خطاب جلالة الملك يشرّح أوجاع الأمة ويعقد الآمال على شبابها    موظفو الجماعات الترابية ينسحبون من الحوار مع وزارة الداخلية    ميارة يشيد بالشراكة المغربية البرتغالية    الرباط تخلد ذكرى تأسيس الأمن الوطني    "إعلان البحرين" يشيد بأدوار المغرب في لجنة القدس وأزمة ليبيا والتصدي للإرهاب    القمة العربية تدعو إلى نشر قوات دولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لحين تنفيذ حل الدولتين    الأمن الوطني بتطوان يحتفي بالذكرى ال 68 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني    اختناقات في صفوف عشرات التلاميذ بالبيضاء .. والسلطات تشكل لجنة للتقصي    ميناء طنجة.. تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 30% حتى متم أبريل    الملك: التهجير القسري للفلسطينيين أمر مرفوض وقطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية الموحدة    محمود عباس يتهم حماس ب"توفير ذرائع" لإسرائيل لتهاجم قطاع غزّة    مقترح "إلغاء الفار" ينتظر تصويت الأندية الانجليزية    تقرير: إحداث أزيد من 42 ألف مقاولة ذات شخصية معنوية نشطة بجهة الشمال    برئاسة المغرب .. مجلس حقوق الإنسان الأممي يرفض الإعادة القسرية للمهاجرين    بسبب عدم الامتثال.. شرطي مرور يشهر سلاحه والسلطات تحقق    حادثة غريبة.. استخراج جثة شابة بعد أكثر من سنة على وفاتها    المغاربة أكثر العمال الأجانب مساهمة في نظام الضمان الاجتماعي بإسبانيا    طقس الجمعة.. أمطار ضعيفة و متفرقة وتشكّل سحب بالشمال وحرارة بالجنوب    المغرب يثير من جديد موضوع استقلال الشعب القبايلي في الامم المتحدة    القمة العربية: الملك محمد السادس يعتبر محاولة إسرائيل فرض واقع جديد في غزة "أمرا مرفوضا"    على هامش تكريمه.. البكوري: مهرجان الريف يسعى لتقريب الإبداعات الناطقة بالأمازيغية إلى الجمهور التطواني    عائلات "مغاربة ميانمار" تحتج بالرباط .. وناجية تكشف تفاصيل "رحلة الجحيم"    هذه حجم الأموال التي يكتنزها المغاربة في الأبناك.. ارتفعت بنسبة 4.4%    وفاة الفنان أحمد بيرو أحد رواد الطرب الغرناطي    أخنوش يتباحث مع رئيس الحكومة اللبنانية    "حماة المال العام" يستنكرون التضييق على نشاطهم الفاضح للفساد ويطالبون بمحاسبة المفسدين    هذه العوامل ترفع خطر الإصابة بهشاشة العظام    إطلاق مجموعة قمصان جديدة لشركة "أديداس" العالمية تحمل اللمسة المغربية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    تصفيات مونديال 2026: الحكم المغربي سمير الكزاز يقود مباراة السنغال وموريتانيا    بعثة نهضة بركان تطير إلى مصر لمواجهة الزمالك    كأس العرش.. مولودية وجدة يضرب موعدًا لمواجهة الرجاء في النصف النهائي    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    إيقاف مسؤول بفريق نسوي لكرة القدم ثلاث سنوات بسبب ابتزازه لاعباته    يوفنتوس يتوّج بلقب كأس إيطاليا للمرّة 15 في تاريخه    مانشستر سيتي يهدد مشاركة جيرونا التاريخية في دوري الأبطال    "أديداس" تطلق قمصانا جديدة بلمسة مغربية    ظاهرة "أسامة المسلم": الجذور والخلفيات...    الاستعادة الخلدونية    صعود أسعار النفط بفضل قوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    كلاب ضالة تفترس حيوانات وتهدد سلامة السكان بتطوان    من أجل خارطة طريق لهندسة الثقافة بالمغرب    أشجار عتيقة تكشف السر الذي جعل العام الماضي هو الأشد حرارة منذ 2000 عام    مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    أكاديمية المملكة تُسائل معايير تصنيف الأدباء الأفارقة وتُكرم المؤرخ "هامباتي با"    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    زيلنسكي يلغي زياراته الخارجية وبوتين يؤكد أن التقدم الروسي يسير كما هو مخطط له    "تسريب أسرار".. تفاصيل إقالة وزير الدفاع الروسي    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    زعيم المعارضة في إسرائيل: عودة الرهائن أهم من شن عملية في رفح    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقفة أمام ابتدائية خنيفرة تضامناً مع أربعة أبناء حكم عليهم والدهم بالإفراغ، واحتجاجاً على اعتقال شقيقتهم الطالبة الجامعية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 26 - 06 - 2013

رغم حرارة الشمس الملتهبة، شهدت ساحة المحكمة الابتدائية بخنيفرة، صباح الجمعة 21 يونيو 2012، وقفة احتجاجية شارك فيها العشرات من المواطنين والفعاليات المجتمعية والجمعوية والحقوقية، وخلف لافتة عريضة صدحت حناجر المشاركين في هذه الوقفة بمجموعة من الشعارات القوية، تضامنا مع أسرة مكونة من أربعة أبناء تمكن والدهم الميسور من استصدار حكم قضائي يقضي بإفراغهم من مسكنهم بصورة كان طبيعيا أن تهز أنفاس وقلوب أرجاء الشارع المحلي وتستقطب تعاطفا شعبيا واسعا، سيما في اللحظة التي هددت فيها فتاة من الأبناء الأربعة برمي نفسها من أعلى السطح، ، وتتوقع بعض المصادر المعنية بالموضوع أن الأبناء الأربعة سيستسلمون لقرار الإفراغ مقابل وضع أنفسهم على كف المجهول.
