يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استلهم من بعض السياسيين المغاربة هواية مقاضاة الصحفيين ووسائل الإعلام، إذ أعلن قبل أيام عن رفع دعوى قضائية ضخمة بقيمة 15 مليار دولار ضد صحيفة نيويورك تايمز، زاعما أنها تتبنى "نهجا متواصلا لعقود يقوم على الكذب بشأن رئيسهم المفضل (ترامب) وعائلته، وأعماله، وحركة أميركا أولا، وMAGA، وأمتهم ككل". هذه الخطوة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق لترامب أن واجه مؤسسات إعلامية كبرى في المحاكم، من بينها ABC News وCBS، حيث انتهت القضايا بتسويات لصالحه، فيما لا تزال دعوى أخرى ضد وول ستريت جورنال جارية.
الدعوى الجديدة لم تقتصر على الصحيفة وحدها، بل شملت دار النشر العالمية Penguin Random House، إضافة إلى عدد من أبرز صحفيي نيويورك تايمز مثل بيتر بيكر ومايكل شميت وسوزان كريغ وروس بوتنر.
ووفقا للملف المقدم أمام محكمة في فلوريدا، والذي يمتد على 85 صفحة، فإن ترامب يحتج على سلسلة مقالات صحفية، إلى جانب الكتاب المثير للجدل "الخاسر المحظوظ: كيف بدد دونالد ترامب ثروة والده وخلق وهم النجاح" لمؤلفيه بوتنر وكريغ.
ملف القضية مثير للقراءة، إذ يسرد معاناة ترامب مما يعتبره تغطية سلبية متكررة بحقه. ويبدو أن الرئيس انزعج بشكل خاص من تأكيد الكتاب أنه "اكتُشِف" سنة 2004 على يد منتج برنامج The Apprentice مارك بورنيت.
وفي المقابل، يوضح الملف أن "الرئيس ترامب كان بالفعل نجما عملاقا وناجحا نجاحا هائلا في عالم الأعمال". ومن بين الأمثلة التي استشهد بها الملف كأدلة قانونية ظهوره في عرض Wrestlemania V ومشاركته في فيلم Home Alone 2.
اللافت أن هذه الدعوى تأتي في وقت تثير فيه إدارة ترامب تساؤلات حول التزامها بحرية التعبير. فقد صرحت المدعية العامة بام بوندي في برنامج Katie Miller Podcast أنها ستلاحق "كل من يشارك في خطاب الكراهية"، عقب مقتل الناشط تشارلي كيرك، قائلة: "هناك فرق بين حرية التعبير وخطاب الكراهية. وسنستهدفكم مباشرة إذا استهدفتم أي شخص بخطاب الكراهية".
هذا الموقف، الذي تبنته أبرز وجوه إدارة ترامب، بدا أقرب إلى خطاب طالما ارتبط باليسار "غير الليبرالي". كما أن نائب الرئيس جي دي فانس قاد حملة يطالب فيها بفصل كل من يحتفل بمقتل كيرك من عمله، قائلا: "نحن لا نؤمن بالعنف السياسي، لكننا نؤمن بالمدنية". وهو ما يعكس، حسب عدد من المراقبين، عودة "ثقافة الإلغاء" إلى الساحة السياسية الأمريكية من باب التيار المحافظ نفسه.