب إيداعه طبقا لأحكام الفصل 105 من الدستور، إلا توقيع خمس الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب على الأقل، وهو ما كان سيكون فرصة سانحة لإحراج الحكومة، ولمواجهتها بالعديد من الممارسات التي تعتبر خطرا على المسير الديموقراطي في المغرب.
إن هذا التقديم، ليس محاولة لتذكير البعض بالعديد من المعطيات المعلومة للجميع، بل نريد منه أن يكون مدخلا للمساهمة في نقاش مفتعل ومغلوط تديره بعض مكونات المعارضة، في تفاعلها مع قرار الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية صاحب مبادرة إشهار ورقة ملتمس الرقابة في وجه الحكومة، وتوقيف كل أشكال التنسيق بخصوصها، بعد أن تبين له غياب الجدية في التعاطي معها.
فكيف أجهضت هذه المبادرة؟ وكيف تحولت من فرصة لمكاشفة الحكومة، إلى لحظة سلّ فيها آخر خيط من جورب نايلون بعض مكونات المعارضة؟ نتذكر جميعا، أن الدعوة إلى تقديم ملتمس الرقابة ضد حكومة السيد أخنوش، كانت مبادرة اتحادية، تقدم بها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتبناها امتداده النيابي بمجلس النواب، في وقت لم يكن هناك من يرى في تغول الحكومة، وفي نهجها اللاشعبي سببا للجوء المعارضة إلى آلية ملتمس الرقابة، كان ذلك قبل سنة وأكثر من اليوم، وهي المبادرة التي قوبلت حينها برفض واضح من طرف حزب العدالة والتنمية، بل إن أمينه العام هاجمها وهاجم المبادر إليها، بدعوى استحالة إدراكها لغايتها الأساسية والمتمثلة في إسقاط الحكومة، قبل أن تتغير مواقفه تجاهها ليلتحق بها، وقبل أن يخرج اليوم ليعلن أن السبب الرئيس في فشل تفعيلها يعود إلى رغبة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في أن يكون قائدا للمعارضة، وهو ما تعذر عليه، وما جعله يعلن انسحابه من أي تنسيق بخصوصها.
طيب، ما الذي تغير بين الأمس واليوم؟ ما الذي جعل بنكيران ومجموعته النيابية يلتحق بمبادرة تقديم ملتمس الرقابة؟ وهي الآلية التي لا يمكن أن تؤدي إلى إسقاط الحكومة، وهو المبرر الذي «اتكأ» عليه بنكيران لرفضها في لحظة الإعلان عنها من طرف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ثم ما معنى قيادة المعارضة؟ أو «باطرون» المعارضة، وهو الوصف الذي استعمله في تفاعله مع قرار الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بخصوص وقف التنسيق بخصوص ملتمس الرقابة.
إن المتغير الوحيد، الذي جعل بنكيران وحزبه يلتحقان بمبادرة تقديم ملتمس الرقابة، هو رغبة هذا الأخير في تمديد جو «البوليميك» الذي يجيده ويبدع فيه، والذي انتعش فيه خلال الفترة التي عرفت نقاش تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول الوقائع المتعلقة بالدعم الحكومي لاستيراد المواشي، وهو الجو الذي لا يمكن أن يتحقق مع مبادرة يقودها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي لا يهدف من خلال مبادراته إلا استثمار ما يتيحه أمامه القانون من أجل ممارسة أدواره، وبمنهجية بعيدة كل البعد عن جميع صور المزايدات السياسية.
لقد انخرط حزب العدالة والتنمية، في مبادرة تشكيل لجنة تقصي الحقائق بخصوص دعم استيراد المواشي، وهو يعلم جيدا، أنها مبادرة يستحيل تفعيلها، باستحالة تحقيق شرط تشكيلها المنصوص عليه في الدستور المغربي، وهو الشرط الذي يتطلب توقيع ثلث أعضاء مجلس النواب، وهو ما لا يمكن إدراكه حتى لو انخرط في المبادرة كل المحسوبين على موقع المعارضة، لكنه انخرط فيها، وفي النقاش الدائر بخصوصها، في الوقت الذي رفض فيه الالتحاق بمبادرة ملتمس الرقابة، بالرغم من أنها تتطلب نصابا قانونيا أقل بكثير من النصاب الذي تتطلبه مبادرة لجنة تقصي الحقائق، وهو النصاب (نصاب إيداع ملتمس الرقابة) الذي كان من الممكن تحقيقه حتى من دون توقيعات نواب حزب العدالة والتنمية.