كما طالب المحتجون بالإفراج عن واحدة من الأبناء المذكورين، أمينة فطان، هذه التي فوجئ المتتبعون باستدعائها، بعد زوال الخميس 20 يونيو 2013، بمعية اثنين من أشقائها وأمهم، وبعد الاستماع لشقيقها محسن وشقيقتها مريم، تم اعتقالها بصورة غامضة، وهي طالبة جامعية بالسنة الثانية علوم اقتصادية بجامعة المولى إسماعيل بمكناس، ومقبلة على الامتحانات، وقد أصيبت بمخفر الشرطة بانهيار نفسي نقلت بسببه نحو المستشفى الإقليمي في حالة هستيرية حرجة، بينما لم يفت ممثلة عن المشاركين في الوقفة، وهي رئيسة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التقدم بكلمة اعتبرت فيها الواقعة من أغرب القضايا على الإطلاق، واستعرضت أمام الجميع سيناريو القضية.
وعقب الوقفة أبت الابنة الصغرى، إكرام فطان، البالغة من العمر 13 سنة، إلا أخذ الكلمة بعبارات وزفرات مؤثرة أجبرت المشاركين في الوقفة على الإنصات لها بأنفاس أليمة، ولم يجدوا من وسيلة للتعبير عنها إلا بالتصفيق الحار الممزوج بالدموع والأسى، وببراءة طفولية وجهت الطفلة إكرام نداءها للسلطات المعنية من أجل سماع صوتها وأشقائها المهددين من طرف والدهم بالتشرد، هذا الوالد الذي شوهد طيلة الوقفة الاحتجاجية وهو يتردد على بهو المحكمة ذهابا وإيابا، قبل الإعلان عن الإفراج عن الطالبة أمينة فطان، إلا أن حالتها الصحية والنفسية متدهورة للغاية، حسبما أكده خالها، ما أثر سلبا على استعدادها للامتحانات الجامعية.
خبر اعتقال الفتاة/ الطالبة، ونقلها للإسعاف، كان قد حمل عدة فاعلين جمعويين وحقوقيين وإعلاميين إلى التقاطر على المستشفى الإقليمي، وسجلوا بأسف بالغ التعامل السيء الذي عوملت به هذه الفتاة من طرف بعض رجال الشرطة، وبصورة مهينة لم تسلم منها حتى رئيسة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي تعلقت بها الفتاة من شدة الرعب الذي أصابها وهي في قبضة العناصر المذكورة، قبل تدخل أحد المسؤولين الأمنيين الذي نجح في تلطيف الأجواء، وبعدها تم اقتياد الفتاة بالقوة إلى الغرفة المخصصة للمعتقلين، الأمر الذي حمل بعض الفاعلين الجمعويين والإعلاميين إلى التوجه للمحكمة الابتدائية للقاء وكيل الملك، إلا أن تأخر الوقت جعلهم يستعرضون الأمر أمام نائب للوكيل الذي تفهم الموضوع.
وكانت أنظار الرأي العام المحلي والإقليمي قد اتجهت من جديد، يوم الأربعاء 19 يونيو 2013، إلى حي فايزة بخنيفرة، كما نزلت به أزيد من 20 جمعية من مختلف المشارب والمجالات، من خنيفرة ومريرت وغيرهما، وعدد من المواطنين والجيران، في سبيل مؤازرة الأبناء الأربعة في مواجهة والدهم الميسور، وكان المشهد مؤلما من خلال اعتصام عدد من الأطفال أمام باب المنزل المشار إليه، سيما لحظة حلول الأعوان القضائيين بعين المكان، كما في مرة سابقة، مدعومين بعناصر السلطة والقوات العمومية لتنفيذ حكم الإفراغ من المنزل الذي كان مغطى بيافطات ولافتات تندد بالقرار وتكشف عن ممتلكات الأب.
وكم وجد الأعوان القضائيون صعوبة في التنفيذ إثر ارتقاء أجواء التوتر بعد صعود إحدى البنات إلى أعلى سطح المنزل والتهديد بإلقاء نفسها في حال قيام القوات العمومية باقتحام هذا المنزل، ما جعل الأعوان القضائيين المكلفين بتنفيذ القرار يتراجعون مرة أخرى، في حين لم يفت بعض المسؤولين أن وعدوا المتجمهرين بفتح حوار سلمي لأجل معالجة المشكل الذي لم يكن غريبا أن يؤثر في مشاعر الجميع، بمن فيهم بعض أفراد الشرطة والسلطة أنفسهم.
الأب المعني بالأمر لم يتخلف عن التواجد بعين المكان، وعمد إلى «تشتيت» قرار الحكم القضائي على رؤوس المتجمهرين، في فعل وصفته الجمعيات الحاضرة ب «الاستفزازي»، ودون احترام للقضاء الذي صدر عنه الحكم، وهو يصر أمام الملأ على موقفه، وكم كانت مفاجأة الكثيرين عندما رن هاتفه وصاح في وجه البعض «أن المتصل به هو وكيل الملك شخصيا» من باب التمويه والترهيب، مع الإشارة إلى أن وكيل الملك حاول، في لقاء حميمي إنساني، احتواء المشكل بين الأب وأبنائه من أجل الوصول إلى حل توافقي ولو بتحمل ضمانات، ولعل الأب اشترط شروطا في الاتجاه المعاكس.
