تجدّد كولومبيا حضورها في خانة المواقف غير المنسجمة مع الدينامية الدولية الداعمة لمغربية الصحراء، في وقت تتجه فيه غالبية الفاعلين الدوليين نحو دعم حل سياسي واقعي تحت رعاية الأممالمتحدة، أو على الأقل تبنّي مقاربة حياد إيجابي تواكب جهود المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا.
وفي خطوة أعادت إلى الواجهة هذا التناقض، استقبلت وزيرة الخارجية الكولومبية، في قصر سان كارلوس، ممثلاً عن جبهة البوليساريو، وجرى تقديمه بصفة "سفير"، وهو ما يعتبر وفق محللين موقفا يمس بالوحدة الترابية للمغرب وخروجاً عن منطق الحياد.
وبرّرت الخارجية الكولومبية هذا التوجه بتأكيدها على "حق تقرير المصير" وحرصها على تعزيز حضورها الدبلوماسي في القارة الإفريقية.
غير أن هذا التطور يأتي بعد أشهر قليلة فقط من إشارات بدت وكأنها تمهّد لمراجعة الموقف الكولومبي، خاصة عقب تعيين سفير جديد لدى الرباط، مع التأكيد الرسمي على الرغبة في تقوية العلاقات الثنائية التاريخية، ودعم قيم الحوار والسلم الدولي.
ويبرز التباين بشكل أوضح داخل المشهد السياسي الكولومبي نفسه، إذ سبق لمجلس الشيوخ أن تبنّى، في نونبر 2023، قراراً يدعم صراحة مغربية الصحراء، ويرفض إقامة علاقات مع جبهة البوليساريو، معتبراً أن الخطوة الحكومية لا تعبّر عن الإرادة العامة للكولومبيين. كما حذّر البرلمانيون من أن هذا النهج يضر بالمسار الأممي لتسوية النزاع، ويقوّض فرص بناء شراكات متوازنة مع المغرب ومع إفريقيا عموماً.
ويعكس هذا المسار المتذبذب، بحسب متابعين، غياب رؤية دبلوماسية منسجمة في بوغوتا، ويطرح تساؤلات حول قدرة كولومبيا على التوفيق بين طموحها لتعزيز حضورها الدولي واحترام الثوابت القانونية والسياسية التي تحكم ملف الصحراء.