ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر في المغرب ب56,2% عند متم مارس 2024    "اليونيسف": 600 ألف طفل برفح ليس لديهم مكان آمن للجوء إليه    المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم داخل القاعة يحتل المركز السادس عالميا    لاعبين الزمالك كاعيين قبل الفينال ضد بركان ومدربهم كيحاول يكالميهم    ماكرون يطالب بمشاركة مبابي في أولمبياد باريس    محمد بودريقة يُعزل من رئاسة مقاطعة مرس السلطان: غيابٌ مُزمنٌ ووثائق مُريبة    المحرشي ..الخياط لي عندو قصر فالرباط رجع من الغربة وبغا يدير وساطة والتمس من الحكومة دير حل لإضرابات طلبة الطب: وها كيفاش تجاهلو وزير الصحة    وفاة المقدّم التلفزيوني الفرنسي الشهير برنار بيفو    تطويق أمني بالعاصمة يحول "مسيرة الصمود" لأطباء الغد إلى "وقفة الحشود"    مبديع من زنزانته ب"عكاشة" يستقيل من عضوية مجلس النواب    إسرائيل تغلق مكتب الجزيرة وألمانيا تنتقد القرار    حصيلة منجزات وكالة بيت مال القدس فاقت 13,8 مليون دولار خلال الخمس سنوات الأخيرة    عن اللغة الأمازيغية في البطاقة الوطنية والوثائق الإدارية    مرصد يثمن التزام الحكومة بالزيادة في الأجور ويحذر من "الانفراد" بإصلاح التقاعد    الضمان الاجتماعي الإسباني يتحاوز عتبة 21 مليون منتسب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء سلبي    البرجاوي للدار: حكومة اخنوش تمكنت من إرساء الركائز القانونية والمؤسساتية واللوجستيكية للدولة الاجتماعية    تطوان: إطلاق طلب عروض لإنجاز منطقة الأنشطة الاقتصادية والحرفية "كويلمة"    حكيمي يتبرع لأطفال الحوز بمدرسة متنقلة    ارتفاع حصيلة قتلى الفيضانات في البرازيل إلى 83    بلقصيري: أجواء افتتاح مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الأولى    هذه تفاصيل موجة الحرارة المرتقبة في المغرب ابتداء من يوم غد الثلاثاء    "حماس" تواصل المفاوضات مع إسرائيل    اختتام القمة ال15 لمنظمة التعاون الإسلامي باعتماد إعلان بانجول    وثائقي فريد من وزارة الثقافة والتواصل يبرز 6 ألوان فنية شعبية على ضفاف وادي درعة    اللي كيمشي لطريفة وعزيز عليه الطون والسربيسة والسينما: ها مهرجان وها الافلام المغربية المعروضة فيه    إضراب جديد يشل محاكم المملكة    لأول مرة.. تاعرابت يحكي قصة خلافه مع البرازيلي "كاكا"    بسبب الهلال.. لجنة الانضباط تعاقب فريق الاتحاد السعودي وحمد الله    تسجيل بقوة 2.5 درجات على سلم ريشتر بإقليم تاونات    رحلة شحنة كوكايين قادمة من البرازيل تنتهي بميناء طنجة    المغرب يحتضن الدورة 16 للبطولة الإفريقية للدراجات الجبلية    حماة المال العام: "حفظ طلبات التبليغ عن الجرائم من شأنه أن يوفر الحصانة لمتهمين متورطين في مخالفات جنائية خطيرة"    أسعار النفط العالمية تعود إلى الارتفاع    وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978    الدوري الإسباني .. النصيري يواصل تألقه    تفاصيل جديدة حول عملية نقل "درب عمر" إلى مديونة    الذهب يصعد وسط توترات الشرق الأوسط وآمال خفض الفائدة في أمريكا    منيب: المجال الفلاحي بالمغرب بحاجة لمراجعة شاملة ودعم "الكسابة" الكبار غير مقبول    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بعشرات الصواريخ.. حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية في الجولان    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من "منصة الجونة السينمائية"    "الثّلث الخالي" في القاعات السينمائية المغربية إبتداء من 15 ماي الجاري    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    المشاهد الجنسية في أفلام هوليوود تراجعات بنسبة 40% وها علاش    فيدرالية ارباب المقاهي تنفي الاتفاق على زيادة اثمان المشروبات وتشكو ارتفاع الأسعار    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة مواقف وسلوكيات الشعوب الأوروبية تجاه اللاجئين المسلمين التجريد الصارخ من الإنسانية    اعتصامات طلاب أمريكا...جيل أمريكي جديد مساند لفلسطين    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلوك الانتخابي لبعض الحساسيات الدينية في المغرب: السلفيون نموذجا

في مقابل كثرة الاهتمام الاكاديمي بالسلوك الانتخابي للاسلاميين المغاربة المشاركين في الحياة السياسية بالمغرب، ينذر العثور على دراسات جادة تتناول السوق الاستقطابية التي يمارس فيها الاسلاميون فعلهم الدعائي بغرض جر اكبر عدد من الناخبين، وهي سوق لا تقتصر على المناضلين الاسلاميين او المتعاطفين معهم فحسب، بل تمتد لتشمل مختلف الحساسيات الدينية في المجتمع ومنها التيارات السلفية التي سنركز عليها في هذه الدراسة. لكنه وقبل الاهتمام بتمثلات السلفيين للسياسة ثم بطرق تعامل الاسلاميين المغاربة ممثلين في حزب العدالة والتنمية مع هذا الفاعل الديني بمناسبة الانتخابات التشريعية الأخيرة في مدينة مراكش (ثانيا)، يجدر بنا أن ندرس اولا طبيعة العلاقة بين السلفيين والاسلاميين بشكل عام وكيف تطورت هذه العلاقة منذ ظهور كلا التيارين في المغرب من بداية السبعينات من القرن الماضي الى اليوم أولا.
