تماما كما كان متوقعا، مرر نواب لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، فجر الثلاثاء، مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وسط رفض واسع لمضمونه من طرف كل الفاعلين المهنيين بالجسم الصحفي المغربي، باستثناء منظمة مهنية وحيدة الجلسة التي حضرتها الحكومة ممثلة في وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، لم تكن سوى محطة لتأمين تمرير نص جاهز في غياب لأي توافق، وفي ظل احتجاج ورفض عارمين من الجسم الصحافي الذي ينظر إلى المشروع باعتباره تراجعا حتى عن صيغة القانون الأصلي للمجلس المكرس لصيغة الانتخاب، ناهيك عن خرقه للمادة 28 من الدستور باعتماد التعيين بدل الانتخاب لفئة ناشري الصحف وادخاله بدعة حجم رقم معاملات الصحف لتحديد التمثيلية.
وبعد عرضه للتصويت، حظي المشروع بموافقة 18 نائبا مقابل 7 معارضين، في حين تم إسقاط جل التعديلات الجوهرية، برفض 204 تعديلا، مع الحفاظ على الصيغة المثيرة للجدل المتعلقة بانتداب ممثلي فئة الناشرين بدل انتخابهم، وهي النقطة التي فجرت النقاش العمومي المتوجس من هذه المقتضيات، وعمقت الشكوك حول نوايا "إصلاحية" تغازل منطق التحكم والضبط أكثر مما تخاطب منطق الاستقلالية والتنظيم الذاتي للمهنة.
وزير الاتصال المدافع عن طرف واحد في المهنة، عاد ليؤكد في كلمة باللجنة، أن "الانتداب هو شكل من أشكال التمثيلية المبنية على التوافق"، دون أن يشرح كيف يمكن لتمثيلية مفصلة على مقاس حجم الأموال أن تعكس التوافق مع أن روح هذا القانون بنيت منذ البداية على الإقصاء، سواء لممثلي الصحافيين أو ممثلي الناشرين.
بالمقابل، تم قبول تمرير بعض التعديلات الشكلية، ومنها مقتضى شكل فضيحة، حيث حذفت العقوبة التي كانت تسمح بتوقيف الصحف لمدة 30 يوما، وتعديل بعض بنود الوساطة والتحكيم، من دون أن يمس جوهر الملاحظات التي رفعتها المنظمات والنقابات المهنية وعموم المشتغلين بالمهنة.
ويذكر أن هذا المشروع الذي يهم التنظيم الذاتي ومن المفروض أن يكون تعبيرا عن إرادة الجسم الصحافي رفضته كل التنظيمات المهنية كالفيدرالية المغربية لناشري الصحف والنقابة الوطنية للصحافة المغربية وجامعة الإعلام بالاتحاد المغربي للشغل وجمعية المقاولات الصغرى والمتوسطة والنقابة الوطنية للإعلام والصحافة بالكنفدرالية الديموقراطية للشغل، كما اعتبر أربعة وزراء سابقين للاتصال أن مشروع القانون مخالف لمنطوق الدستور، وفي نفس المنحى ذهب خبراء وازنون ومنظمات حقوقية منها جمعية عدالة.
فهل يستقيم الحديث مع كل هذا عن رابح وخاسر إذا كانت صورة المملكة الحقوقية في النهاية هي من تظل في الميزان؟ وكيف يمكن أن ينجح تنظيم ذاتي يخرج بدون التفاف مهني حوله ولا توافق ولا تعددية ولا ديموقراطية ليدعي حراسة الأخلاق؟