في غفلة من الجميع، ودون سابق إنذار، ودعنا اللاعب والمدرب السابق محمد الصحراوي عن سن يناهز 74 بعد معاناة طويلة مع المرض. مسيرة طويلة في الملاعب الوطنية، انطلقت مع الوداد وعمره لم يتجاوز 15 سنة ثم تدحرج بفئات الفريق، لينال ثقة المدرب محمد ماصون و يلحقه بالفريق الأول سنة 1957. فاز محمد الصحراوي بالعديد من الألقاب رفقة الوداد ، حيث توج بلقب الدوري المغربي ثلاث مرات و مرة واحدة بكأس العرش، كما شارك رفقة المنتخب الوطني في الألعاب الأولمبية و ألعاب البحر الأبيض المتوسط و الألعاب العربية. لا نجد أمام هذا المصاب الجلل سوى أن نترحم عليه ونواسي عائلته، ولن ندخل في مساءلة من ظل بجانبه ومن قدم المساعدة، ومن اختفى أو اختفوا متناسين أنهم كانوا رفاقا للمرحوم، ولن نبحث عن المختفين . فقد كان للصحراوي الفضل في نجوميتهم، لأن عناوين هذا الزمن الرديء هي التنكر ونسيان الجميل، وأن العلاقات الإنسانية أصبحت محكومة بتوافه الأشياء. لن نسأل عن كل هذا، لأن له علاقة بقيم نبيلة ليست في متناول الجميع أو أيا كان. ليس الصحراوي وحده من وجد نفسه منزويا في غرفة بمنزله، محاطا فقط بأسرته الصغيرة وبعض الجيران وذكريات ناذرا ما كان يتذكرها، حيث ظل مقاوما لمرض الزهايمر وأشياء أخرى، ولن يكون الأخير في وطن افتقد الكثير من عناوين قيمته وتاه فيه الكثيرون وراء سراب المصالح وكلام الميكروفونات وشاشات التلفزيون، والتمسح على الأعتاب من أجل امتياز تافه أو فرصة عمل مؤقتة تجلب بعضا من المال السائب وتقوي السيرة الذاتية لكائنات غريبة لا تملك ذرة خجل، ومستعدة لأن تقوم بأي شيء وتتنكر لأي كان، تاريخا أو رجالا أو قيما أو أخلاقا، من أجل مصلحة أو خدمة حتى ولو لم تكن مستحقة أو على حساب من يستحقها. قد يكون الصحراوي محظوظا، لأنه لم يصل إلى مستوى الفقر الشامل، لأنه ظل محاطا بدفء ورعاية أسرته، بالرغم من أنه ظل مبعدا عن دائرة الاهتمام والحظوة التي طالت البعض ممن يتقنون فن الانحناء، لكن هناك من الرياضيين يخجل المرء النظر في أعينهم، يخجل حين يعلم أنهم مروا بملاعبنا، وكيف انتهت بهم الأيام، رياضيون يبيعون أي شيء من أجل سد جوع أبنائهم، أو شراء دواء بالتقسيط، وتسديد جزء من واجب الكراء، منهم من يبيع « صيكوك « ومنهم من امتهن حرفة « سيكليس» و « طرّاح « في فرن شعبي، وفرّاش في جوطية، وبائع سردين فوق طاولة بئيسة وعينه على سيارة القوات المساعدة.. كثيرة هي صور مآسي الرياضيين في هذا الوطن، الذي يهلل بأبنائه لحظة الحاجة إليهم، ويلحقهم بطابور المشردين ممن سبقوهم. صور تخدش كبرياء الوطن أولا وتطرح السؤال حول عجزه عن احتضان أبنائه من الرياضيين، والسؤال أيضا حول أموال قيل أنها تقتطع للمساهمة في صندوق دعم الرياضة والرياضيين (الصندوق الوطني لتنمية الرياضة (FNDS، صندوق استفاد، مثلا، خلال 2011 مما يناهز 180 مليون درهم، مقابل 150 مليون درهم خلال 2010 ، من تحويلات المغربية للألعاب والرياضة، وبرسم السنة المالية 2015 فقد قدرت المساهمة ب302,9 مليون درهم، وذلك بزيادة بنسبة %18 مقارنة مع سنة 2014، كما خصصت المغربية للألعاب والرياضة مبلغ 25 مليارا و700 مليون لصندوق تنمية الرياضة خلال 2015، بعد أن وصل المبلغ برسم الفترة الممتدة ما بين 2010 و2014، ما مجموعه 877 مليون درهم. هي أرقام مغرية، لكنها ليست الوحيدة في ظل الغموض الذي لم تملك أي جهة الجرأة على الخوض فيه ، والمتعلق بصندوق دعم الريا ضيين، المشكلة ميزانيته بالأساس من اقتطاعات انتقالات اللاعبين، إضافة إلى أموال جامعة الكرة التي توزع يمينا وشمالا، إلى درجة منحها إلى جهات لا تملك الحق فيها، كمحطات إذاعية خاصة و» صحافيين « قيل إنهم منسقون إعلاميون تابعون لجامعة الكرة، تم انتدابهم للعمل على تطبيق الميثاق الإعلامي للجامعة وتفعيله على أرض الواقع خلال مباريات البطولة الاحترافية، وهي انتدابات لم تحكمها الكفاءة، ولكن حكمتها « لعراضة بالتخبية « وأشياء أخرى تسيء إلى أصحابها، علما أن الجامعة ليست في حاجة إلى منسقين مع جيش موظفيها ومناديبها ومراقبيها، ولأن المال « السايب « يغري «، فقد أعلن بعض المنسقين عن استيائهم من التعويض الذي تمنحه الجامعة لهم وطالبوا بالزيادة فيه دون ذرة من الخجل. فماذا لو تم ترشيد كل الأموال التي نعلمها والتي لا نعلمها؟ وماذا لو تم غلق الصنابير التي يقتات منها بعض صيادي الفرص البئيسة؟ وماذا لو تم النبش في كل العائدات من الصناديق المتعددة وغيرها؟ هل كنا سنجد رياضيا يبيع صيكوك أو السردين أو يشتغل طراحا؟ وهل كنا سنسمع عن رياضي حاول السلام على وزيرة فتجاهلته لأنها كانت على علم بما سيطلبه؟ وهل كنا سنسمع عن بطل باع ميداليته من أجل علبة دواء؟ وهل..هل..وهل..