نشرة إنذارية | زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بالبرَد بعدد من مناطق المغرب    فاطمة سعدي ضمن لائحة أعضاء المكتب السياسي للبام    بعد اعتقال بعيوي والناصيري.."البام" يصدر ميثاق الأخلاقيات    اضطرابات في حركة سير القطارات بين الدار البيضاء والقنيطرة    جماعة طنجة تساهم بنحو 13 مليون درهم لتطوير وتوسيع مطار ابن بطوطة الدولي    مركز الاستثمار يروج لمؤهلات جهة طنجة في ملتقى اقتصادي بالامارات المتحدة    البحرين تحضر لانعقاد القمة العربية    حضور متميز لأسود الأطلس في نهائيات المسابقات الأوروبية للأندية    العين الإماراتي يسقط ذهابا أمام يوكوهاما الياباني في ذهاب نهائي دوري أبطال آسيا    الرئيس الفرنسي يطالب نادي ريال مدريد ب"تحرير مبابي"    وزارة التجهيز والماء تهيب بمستعملي الطرق توخي المزيد من الحيطة والحذر    وزارة التجهيز تحذر مستعملي الطرق    دار الشعر بتطوان تفتتح ليالي الشعر في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    الكراوي يتناول "معطيات مرجعية" لتجربة تدريس العلوم الاقتصادية في المغرب    بحضور العديد من الدول.. تنظيم الدورة ال20 من تمرين "الأسد الإفريقي" بالمغرب    القنصل العام للسنغال بالداخلة: لا وجود لمهاجرين عالقين في الصحراء المغربية    المغرب يشيد باعتماد الأمم المتحدة قرار دعم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة    هلال: المبادرة الأطلسية مقاربة متبصرة لتحقيق التنمية المشتركة    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    مكافحة الاتجار بالبشر.. الولايات المتحدة تمنح 2.5 مليون دولار للوكالات الأممية بالمغرب    بنعدي، بلحاج، العيادي، بنحمو وآخرون بالمجلس الوطني لحزب "البام"... هل يدخلون المكتب السياسي؟    المعرض الدولي للكتاب والنشر.. المجلس الأعلى للتربية والتكوين يناقش الرافعات الكبرى لحكامة المنظومة التربوية الوطنية    إطلاق أشغال إنجاز خط سككي بين الدار البيضاء وبني ملال قريبا    "أسبوع القفطان" يقدم عرض أزياء لدعم المواهب الشابة في مجال صناعة القفطان        بعد شهر على الانتخابات.. أمير الكويت يحل مجلس الأمة ويعلق بعض مواد الدستور    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تبرز الأدوار التاريخية والرهانات المستقبلية لقنواتها الأمازيغية في المعرض الدولي للنشر والكتاب    كونفدرالية الصيادلة تشتكي "مستشفى الشيخ زايد" بالرباط وتطالب بفتح تحقيق في توزيعه الأدوية    مباراة انتقامية بين حسنية أكادير والرجاء الرياضي وصدام متكافئ بين "الماص" والمغرب التطواني    مستشار بوتين السابق: الأمريكييون ينجذبون إلى جُحر الثعابين.. والحرب ستنتهي باستسلام الغرب في أوكرانيا    مظاهرات في 58 مدينة مغربية تضامنا مع غزة ورفضا لاجتياح رفح (فيديو وصور)    أمير الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور ويقول:"لن أسمح بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة"    بنسعيد: المغرب منخرط في خلق صناعات ثقافية وإبداعية قوية وتنافسية    فرقة كانديلا ارت الفنيدق- تطوان تترافع عن التراث الوطني في المهرجان الوطني لهواة المسرح بمراكش    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    الفيضانات أفغانستان تودي بأكثر من 200 شخص    الخطايا العشر لحكومة أخنوش!    