وسبق ل «الاتحاد الاشتراكي»، أن نشرت، ما يفيد أن الأب (ف. م) سعى إلى استصدار قرار الإفراغ بعد تطليق أم أطفاله (ز. محجوبة) التي جمعه بها سقف واحد لمدة 20 سنة، وفي رسالة مفتوحة لوزير العدل والحريات، تم تسليمها ل «الاتحاد الاشتراكي»، عبرت طليقة المعني بالأمر عن أسفها إزاء القرار الذي لن يؤدي إلا لترك أبنائها عرضة للتشرد والضياع والمآسي الاجتماعية، سيما أن من بينهم ثلاث بنات عمرهن على التوالي 13، 20، و23 سنة، وقد تم الطلاق، حسب رسالتها، مقابل مبلغ نفقة لا يتجاوز 700 درهم، وتقول الأم إنها كلما تقدمت للمطالبة بحقوقها تتم مواجهتها بأحكام مبنية على تصاريح الرجل، بما فيها التصاريح بالشرف أو أداء اليمين مقابل عدم أخذ أقوالها ودلائلها بعين الاعتبار، حسب رأيها.
وخلال الأيام الأخيرة، عمم الأبناء الأربعة نداء موجها أساسا لمختلف مكونات المجتمع المدني والمتعاطفين والإعلاميين، والمناضلين في قضايا حقوق الإنسان والطفل والمرأة، للوقوف والتضامن معهم في محنتهم، وفي مواجهة والدهم الذي أكدوا امتلاكه لأزيد من 22 منزلا ومداخيله تفوق 30 ألف درهم شهريا، حسب مضمون ندائهم الذي تناقلته العديد من الهيئات الجمعوية والمواقع الاجتماعية على شبكة الانترنيت بشكل واسع.
لم يكن التدخل الأمني الذي قاده أمنيو وسلطات المنطقة، ليمر »بردا وسلاما« على المحتجين المعتصمين من عمال الشركة، وبعض نقابييها، حيث صرح مصدر نقابي أن المسؤول الأمني »أعطى أوامره للتدخل«، حيث تعرض بعض المعتصمين أمام باب الشركة للتعنيف ما تسبب لهم في أضرار جسدية بليغة، تطلبت استدعاء سيارة الإسعاف لنقل المصابين على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي لتلقي العلاج.
للإشارة، يخوض عمال مؤسسة نوركران اعتصامهم المفتوح منذ 4 فبراير2013 دفاعا عن حقوقهم المتمثلة في ترسيم العمال المؤقتين، والحفاظ على المكتسبات التي راكموها بفعل نضالهم المشروع.
وأمام تملص الشركة لالتزاماتها وتهربها من الحوار المسؤول، ولجوئها إلى جلب المواد والمنتوجات من مؤسسات أخرى، وضمنها مؤسسة بمدينة القنيطرة، مما يعد عملا غير مشروع، ويساهم في توتر الأجواء، قرر عمال المؤسسة تمديد إضرابهم للمرة الثانية والثالثة.
واحتجاجا على ما تعرفه الحريات النقابية من انتهاكات خطيرة داخل هذه المؤسسة، تتمثل في محاربة حرية الانتماء والعمل النقابي، والتهرب من تطبيق القانون، وطرد العمال، وإغلاق المقاولات، وضرب المكتسبات والاقتطاع من أجور المضربين بدون مبرر قانوني، وعدم أجرأة اتفاق 26 أبريل2011، وغياب حوار اجتماعي منتج ثلاثي الأطراف، صنف النقابيون مؤسسة نوركران بفاس، في مقدمة المؤسسات التي تعمل على توتير الأجواء والمناخ الاجتماعي بمدينة فاس، من خلال حرمان العمال من حقوقهم وضرب الحريات النقابية ومحاربة العمل النقابي الفيدرالي، وجعلوها موضوع احتجاجهم في التجمع التضامني الاحتجاجي الذي نظمه الاتحاد المحلي للفيدرالية الديمقراطية للشغل بفاس بمجمع القدس يوم الأحد الماضي، استشهد فيه الأخ الرماح بأوضاع الطبقة العاملة بهذه المؤسسة، التي تتطلب تدخلا مستعجلا، ومنح هذا الملف أولوية قصوى بالنظر إلى أن عمالها يخوضون إضرابا منذ 4 فبراير 2013، من أجل تحقيق مطالبهم ومنها ترسيم العمال المؤقتين وعددهم 44 عاملا اشتغلوا بهذه المؤسسة من 3 سنوات إلى 10 سنوات، حيث عملوا جلهم خلال الأربع سنوات الأولى بشكل مباشر مع نوركران بدون عقود شغل قانونية، حيث كانوا يتسلمون أجورهم بشكل مباشر «لونوار»، وبعد ذلك أرغموا على عقود شغل مع شركة التشغيل المؤقت كان يتم تجديدها من حين لآخر، تارة مع مقاولة التشغيل المؤقتbestinterime أو مع مقاولةtectra وبعضهم مع الوكالة الوطنية للتشغيل والكفاءات، ومنذ شهر اكتوبر2012 إلى فبراير2013 ظلوا يشتغلون دون تجديد العقود. وتعتبر الإدارة أن هؤلاء العمال لا علاقة لهم بالمؤسسة، وهو موقف مجانب للصواب ومناقض لمقتضيات قانون الشغل، يقول الرماح، «وفيه حيف كبير وظلم للعمال بينما يرى العمال وكذلك نقابتهم، أن الموقف السليم هو ترسيم هذه الفئة في مؤسسة نوركران تماشيا مقتضيات مدونة الشغل وبالأخص المواد 495 و496».
