بلغت درجة الجدل والتوتر مراحل متقدمة بين الشارع المحلي بميدلت ومجلسه البلدي من جهة، وبين مكونات الساحة السياسية من جهة أخرى، ذلك منذ «فضيحة شريط الرشوة» المعلوم، واعتقال بطليه في تطورات وتفاعلات ساخنة لازالت ترخي بظلالها السوداء على الحياة العامة بالمدينة، وينتظر الجميع ما سيقرره القضاء في اليوم السابع من أكتوبر المقبل بالعاصمة الاسماعيلية، إذ تركز اهتمام الرأي العام على تجارب التسيير الحالية والسابقة، ومطالبة الجهات المسؤولة بالتدخل للنبش عميقا في مختلف الملفات التي تهم الشأن العام المحلي، ومن هنا يتداول المتتبعون بعض التجاوزات والخروقات المسجلة خلال عهد الرئيس السابق، رشيد عدنان، ويجري فيها التحقيق حاليا بعد أن تسرب منها ما أغرى جهات مسؤولة بالنبش في خيوطها، وما لم يتفهمه المتتبعون أن يلوح الرئيس السابق بمقاضاة كل من يعبر عن رأيه في التجربة السابقة للمجلس البلدي أو «ينقب» في أرشيفها. وفي هذا الإطار انفجرت فضيحة وثائق تشير بوضوح لموضوع صفقتين وصفتهما مصادر متتبعة ب»الوهمية»، وقيل بأن هاتين الصفقتين جرتا في عز الحملة الانتخابية إبان عهد الرئيس السابق، واحدة بقيمة 69920,00 درهم، ورقم حوالتها 456 والثانية بقيمة 49846,00 درهم، وحوالتها تحمل رقم 457، والمؤرختين في 8 يونيو 2009، حيث كشفت مصادر موثوقة ل»الاتحاد الاشتراكي» أن المتورطين استغلوا جوقة الانتخابات الجماعية آنذاك لاستصدار الصفقة بادعاء أنها صرفت في الإطعام بمناسبة زيارة ملكية تم تأجيلها في ذلك الوقت، وبعدها تبين أنها صرفت في اسم أحد أقارب رئيس لجنة البيئة بالمجلس البلدي السابق، وصاحب فندق بالمدينة، ولما طالب قابض ميدلت بالفاتورات المرتبطة بالصفقة عجز المعنيون بالأمر عن الإدلاء بذلك ليتم رفض الصفقة على أساس عدم استنادها إلى أية شروط قانونية أو مبررات منطقية، ولعل الرئيس عمد إلى تحمل المسؤولية، وقام بالتوقيع على الحوالتين، ولم يكن في اعتقاد أحد أن الرئيس سيتجرأ على انتهاك قانون الصفقات ب»تنافس وهمي» أشرك فيه فندقا في ملكيته. وعلى صعيد آخر يجري التحقيق في ملابسات الشكاية التي تقدم بها مستشار بالمجلس البلدي، مولاي الحسن البا، لدى وكيل الملك لدى ابتدائية ميدلت (سجلت تحت عدد 988/ ش 10)، والتي استعرض فيها تعرضه ل»ضغوط من طرف الرئيس السابق» أثناء الحملة الانتخابية الجماعية، بالقول أن هذا الأخير «ظل يهددني بالاعتداء علي وعلى عائلتي إذا لم أقم بالتصويت عليه ليصبح رئيسا من جديد»، وحتى ينصاع المشتكي لتهديدات المشتكى به قال إن هذا الأخير طالبه بشيك كضمانة، ومكنه فعلا من شيك بريدي على بياض، يحمل رقم AD 4503243، وبعد ما لم يحصل المشتكى به على مقعد الرئاسة، أخذ المشتكي يطالب باسترداد شيكه، إلا أنه، حسب شكايته، اصطدم بموقف من التعنت والتسويف، مما أدى بالمشتكي إلى التمرد على حزب الرئيس. «غضبة» صاحب الشيك أججت في الرئيس السابق رد فعل انتهى به إلى وضع مبلغ 17 مليون سنتيم على الشيك الأبيض، وإيداعه لدى القضاء، وفي أجواء مستفهمة اعتقل صاحب الشيك، مولاي الحسن البا، وخرج الرئيس السابق بتنازل لفائدة الرجل بغاية إخراجه من الاعتقال في ظروف ملغزة، كما استصدر من هذا الأخير (صاحب الشيك) تصريحا مكتوبا يدعي فيه، بطريقة أو بأخرى، أن المبلغ الذي يحمله الشيك «كان على سبيل قرض تسلمه من الرئيس السابق، رشيد عدنان، وليس لأي اعتبار آخر»، كما تقدم بإقرار يصرح فيه بأن الدافع لشكايته هي «أسباب سياسية هدفها الإساءة للمشتكى به بإيعاز من خصوم لهذا الأخير»، ذلك رغم ما صرح به من قبل لوكيل الملك في شكايته، وكان طبيعيا أن تلقى الحكاية المشبوهة موجة من التعاليق وسط الرأي العام المحلي. وسبق لصاحب الشيك، مولاي الحسن البا، أن صرح في شكايته المقدمة لوكيل الملك أن «مجموعة من الأعضاء» تعرضوا بدورهم لضغوطات وتهديدات من طرف المشتكى به، الرئيس السابق، وخوفا على حياتهم سلموا لهذا الأخير تحت الإكراه كمبيالات مصححة الإمضاء ببلدية ميدلت، ومنهم على سبيل المثال (إ.ع) الذي سلم كمبيالته بتاريخ 12 يونيو 2009، وكذلك (ع.