الصين: 39,2 مليار دولار فائض الحساب الجاري في الربع الأول    أطروحة نورالدين أحميان تكشف كيف استخدم فرانكو رحلات الحج لاستقطاب سكان الريف    سحب 317 "رخصة ثقة" من "سيارات الأجرة في مدينة واحدة بسبب ممارسات مخالفة للقوانين    "الطاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم    القطاع السياحي يسجل رقما قياسيا بالمغرب    هكذا ساهمت دبلوماسية روسيا والصين في مقاومة "طالبان" للضغوط الغربية    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    تصفيات كأس العالم لكرة القدم النسوية لأقل من 17 سنة .. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الجزائري    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    صدمة جمهور الرجاء قبل مواجهة حسنية أكادير    جديد موسم الحج.. تاكسيات طائرة لنقل الحجاج من المطارات إلى الفنادق    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    مدرب الجيش مطلوب في جنوب إفريقيا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    شفشاون على موعد مع النسخة الثانية من المهرجان الدولي لفن الطبخ المتوسطي    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلاصة تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول تقييم تدبير المنازعات القضائية للدولة

أناط المشرع من خلال ظهير 2 مارس 3591 بشأن «إعادة تنظيم وظيفة العون القضائي للدولة الشريفة»، بما أصبح يصطلح عليه بالوكيل القضائي للمملكة، مهمة تمثيل الدولة حصريا وكذا الدفاع القضائي عنها في القضايا التي تكون فيها مدعى عليها، وتتعلق بإثبات دين على الدولة أو مكاتبها أو مؤسساتها العمومية. وقد استثنى الظهير سالف الذكر المجالات المتعلقة بالضرائب وأملاك الدولة من اختصاصات الوكالة القضائية للمملكة.
كما نص الفصل 939 من قانون المسطرة المدنية، الصادر في شأن تنفيذه الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1....3.1 بتاريخ 33 رمضان .315 (22 شتنبر .351) كما تم تتميمه وتعديله، على أن الدعوى ترفع ضد:
- الدولة، في شخص رئيس الحكومة وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الاقتضاء؛ - الخزينة، في شخص الخازن العام للمملكة؛ - الجماعات المحلية، في شخص العامل بالنسبة للعمالات والأقاليم وفي شخص رئيس المجلس
الجماعي بالنسبة للجماعات؛ - المؤسسات العمومية، في شخص ممثلها القانوني.
إلا أنه، وحيادا على هذه المقتضيات، أعطت بعض النصوص القانونية الخاصة الصفة في التمثيل القانوني وبالتالي الدفاع القضائي لإدارات أخرى، وذلك في مجالات:
- الملك العام للدولة، لوزير التجهيز؛ - الملك الخاص للدولة، لمدير أملاك الدولة؛
- المياه والغابات، للمندوب السامي للمياه والغابات؛ - الأوقاف، لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية؛ - الضرائب، المدير العام للضرائب.
لتعدد الإدارات المكلفة بالدفاع القضائي عن الدولة، فقد تم مرحليا الاقتصار على تقييم تدبير المنازعات القضائية للدولة الذي تقوم به الوكالة القضائية للمملكة (الوكالة) نظرا لاختصاصها العام، ومديرية أملاك الدولة بالنسبة للملك الخاص للدولة، والمديرية العامة للضرائب بالنسبة للنزاعات الجبائية، وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بالنسبة للنزاعات الجمركية، إضافة إلى الخزينة العامة للمملكة
بالنسبة لقضايا التحصيل. فقد خرج المجلس بمجموعة من الملاحظات فيما يلي ملخص لأهمها.
استراتيجية تدبير منازعات الدولة
ترتكز استراتيجية تدبير منازعات الدولة على ثلاث مستويات أساسية وهي الوقاية من المنازعات والحلول البديلة لفض المنازعات وتدبير المنازعات القضائية.
