فجر المحامي عاطر الهواري، دفاع الموثقة "سليمة. ب"، معطيات قانونية ووقائع دقيقة نفى من خلالها قيام جناية التزوير في محرر رسمي، مفككًا أسس الاتهام ومبرزًا تناقضات المشتكي الرئيسي في ملف "إسكوبار الصحراء"، ومؤكدًا أن عناصر الجريمة غير قائمة، وأن العقود موضوع المتابعة أنجزت في إطار قانوني سليم ودون أي سوء نية أو ضرر.
واستهل الهواري مرافعته، اليوم الخميس 18 دجنبر الجاري بتأكيد الدفوع الشكلية التي سبق أن تقدم بها دفاع الموثقة، في بداية المسطرة، قبل أن ينتقل إلى عرض أسباب نزول القضية في شقها المتعلق بموكلته، المتابعة بتهمة جناية التزوير في محرر رسمي طبقًا لمقتضيات الفصل 353 من القانون الجنائي، مركزًا على الوقائع المرتبطة بالمشتكي الرئيسي، المعروف بلقب "المالي".
وأوضح الدفاع أن "المالي" له نزاعات متعددة مع عدد من الأشخاص، وأنه تقدم بشكايات تتعلق بعرض عقارات للبيع، قبل أن يتم التطرق إلى ملف يهم إحدى عشرة شقة، مشيرا إلى أن المشتكي صرّح في أحد المحاضر بأنه متأكد من تسجيل عشر شقق باسمه، وبأنه باع خمسًا منها لسعيد الناصري، بينما عاد في محضر آخر ليصرّح بعكس ذلك، مؤكدًا أنه اقتنى 17 شقة، من بينها شقتان لفؤاد، وشقتان للناصري، وذلك خلال سنة 2014.
وأضاف الدفاع أن "المالي" أنكر توقيعات منسوبة إليه، غير أن الخبرة الخطية أكدت صحتها، ما يطرح بحسب الهواري تساؤلات جدية حول مصداقية تصريحاته، خاصة في ظل التناقض الواضح بين أقواله، وهو ما يجعلها غير جديرة بالاعتماد عليها، خصوصًا في قضايا بهذه الخطورة.
وسجل الدفاع أن المشتكي تنقل بين عدة مراكز قانونية داخل الملف، إذ كان في البداية مصرحًا ومشتكيًا، ثم شاهدًا، ثم مطالبًا بالحق المدني، قبل أن يعود للاختباء خلف هذه الصفات بهدف تحصين وضعه القانوني أمام المحكمة، مبرزا أن دفاعه سبق أن سجل نيابته ثم تخلف، قبل أن يعاود تسجيلها بعد مرافعة الوكيل العام، وهو ما اعتبره الدفاع تصرفًا مشوبًا بسوء النية.
وبخصوص علاقة الموثقة بالشركة البائعة، أوضح الدفاع أنها كانت علاقة عادية وقانونية، وأنها اشتغلت مع عدة شركات أخرى، من بينها "بيجو إيموبيلي"، في إطار معاملات تجارية سليمة، وأن دور الموثقة اقتصر على تأطير العلاقة القانونية بين شركة وبائع وفق ما يفرضه القانون، موضحا أن العقود عُرضت على الموثقة وفق المساطر المعمول بها، وأن ثمن البيع بلغ مليون درهم و335 ألف درهم، كما تم الإدلاء برسوم عقارية تربط بين "المالي" وشركة "بيجو إيموبيلي".
وأكد الهواري أن جميع هذه العقود خضعت لأبحاث الضابطة القضائية، التي طلبت السجل بوجدة، مشيرًا إلى أن الموثقة سهّلت مأموريتهم وقدمت كل الوثائق والمحررات المطلوبة دون أي تحفظ.