اولا: التيارات السلفية والحركات الاسلامية، تاريخ علاقة
يتطلب معالجة علاقة التيارات السلفية بالحركات الاسلامية العودة الى مرحلة بداية السبعينات، فقد نشأت الحركة الاسلامية آنذاك وهي حاملة للمعتقد السلفي، فلم تكن الحركة الاسلامية بالمغرب من ثمار الاسلام المحلي، بل لم يكن لهذا الإسلام اي دور في نشأتها، حيث كانت انعكاسا لأثر الفكر الاصلاحي بالمشرق ومن الفكر السلفي.
كانت دروس تقي الدين الهلالي الاصلاحية ودروس امثاله من علماء السلفية بالمغرب، مغذية للوعي الديني الحركي الذي انطلق فيما بعد في صورة حديثة تماما كما هو حال حركة الشبيبة الاسلامية وغيرها، فكان قادة الحركة الاسلامية آنذاك والمؤطرون لها على المستويين الفكري والتصوري (زحل، القاضي برهون، علال العمراني.. وغيرهم من تلاميذ الشيخ تقي الدين الهلالي).
فمنذ تأسيس الشبيبة الاسلامية سنة 1971، كانت تلك المجموعة تتلقى العقيدة من خلال الدروس التي كان يلقيها الهلالي في كل زيارة له الى الدار البيضاء وذلك في مساجد متفرقة بهذه المدينة. يقول محمد زحل احد شيوخ السلفية المعروفين في الدار البيضاء في شهادته حول هذه الفترة.
عند بداية الشبيبة الاسلامية حرصنا أن تكون النبتة طيبة ومتميزة في سلوكها ومعتقدها، حتى ان التقيد بالمذهب لا نعيره أي اهتمام في مناهجنا ودروسنا التربوية، ولا نأبه بأقوال الأئمة اذا تعارضت مع هذه الادلة. كما ان البناء العقدي الذي اعتمدناه في الجماعة كان يأخذ من كتب العقيدة الصحيحة ومنها «كتاب التوحيد» للشيخ الامام محمد ابن عبد الوهاب، و «العقيدة الطحاوية» ورسائل شيخ الاسلام ابن تيمية كالواسطية. واذكر انني التقيت مرة الدكتور تقي الدين الهلالي اثناء زيارتي له بمكناس والشبيبة بارزة انذاك، فسألني عن عقيدتنا فاخبرته بمصادرنا ومعتمدنا في العقيد فقال لي، جزاكم الله خيرا«.
نشأت الحركة الاسلامية اذن، وهي حاملة للفكر السلفي ومنقطعة الصلة بتراث الاسلام المحلي. وقد تعمقت سلفية هذه الحركة حينما بدأت اطر الشبيبة تتجه الى السعودية من اجل الدراسة والتي بدأت بعد رجوعها في تدريس العقيدة في المقرات السرية والخلايا التابعة للحركة. واستمر الحال على هذا النحو حتى هروب القيادة الى الخارج. حيث: كان المنهج نبتة طيبة لم يفسده الا التوجه السياسي لعبد الكريم مطيع (زعيم الشبيبة انذاك) فوقع بعد حادثة اغتيال بنجلون خلط كبير فآثر التيار الدعوى داخل الشبيبة التوقف الى حين واختار العمل الدعوى الحر من دون ان يحسبوا على التنظيمات التي تكونت بعد انحلال الشبيبة.
وتتيح لنا المحاولات التي قام به عبد السلام ياسين زعيم جماعة العدل والإحسان، لتوحيد اطياف الحركة الاسلامية المغربية، تتبع جانب من تفاعلات السلفية بالحركات الاسلامية، ومعلوم ان الشيخ ياسين قد بادر الى محاولة توحيد الصف الاسلامي مباشرة بعد عام 1976، وبدأ بترويج الفكرة في جريدة الجماعة التي كان يديرها ياسين، كما تكونت لمتابعة مشروع الوحدة لجنة تنسيق ضمت كلا من محمد البشيري، واحمد الملاخ.
