يفاجأ المتتبع لمجال التهيئة الحضرية ببلادنا لغياب الوعي بوظائف الأحزمة الخضراء ودورها في التخفيف من مستوى التلوث البيئي. فمن بين وظائف الأحزمة الخضراء التي من المفروض أن تحيط بالمدن أنها تقرب المجال الطبيعي من الحواضر و تلعب دور المتنفس الأساسي للسكان، خاصة أن المساحات الخضراء نادرة داخل مدارات المدن المغربية وإن وجدت فإنها غير موزعة بشكل متوازن بين جميع أحيائها. و لهذا يمكن استغلالها كمتنزهات ترفيهية و رياضية، إن أعدت لذلك واستجابت لبعض الشروط. و توفر كذلك مساحات شاسعة من الأشجار والنباتات التي تساعد في «ترطيب» وتنقية الجو و امتصاص جزء من الملوثات الهوائية. كما أن غناها وكبر حجمها و تطورها الطبيعي يمكن أن يؤدي بها إلى تكوين أنظمة إيكولوجية تساهم في المحافظة على البيئة و التنوع البيولوجي. و أمام زحف البناء، فإن الأحزمة الخضراء المعتنى بها تؤدي إلى ديمومة المجال الأخضر داخل و جوار المدن و تساهم في اخضرارها و تزيينها و منحها مناظر جمالية مميزة. و يمكن ، بالإضافة إلى ذلك ، توظيفها كأداة لإعداد و تهيئة التراب، و على سبيل المثال، إنشاؤها للحد من التوسع العمراني أو لإعادة توجيه التعمير إلى اتجاهات أخرى من المجال حسب رغبات المخططين. كما يمكن استعمالها لمحاربة الفيضانات، وذلك بكبح جزء من مياه الأمطار و تنظيم سيلانها أو تغيير اتجاهها لتفادي الأضرار و الخسائر التي يمكن ان تلحق بالمساكن والسكان عند وقوع الفيضانات. ويمكن كذلك الاستفادة من الأحزمة الخضراء من اجل تثبيت الرمال في المناطق الصحراوية أو المرملة و تقليص الزوابع الرملية وكذا خفض قوة وسرعة الرياح. كل هذه عناصر تغيب عن وعي العدي من المسؤولين ببلادنا، عناصر يغيبها السرطان الإسمنتي الذي يزحف في كل اتجاه من دون ضوابط، عناصر تغيبها «ثقافة» المزابل المؤثثة لمداخل مدننا وضواحيها، «ثقافة» السطو الممنهج على كل فضاء أخضر والأمثلة على ذلك كثيرة حيث تحولت حدائق وبساتين ومتنزهات إلى تجمعات سكنية اغتالتها الرخص الاستثنائية. مسؤولون عاثوا فسادا في مدننا ودمروا ثروات بيئية وتراهم يذرفون دموع التماسيح في كل مناسبة يثار فيها الإشكال البيئي ببلادنا...