تزايدت المخاوف من ارتفاع أسعار المواد الغذائية بعد أن ألحق الجفاف الذي ضرب كبريات الدول المصدرة، أضرارا بليغة بالمحصول من القمح والذرة والنباتات السكرية، وأعاد إلى الأذهان مخاوف تكرار حالة الغلاء التي أسفرت سنة 2008 عن تنظيم تظاهرات ضد الجوع في مناطق مختلفة من العالم. وبالنسبة للمغرب الذي يعتبر من كبار المستوردين للحبوب، فإن خيارات المخطط الأخضر المرتكزة على تقليص المساحات المزروعة بالحبوب لفائدة باقي الزراعات الأكثر مردودية، اصطدمت هذا الموسم بجفاف قلص إنتاجه من الحبوب إلى 51 مليون قنطار، وفرض عليه رفع حجم وارداته لتحقيق الأمن الغذائي، كما اصطدمت بتزايد المخاوف من توجه روسيا نحو الامتناع عن التصدير على غرار الموقف الذي اتخذته سنة 2008. ويرى جيم يونك كيم رئيس البنك الدولي في هذا السياق أن الوضع الحالي أسوأ مما كان عليه سنة 2008 ،إذ أن المواد الغذائية التي تمثل حوالي ثلث مؤشر الأسعار في العديد من الدول، بما فيها الدول المنبثقة كالصين وروسيا، سترتفع بمستويات تزيد عن تلك المسجلة سنة 2008. وكانت آخر تقارير المنظمة العالمية للتغذية «الفاو» قد سجلت ارتفاع أسعار المواد الغذائية شهر يوليوز 2012 بنسبة 6 في المائة، وعللت ذلك بارتفاع أسعار الحبوب والسكر. أما بالنسبة للمخاوف المرتقبة من تراجع المحصول العالمي للحبوب، ففضلت انتظار آخر التقارير الأمريكية لتحديد انعكاساتها على الدول المستوردة والدول الفقيرة. وبالنسبة للمغرب الذي أقدم في مرحلة أولى على مواجهة عجز صندوق المقاصة بالزيادة في أسعار المحروقات، سيكون عليه مواجهة النفقات الإضافية التي سيكلفها استيراد المواد الغذائية علما بأن السنة الماضية المتميزة بجني محصول جيد ، كانت قد سجلت عند متم يونيو 2011 استيراد 2.883 مليون طن من القمح بأسعار بلغ معدلها3016 درهم للطن. وإذ يرتقب أن يكون ارتفاع حجم الواردات خلال السنة الجارية مرفوقا بارتفاع الأسعار، فقد صار من المفروض التساؤل عما إذا كان صندوق المقاصة سيتحمل الفارق أم أن مؤشر التضخم الذي استقر منذ عدة سنين في مستويات تقل عن 2%، سيتعرض بدوره إلى خلل يزيد من حدة الاختلالات التي تعرضت لها باقي المؤشرات الماكرو اقتصادية.