غياب نص قانوني مؤطر للاستشارات القانونية
تتجلى أهمية الاستشارات في مجال الوقاية من المخاطر القانونية بالأساس في معرفة الخيارات القانونية المتاحة في كل حالة أو قضية، وتقييم المخاطر قبل اتخاذ أي إجراء أو تصرف معين وإسداء المشورة الناجعة لمساعدة الإدارة المعنية في اتخاذ القرار السليم والتدخل المبكر للحيلولة دون حدوث المشاكل والتعقيدات، وكذا صيانة الحقوق بالوسائل الإدارية والقانونية. غير أن رأي الوكالة يبقى استشاريا وغير ملزم للإدارة، كما أن الوكالة تقوم بهذا الدور الاستشاري في غياب النص القانوني الذي يخولها صراحة إمكانية القيام بذلك، بالرغم من الاستثمار في الجهد والوقت الذي يتطلبه في بعض الأحيان هذا النوع من الاستشارات، وكذا من خلال ضرورة الإلمام والرجوع إلى مجموعة من النصوص القانونية والاجتهادات القضائية.
ضعف الدور التحسيسي للوقاية من المخاطر القانونية
تقوم الوكالة القضائية للمملكة بإصدار مجموعة من المذكرات والتحليلات والدراسات التي تعنى بالمجال المدني والتجاري والجنائي والإداري وغيرها من الإشكاليات القانونية المتعلقة بالمنازعات التي تهم الإدارات العمومية، كما تقوم بمجموعة من الحملات للتحسيس بالدور الوقائي من المخاطر القانونية.
غير أن المجلس سجل أنه، وباستثناء بعض الدراسات التي يتم نشرها في التقرير السنوي للوكالة القضائية، تظل باقي الإصدارات والمساهمات وأيضا الحملات التحسيسية التي تؤطرها الوكالة ضعيفة مقارنة مع حجم المنازعات، مما يحول دون استثمارها وتعميمها على جميع المتدخلين في مجال المنازعات التي تهم الدولة ومؤسساتها لكي يتسنى لهم الاستفادة منها في الحل الوقائي للمنازعات.
الحلول البديلة للمنازعات القضائية
سجل المجلس اعتماد كل من المديرية العامة للضرائب وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة للمسطرة التصالحية، إلا أنه لوحظ تقصير كبير في هذا الباب على مستوى الوكالة القضائية للمملكة.
وقد نصت مقتضيات ظهير 2 مارس 3591 بشأن إعادة تنظيم وظيفة الوكيل القضائي على إمكانية اللجوء إلى المسطرة التصالحية، وذلك في إطار لجنة فصل المنازعات المنصوص عليها وعلى اختصاصاتها في الفصل الرابع من الظهير سالف الذكر، حيث جاء فيه: " لا يُسمح للعون القضائي بإبرام مصالحة إلا بعد أن تبدي رأيا صائبا في ذلك لجنة فصل المنازعات التي تجتمع بطلب من مدير المالية".
ومن المعلوم أن اللجوء إلى المسطرة التصالحية من طرف الدولة يفترض أن يكون تلقائيا في كل القضايا التي تكون فيها مسؤولية الدولة ثابتة. إلا أنه من خلال الاطلاع على عمل لجنة فصل المنازعات تبين للمجلس عدم سلوك هذه المسطرة إلا في بعض الحالات الاستثنائية.
تشخيص واقع المنازعات القضائية للدولة
سجل المجلس مجموعة من الملاحظات في هذا الصدد فيما يلي أهمها:
- تطورعددالدعاوىالمرفوعةضدالدولة : و يتبين، من خلال الاطلاع على الإحصائيات المتعلقة بالمنازعات القضائية للدولة، أن المعدل السنوي للقضايا المسجلة أمام المحاكم في الفترة ما بين 2882 و2832 يناهز 18.888 قضية، مع الإشارة إلى أن الإحصائيات المتعلقة بمديرية أملاك الدولة والخزينة العامة للمملكة غير شاملة، حيث وقف المجلس على
صعوبة حصر هاتين المديريتين لعدد الدعاوى القضائية التي تكونان فيها طرفا.