أ) العضو بالمجلس البلدي الذي سلمها بتاريخ 6 شتنبر من نفس السنة، وشدد المشتكي على مطالبة وكيل الملك بفتح تحقيق شامل ونزيه في أمر هاتين الكمبيالتين، ولعل وكيل الملك أمر بفتح تحقيق في القضية من طرف الشرطة القضائية، حسبما كشفت عنه بعض المعلومات المتعلقة بالموضوع، فيما اقترحت بعض المكونات المجتمعية مطالبة اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات والفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالتدخل للمشاركة في مجريات التحري والتحقيق. وفي ذات السياق، لم يتوقف الرأي العام المحلي بميدلت عن التساؤل حول مصير نتائج التحقيق الذي قامت به لجنة للتفتيش تابعة للمجلس الجهوي للحسابات، هذه التي قدمت من فاس إلى حيث حطت حقائبها ببلدية ميدلت خلال ولاية المجلس السابق، وبقيت نتائج تحرياتها مجهولة منذ ذلك الحين، إذا لم تكن بعض المصادر صادقة في إفادتها أن يكون أحدهم تسلم نتائج التحقيق واختار منطق السكوت دون أي احترام للأجل القانوني الذي يشترط الإعلان عن هذه النتائج داخل الأجل المحدد في شهرين على الأقصى. ومن قلب الملفات «المفخخة»، توقف تقرير مفصل عند «شبهات» سجلت على مستوى التعمير والبناء، حيث لم يعثر أي ملاحظ على أدنى تفسير منطقي لمعنى وجود توقيع الرئيس السابق على العديد من رخص وتصاميم بناء تحمل تواريخ تتجاوز عهد ولاية الرئيس السابق، رشيد عدنان، أي ما بعد «نزول» هذا الأخير من كرسي الرئاسة، ولم يستبعد البعض أن يكون الأمر قد جرى دون علم من الوكالة الحضرية، وفي انتهاك واضح للانضباط والصرامة الواجب نهجها في ما يتعلق بالتعمير والحد من البناء العشوائي، وهناك من الرخص المشبوهة ما لا يزال معلقا بأرشيفات العمالة، ومن حق المهتمين بالشأن العام المحلي التحدث بشتى التعاليق حول حكاية مقهى شيدها الرئيس السابق بالحي الإداري الذي يمنع فيه تشييد بناءات تجارية واقتصادية، ولعل هذا الرئيس، حسب مصادر الجريدة، كان له رأيه الخاص على أساس أن المقهى تنتمي لسلسلة أملاكه. مصادر مؤكدة أشارت بالتالي إلى شكاية مطروحة على مكتب وكيل الملك لدى ابتدائية ميدلت، وتتضمن جملة من التجاوزات التي تتهم تجربة الرئيس السابق باقترافها، ومن بينها ما يتعلق بأزيد من 2700 لتر من الوقود تم صرفها بطريقة غير مشروعة عن طريق 47 وصلا حاملا لتوقيع كاتب المجلس، المنتمي لحزب الرئيس، رغم الفصل 23 من قانون الجماعات الذي يمنعه من ذلك، هذا إلى جانب عملية تفويت قام بها الرئيس السابق لمقهى بمحطة الطاكسيات، ولا يزال أمرها محط استفهامات عريضة تبحث عن جواب منطقي. ومن بين الشكايات التي بلغت لوكيل الملك وعامل الإقليم، واحدة تقدم بها مستشار بالمجلس البلدي، (أ. عبدالعالي) يكشف فيها عن عملية تزوير، وتتعلق باستغلال توقيعه ووضعه على طلب قاده الرئيس السابق لأجل عقد دورة استثنائية في عهد الرئيس الحالي، وسجل هذا الطلب بمكتب الضبط تحت رقم 1780/ 09، وبينما أنجز المستشار المعني بالأمر إقرارا يصرح فيه ب»أنه لم يوقع أي طلب من هذا النوع»، قرر التقدم بدعوى قضائية في الموضوع. ومعلوم أن مجلس بلدية ميدلت يوجد حاليا من دون رئيس، على خلفية وجود الرئيس، رفقة رئيس لجنة المالية، رهن الاعتقال بسجن سيدي سعيد بمكناس، منذ إحالتهما من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء على الوكيل العام لدى استئنافية مكناس، في ما بات يعرف ب»شريط ميدلت»، ومن المقرر أن ينظر القضاء في ملف القضية (728/ 2010) يوم الخميس 7 أكتوبر المقبل، حيث يتوقع المراقبون أن ينقل الصيف حرارته إلى الشتاء. ويشار إلى أن «شريط فيديو» بالصورة والصوت، كان قد سجل رئيس المجلس البلدي، محمد حنيني، المنتمي لحزب العدالة والتنمية، وهو يتلقى رشوة من يد مستثمر حديقة متنقلة للألعاب، وقد ظهر في الشريط وهو يشدد بقوة على أن يدفع له صاحب حديقة الألعاب مبلغ 2 مليون سنتيم مقابل الحصول على رخصة تسمح له بتمديد استغلال الموقع الذي تتواجد به حديقة الألعاب المتنقلة، غير أن هذا الأخير تظاهر بالعجز عن تسليم المبلغ المطلوب، مكتفيا بأداء نصف المبلغ فقط، وبعد مفاوضات عسيرة، في حضور رئيس لجنة المالية، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، تم القبول بمبلغ مليون ونصف المليون سنتيم، ولم ينتبه لا الرئيس ولا رئيس لجنة المالية لوجود الكاميرا المنصوبة لهما وهي تسجل الواقعة.