تتوالى اعترافات الدول بمغربية الصحراء، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه لطي ملف هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية بصفة نهائية، لكن ما هي أهم الخطوات التي ينبغي للمغرب اتخاذها لحسم ملف الصحراء في الأممالمتحدة؟ خبير العلاقات الدولية أحمد نورالدين، أكد على ضرورة العمل على تحصين الاعترافات الدولية الداعمة لمغربية الصحراء عبر القيام بأربع خطوات لحسم ملف الصحراء المغربية في الأممالمتحدة بشكل نهائي.
وأفاد نورالدين، في تصريح ل"الأيام 24″، أن الخطوات الأربع تتمثل، أولا في تضمين الإحصاء في منطوق قرار مجلس الأمن المقبل في أكتوبر 2025، وثانيا في إنهاء مهام ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، وثالثا في إنهاء مهام المنورسو، ورابعا في تعبئة الدبلوماسية المغربية في اللجنة الرابعة لاستصدار قرار يغلق الملف بشكل نهائي في الأممالمتحدة.
وبخصوص الخطوة الأولى، أوضح نورالدين، أن كل قرارات مجلس الأمن تتحدث في الديباجة فقط عن ضرورة إحصاء اللاجئين بمخيمات تندوف، غير أن منطوق القرارات لا "تتضمن" أي توصية في هذا الصدد تُلزم الجزائر بالانضباط للقانون الدولي وإحصاء اللاجئين.
وأضاف أن ما يُنظم موضوع المخيمات واللاجئين هي اتفاقية جنيف 1951 والبرتوكول المكمل لها سنة 1967، وهي تحمل المسؤولية للدولة المستضيفة للمخيمات في تيسير وصول المفوضية العليا للاجئين لإجراء الإحصاء، لافتا إلى أن الجزائر تمنع ذلك رغم الطلبات التي تقدمت بها المفوضية العليا في السابق.
وتابع أن "الجزائر مرعوبة" من الإحصاء لأنه لا يتعلق بالمعطى العددي فقط بل أيضا يشمل طرح ثلاثة أسئلة وهي هل تريد البقاء هنا أي في المخيمات أم العودة إلى أرض الوطن أو الذهاب لدولة ثالثة، مشيرا إلى أنه إذا أغلقت المخيمات فإن ملف الصحراء سيغلق كما قال مبعوث أممي سابق سنة 1998.
وبناء على ما سبق، اعتبر نورالدين، أن "على الخارجية المغربية أن تطالب بإلحاح واستعجال من الولاياتالمتحدة وفرنسا أن تترجما موقفهما عمليا في منطوق قرار مجلس الأمن الدولي في أكتوبر 2025 من خلال ثلاث نقاط تتماشى مع القانون الدولي".
وأردف أن "النقطة الأولى هي دعوة الجزائر بشكل مباشر إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل تسهيل مهمة المفوضية العليا للاجئين لمباشرة عملية الإحصاء المنصوص عليها في القانون الدولي، مع تحديد أجل ستة شهور لذلك".
وزاد أن "النقطة الثانية هي دعوة مجلس الأمن فورا ودون تأخير، الجزائر إلى تطبيق قانونها على المخيمات وعدم تفويت صلاحياتها لكيان وهمي يزعم أنه دولة"، فيما تتعلق "النقطة الثالثة بدعوة مجلس الأمن الدولي، الجزائر إلى احترام القانون الدولي وفصل السكان المدنيين عن الميليشيات المسلحة، فورا ودون تأخير".
وأكد نورالدين، أن النقط الثلاثة السالفة الذكر، هي "الترجمة القانونية والواقعية لاعتراف واشنطن وباريس بمغربية الصحراء، أما مواصلة كتابة قرارات مجلس الأمن بنفس اللغة التي تمسك العصا من الوسط ولا تُحمل المسؤولية للجزائر في عرقلة تطبيق القانون الدولي للاجئين فسيكون تواطؤا مفضوحا مع الجزائر لإطالة أمد النزاع".
من جهة ثانية، يرى نورالدين، أن على المغرب الانخراط في المطالبة بإقالة ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، لعدة اعتبارات مهنية وقانونية. وأضاف أن دي ميستورا رجع ل"مقترح التقسيم" وهو ما سبق أن اقترحته الجزائر سنة 2001 وتقدم به جيمس بيكر في تقريره سنة 2002 وهو يتناقض مع مبدأ تقرير المصير جملة وتفصيلا.
كما أن دي مستورا حينما يتحدث عن الموقف الأمريكي الداعم لمغربية الصحراء، يوضح نورالدين، فإنه "يقول بأنه ينبغي أن يكون في إطار تقرير المصير، بينما هو يطرح "مقترح التقسيم"، بالإضافة إلى العديد من الأخطاء المهنية الأخرى ومنها سفره إلى جوهانسبورغ للتشاور مع جنوب إفريقيا حول الصحراء رغم رفض المغرب وتحذيرات السفير عمر هلال من ذلك، ورغم انتفاء أي علاقة بين جنوب إفريقيا والصحراء فهي لا تملك حدودا مع الإقليم، وليست مكلفة لا من الاتحاد الإفريقي ولا من الأممالمتحدة بهذا الملف، وفوق ذلك هي تعترف بالكيان الوهمي ووقعت في فخ التناقض القانوني مثل الجزائر، لأنه لا يمكن أن تطالب بتقرير مصير إقليم وفي نفس الوقت تعتبر الإقليم "دولة مستقلة" حسب زعمها، فهذا تناقض صارخ مع القانون الدولي".
ومن جهة ثالثة، شدد نورالدين، على ضرورة التركيز في المرحلة القادمة على إنهاء مهام "المينورسو"، وإخراج ملف الصحراء المغربية من داخل اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المكلفة بتصفية الاستعمار.
وسجل أن الطي النهائي للملف يجب أن يتم داخل اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المكلفة بتصفية الاستعمار، مبينا أن المغرب أدخل ملف الصحراء سنة 1960 إلى تلك اللجنة وصدر فيها قرار سنة 1963 بتقرير مصير سيدي إفني والصحراء المغربية، مبرزا أنه إذا صدر قرار من اللجنة الرابعة بأن سيدي إفني جزء من المغرب، فلا شيء يمنع من صدور قرار مماثل حول الجزء الثاني من نفس الملف وهو الصحراء المغربية.
وخلص نورالدين، إلى ضرورة تركيز الخارجية المغربية كل جهدها على اللجنة الرابعة، مشددا على أن "صدور قرار فيها بمغربية الصحراء سيطوي الملف بشكل نهائي لا رجعة فيه في كل هيئات الأممالمتحدة بما في ذلك مجلس الأمن أحب من أحب وكره من كره".