وسجل الدفاع ما جاء في مرافعة النيابة العامة من وجود توافق مزعوم بين الموثقة و"المالي"، واعتبار الاعترافات الواردة في المحاضر وسيلة من وسائل الإثبات التي يتعين على المحكمة الأخذ بها.
غير أن الدفاع فنّد هذا الطرح، مؤكدًا أن القول بوجود تزوير غير مؤسس، خاصة وأن النيابة العامة اعتبرت أن العقود أنجزت في يوم واحد وفي مجلس واحد، رغم تواجد بعض الأطراف خارج المدينة أو خارج التراب الوطني أو خارج مجلس الموثقة.
وفي هذا الإطار، أعاد الهواري التذكير بوقائع تعود إلى سنة 2013، مسجلًا أن الموثقة صرحت أمام المحكمة وأمام الضابطة القضائية بأنها لم تتلق أي طلب من عبد النبي البعيوي للحضور إلى الدارالبيضاء، وأن تواصلها كان مع الشركة في شخص المسعودي، حيث أُخبرت بأن العميل على عجلة من أمره.
وأضافت الموثقة حسب ما أورده الدفاع أنها كانت متواجدة بالدارالبيضاء لأغراض شخصية، وأنها تلقت أوراق الملف من كاتبة الشركة لإنجاز العقود، فيما صرح السائق بأنه نقل "المالي" إلى الفندق، وأكد وجود حقيبة دون أن يعرف محتواها، كما نفى حضوره لمجلس التوقيع.
وأكد الدفاع أن الموثقة صرحت بأنها تلت العقود على المعني بالأمر، فوقعها وانصرف، مشددًا على أن هذه الوثائق لا يمكن اعتبارها محررات رسمية أو عرفية مكتملة الأركان، لعدم استجماعها حضور جميع الأطراف، وأن التوقيع من طرف شخص واحد يجعل العقد باطلًا ولا تترتب عنه الآثار القانونية المنصوص عليها في المواد المعتمدة.
كما أوضح أن المشرع لا يعتد باعترافات المحامي ضد موكله، خاصة إذا كان الفعل الجرمي غير قائم أصلًا، وهو ما ينطبق على هذه القضية، في إشارة لمرافعة زميله خول اعتبار العقود عرفية طالها التقادم.
وأكد الهواري أن مهام الموثقة، عند تحرير العقود، تقتصر على التحقق من هوية الأطراف، وإعلامهم بحقوقهم وواجباتهم، وتلاوة مضمون العقود، وتقديم المساعدة والاستشارة القانونية، وهو ما قامت به موكلته فعليًا عند استقبال "المالي" وتوقيعه على العقود.
وبخصوص الانتقال إلى الدارالبيضاء دون إشعار النيابة العامة أو مطلب التوثيق، أوضح الدفاع أن الموثقة أكدت اتصالها بالموجه بفاس هاتفيًا، وأن عنصر الاستعجال، إلى جانب تواجدها بالدارالبيضاء لأغراض شخصية، كانا سبب هذا الإجراء.
وفي ما يتعلق بعدم تنقيط تواجد العاشوري والعاتيقي أثناء تحرير العقود، أكد فؤاد اليازيدي أنهما كانا حاضرين، موضحًا أن عدم تنقيط دخولهما قد يعود إلى إمكانية الدخول عبر سبتة دون تسجيل رسمي، مشيرا أن موكلته أكدت قيامها بجميع الإجراءات وفق ما يفرضه القانون، دون ارتكاب أي مخالفة.
وختم المحامي عاطر الهواري مرافعته بالتأكيد على أن سوء النية غير قائم في هذه النازلة، وأن المشتكي لم يلحقه أي ضرر، وهو شرط جوهري لقيام جريمة التزوير، معتبرًا أن العناصر التكوينية للجريمة غير متوفرة، وأن جميع العقود صحيحة ولم يثبت تضرر أي طرف، ملتمسا تمس من المحكمة التصريح ببراءة الموثقة "سليمة ب" من جميع التهم المنسوبة إليها.