- نوعية الدعاوى المرفوعة ضد الدولة : تتسم منازعات الدولة بالتنوع وتقوم الوكالة القضائية بالدفاع عن أغلب أنواع قضايا الدولة باستثناء النزاعات التي تكون طرفا فيها مديرية أملاك الدولة والمديرية العامة للضرائب والإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة والخزينة العامة للمملكة وهي نزاعات متعلقة بمجال اختصاص كل من هذه المديريات.
وقد تبين أن ما يناهز نصف الدعاوى المرفوعة ضد الدولة تتعلق بمسؤولية الدولة وبالطعن بالإلغاء.
الدعاوى المرفوعة ضد الدولة والمتعلقة بالاعتداء المادي
بسبب غياب البرمجة والضبط الدقيقين لحاجيات الدولة للعقار، تلجأ الإدارة لوضع يدها على عقارات مملوكة للغير من أجل إقامة مشاريع عمومية. إلا أن وضع اليد هذا يتم في غالب الأحيان في غياب مسطرة الاقتناء بالمراضاة ودون سلوك مسطرة نزع الملكية المنصوص عليها قانونا، وهذا ما يعرف بالاعتداء المادي على الملكية العقارية. ويتسبب هذا السلوك في نشوب العديد من المنازعات القضائية التي تفضي إلى إثقال كاهل الخزينة جراء المبالغ المهمة التي يحكم بها ضد الدولة.
وبالنظر إلى عدد الأحكام والقرارات الصادرة والمبالغ التي تم الحكم بها في إطار الاعتداء المادي ما بين سنتي 2881 و2831 يتضح أن مبالغ جد مهمة يتم الحكم بها في إطار الاعتداء المادي، حيث يفوق المعدل مبلغ 550 مليون درهم سنويا.
أما القطاعات الوزارية المعنية بالنزاعات المترتبة عن الاعتداءات المادية، في مقدمتها الوزارات المكلفة بالتعليم والتجهيز والداخلية. وعند عدم احترام الإدارة لضوابط نزع الملكية المحددة بالقانون رقم 23.81 فإنه على الدولة حينها أداء تعويضين عن نفس العقار:
- التعويض الأول المتعلق بالأضرار اللاحقة بصاحب العقار جراء منعه من استغلاله؛ - التعويض الثاني المتعلق بقيمة ما تم الاستيلاء عليه من عقار في إطار القواعد "العامة" للتعويض وبدون التقيد بالمعايير والمزايا التي يخولها القانون للإدارة في إطار الفصل 28 من قانون نزع الملكية.
وهكذا، فإن الدولة تتكبد في كل ملف اعتداء مادي خسارتين: - الخسارة الأولى والمتمثلة في الفرق بين القيمة المعتمدة للتعويض عن الاستيلاء، المؤطرة بالقواعد العامة للتعويض، والقيمة التي كان من الممكن تطبيقها استفادة من المزايا التي يتيحها الفصل 28 من قانون نزع الملكية؛
- الخسارة الثانية تتعلق بالتعويض عن الحرمان من الاستغلال ابتداء من تاريخ وضع اليد إلى تاريخ صدور الحكم.
المنازعات القضائية بين الدولة تخص الملك الخاص والإدارات والمؤسسات العمومية
وقف المجلس، من خلال الاطلاع على المنازعات القضائية الخاصة بأملاك الدولة (الملك الخاص) على إشكالية النزاعات القضائية التي تنشأ بين إدارات أو مؤسسات عمومية، والتي تتمثل غالبا في احتلال غير قانوني للملك الخاص للدولة من طرف بعض الإدارات والمؤسسات العمومية.