كانت الجمعيات السلفية من الجبهات التي استغرقت مجهود الوحدة الذي قام به ياسين بمساعدة ساعده الايمن احمد الملاخ، وقد توجهوا بالمشروع الى المغراوي، زعيم جمعية الدعوة الى القرآن والسنة التي تأسست خصوصا بمراكش في 1976 في حين لم يبد الشيوخ الاخرون في جمعية دار القرآن الكريم التي تأسست بنفس المدينة سنة 1971 ( احمد المحرزي)، لحسن وجاج، المصطفى المصنف)، اي تفاعل لانشغالهم بالنشاط الدعوى والتدريسي.
تمت عملية التفاعل في البداية عن طريق تبادل الزيارات الدعوية والتأطير العلمي، فكان الشيخ المصطفى المصنف يحضر مجالس الذكر التي كان ياسين يقيمها بالرباط.
وبالمقابل كان اتباع الشيخ ياسين يحضرون دروس تحفيظ القرآن وتجويده في دور القرآن، كما كان الاساتذة التابعون لياسين (البشيري والملاخ) يحاضرون في تلك الدور. انما احمد عبادي عضو الجماعة الاسلامية فقد كان يلقي دروسا في السيرة والعقيدة في دار القرآن بوكار، وفي مقاصد الشريعة لدى جمعية الحافظ ابن عبد البر.
كانت الحجة الجوهرية التي حاول من خلالها ياسين اقناع المغراوي بفكرة الوحدة افتقاد المنهج الدعوي لهذا الأخير المعمق الاستراتيجي، اذ كان يرى ان لا فائدة من جمع الناس علي الكتب وتدارس الحديث دون ان يكون هناك افق للعمل الاسلامي. اما بالنسبة لسلفية المغراوي فلم يكن ياسين يعتبرها مشكلة في وجه الوحدة. اذ لم يكن ياسين يعتبر مشروعه اجتهادا في الفقه حتى يعارض المذهب السلفي، بحيث كان من مبادئ تنظيمه البعد عن مواطن الخلاف الفقهي والمذهبي.
وبالرغم من اقتناعه المبدئي بفكرة الوحدة، الا ان المغراوي كان ينظر اليها بما يوافق توجهه الدعوى، فقد رأى في جماعة ياسين سوقا استقطابية على خلفية ان رفض ياسين لبعض البدع والسلوكيات المنحرفة التي تملأ الصوفية، قد تشكل خلفية لاستدراجه الى الخط السلفي.
يتبين من ذلك، ان محاولة الوحدة لم تكن تستند الى مبرر موضعي يرجح نجاحها، فقد كانت فكرة نبذ الخلاف المذهبي التي حاول من خلالها ياسين التقرب من الحساسيات السلفية غير مقنعة لهذه الأخيرة بحيث رأت فيها مبدأ غير مجدي بحكم انتشار الخلاف المذهبي في كتب اللغة والتفسير والحديث، فضلا عن الكلام والتصوف. كما رأت في السبب في الوهن السريع الذي اصاب العمل الاسلامي باعتباره لا يهدف سوى الى تجميع الانصار دون التمييز بين ما صلح وما فسد من عقائدهم و مذهبياتهم.
لم تكن هذه الخلافات المذهبية عائقا في مواصلة التواصل بين التيارين، بحيث عاشر المغراوي الشيخ ياسين في مراكش لمدة سنة كاملة، كما تعمق التنسيق بين الجماعتين، فكان «المنهاج النبوي» يدرس داخل دار القرآن، كما اعتمد كتاب منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري ضمن المراجع المعتمدة داخل أسر الجماعة.
ومرة أخرى، تعرض هذا القانون للفشل من جديد، اذ لاحظ الاساتذة المتعاونون مع دور القرآن عقم المنهج السلفي وما فيه من تكرار الدروس وهزالة في المستوى، مما ادى الى توقف اتباع ياسين عن حضور تلك الدروس.
وبالمقابل عمد ياسين إلى دعوة المغراوي وبعض معاونيه الى منزله للحسم في مسألة الوحدة. ومرة أخرى سيضيع الموضوع وسط كلام مسهب فيما يجب ان تكون له الاسبقية عند السلفيين وهو البحث في الحديث النبوي وتدوينه، وغير ذلك، مما يدل عن الصعوبات الجمة التي لاقاها ياسين في تسويق فكرة الوحدة وتقريبها الى اذهان السلفيين.
وفي الواقع، فقد كان مشروع الوحدة الياسيني والذي تبلور بشكل أدق في المنهاج النبوي، يفوق اطار الدعوة السلفية ويطرح هموما أكبر منها.
