أعاد قرار استبعاد يوسف بنجلون وسلوى الدمناتي من تشكيلة المكتب السياسي الجديد لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية طرح تساؤلات واسعة داخل الأوساط الحزبية حول ما إذا كان هذا الإجراء يشكّل نهاية لمسارهما السياسي أم مجرد محطة تنظيمية في مسار حزب عرف تاريخيا بتقلبات داخلية حادة. وجاء الإبعاد في أعقاب مصادقة المجلس الوطني على مكتب سياسي جديد من 33 عضوا، بناء على مقترح الكاتب الأول إدريس لشكر، في خطوة رأت فيها القيادة مدخلا لإعادة ترتيب البيت الداخلي استعدادا للاستحقاقات المقبلة، بينما اعتبرها منتقدون إقصاء سياسيا لوجوه ارتبطت بمواقف نقدية داخل التنظيم. ويحمل هذا القرار بعدا سياسيا وجهويا في آن واحد، إذ يرتبط اسم بنجلون والدمناتي بسياق تنظيمي متوتر داخل جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، حيث سادت خلال السنوات الأخيرة خلافات حول تدبير التنظيم، والتموقع داخل التحالفات، وطريقة تنزيل اختيارات القيادة المركزية. ويقول متابعون إن هذا التوتر الجهوي أضعف هامش المناورة لدى المعنيين، وجعل خروجهما من المكتب السياسي أقرب إلى إبعاد مركزي بلا سند محلي قوي. ولا يعني الخروج من المكتب السياسي، من حيث المبدأ، نهاية الحياة السياسية داخل الاتحاد الاشتراكي، غير أن مراقبين يرون أن الإقصاء من أعلى جهاز تنفيذي، في مرحلة يغلب عليها منطق الانضباط التنظيمي، يحد عمليا من فرص التأثير في القرار ويقلص إمكانية العودة السريعة إلى الواجهة. وفي غياب تبرير رسمي فردي للاستبعاد، يُدرج القرار ضمن عملية إعادة هيكلة شاملة، غير أن توقيته وطبيعة الأسماء التي شملها يعززان قراءة تعتبر أن الحزب دخل مرحلة إدارة الخلاف عبر الإبعاد بدل استيعابه داخل المؤسسات. في المقابل، يستبعد فاعلون اتحاديون الحديث عن نهاية سياسية نهائية، مشيرين إلى أن الحزب عرف سابقا حالات تراجع وعودة، وأن الرصيد النضالي والتنظيمي لبنجلون والدمناتي لا يزول بقرار تنظيمي واحد. غير أن هؤلاء يقرون في الآن ذاته بأن مرحلة النفوذ داخل مركز القرار قد طويت، على الأقل في صيغتها الحالية. ويأتي هذا التطور في لحظة دقيقة يحاول فيها الاتحاد الاشتراكي استعادة موقعه داخل المشهد السياسي الوطني، ما يجعل خيار الانسجام القيادي أولوية لدى القيادة، حتى وإن كان ذلك على حساب شخصيات راكمت حضورا تنظيميا في مراحل سابقة. وبين من يرى في الإبعاد قرارا تنظيميا ظرفيا، ومن يصفه بالقطيعة السياسية المقنّعة، يبقى مستقبل يوسف بنجلون وسلوى الدمناتي مفتوحا على سيناريوهات متعددة، في انتظار ما إذا كانا سيختاران إعادة التموضع داخل الحزب، أو الاكتفاء بدور سياسي هامشي، أو فتح صفحة جديدة خارج دوائر القرار الاتحادي