وما تجدر الإشارة إليه، هو أن سوء التفاهم أو الفهم، الناتج عن هذا المرسوم، أصبح يرخي بظلاله، ويرتب عواقب سلبية على حرياتالمعتقلين، لأن جمعية هيئات المحامين، المكونة من جميع مجالس الهيئات على الصعيد الوطني، قد أصدرت بياناً، بوقف جميع الخدمات التي كان المحامون يقدمونها في إطار المساعدة القضائية إلى المعوزين من المتقاضين، وأن نقيب كل هيئة، قد أصدر بلاغاً، على الصعيد المحلي، تنفيذاً لبيان الجمعية المذكور، مع أن القانون المنظم لمهنة المحاماة، ينص على أن:
«يعين النقيب لكل متقاض، يتمتع بالمساعدة القضائية، محاميا مسجلا في الجدول، أو مقيدا في لائحة التمرين ليقوم لفائدته بكل الإجراءات التي تدخل في توكيل الخصام.
لا يجوز للمحامي المعين أن يمتنع عن تقديم مساعدته ما لم يتم قبول الأعذار أو الموانع التي تحول بينه وبين ذلك.
تجري المتابعة التأديبية ضد المحامي في حالة إصراره على الامتناع، رغم عدم الموافقة على أعذاره أو موانعه، وكذا في حالة أي تقصير في القيام بواجبه).
ودستور 2011 ورد في فصله 23 على أنه: « .... يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله، على الفور وبكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقه في التزام الصمت، ويحق له الاستفادة، في أقرب وقت ممكن، من مساعدة قانونية، ومن إمكانية الاتصال بأقربائه، طبقا للقانون.
قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان..............»
وهكذا - وبالرغم من وجود هذه المقتضيات - أصبحت المحاكم عاجزة عن البت في القضايا المعروضة عليها، والمشمولة بالمساعدة القضائية، وخاصة القضايا الجنائية، التي يوجب القانون ضرورة مؤازرة المحامي للمتقاضي المستحق لها، ويصبح للأمر انعكاس على الحريات، خصوصاً في قضايا المعتقلين.
والجدير بالذكر أن هذه الوضعية الاستثنائية، قد مر عليها الآن قرابة شهر، والمحاكم مغلولة اليد عن البت في غياب هذا الشرط الحقوقي، وهو ضرورة حضور المحامي في بعض القضايا، والذي له مساس بحقوق الدفاع، ويعتبر تجاوزه أو التغاضي عنه، مساً بهذه الحقوق، يقع تحت رقابة محكمة النقض.
وعليه، فإن مصلحة حسن سير العدالة، تقتضي أن يتم جعل حد لمقاطعة المحامين لدورهم في تقديم المساعدة القضائية، لأن هذا الدور، تحمله المحامون لعشرات السنين تطوعاً، ودون انتظار مقابل لهذه الخدمة الإنسانية والحقوقية، التي تميز نبل مهنة المحاماة، عن باقي المهن، ودورها عبر التاريخ، في إغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم، والتجند لحماية حقوق الإنسان المستضعف، عندما تكون محل جحود، أو حرياته، عندما تكون محل تعدٍّ أو انتهاك.
هذا ما دامت وزارة العدل والحريات، قد اكتفت ،ربما ، بمقولة كم حاجة قضيناها بتركها أو «إهمالها»، مع أن القضية لا تحتمل المواقف السلبية، لمساسها بحريات الناس، التي توجب بذل الجهد، بالرغم من صعوبة المهمة.
وبالنسبة لجمعية هيئات المحامين، فإن إنهاء مقاطعة تقديم المساعدة القضائية، لا ينفي أو يلغي، مواقف المحامين عبر مؤسساتهم المهنية من المرسوم، وغير المرسوم، والتي ستبقى على جدول أعمالهم، ونضالهم المشروع، في كل ما يتعلق بالممارسة المهنية للمحامين، وأوضاعهم في شتى مناحي هذه الممارسة. ومرسوم المساعدة القضائية، ما هو إلا نقطة هامشية، في إشكالية العدالة بصفة عامة، وسلبياتها التي ينعكس الكثير منها على الحياة المهنية للمحامين.
وسيكون تراجع المحامين، عن موقف المقاطعة، فيه شعور عال بالمسؤولية، وتأكيد على أن المحامي كان، وسيظل خديماً مخلصاً، وصادقاً لقيم العدالة، ونصيراً لحقوق الإنسان، كلما دعاه الواجب لهذه النصرة، ويبقى على وزارة العدل والحريات، أن تستوعب دلالة هذا التراجع عن قرار تعليق المساعدة القضائية، بالمبادرة إلى فتح حوار مع المؤسسات المهنية محلياً ووطنياً، لتدارك الخصاص في قضايا العدالة عامة، وظروف وأوضاع الممارسة المهنية للمحامين لأن وزارة العدل والحريات، بحكم الضرورة والواقع والقانون، هي المخاطب الرسمي والمباشر من جمعية هيئات المحامين ومجالس الهيئات، في الشأن القضائي والمهني، ومنه بطبيعة الحال حكاية المرسوم، الذي خلف سلبيات أكبر من المنافع المتوخاة منه.
