حضور وفد اتحادي وازن يترأسه الكاتب الأول في مؤتمر التحالف الدمقراطي الاجتماعي في العالم العربي بالتعاون مع التحالف التقدمي    تحذيرات من دواء مسرطن سُحب بفرنسا ويباع في صيدليات المغرب    الأمير مولاي الحسن يستقبل الأطفال المقدسيين المشاركين بالمخيم الصيفي    انطلاق بيع تذاكر مبارة المغرب والنيجر    "الماط" يعلن رسميا رفع المنع الدولي    الأداء الإيجابي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين .. "عازمون على الفوز على منتخب السنغال لبلوغ النهائي" (السكتيوي)    وزير خارجية بريطانيا: الهجوم الإسرائيلي على مستشفى ناصر بغزة "مفزع"    المندوبية العامة للسجون توضح بشأن العقوبات البديلة    توقيف مواطن تركي مطلوب دوليا بمطار محمد الخامس بتهمة الاتجار بالكوكايين    وفاة الإعلامي علي حسن أحد الوجوه البارزة في التلفزيون والسينما المغربية    «مهرجان نجوم كناوة».. رواد الفن الكناوي يلهبون حماس جمهور الدار البيضاء        استئناف حركة السير على الطريق الوطنية رقم 27 على مستوى المقطع الرابط بين سيدي قاسم و باب تيسرا يوم 28 غشت الجاري    زنا محارم عبر ثلاثة أجيال.. تفاصيل مأساة أسرية وحفيدة تكشف المستور    الافراج عن الزفزافي مرة أخرى لزيارة والده بقسم الانعاش    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الأوروغواي الشرقية بمناسبة العيد الوطني لبلاده    بعد العودة من العطلة.. انعقاد مجلس الحكومة الخميس المقبل    الملك محمد السادس يرسم معالم دبلوماسية ناجعة تعزز مكانة المغرب في العالم        "أكديطال" تدشن ثلاثة مستشفيات جديدة في وجدة والناظور    المغرب في عهد محمد السادس.. قافلة تسير بينما لوموند تعوي    رأي : الحسيمة الثقافة والهوية        كأول دولة في العالم اعترفت باستقلال الولايات المتحدة.. واشنطن تحتفي بريادة المغرب وتؤكد على الصداقة التاريخية الاستثنائية        الإعلامي محمد الوالي (علي حسن) في ذمة الله.. مسار حافل في خدمة التلفزيون والسينما    سرقة 18 دراجة من شاحنة فريق أثناء سباق إسبانيا        اتهامات السفير الأميركي لماكرون تشعل توتراً دبلوماسياً بين باريس وواشنطن    زلزال بقوة 6.3 يضرب قبالة جزر الكوريل الروسية    فيديو يقود لتوقيف مختل بالدار البيضاء    مدرب رينجرز: إيغامان رفض المشاركة كبديل بداعي الإصابة    مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى    انخفاض طفيف في أسعار المواد الغذائية وارتفاع متواصل في أسعار المحروقات خلال شهر يوليوز 2025    بمناسبة الأعياد الوطنية الخالدة.. مؤسسة تاوريرت بهولندا تنظم ندوة علمية    ‬كيف ‬ينوب ‬المغرب ‬عن ‬العالم ‬الإسلامي ‬في ‬تقديم ‬المساعدات ‬الإنسانية ‬العاجلة ‬لغزة ‬؟    أمر فرنسي بترحيل ثلاثيني مغربي لقيامه بفعل خطير    دراسة: النظام الغذائي النباتي يقلل خطر الإصابة بالسرطان        الذهب يهبط من أعلى مستوى خلال أسبوعين في ظل ارتفاع الدولار    مبابي يسجل هدفين ويهدي ريال مدريد فوزه الثاني في الدوري الإسباني    أموريم يكشف أسباب تعثر مانشستر يونايتد بالتعادل أمام فولهام بالدوري الإنجليزي            إسبانيا تسجل أشد موجة حر في تاريخها.. أكثر من ألف وفاة وحرائق تأتي على مئات آلاف الهكتارات    "رحلتي إلى كوريا الشمالية: زيارة محاطة بالحرس ومليئة بالقواعد"    تجارب علمية تبعث الأمل في علاج نهائي لمرض السكري من النوع الأول    إختتام مهرجان نجوم كناوة على إيقاع عروض فنية ساحرة    حكمة العمران وفلسفة النجاح    عادل الميلودي يدافع عن الريف ويرد بقوة على منتقدي العرس الباذخ    سابقة علمية.. الدكتور المغربي يوسف العزوزي يخترع أول جهاز لتوجيه الخلايا داخل الدم    طفل بلجيكي من أصول مغربية يُشخص بمرض جيني نادر ليس له علاج    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة..«مرايا الليل» لسمير الشريف

في أضمومته السردية، الصادرة حديثا - بدعم من وزارة الثقافة الأردنية -، سيلفت انتباه قارئ «مرايا الليل» للقاص والناقد الأردني سمير أحمد الشريف الغلاف الأنيق للكتاب، على رغم قتامة لونه وكآبته، وسيلمح تلك اليد الممدودة نحو قاع العتمة.. بحثا عن قطرة ضوء، تبدد الوحشة والصقيع.