ويبدو أن ماضي ياسين الصوفي شكل إعادة لشخصه أمام الزعامات السلفية العالمة والمدعمة بقراءة معمقة لتراث السلف الاول كالشيخ لحسن وجاج. ولذلك لم تتردد هذه الزعامات في الرفض التام لفكرة الوحدة منذ بدايتها. في حين ظل المغراوي بحنكته المعهودة يناور من أجل استقطاب ياسين وجماعته الى حظيرة السلفية قبل ان يقرر توقيف التعاون، بحيث كان يقول : «حاولنا التعاون مع الجماعات الاسلامية، وربطنا علاقات جدية مع الشبيبة الاسلامية، وكذلك مع العدل والإحسان، ولكنني لم اقتنع بهذا الانفتاح مخافة الزيغ عن الخط، فطلبت من الشيخ ياسين التوقف والتفرق».
وسرعان مااتجهت العلاقة بين ياسين والمغراوي الى التقاطب عندما أصدر هذا الاخير كتاب «الإحسان في اتباع السنة والقرآن لا في تقليد أخطاء الرجال»، ردا على ماسبق ان كتبه ياسين في حق السلفيين في كتاب «الاسلام بين الدعوة والدولة» (1971) وفي رسالة «الاسلام او الطوفان» (1974)، بحيث لم يكتف المغراوي في إصداره للكتاب بإعلان القطيعة مع ياسين، بل هب الى مهاجمة فكره الديني ذي النزعة الصوفية.
وقد نفى لنا المغراوي نفيا قاطعا ان تكون السلطة هي التي دفعته لإصدار الكتاب، بل انه فعل ذلك لخدمة الدعوة السلفية والرد على أعدائها مصرحا ان ذلك هو ما قاله لضباط المخابرات عندما زاروه بعد صدور الكتاب، وموصيا إياهم بعدم التضييق على أي من الجماعات الاسلامية لأن قمعها ينافي الطبيعة الانسانية والفطرة البشرية.
وإذا أضفنا الى مسار الوحدة المعطيات التي تمدنا بها بيوغرافيا العديد من نشطاء الحركة الاسلامية المغربية الذين تم استجوابهم، فإن نقطة أساسية تظهر جليا وهي ان العديد من هؤلاء النشطاء قد تابعوا فعليا دروسا في دور القرآن بالموازاة مع تعليمهم الاعدادي والثانوي خاصة، قبل أن ينقطعوا عن ذلك بعد دخولهم الى الجامعة او إثر التردد المستمر على مجالس الذكر والتنظيم التي يلقن فيها الفكر الياسيني. كانت دورة القرآن إذن سلكا تعليميا نهل منه هؤلاء ثقافة عقائدية سلفية، ليتم الانتقال الى الجامعة او الى أسر الجماعة الياسينية والتي كانت سلكا آخر موازيا نهلوا منه ثقافتهم السياسية بحيث مكنهم نضالهم اليومي في الجامعة وفي الشارع من التأدلج الاسلامي ومن التشبع بالوعي الحركي.
وبسبب الارتياد المبكر لدور القرآن والنهل من العقيدة السلفية، نخلص الى القول بأن التيار السلفي لاينحصر في الجماعات التي تحمل لواءه وشعاره، ولكنه يدخل في التركيب العضوي لكل الجماعات والتنظيمات التي تتنازع الساحة الدعوية عموما. فعلى سبيل المثال، فإن زعامة الاعضاء في التوحيد والاصلاح، الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، لايعرفون غير العقيدة السلفية، ولايدينون الا بها، بل إن أكثر الاتباع في جماعة العدل والاحسن لا يدينون الا بالعقيدة السلفية، وان أكثر الذين انضموا الى ياسين وانطووا تحت لوائه كانوا من فلول الشبيبة الاسلامية ومن السلفيين، وقد رغبهم في ذلك بالنهج السياسي لياسين ومواقفه المعارضة وحصانته تجاه المساومات، وأغلب الظن أنهم سيفصحون عن مشربهم الحقيقي عندما يختفي شخص ياسين من الساحة وما الخلاف الذي كان بين ياسين والبشيري الا مظهر من مظاهر اختلاف المشارب.
على المستوى الميداني، لم يكن بإمكان النشطاء الاسلاميين الجمع بين الاهتمامين الدعوي والحركي داخل دار القرآن فقد قام محاورنا بمحاولات لتوزيع جريدة الجماعة ومنشورات حركية أخرى في دار القرآن فأوقف بدعوى أن التوجه الجديد يتقاطع سلبيا مع توجه دار القرآن. وقد كان الاسلاميون يشعرون في هذا الجو الطائفي بأنهم مجرد زوار او عابرين تنحصر مهمتهم في تلقي العقيدة الصحيحة مع عدم الاحتفاظ بأي ولاء تنظيمي للجمعيات السلفية، بل اتجاه هذا الولاء نحو تنظيمات اكثر استجابة لهمومهم الجديدة.