وبصرف النظر عن كل الاعتبارات، فإن مسؤولية وزارة العدل والحريات، في هذه القضية وغيرها، تبقى قائمة، وحيثيات هذه المسؤولية، لا تحتاج إلى بيان، لأنها من الواضحات، التي لا تخضع للنزوعات الذاتية، أو العناد الشخصي بين هذا الطرف أو ذاك، لأن قضية الحريات لا تخضع للمزاج، باعتبارها شأنا مجتمعيا عاما لا مجال فيه للمبارزة أو التحديات.
أنتم حملة الضمير وحماة الحقوق والقيم، أنتم من عاشر العدالة ومن زين قصورها ومن رفع بنيانها ومن انتصر على المتربصين بها، قررتم عدم الجواب لما يناديكم ضمير المهنة ولما تحتاجكم المرافعات ولما يعلن عن افتتاح الجلسات...، أنا أقول لكم لا وألف لا....
من أجل القضاء والعدالة، ومن أجل الحق في الاحترام والكرامة، يحق للمحامين أن يتخذوا مواقفهم كما تمليه عليهم مسؤولياتهم، فلهم أن يحتجوا لما تُمس مراكزهم وبذلتهم، ولهم أن يُعلنوا الغَضَب بالشكل الذي تبلغُ به أصواتكم، ولهم أن يُحَاكموا السياسات العمومية والقرارات الحكومية والتجاوزات الوزارية، ولهم أن يُقاطعوا الإدارات والمؤسسات، وأن يفضحوا المستبدين والمندسين والمتلاعبين، وهنا أنا معهم أقول لهم نعم، ونعم ألف مرة.....
ولكن ليس لكم أيها الحَالِمُون بدولة القانون وحقوق المواطنة، أن تفسدوا عنا لذة الحلم، أي أن تدفعوا بقيم مهنة المحاماة وبمسؤولية المحامين القانونية والأخلاقية والإنسانية إلى هوة تعرفون مخاطرها، وليس من حقكم أن تتركوا المواطنين عراة أمام الجلسات بالمحاكم، ممن يحتاجون إليكم ولأصواتكم ولمواقفكم وللسانكم، أن تتركوا من يروا فيكم نجوما يطمئنون لنورها في ظلمة مشاكلهم و نزاعهم مع القانون.
إن قرار رفض الدفاع في إطار المساعدة القضائية الذي اتخذته هيئات المحامين قرار خطيرلا يمكن طاعته ولا العمل به ، فهو قرار معدوم، قرار غير مشروع، لابد من التراجع عنه اليوم قبل الغد، فتاريخ المحاماة والمحامين بالمغرب كله نضال من أجل المواطن، والمتقاضي، وقضايا الوطن العادلة، وقضايا الإنسانية الكبرى، ومعارك المحامين كانت ضد استبداد السلطة، وعنف القوة، وظلم النفوذ، فلا تقلصوا من امتداد تاريخكم ولا تضعفوا من قوتكم، ولا تجعلوا من الرأي العام قاضيا جائرا يؤنبكم.
ياحملة الضمير، أيها المحامون، ارجعوا لقاعات المحاكم ولا تتركوها لأنها مواقعكم الطبيعية، إن جلسات المحاكم هي المتاحف التي تجسد وجودكم وتخلد اسماءكم وتشهد على عظمتكم، وترفع من مكانتكم.
ادخلوا قاعات الجلسات بعد ما قاطعتم الدفاع في المساعدة القضائية، واجعلوا منها شاهدا تاريخيا عليكم وعلى ايمانكم بأن الولوج للقضاء وللعدالة حق مقدس لا يمكن أن نكون كمحامين إلا من أنصاره.
لنجعل من قاعات الجلسات مقرات تخلد لأدوارنا المهنية والقانونية في خدمة العدالة، كما يخلد مَتحف البَانتِيُون PANTHEON بالحَي اللاتيني بباريس، كقاعة عمالقة في التاريخ قائم منذ القرن الثامن عشر، مسكنا لكبار فرنسا في المقاومة و العلم والسياسة والفن والموسيقى والقانون.....أمثال فولتير، روسو، هيكو، زولا، كامبيتا، جوريس، مولان، روني كاسان، ماري كوري... وعدد من حاملي جائزة نوبيل ممن لا تنساهم شعوبهم ولا تمسحهم كوارث الزمن ونائبات الدهر.
جاء هذا التصريح خلال استقباله، رفقة أعضاء من المكتب السياسي، اول امس، لوفد يمثل البرلمانات المحلية لشمال إسبانيا، منتمين للحزب الإشتراكي العمالي الإسباني، والذين قاموا بزيارة للمغرب، بدعوة من حزب الإتحاد.
واضاف، "نحن جاهزون لحل يحافظ على وحدة المغرب الترابية، وفي نفس الوقت يضمن لإخواننا الصحراويين التمتع بكل حقوقهم، ويكون لهم حكم ذاتي موسع ببرلمان و حكومة و قضاء و أحزاب جهوية، لذلك نود ان يتواصل الحوار معهم، و لن ينجح كل هذا إلا إذا تخلصوا من قبضة الجزائر، أي ان يملكوا استقلالية قرارهم".
وعن الوضع السياسي، استعرض لشكر المسار التاريخي الذي عرفه المغرب، الذي على عكس ما حصل في العديد من البلدان العربية، التي صعدت فيها احزاب الحركة الوطنية التي ناضلت ضد الاستعمار، إلى السلطة، بينما لم يحصل هذا في بلادنا، و ركز النظام على بناء أجهزة الشرطة والإدارة، بدل التركيز على الديمقراطية والعدالة الإجتماعية، و خلق هذا مواجهات نتج عنها ضحايا، على رأسهم مناضلون من حزبنا".