وللتصدي لهذه الوضعية، صدر منشور الوزير الأول عدد ./2882 بتاريخ 21 مارس 2882 ي ُحث الوزارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية بالثواني عن هذا السلوك والعمل "على حل النزاعات الناشئة بينها عن طريق التفاوض والتوافق للوصول إلى حلول رضائية مما يصبح معه اللجوء إلى المحاكم غير ذي موضوع. وعند استحالة نجاح هذا المسعى يرفع الأمر إلى الوزير الأول بهدف تقريب وجهات النظر بين الأطراف والقيام عند الضرورة بدور الحكم والفصل النهائي في النزاع". بيد أنه، وبالرغم من صدور هذا المنشور فإن هذه المنازعات لا تزال متواترة بين الجهات المذكورة، إذ اعترضت تطبيقه صعوبات عملية أهمها غياب آليات القيام بهذا التحكيم من طرف رئاسة الحكومة. وبالمقابل تم تسجيل بعض المحاولات للنزوع نحو التسويات الودية كما هو الشأن بالنسبة للاتفاقيات التي اطلع عليها المجلس والتي تهم تسوية قضايا في مواجهة أشخاص القانون العام معروضة على القضاء بطرق ودية. غير أن هذه المبادرات تظل قليلة على الرغم من فعاليتها.
مآل المنازعات القضائية للدولة
تبين من خلال الوقوف على تدبير المنازعات القضائية للدولة على مستوى المديريات الخمس التي شملتها هذه المهمة، أن هذه المديريات لا تتوفر على معطيات وإحصائيات دقيقة حول مآل المنازعات القضائية التي تهمها.
بالنسبة للوكالة القضائية للمملكة
يتبين أن الإحصائيات التي قدمتها الوكالة والمتعلقة بمآل المنازعات المدبرة من طرفها تفتقد إلى الدقة والشمولية والتحيين؛ يتبين من خلال تدقيق المعطيات أن نسبة الأحكام الصادرة لصالح الوكالة القضائية للدعاوى تفوق الثلثين. كما أن المبالغ المحكوم بها ضد الدولة خلال هذه الفترة تجاوزت مليار و188 مليون درهم. فيما بلغ الفرق بين المبالغ المطالب بها من طرف المدعين والمبالغ المحكوم بها ما يفوق ثلاث مليارات وستمائة مليون درهم.
وفي ظل غياب آلية تُ َمكن من تتبع الدعاوى التي يكون طرفا فيها أشخاص القانون العام بصفة عامة، وبالتالي معرفة عدد القضايا وحجم المبالغ المحكوم بها ضدهم وما يمكن أن يترتب عن ذلك من إثقال لكاهل الخزينة، تبقى الصلاحية الموكلة للوكالة القضائية للمملكة غير كافية لضبط مجال ومآل المنازعات القضائية للدولة.
بالنسبة للمديريات الأخرى
اعتبار لكون عمليات تدبير المنازعات تتم على صعيد المصالح الخارجية للمديريات الأربع الأخرى، فإن هذه الأخيرة لا تتوفر، على المستوى المركزي، على معطيات تمكنها من تتبع ومراقبة تدبير منازعاتها. كما تبين على إثر الانتقال إلى بعض التمثيليات الجهوية لهذه المديريات، وجود نقائص على مستوى تحيين المعطيات المتعلقة بمآل المنازعات التي تشرف عليها.
بالنسبة لمديرية أملاك الدولة والمديرية العامة للضرائب، تم تقديم إحصائيات خاصة بالمنازعات القضائية، إلا أن هذه الإحصائيات تشوبها الكثير من النقائص. وقد عزى مسؤولو الإدارة المركزية ذلك إلى عدم قيام المديريات الجهوية بتحيين سريان المساطر القضائية المتعلقة بهذه المنازعات. وبالتالي، وفي غياب هذه المعطيات، يتعذر معرفة مآل هذه المنازعات.
في حين قدمت الخزينة العامة للمملكة معطيات حول مآل المنازعات القضائية التي تدبر على مستوى تمثيلياتها الجهوية، إلا أن هذه البيانات لا تشمل الخزينة الجهوية للرباط ولا الخزينة الجهوية للدار البيضاء.
تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة
تم الوقوف، من خلال تتبع تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة ضد الإدارات العمومية، أنه في الحالات التي تمتنع فيها الإدارة عن تنفيذ الأحكام لسبب من الأسباب، فإن طالبي التنفيذ يلجؤون إلى مباشرة إجراءات التنفيذ الزجري طبقا لمقتضيات قانون المسطرة المدنية عبر الحجز على حساباتها لدى المحاسبين العموميين. إلا أنه، ونظرا لكون هؤلاء المحاسبين لا يتوفرون على أموال في شكل حسابات جارية أو سيولة أو أصول يمكن التصرف فيها كما هو الحال بالنسبة للحسابات البنكية، وإنما يقومون بتدبير اعتمادات مالية مدرجة بالميزانية المعنية، فإنهم دأبوا على الإدلاء بتصريحات سلبية تفيد بعدم توفرهم على أموال قابلة للحجز. إلا أن هذا التصريح السلبي يتم اعتباره بمثابة امتناع الخزينة أو المحاسبين العموميين عن التنفيذ، وبالتالي يلجأ طالبو التنفيذ إلى تحريك إجراءات التنفيذ الجبري في مواجهة الخزينة، الأمر الذي أدى مؤخرا إلى سلوك إجراءات زجرية أخرى جديدة من قبيل تقديم طلب الحجز على أموال الخزينة المودعة لدى بنك المغرب.
وقد سجل المجلس استجابة بنك المغرب لطلبات الحجز، حيث قام بتفعيل الحجز التنفيذي على الحساب الجاري للخزينة العامة للمملكة وقام أيضا بتفعيل الحجز التنفيذي على حساب الوكالة البنكية المركزية التابعة للخزينة العامة للمملكة، علما أن هذا الحساب يضم حسابات الأشخاص الذاتيين والمعنويين المفتوحة لدى الوكالات البنكية التابعة للخزينة العامة للمملكة.
وللإشارة، فإن ما يزيد عن 388 ملف متعلق بالحجز لدى الغير تم فتحه في مواجهة الخزينة العامة للمملكة بمبالغ وصلت إلى 113.128.219233 درهم، وهي مبالغ تتضمن، إضافة للمبالغ المحكوم بها، الفوائد الناتجة عن التأخير في التنفيذ.
معيقات تدبير المنازعات
يتعلق الأمر بمعيقات ذات صبغة قانونية، وأخرى متعلقة بالعلاقة بين الإدارات العمومية المعنية والوكالة القضائية للمملكة، إضافة إلى معيقات على مستوى المحاكم.
معيقات ذات صبغة قانونية
يرجع القانون المنظم للوكالة القضائية للمملكة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، لسنة 3591، ولم يتم تعديله منذ ذلك التاريخ.
ويطلق الظهير المذكور على الوكيل القضائي للمملكة اسم «العون القضائي»، وهو اسم متجاوز بالنظر لما ذهب إليه المشرع في قوانين أخرى أبرزها قانون المسطرة الجنائية الذي كرس اسم الوكيل القضائي للمملكة في المواد 1 و11 و59 و193 و9.8. كما أن الحديث عن الوكيل القضائي للمملكة نفسه بدل الوكالة القضائية للمملكة كمؤسسة موحدة، يطرح إشكاليات لدى قيام أطر الوكالة القضائية للمملكة بمهام التمثيل القانوني للدولة والدفاع عنها أمام المحاكم، لأن ذلك يستوجب حصولهم مسبقا على تفويض الامضاء.
إضافة إلى ذلك، يضم ظهير 3591 على تسميات رسمية أخرى من قبيل مدير المالية والمستشار القانوني للحماية التي أصبحت بدورها متجاوزة.
كما نص ظهير 3591 على مجموعة من الاختصاصات للوكيل القضائي للمملكة والتي لم يعد يزاول بعضا منها ونخص بالذكر مهام التحصيل، والتي أصدر بشأنها وزير المالية سنة 3518 دورية تحمل رقمIGF 3181 نقل بمقتضاها هاته المهام إلى الخازن العام للمملكة، دون أن يتم تعديل مقتضيات الظهير المذكور.