وقد يصاب بعض القراء بخيبة أمل، بعد قراءة سفر هذا الليل السردي؛ فالعنوان مخادع، ومراياه لا تعكس سوى الغبن والألم والانكسار بدل المسرات السرية، بل إن الكاتب يحرك شخوصه في واضحة النهار، لكنه نهار أشبه بالليل.. فجاءت النصوص عاكسة خيبات لا نهائية لشخوص تنتظر غودو/أملا قد يأتي، وقد لا... يأتي. ولا غرو أن يكتفي سمير الشريف بتشريح أزماتهم، دون أن يتورط - كما كتبة التلفزيون السذّج- في تخيل نهايات سعيدة (فنتازية) تنتشل كائناته الورقية من تعاستهم، وسيندهش القارئ بأن الكاتب الأردني سلط ضوء كشافه على أوضاع إنسانية مزرية، لا ترتبط بحدود جغرافية معينة.. سيتخيل كل قارئ عربي أن سمير الشريف كتب عن مواطنه المغلوب على أمره، وليس عن تعساء الأردن ومعذبيه. إنها معاناة الإنسان العربي التي تتشابه وتتكرر في كل رقعة في هذا الوطن العربي، كما لا ينسى الكاتب جرحنا التاريخي والجغرافي (اللا يندمل): فلسطين المخذولة، التي حضرت في: «نص شنب»، «سطور»، «مناسبة».
إن الكتابة تعبير عن «أمنيات أحبطها الواقع، فنكتبها تعويضًا لا شعوريًا عما فاتنا»، هكذا يختم سمير الشريف نصه - وكذلك مجموعته القصصية- «سطور». في هذه القصة القصيرة يكتب القاص الأردني سيرة الغياب الفادح عن الوطن (فلسطين)، والعيش في مخيمات اللاجئين، وسرعان ما يجد السارد نفسه رجلا قبل الأوان.. بعد أن لزم الأب فراش المرض، وكانت القراءة - ثم الكتابة فيما بعد- بديلا عن واقع بائس، مترع بالإخفاقات. لذا جاء أغلب شخوص «مرايا الليل» عاجزين عن الفعل، عاجزين حتى عن الحلم، والتمني...
في محكيات «لحظات» يفضح القاص أساليب التزييف والخداع، كأنما ليربط القارئ فيما بعد تلك الممارسات المشبوهة بمعاناة الإنسان المهمش. يكتب عن المسؤول الذي يتحدث بإسهاب عن ضرورة حماية البيئة أمام الكاميرا، ولا ينتبه إلى ضرورة الابتعاد قليلا، ليخرج من الكادر أكوام الأزبال، فتفضحه الصورة، بينما الشرطي الفرح بلقاء المذيعة الشقراء ينسى شارة المرور، ولأن اللقاء إذاعي - يفضحه الصوت هذه المرة- حيث تتعالى أصوات منبهات السيارات لعطل الإشارة. بينما الناخب الذي مد عنقه متشدقا بنزاهة انتخابات المجلس القروي، يمد يده لاستلام قائمة الأصوات، التي جاء بها أتباعه مقابل حفنة من النقود للصوت الواحد. أما الأب الذي يتباهى بالدرجات العليا لابنه في الامتحان، فتريه زوجته ورقة الإملاء التي عجز فيها ابنه عن كتابة اسمه صحيحا.