"نحن في المغرب سبقنا الربيع العربي، حيث لا يخلو عقد من الزمن، منذ الإستقلال، من الإنتفاضات و الإضرابات العامة، و التي كان يتزعمها حزبنا و حركتنا العمالية، وهذا ما يميزنا عن العديد من البلدان العربية الأخرى، وقد وصلنا في منتصف التسعينات إلى قناعة مشتركة، بيننا و بين النظام، و هي ضرورة التعايش والشروع في مسلسل سياسي جديد، لذلك يشهد المغرب مسارا مختلفا عما يجري فيما يسمى بالربيع العربي".
وفي مداخلاتهم، ركز أعضاء الوفد الإسباني على الصورة المتميزة التي يحظى بها حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، حيث قال خوصي كاريدو، عن البرلمان المحلي لمنطقة الباسك، بأن الزيارة تهدف الى الإطلاع على ما يحصل في المغرب، لأن هناك جهلا كبيرا في اسبانيا بكل التطورات والمواقف، في الوقت الذي لا يسمع إلا صوت واحد، هو صوت البوليزاريو، وأكد "إن حزبكم هو الأكثر انسجاما في المنطقة مع قيم و معايير الأحزاب الإشتراكية في البلدان الديمقراطية، وهو مؤهل للحوار من أجل المساهمة في حل نزاع الصحراء".
واضاف "انطلاقا من تجربتنا في منطقة الباسك، فإن الحلول لا تأتي دائما من الجهات الرسمية، و يمكن للأحزاب ان تساهم في إيجاد الحلول، ونحن مستعدون للدعم والمساندة، بما تطلبونه".
ومن المعلوم أن الوفد يتكون من عشرة مسؤولين في برلمانات محلية بالباسك و ريوخا وكانطابريا و نافارا، وقد التقوا خلال زيارتهم للمغرب، برئيسي البرلمان المغربي، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان والأمين العام للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان ورئيس الجنة الإستشارية للجهوية.
ونحن في التكتل  وانطلاقا من تجربتنا الغنية بالنضال والتضحية والتي ما زالت مستمرة تقارع  الاستبداد  و الظلم, تأكدنا يقينا أن منطقتنا العربية لن تعرف استقرارا ولا تنمية قبل أن تتجدر فيها الديمقراطية الحق،  و تبنى فيها دول المؤسسات و يستقل فيها القضاء و يتم فيها  اعتبار المواطن سيدا لا عبدا و أن يكون هذا المواطن و هذا الإنسان هو محورُالسياسات القائمة جميعا من صحة وتعليم وإسكان و كلِّ تعامل اقتصادي  وسياسي واجتماعي. 
ونعتبر أن الحروب المشتعلة والقلاقل و الاضطرابات المستمرة و هذا التراجعَ الاقتصادي الفظيع في المنطقة, بالرغم من الإمكانيات الهائلة والثروات الضخمة ، هذا الفشل راجع بالأساس إلى أن هنالك أنظمة مستبدة أصبحت تعيش خارج حيزها التاريخي الافتراضي، في وقت نفاد صبر شعوبها, و في وقت تحول دورات التاريخ التي عندما تبدأ عجلاتها بالدوران لا تتوقف من أجل سلامة من يريد الوقوف في وجهها والتي تربك عادة حسابات الطغاة و المستبدين الذين  استمرؤوا  التحكم في رقاب العباد و نهب ثروات البلاد ، و العاقل من اتعظ من دروس التاريخ و استبق ثورات براكينه الماحقة بإصلاحات ديمقراطية حقيقة و تغييرات جوهرية في نظام الحكم.  
سقط بعض هذه الأنظمة و يترنح  بعضها تحت ضغط نضالات شعوب المنطقة, و ما زال البعض يخادع موجة التغيير بلبوس زائف من ديمقراطية كاذبة و مازال البعض الآخر يتمترس خلف بطش الأجهزة  الأمنية و خلف سلاحها الذي لا تتورع هذه الأنظمة عن تصويبه إلى صدور المواطنين العزل والمتظاهرين السلميين. 
و نرى أنه يتحتم علينا كقوى تقدمية و ديمقراطية و اجتماعية أن نقف في وجه الطغيان و الاستبداد بكل أشكاله و ألوانه و أن نتدارس كيفية التنسيق بين أحزابنا و هيئاتنا من أجل كسب الرهانات والتحديات التي تعتبر الديمقراطية فكرا و ممارسة هي نقطتها الجوهرية التي إن كرست حقيقة, فإن الواقع سيفرض احترام حقوق الإنسان و تنميةَ بلداننا الاجتماعية  والاقتصادية  و السياسية و سيفرض سيادة القانون و خضوعَ الجميع لهيبته و سلطانه. 
لا نستطيع في حزب تكتل القوى الديمقراطية إغفال دور المرأة في نضالنا  المستمر ضد الحكم العسكري الذي يجثم على صدر وطننا منذ ما يزيد عن خمس و ثلاثين سنة و بعباءات تختلف من وقت إلى آخر ، لا نستطيع إغفال دورها في هذه المسيرة الحافلة, حيث شكلت حربة النضال و مثال التضحية و الصدق و الإخلاص و التفاني في العمل السياسي ، لذلك نشير لإخوتنا الحاضرين في هذا المنتدى بجدوائية إشراك المرأة في العمل السياسي في كل مستوياته وبأحقيتها كذلك في تبوأ مكانة مرموقة في هيئات اتخاذ القرار, سواء كان ذلك في التشكيلات الحزبية أو في المناصب الانتخابية والوظائف السامية. 