انعدام حصانة أطر الإدارة في دفاعهم عن الدولة
نصت المادة 92 من القانون المتعلق بمهنة المحاماة على أن المحامي « لا يسأل عما يرد في مرافعاته الشفوية أو في مذكراته مما يستلزم حق الدفاع». كما أنه «لا يمكن اعتقال المحامي بسبب ما ينسب له من قذف أو سب أو إهانة، من خلال أقوال أو كتابات صدرت عنه أثناء ممارسته المهنة أو بسببها «.
كما نصت المادة 18 من نفس القانون على أنه « كل من سب أو قذف أو هدد محاميا أثناء ممارسته لمهنته أو بسببها، يعاقب بالعقوبات المقررة في الفصل 211 من القانون الجنائي». وبالتالي فإن هذه الحصانة، إضافة إلى أخرى مرتبطة بالانتماء لهيئات المحاماة وبسلطة نقبائها، يفتقد إليها أطر وموظفو الإدارات المكلفون بالدفاع عن مصالح الدولة والخزينة.
معيقات في تعامل الإدارات العمومية مع الوكالة القضائية للمملكة
سجل المجلس في هذا الإطار الملاحظات التالية:
- قصور في تحديد العلاقة بين الوكيل القضائي والإدارات التي يتكلف بتمثيلها أمام المحاكم: فرغم أن ظهير 3591 نص على المهام الأساسية التي أنيطت بالوكيل القضائي للمملكة، إلا أن هذا النص، بغض النظر عن اشتراطه تكليف الوكيل القضائي للمملكة قبل قيامه بمهام الدفاع، لم يحدد العلاقة التي تربط بين الوكيل القضائي والإدارات المعنية بالنزاعات.
- عدم إلزام الإدارات بتمكين الوكيل القضائي للمملكة بالعناصر المكونة لملفات المنازعات: يتضح من خلال مقتضيات ظهير 3591 أن المشرع لم يلزم الإدارات المعنية بالمنازعات بتمكين الوكيل القضائي للمملكة من عناصر الجواب الكفيلة بقيامه بمهام الدفاع، خاصة وأنه يكون طرفا أصليا في المنازعات التي أوجب القانون إدخاله فيها. وقد تبين، من خلال الاطلاع على ملفات المنازعات القضائية التي تديرها الوكالة
القضائيةللمملكة،ضع ٌففيالدفاعناتجعنعدمالتوفرعلىالعناصرالكفيلةبتقويته.
- اللجوء المفرط إلى الطعون: وقد أكد مسؤولو الوكالة القضائية للمملكة أن هذا السلوك راجع لطلبات الإدارات المعنية بتقديم الطعون رغم انعدام الجدوى، إضافة إلى عدم توفر الوكيل القضائي للمملكة على سلطة تقريرية في اللجوء إلى الطعن أو التنازل عنه تفاديا لإطالة أمد النزاع دون طائل.
صعوبات في العلاقة مع المحاكم
أكد مسؤولو المديريات التي تمت زيارتها على مجموعة من المعيقات التي تعترض التدبير الأمثل للمنازعات القضائية، خاصة في علاقتها مع المحاكم.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن وزير العدل قد أصدر، بتاريخ 33 ماي .352، المنشور رقم 511 الذي حث فيه على تسهيل مأمورية أطر وموظفي الوكالة القضائية للمملكة عند تتبعهم لقضايا الدولة بالمحاكم، إلا أن المسؤولين سالفي الذكر، أكدوا أن هذا المنشور لم يتم في غالب الأحيان احترام مقتضياته، كما لم يتم تحيينه. وقد أكدوا أيضا، أنه في إطار قيام أطر تلك المديريات بمهامهم في الدفاع عن مصالح الدولة، لا يتم التعامل معهم بالطريقة التي تليق بهيئة الدفاع، الأمر الذي ينعكس سلبا على معنوياتهم وبالتالي على فعاليتهم ومردودية أدائهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.