بناء عليه، يتضح أن مواقف بنكيران وحزبه تجاه مبادرة ملتمس الرقابة، هي مواقف محكومة بمنطق الزعامة، والقيادة، حيث يظهر جليا أنه يرفض الانخراط في أي مبادرة لا يتزعمها، وما انخراطه في لجنة تقصي الحقائق السالفة الذكر، إلا لأنه كان يعلم جيدا استحالة تفعيلها، وإلا لأنه وجدها فرصة لإدارة النقاش بخصوص موضوعها بصورة تخدم حساباته السياسية.
في نفس السياق المرتبط بزعامة المعارضة، الأكيد أن المعارضة موقع لا زعامة ولا قيادة فيها، ذلك أنها ليست تحالفا مؤسسا على برامج واستراتيجيات، بل إنها لا تكون محكومة إلا بتنسيقات في مواضيع وقضايا وملفات ينتفي فيها اختلاف تصورات ومواقف مكوناتها، ثم إن قيادتها وبعيدا عن منطق العدد، الذي يعطي لمكونها الأول عدديا شرف هذا النعت، أي قائد المعارضة، لا تتحقق إلا بحجم المبادرات النيابية، وإلا بمستوى استثمار الآليات التي يخولها القانون لمكونات المعارضة، سواء على مستوى مهمة التشريع أو الرقابة أو الديموقراطية التشاركية والديبلوماسية البرلمانية، ولعل المتتبع للعمل البرلماني خلال هذه الولاية، ولأداء الفرق وجميع السادة النواب، يعلم جيدا من يقود هذه المعارضة.
دائما في نفس السياق، أي في سياق «باطرون» المعارضة، أو بالأحرى في سياق من كان من المفروض أن يقود المعارضة في مبادرة تقديم ملتمس الرقابة، بمعنى من كان يجب أن يعرض دواعي تقديم ومبررات الملتمس وفق مسطرة مناقشته كما يحددها الدستور، حيث يتضح أن هذه المسألة هي التي يحاول بعض مكونات المعارضة، لاسيما حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة الشعبية، جعلها سببا في إعلان الاتحاد الاشتراكي إيقافه لكل أشكال التنسيق بخصوص ملتمس الرقابة، وكأنهم يستكثرون على الاتحاد الاشتراكي ربط الاستمرار في التنسيق حول هذه المبادرة بضرورة قيادتها، وهو صاحب المبادرة فيها، والمتشبث بها لأكثر من سنة ونصف، وهو ما لا يستقيم مع المنطق والعرف، ذلك أن الأعراف السياسية والبرلمانية لا تعطي حق قيادة المبادرات إلا لمن كان سباقا في الدعوة إليها، بمعنى أنه حتى لو كان هذا الادعاء صحيحا، فهو لا يضير الاتحاد الاشتراكي في شيء، بل هو حق مشروع له ولفريقه النيابي.
هكذا، فإن موقف الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بخصوص وقف كل أشكال التنسيق حول ملتمس الرقابة، لم يكشف فقط عن نزوات وخلفيات بعض مكونات المعارضة، بل إنه دافع من خلاله عن حقه في رفض «السطو» على مبادرة أعلنها وتبناها، وتحمل بخصوصها مجموعة من الادعاءات، والكثير من التأويلات، في ظرفية لم تكن هذه الآلية مطروحة على أي أجندة من الأجندات السياسية لمكونات المعارضة.
أجل، لقد كان الأمر يتعلق بمحاولة تتجاوز منطق الاستيلاء إلى منطق السطو على مبادرة نيابية بخلفية سياسية، ذلك أنه جرى فيها استعمال الحيلة، أو الكولسة كما هو شائع في الأدبيات السياسية والحزبية، حيث كان الهدف الرئيسي لبعض مكونات المعارضة، هو إفشال مبادرة الاتحاد الاشتراكي في تقديم ملتمس الرقابة، أولا بتعطيل هذه المبادرة، إما برفضها كحالة حزب العدالة والتنمية، أو باشتراط انضمام جميع مكونات المعارضة إليها، بالرغم من «اللاحاجة» إليها من أجل تحقيق النصاب القانوني لتفعيلها، وهو أول موقف يصدره حزب الحركة الشعبية بخصوصها، وثانيا بالدخول في تفاصيل مسطرة مناقشتها، وهي المسطرة المؤطرة بالقانون، والمحكومة بالأعراف السياسية والبرلمانية.
وخلاصة القول، إن بعض مكونات المعارضة قد فوتت على المغاربة تمرينا ديموقراطيا مهما، وفرصة سانحة لمساءلة الاختيارات الحكومية، ولكشف الكثير من زلاتها أمام جميع المغاربة، بسبب حسابات سياسية ضيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.