وللشباب في منطقتنا العربية دور و مكانة يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار, فهو من جهة يمثل الغالبية العظمى لهذه المجتمعات التي تعتبر مجتمعات شابة, حيث تبلغ  نسبة السكان الذين لا تزيد أعمارهم على خمسة و عشرين عاما أكثرَ من 70% و من جهة أخرى فالشباب طاقة و قدرات جبارة, إذا أحسن تأطيرها وتوجيهها و العناية بها، أما إذا بقيت الأمور على ما هي عليه الآن من إهمال و بطالة و سوء أوضاع,فإن خطر الإرهاب و الإنحراف سيزيد في مجتمعاتنا ونحن نعرف أن انتشار هذه الظواهر مرتبط بانسداد الآفاق و ارتفاع نسب البطالة التي تزيد في صفوف الشباب حسب الإحصائيات الرسمية في موريتانيا مثلا  على نسبة 62% و يعد انتشار الفقر و فشل التعليم و ضعف الفرص المتاحة أمام الشباب في العيش الكريم من أهم مسببات هذه الظاهرة التي تجتاح عالمنا العربي بقوة.  
لذلك نعتبر أن الاهتمام بالشباب و النساء في فضاءاتنا الحزبية و كياناتنا السياسية ركيزةٌ أساسية للعمل الجاد من أجل بلوغ الأهداف الديمقراطية و التنموية في بلداننا. 
إن الاضطرابات الأمنية و الاقتصادية و الاجتماعيةالتي تعرفها دول الربيع العربي اليوم بنسب متفاوتة تعتبر طبيعية إذا أخذنا في الاعتبار شدة الهزات التي اقتلعت دكتاتوريين عمروا في الحكم و تمددت جذورهم في أرض هذه البلدان و أصبحت القطيعة مع نمط حكمهم تثير هزات ارتداديةً مزعجة ,لكننا في النهاية متأكدون من أن هذه الشعوب التي استطاعت إزاحة طواغيتها و رميهم إلى مزبلة التاريخ ستتغلب لا محالة على صعابها و لن تعجز عن ترتيب بيتها, و المهم أن تكون دولة القانون والمؤسسات و الأسس الديمقراطية هي أساس البناء و المرجعية الحقيقية للجميع.  
تنتمي أغلب أحزابنا و منظماتنا في المنتدى العربي الديمقراطي الإجتماعي إلى منظمات سياسية و حزبية دولية فاعلة مثل الأممية الإشتراكية و يتبوأ بعضنا مناصب هامة في هذه المنظمة التي تحكمُ بعض الأحزاب المنتمية إليها في بلدان مؤثرة على بلداننا و على مجريات الأمور فيها ,و حري بهذا المنتدى أن يشكل جماعة ضغط في هذه المنظمة من أجل العمل على كسب هذه البلدان في معركة إرساء الديمقراطية الحقيقة في وطننا العربي و حثها على الكف عن دعم أنظمة الإستبداد و الطغيان.  
 وباسمكم أيها الإخوة المشاركون ,نتقدم بالشكر الجزيل للإخوة في حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية وللمملكة المغربية على الضيافة الكريمة الأصيلة وعلى التنظيم الدقيق والمحكم لأعمال هذا المنتدى. 
شكرا لزميلي واخي حسام زملط,رفيق السلاح والكفاح ,منذ ان قررنا العمل على هذا المنتدى, والذي اجبرني اول امس على مشاهدة اراب ايدول لأشاهد فوز محمد عساف (الذي كنت أشجعه بالفعل) على نظرائه من مصر وسوريا, والحقيقة فرحة حسام هيأت لي وكأنه قد قام بتدريبه على الغناء, ولكن انعدام علاقة حسام بالغناء جعلتني أصدق ان فرحته كانت من أجل فوز ابن فلسطين. تهنئة حارة بالنيابة عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بهذا الفوز المستحق.
تعتز اللجنة المنظمة بهذا الحدث الهام والحضور المميز لأحزاب ديمقراطية اجتماعية في العالم العربي, والذي وصل اليوم الى 12 حزبا وهو معيار اساسي لنجاح جهودنا من أجل تحقيق اهداف المنتدى.
ومنذ أن بدأنا العمل, كان المبدآن الرئيسيان الموجهان لهذا الجهد هما
1 - ان هذا المنتدى مستقل تماما عن اية جهة محلية او اقليمية او دولة, مع حفاظنا على الانفتاح والتعاون مع احزاب وهيئات أخرى.
2 - تبني فكرة القيادة الجماعية او العمل الجماعي, ولهذا السبب انشأنا لجنة منظمة بدون زعامات او قيادات متفردة .
إن العمل مع اعضاء اللجنة المنظمة طوال الفترة الماضية, اثبت بما لا يدع مجالا للشك, انه لابديل عن العمل الجماعي لإنجاح أي مشروع.
وهنا لا يسعني الا ان اشكر اخواتي واخواني من حركة فتح، واخواننا في حزب التكتل، على الروح الجماعية العالية التي صبغت تعاملنا في هذه الفترة, والتي مكنتنا من بناء هذه القيادة الجماعية ونسعى لتعميمه في عملنا السياسي والحزب والتنسيقي. وهنا نعدكم باستكمال هذا النهج وترسيخه.
اشكر ايضا جميع الزملاء الذين ساهموا في كتابة ومراجعة الرؤية السياسية واللوائح والقوانين الخاصة بالمنتدى
اليوم ونحن على أعتاب الدخول في مرحلة جديدة من العمل السياسي المشترك للاحزاب الديمقراطية الاجتماعية في العالم العربي نسعى لأن يكون لقاؤنا هذا.