وفعلا فمع الحركات الاسلامية انفتح الجيل الجديد على مرجعيات أكثر قدرة على البناء الايديولوجي (حسن البنا، سيد قطب، مالك بن نبي...) والذي بموجبه يقدم الاسلام لا فقط كدعوة دينية عقدية، بل كإيديولوجية كونية قادرة على منافسة الشيوعية والليبرالية.
نتيجة لذلك، سجل الخطاب الإسلامي الجديد تمايزات مهمة مقارنة مع المذهبية السلفية كما يروج لها في دور القرآن ومن ذلك: تراجع حدة الرفض الفكري للتقاليد المذهبية والعقائية التي تقوم على وجود الوسائط بين الخالق والمخلوق وتحري التشدد في الجزئيات على الرغم من استمرار مظاهر التقوى والتوكل والذكر والانصراف عن التعرض بالنقد للمذهبية والصوفية وإعلان اعتماد المذهب المالكي. واحترام العادات الدينية في الاحتفال بالمواسم والأعياء وحسن توظيفها و تخفيف التوتر الى أقصي حد تجاه بعض البدع في التوسل والزيارات والممارسات الطرقية واعتبارها جزئيا لا تستحق إعلان الحرب ضدها، حتى إن عددا من الصوفية دخلوا في الحركة الإسلامية وأصبحوا أصدقاء لها.
فعلى الرغم من استمرار الاقتناع بالمعتقد السلفي، فقد أعاد النشطاء الإسلاميون النظر تدريجيا فيما ما غلب علي هذا المنهج من صرامة وشكلانية ونظر جزئي أحيانا، واقتنعوا بأن هذا التوجه لا يرقي إلى النظرة الشمولية ولا يمكن أن يتفاعل مع بيئة وريثة تقليد مالكي أشعري صوفي. فاقتصروا علي الجوانب العقدية بما تتسم به من صفاء بعيدا عن التخريف والجدل الكلامي على جانب منهج التحقيق الحديثي في تناول الآثار الإسلامية. لكنهم مع ذلك واصلوا الدفاع عن دور القرآن، خصوصا تلك التي تقترب منهم أيديولوجيا وتنظيميا.
ثانيا: موقف السلفيين من السياسة وموقعهم
في الاستراتيجية الانتخابية للإسلاميين
مدينة مراكش نموذجا:
هناك سمة أساسية تنسحب علي الخطاب السلفي هي التصلب الذي يجد أصله في مبدأين:
- رفض الشرك والإصرار على التوحيد الذي يجب أن يخضع له كل سلوك بشري.
- الرؤية الصارمة جدا والملتزمة بحرفية القرآن وفق التقليد الحنبلي، والذي يجعل كل شيء يعود الى منطوق القرآن و السنة.
وبسبب هذا التصلب تبدو الإيديولوجيات السلفية كبنية عنف نائمة، تشترك في تبنيها جميع التيارات السلفية، إلى حد أن التمييز بين مختلف الخطابات الناطقة باسم الإيديولوجيا السلفية لا يظهر على مستؤى بنية الخطاب ولكن على مستوى ما ينفتح عليه هذا الخطاب من سلوكيات وبالأخص فيما يتعلق بالشرط الموضوعي المتمثل في الموقف من السلطة السياسية تحديدا. ويكاد هذا الشرط يشكل المفصل المميز بين بقاء الخطاب عند حدود العنف الرمزي (السلفية المميز بين بقاء الخطاب عند حدود العنف الرمزي (السلفية التقليدية)، أو تلك التي تتجاوز ذلك نحو تبني العنف المادي (السلفية الجهادية).
إن استغراق الخطاب السلفي في المكون العقائدي، يجعل منه خطابا لا سياسيا بامتياز. لكن إذا كان من المستحيل الحديث عن خطاب سياسي لدى الاتجاهات السلفية، فإن الامتثالية السياسية لدى السلفية التقليدية تشكل مبدأ ناظما للفعل السياسي، إذ تختزل السلفية فعلها السياسي في هذا المبدأ وتبعد من خلاله كل حديث مفصل عن السياسة بكل ما يتفرع عنه من قضايا...
تظهر هذه الامتثالية تجاه السلطة بوضوح في خطاب محمد المغراوي رئيس جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة، من خلال رفضه لأشكال الاحتجاج الاجتماعي المناوئ للسلطة مثل الإضرابات والمظاهرات وكل ما من شأنه أن يحدث الزلازل في البلاد والعباد ويخل بأمن الأوطان، مرددا أن منهج الدعوة السلفية هو الاستماع الدائم لولي الأمر، فجهادنا، يقول المغراوي، ليس بالإضراب، ولكن بالتقرب إلى الله.
