في خطوة تعكس دقة التوقيت وحساسية الظرفية الدولية، يواصل المغرب حراكه الدبلوماسي المكثف استعداداً لجلسة مجلس الأمن المقبلة حول الصحراء المغربية، من خلال توسيع دائرة الحوار مع قوتين دوليتين فاعلتين هما روسياوالصين. ووفق خبراء فإن الرباط تراهن على "مقاربة استراتيجية تستهدف إضعاف الموقف التقليدي لجبهة البوليساريو وداعميها، عبر بناء تحالفات مع القوى الكبرى المؤثرة داخل مجلس الأمن".
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، في منشور على حسابها الرسمي بمنصة "إكس"، أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التقى نظيره المغربي ناصر بوريطة، يوم 25 شتنبر بنيويورك، على هامش الأسبوع رفيع المستوى للدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، من دون أن يكشف عن فحوى المباحثات.
وجاء لقاء ناصر بوريطة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في نيويورك، ليكرس مسار التنسيق الذي انطلق قبل أيام عبر اتصال هاتفي بين الطرفين.
الباحث في العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس عبدالحفيظ ايت اوسعيد يرى أن هذا التواصل المتواصل بين الرباط وموسكو يعكس رغبة متبادلة في تجاوز الطابع البروتوكولي نحو بلورة شراكة أعمق، تستند إلى أسس وضعتها زيارة الملك محمد السادس لروسيا سنة 2016، والتي دشنت لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية.
أما في بكين، فقد حملت زيارة بوريطة دلالات استراتيجية لا تقل أهمية، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم لإرساء آلية للحوار الاستراتيجي بين المغرب والصين.
واعتبر المحلل السياسي في حديثه ل"الأيام 24″ أن هذا التطور يمنح الرباط ورقة إضافية لتعزيز موقعها كجسر للتعاون الصيني في إفريقيا والعالم العربي، في وقت تبدي فيه بكين تمسكاً بمبادئ السيادة ووحدة التراب الوطني، وهي مرتكزات تتقاطع بوضوح مع الموقف المغربي من قضية الصحراء.
وأكد أن هذه التحركات يبحث المغرب من ورائها إلى إعادة هندسة شبكة تحالفاته داخل الساحة الدولية عبر استثمار موقعه الجيوسياسي وعلاقاته المتوازنة مع الغرب والشرق. فالتقارب مع الصينوروسيا لا يستهدف فقط توسيع التعاون الاقتصادي والاستراتيجي، بل يشكل أيضاً ورقة ضغط دبلوماسية قبل النقاش الأممي، خصوصاً أن هاتين القوتين تمتلكان حق الفيتو داخل مجلس الأمن.
المحلل السياسي اعتبر أن الرباط تعمل وفق رؤية بعيدة المدى قوامها تنويع الشركاء وبناء توازنات جديدة تضعف من قدرة خصوم وحدتها الترابية على فرض سرديتهم داخل المنتظم الدولي. وإذا ما نجحت هذه المقاربة، فإنها قد تشكل ضربة قاصمة للبوليساريو، عبر عزلة متزايدة داخل المنتظم الأممي، وتثبيت الاعتراف الدولي بمبادرة الحكم الذاتي كخيار واقعي وعملي لحل النزاع.