في قصصه القصيرة جدا، يبرع الكاتب في اقتناص المفارقات، كما في نصوص/ومضات «حالات»، ففي مشهد الحرب، حيث أصوات المدافع لا تتوقف، والجثث تتعفن في الشوارع.. عند تناقل وكالات الأنباء خبر جرح مراقب دولي تتدخل كل الأطراف لإنقاذ الجريح !!. أما في العرس فعندما لعلع الرصاص كما الزغاريد في السماء، تساءل أحد الواقفين : «أين كان هذا الرصاص عندما... «، بيد أن رصاصة طائشة لم تترك له فرصة أن يكمل سؤاله الاستنكاري.
وفي «نصوص» نقرأ نص «عنوة»، حيث يلجأ الشاب العاطل، بعد أن مل الجيران من إرسال بقايا الطعام إليه، ويأتيه نفس الرد من الشركات، يضع الموسى في جيبه ويخرج، وأمام بسطة خضر، يتناول كيسا يملأه ويغادر، وحين ناداه البائع المذهول، «تحسس موساه كاتما أنينه المجروح». أما الأم/العاهرة في نص «براءة» فتلوذ بالصمت أمام أسئلة ابنتها المستفسرة عن غياب أبيها، وعن الغرباء الذين يزورون البيت، ويعطونها مالا، وترجوها الصغيرة ألا تغضب : «سأذهب إلى الدكان البعيد، وأشتري لهم علب السجائر».
في قصة «راتب» يستلم الموظف الجديد راتبه الأول، فيدس في يد محاسب المصرف بعض النقود، ثم يصطدم بفتاة تستوقفه شارحة له يتمها، وبعدها تنزلق يده إلى جيبه عند رؤية المقعد الذي يبيع العلكة، ثم المرأة التي تنيم أطفالها بين أرجل المارة، والطفل الذي يحوم الذباب حول وجهه، والشاب المنقطع عن ذويه، وعقدت الدهشة لسان سائق «التاكسي» حين عادت يد الموظف الجديد من جيبه خاوية. في أقصوصة «اشتعال» تنهار الأحلام بعلاقة إنسانية، تنهي رحلة العذاب، حين تترك فتاة الحافلة لبطل للسارد قصاصة تعتذر له فيها لأنها وجدت فيه كثيرا من أخيها الذي يضيء عتمتها.
في نص «جوع»- وهو ق.ق.ج- يحس الأب بالمرارة، لأن أبناءه لم يتذوقوا اللحم للشهر الرابع على التوالي، ويتحسس قروشه أمام الجزار، وأمام تلبسه بحيرته وتردده، تشجع، وقال له :» أحتاج عظمات للكلاب ببيتي».
ثمة الكثير من النصوص اللافتة في هذه الأضمومة، سواء القصص القصيرة أو القصص القصيرة جدا، والتي تستحق أكثر من عرض موجز، علما أن هذه الورقة تطرقت لبعض ال (ق.ق.ج)، وللاستئناس، نقتطف من المجموعة هاتين القصتين القصيرتين جدا:
مناسبة
أمسك جهاز التحكم.. البساطير تملأ الساحات.. غمرته قشعريرة ألم.. ضغط زر التحويل، كان المحاضر فرحا بإعلان القدس عاصمة للثقافة، قبل أن يحوّل مؤشر المحطة، التصقت بصقة بمنتصف الشاشة تزامنا مع براعم الدهشة التي نمت في حدقات الجالسين.
محطات
في صيف ما..
دقت باب العمر الذكرى الخمسون
في يوم ما
هاتفها مطمئنا على صقيع وحدة تكفن لياليها.
في لحظة ما، هاتفها عارضا صداقتها.
ردت بحزم : أصادق كلبا ولا...
في لحظة ما
أنَّ جرس بابها..
خرجتْ.. ألفت كلبا صغيرا في سلة بالباب
وبطاقة تهنئة بأمنيات لعام جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.