وحتى يضمن تحقق مبدأ الامتثالية، يرفض المغراوي اشتغال أتباعه بالسياسة في جميع مستوياتها مبررا ذلك هذه المرة، بما يحدثه من إخلال بالأصول السلفية. يقول: «الاشتغال بالسياسة باب للفتن ويجر إلى التنازلات غير المقبولة والتي هي بمنطق المذهب السلفي خيانة للأصول، فأصحاب الجماعات الأخرى كان لهم استعداد مبدئي للاشتغال في السياسة والانخراط في التوفيق العلمي نظرا لمرجعياتهم المتعددة، والتي أحدثت لهم خللا في المنهج والعمل، ولذلك غاب عندهم المبدأ الموجه».
إن ذم السياسة في الخطاب السلفي لا يقود إلى هجرانها بالكامل، بل هي حاضرة في الحدود التي يظهر فيها السلفيون امتثاليتهم الكاملة. وفي هذا الإطار جاء مدح المغراوي لفترة حكم الحسن الثاني باعتبار ما تحقق منها من ازدهار للدعوة السلفية و للدعوات الأخرى. فحسب رأيه لم يحرم من الحرية التي كانت متوفرة سوى من بالغ في استعمالها ولم يحسن استغلال الهامش المتوفر منها.
وببالغ الفخر، يسرد المغراوي العديد من المواقف التي تبين عن امتثاليته للسلطة، مثل عدم تقديم أي أحد من رواد دور القرآن إلى المحكمة بملف جنائي طوال تاريخ الدعوة السلفية، ومن ذلك أيضا عدم مشاركة المغراوي في أي انتخابات وعدم ورود اسمه في أي سجل انتخابي.
في الواقع، فإن القيادة الصارمة التي يمارسها المغراوي على تنظيمه مكنته من درء أي نتوء عن مبدأ الامتثالية، بحيث يتم طرد كل فرد يظهر عليه بعض النزوع السياسي غير الامتثالي. أكثر من ذلك يتكلف المغراوي شخصيا بالتبليغ لدى دوائر الشرطة عن أي تابع خرج عن خط الامتثالية لدار القرآن. ومن خلال هذه الخدمات، وجد المغراوي في السلطة حليفا استراتيجيا، كما تعلم من خلال هذا التحالف كيف يفاوض السلطة علي مطالب جزئية تتمثل في السماح لجمعية الدعوة التي يترأسها بالنشاط الديني المعزول.
ليس تشديد المغراوي على مقولة ضمان الأمن والحفاظ عليه مجرد مقولة اقتضاها مبدأ الامتثالية، فقد كان أهم شرط تطلبه السلطة من السلفيين هو تلافي التحيز السياسي وكل ما من شأنه الدخول في علاقات مع أطراف سياسية أخرى خصوصا مع الإسلاميين. وبالمقابل وضع المغراوي هدفا محددا يفترض فيه أن يعزز موقفه كوسيط قادر على إعادة السلم الاجتماعي مقابل الحصول على مطالب تلائم طائفته السلفية وهي المطالبة بحياة طائفية معزولة وتلافي التدخل في الحياة السياسية.
لكن، من وراء مبدأ الامتثالية، مارس المغراوي السياسة في مجال غير مرئي، فهناك تحالفات مستترة نسجها المغراوي مع المسؤولين المحليين في مراكش ومع مختلف تراتبيات السلطة بحث من خلالها على الحفاظ على الوجود المادي لتنظيمه، إنها أهداف سياسية لا يفصح عنها الخطاب ولا يظهرها، لكنها موجودة بكثافة على صعيد الفعل اليومي.
ففي تعاملهم مع السلطة، لم يبد السلفيون حتى ذلك النوع من الحجاج القابل للمفاوضة أو المفتوح الذي كانت تقوم به الحركات المرابطية والصوفية الداعية إلى الصفاء الاخلاقي والاخوة الصوفية في فترة ما قبل الاستعمار.
ومن ضمن الخدمات السياسية التي قدمها المغراوي للسلطة نظير السماح له بالدعوة، تبخيس قيمة الشركاء داخل الحقل الديني، إلى حد أنه يؤسس وجود تنظيمه (جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة) على خلفية محاربة هذه الجماعات وتعتبرها امتدادا للفرق التي عرفها التاريخ الاسلامي إن لم تكن أشد خطرا، لذلك تعتمد في إذكاء عدائها لهذه الجماعات على نفس المعجم الفقهي التقليدي مما يضفي على موقفها هذا رمزية فائقة.
