تشهد وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تحولات تنظيمية عميقة، عقب إطلاق خطة شاملة لإعادة توزيع مراكز النفوذ داخل هرم القيادة العسكرية، في خطوة تعكس توجّهًا إستراتيجيًا جديدًا تتبناه إدارة الرئيس دونالد ترامب، يقوم على تقليص دور القيادات العسكرية الإقليمية لصالح مركزية القرار.
ووفق ما أوردته صحيفة واشنطن بوست، تهدف هذه الخطة إلى الحد من نفوذ القيادات التقليدية المكلفة بمناطق جغرافية محددة، مثل أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، ونقل جزء من صلاحياتها إلى هياكل مركزية مستحدثة، من بينها ما يعرف ب"القيادة الدولية" و"أمريكوم".
وتسعى الإدارة، من خلال هذا التحول، إلى تسريع آليات اتخاذ القرار في الأزمات العالمية، وتقليص ما تعتبره بطئًا بيروقراطيًا ناتجًا عن تعدد مراكز القيادة، حتى وإن كان ذلك على حساب الخبرة الميدانية والعلاقات مع الحلفاء.
وتشمل التغييرات المقترحة تقليص عدد الجنرالات من رتبة أربع نجوم، إلى جانب إعادة ترتيب أولويات الانتشار العسكري، مع تركيز متزايد على نصف الكرة الغربي، مقابل تراجع الاهتمام النسبي بالشرق الأوسط وأوروبا، في انسجام مع الرؤية الأمنية الجديدة للإدارة الأمريكية.
وبحسب مسؤولين عسكريين، فإن الخطة تأتي ردًا على ما تصفه القيادة الحالية ب"تآكل القدرة على السيطرة السريعة على العمليات"، غير أن هذه المقاربة أثارت مخاوف واسعة لدى خبراء ومحللين، الذين يحذرون من أن يؤدي تقليص القيادات الإقليمية إلى إضعاف المعرفة المحلية وتقويض الروابط العسكرية التي بنتها الولاياتالمتحدة على مدى عقود.
ويرى مراقبون أن هذه التغييرات تندرج ضمن ما يسمى ب"إستراتيجية ترامب الوطنية للأمن"، التي أعلنت عمليًا نهاية مرحلة اضطلاع الولاياتالمتحدة بدور "الضامن العالمي"، واستبداله بنموذج أكثر انكفاءً يقوم على مركزية القيادة وإعادة ترتيب الالتزامات الخارجية.
في المقابل، تواجه الخطة اعتراضات متزايدة داخل المؤسسات الأمريكية، لا سيما من الكونغرس الذي يطالب بدراسة شاملة لتكلفتها وتداعياتها الإستراتيجية، فضلاً عن تحفظات كبار القادة العسكريين الذين يخشون فقدان السيطرة على مناطق اعتادوا إدارتها ضمن أطر قيادية مستقرة.
ويعكس الجدل الدائر داخل البنتاغون، بحسب متابعين، صراعًا عميقًا بين منطق السرعة وتوحيد القرار من جهة، وضرورة الحفاظ على الخبرة الإقليمية والشراكات العسكرية التقليدية من جهة أخرى، ما يجعل مستقبل القيادة العسكرية الأمريكية في عهد ترامب محل متابعة دقيقة من الدوائر السياسية والعسكرية الدولية.