ومن أهم تنظيمات الحقل الديني التي تحظى بهجوم السلفيين الاسلام الحركي متمثلا في الحركات الاسلامية، لما قامت عليه من (انحرافات عقدية ومخالفات لمنهج الدعوة القائم على أولوية مهمة الاصلاح العقائدي والتربوي وهامشية الاصلاح السياسي مقارنة مع هذه المهمة العبادية). كما أنه من مظاهر هذا الهجوم تحديدها البالغ الضيق للصفة الاسلامية، حيث تحصرها فيمن يتمسك بعقيدة التوحيد في صيغتها الوهابية ومن يمارس شعائر الاسلام وفقها، في الوقت الذي وسع فيه الفكر الاسلامي الحركي هذه الصفة لتشمل حتى المشاركين في انتاج الثقافة الاسلامية بغض النظر عن الايمان بعقائد الاسلام.
يرفض السلفيون أيضا التعبير عن مشروعهم بعبارات مأخوذة من قاموس الحركات الاسلامية أو المثقفين الاسلاميين كتعبير (المشروع الحضاري الاسلامي) الاكثر انتشارا في توصيف الاسلاميين لمشاريعهم على خلفية أن هذا التعبير وغيره لا يعبر عن المكانة التي ينبغي أن يحتلها التوحيد كأولوية في عمل دعوي، بل يجعل هذا المحور موازيا إن لم يكن مواليا من حيث الأهمية للجبهات الاخرى للعمل الدعوي (العمل الثقافي، الاجتماعي، الخيري، السياسي) وبالتالي فإن تلك التعابير لا تترجم ما يجب أن يحظى به التوحيد من أولوية.
وعلى عكس السلفيين فولوج اسلاميي العدالة والتنمية إلى المجال السياسي واشتغالهم من داخل المؤسسات السياسية وتعودهم على العمل الميداني والممارسة السياسية اليومية حرك وبشكل واضح ما تشبعوا به من ثقافة دينية بشكل دعم مسارهم نحو القبول بالديمقراطية والعمل بها.
وفي سياق هدفهم الساعي لتحقيق تقدم تصاعدي يضمن لهم مكانة داخل الحقل السياسي، اعتمد اسلاميو العدالة والتنمية على المجادلة المستمرة والكتابة بغزارة تجلت في الكتابات التي أصدروها قبل السماح لهم بالمشاركة، ذلك ما جعل المذهبية الاسلامية للعدالة والتنمية تشحن على الدوام بمساهمات جديدة أقل تصلبا وأكثر انبناء، هذا إذا لم تصبح تحت ضغط الاحداث متمسة بقوة البراغماتية والتي من مظاهرها سعي حزب العدالة والتنمية إلى استقطاب السلفيين خلال المناسبات الانتخابية بغرض اقناعهم بالتصويت لمرشحي الحزب أو الترشح باسمه رغم معرفة الحزب المسبقة بموقفهم الحيادي العام للتيارات السلفية التقليدية تجاه الانتخابات ومجمل العمليات السياسية ورؤيتهم العدائية للاسلاميين بمختلف اتجاهاتهم سواء أولئك المشاركين في العمل السياسي أو المعارضين للنظام بشكل عام.
وفعلا، فنظرا لمعرفته المسبقة بالمواقف المبدئية للسلفيين للعمل السياسي بشكل عام، ورفضهم للانتخابات كآلية سياسية بشكل خاص وعدم تسجيلهم أصلا في اللوائح الانتخابية لم يتجه فرع حزب العدالة والتنمية بمدينة مراكش في حملته الانتخابية بمناسبة الانتخابات التشريعية ل 7 شتنبر 2007 للتيارات السلفية المتواجدة في هذه المدينة، فلم تكن هناك حوارات مع هذه التيارات ولم يعول عليها لمده بشريحة انتخابية، لم تكن هناك جهة رسمية سلفية تمت مخاطبتها في موضوع الانتخابات. ولكن كأفراد يمكن القول أن بعض مناضلي الحزب نجحوا في استقطاب العديد من الاشخاص ذوي التوجهات السلفية ليكونوا جزاء من الهيئة الناخبة المتعاطفة مع السلفيين بفضل الاستراتيجية الحزبية القائمة على التواصل مع المواطنين وأدائهم داخل المجالس المحلية المنتخبة وما نتح عن ذلك من اشعاع أقنع بعض السلفيين بالمشاركة في التصويت بصفتهم الشخصية. كما أن الافراد المشار إليهم وجدوا في المعتقد السلفي الذي يعتنقه الاسلاميون عاملا مشجعا على تأييد الحزب في سباقه الانتخابي.
وعلى صعيد الترشيح، لم يسجل الحزب إقبالا من طرف الحساسيات السلفية على الترشح إذ لم نقف سوى على حالة واحدة، بحيث ترشح أحد السلفيين كنائب أول ثم وكيل لائحة المصباح في الدائرة الانتخابية الاولى (المدينة - سيدي يوسف بن علي). وقد زكاه الحزب اعتبارا لأخلاقه الحسنة ولشعبيته في تلك الدائرة ولإيمانه بالعمل السياسي على عكس ماهو معروف عن التيارات السلفية من معاداة مبدئية للنشاط السياسي. كما عول عليه وكيل اللائحة لزيادة حظوظ لائحته في الفوز بمقعد انتخابي، علما أن هذا المرشح السلفي غير منخرط في أي من هذه التيارات، بل اتخذ السلفية معتقدا بناء على قناعاته الشخصية، ومن خلال كثرة اطلاعه على الكتب والاشرطة المرئية والمسموعة الحاملة للمذهب السلفي.
إن اعراض التيارات السلفية العاملة في ساحة الدعوة بمراكش، قد يفسر بشكل كبير فشل مرشحي حزب العدالة والتنمية في الفوز بأي من المقاعد الثلاثة المخصصة للمدينة، إذ إنه في حرمان الحزب من قاعدة انتخابية مهمة كان من الممكن أن تساهم في ولوج هؤلاء المرشحين إلى البرلمان خصوصا وسط الطبقات الشعبية التي تعبر سوقا استقطابية سلفية بامتياز. لقد كان بإمكان اتباع التيارات السلفية في حالة مشاركتهم تدليل الفارق القليل من الاصوات التي فصلت بين المرشحين الثلاثة للحزب ومرشحي الاحزاب الاخرى الفائزين حيث كانوا يردون مباشرة بعدهم في ترتيب اللوائح. وهذا ما توضحه الجداول التالية:
الدائرة الانتخابية الاولى المدينة -
سيدي يوسف بن علي
الدائرة الانتخابية الثانية جليز - النخيل
الدائرة الانتخابية : الثالثة - المنارة
إن احجام التيارات السلفية عن التصويت لفائدة مرشحي فرع حزب العدالة والتنمية بمدينة مراكش لا يفسر لوحده فشل هؤلاء المرشحين في الوصول إلى أي مقعد برلماني، إذ لا يعدو ذلك أن يكون عنصرا من ضمن عناصر أخرى ساهمت في فشل الحزب في المدينة ومنها ما ذكرته بيانات الحزب عقب الاعلان عن النتائج الانتخابية (استعمال المال، شراء الاصوات، الحياد السلبي للادارة، التلاعب بالبطائق الانتخابية)، وكذا ما يتعلق بالتقطيع الانتخابي الذي أدمج عدة جماعات قروية ضمن الجماعات الحضرية داخل الدوائر الانتخابية الثلاث لمدينة مراكش وهو ما قلص من حظوظ الحزب في الفوز باعتباره حزبا حضريا بامتياز، كما بينت ذلك النتائج الانتخابية العامة.
نستنتج إذن أن قوة التيارات السلفية هي قدرتها على التعبير عن آراء الاغلبية من الناس النشطين سياسيا. إنها تتحرك في مجال منفصل عن ذلك الذي يتحرك فيه الاسلاميون، وذلك لصالح شعارات دينية خالية من كل مدلول سياسي، بحيث تتلاقى الدعاية السلفية المنفرة من السياسة مع تمثلات الساكنة حول المارسة السياسية والتي تقترن في أذهان الطبقات الشعبية بالغش والافلاس والفساد، مما يدفع السلفيين إلى عدم الاهتمام بالانتخابات وعدم التصويت أو الترشح سواء باسم أو لصالح الاسلاميين أو غيرهم.
وفي المقابل تستغرق السلفية في الدعاية للإصلاح الديني الذي تعتبره مدخلا لكل اصلاح، فمن شعاراتهم: البداية ب «التصفية والتربية»: تصفية العقيدة الاسلامية من كل ما هو غريب منها، تصفية الفقه الاسلامي من الاجتهادات الخاطئة وتصفية كتب التفسير والفقه وغيرها من الاحاديث الضعيفة ثم تربية الناس على العقيدة الصحيحة. أما التحرك السياسي في أي مجتمع اسلامي لا يحكم بالشرع ستكون له آثار سيئة قبل تحقيق هاتين القضيتين الهامتين (التصفية والتربية).
إن السلفيين لاينكرون الاشتغال الآن بالعمل السياسي إذ إنهم يؤمنون بالتسلل الذي يعتبرونه شرعيا ومنطقيا في آن واحد: نبدأ بالعقيدة بالعبادة ثم بالسلوك تصحيحا وتربية، ثم لا بد أن يأتي يوم ندخل السياسة بمفهومها الشرعي لأن السياسة معناها إدارة شؤون الأمة« ليبقى العمل السياسي عند السلفيين من اختصاص أهل الحل والعقد. أما أن يشتغل من ليس بيدهم حل ولا عقد، ويشغل جمهور الناس بالمهم عن الأهم ففي ذلك صرف لهم عن المعرفة الصحيحة، وهذا ما نلمسه في منهاج الاحزاب والجماعات الاسلامية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.