1 - لإقرار الرؤية السياسية للمنتدى تمهيدا لتقوية القوى التقدمية والديمقراطية وتعزيز وتوسيع العلاقات الحزبية بين الاحزاب الديمقراطية الاجتماعية في العالم العربي وتنسيق مواقفها على المستوى التنظيمي او الممارسة السياسية اليومية. او انتاج افكار تستجيب لتساؤلات المجتمع.
2 - اقرار اللوائح والقوانين الانتقالية للمنتدى والتي تضمن استكمال نهج القيادة الجماعية وتؤطر لوائح العمل الداخلية لتنظيم عملنا في المرحلة القادمة.
3 - كما كان لقاء القاهرة يشكل انطلاقا للعمل والتنسيق المشترك بين الاحزاب الأم, نعمل ان يكون لقاء الرباط انطلاقة لتأسيس الهيئات النسائية والشبابية للمنتدى, ولهذا السبب وجهت اللجنة المنظمة دعوات لكل حزب تشمل ممثلين عن المرأة والشباب. وهنا أود التأكيد على برنامج المنتدى الذي تم تعديله, حيث تم تغيير الاجتماعات الموازية لتمكين اعضاء هيئات المرأة والشباب لحضور مناقشة واقرار اللوائح الداخلية للمنتدى.
ان المرحلة القادمة لابد وان ترى المزيد من التعاون والدعم بين اعضاء المنتدى, سواء كان ذلك بالدعم المباشر أو العمل المشترك لتبني سياسات جديدة تساعدنا على تحقيق اهدافنا.
لذلك يسعى المنتدىبناء مجتمع حديث يقوم على أسس الحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وتكافؤ الفرص والتعدد والتنوع الثقافي والتعددية الحزبية.
إن تقوية التعاون والتضامن الاقليمي والدولي كأساس لدعم البناء الديمقراطي على مستوى دول المنطقة سيساهم على تدبير الازمات العالمية والجهوية والاقليمية.
وان التنسيق مع القوى التقدمية في العالم من أجل وضع تجربة دولة المؤسسات وممارسات الحريات الفردية والجماعية في سياق دولي يحتم مساندة كل من يتقاسم معنا فكرة بناء مجتمع الديمقراطية الكاملة.
نحن كديمقراطيين اجتماعيين نتفهم احتياجات المجتمع ونرعاها وقادرين معا على أن نقوم بالتغير للأفضل, وهذا ما يميزنا عن التيارات السياسية الاخرى.
نتمنى أن تسير اعمال هذا المنتدى بالروح العالية التي بدأنا بها و ان تستمر حتى الوصول لاهدافنا التي نسعى لها جميعا واتمنى ان يكون هناك المزيد من الاعضاء المؤمنين بمبادئنا في لقائنا القادم."
إن القاسم المشترك للسياق الذي نعيش فيه، سياق زمن الحراك العربي، يتجلى في مرور شعوبنا إلى مرحلة جديدة في تاريخها السياسي، مرحلة انتقل فيها الصراع من طابعه العمودي ضد استبداد الأنظمة السياسية بكل أشكاله إلى صراع أفقي في المجتمع, أطرافه تحمل مشروعين مجتمعيين متناقضين ومتصارعين, الأول يريد تكريس العقلية المحافظة والممارسات التقليدانية في المجتمع والدولة، والثاني حداثي تقدمي يطمح إلى ترسيخ الديمقراطية الاجتماعية والعقلانية بقيم الحرية وحقوق الانسان الكونية. فبعدما ارتفعت الأصوات المنادية بإسقاط الفساد والحق في الحرية والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية، كقيم راسخة وتاريخية ناضلت من أجلها أحزابنا الاشتراكية الديمقراطية، خلص الحراك في المنطقة العربية باكتساح المد المحافظ وصعود تياراته إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، وبنوع من التراجع الواضح للتوجه الديمقراطي الحداثي. كما أبانت التحولات والتطورات الاقليمية بعد هذا الحراك عن عجز واضح للتيارات الاسلامية المحافظة، عن الاستجابة لمتطلبات وانتظارات شعوب المنطقة. كما تبين بالواضح أمام هذا العجز أن الصف الاشتراكي الديمقراطي الاجتماعي بدوره يشكو من نوع من التشرذم والصعوبة في التفاوض بين تياراته من أجل إيجاد صيغ ملائمة للعمل المشترك.
وعليه, نعتبر في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مبادرة تأسيس المنتدى، كإطار للتنسيق والتعاون السياسي للأحزاب الديمقراطية الاجتماعية العربية، من ضمن المبادرات الأساسية التي كانت ومازالت من الأهداف ذات الأولوية بالنسبة لحزبنا. وفي هذا الشأن، لا يمكن أن لا نستحضر معركة التحرر التي قادها الشهيد المهدي بن بركة والتي توجت بإعلانه عقد "»مؤتمر القارات الثلاث«"، والرصيد الفكري الضخم الذي أنجزه مفكرونا ومثقفونا في موضوع الديمقراطية والنهضة العربية. إن حزب الاتحاد الاشتراكي أيها السيدات والسادة، لم يتقاعس يوما في النضال من أجل القضايا المشروعة للشعوب العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وحق شعوب المنطقة في فضاءات للتعاون والتكامل الاقتصادي والسياسي، فضاءات للتفكير الجماعي من أجل تحقيق نهضة فكرية في مستوى رفع رهان التحديات المطروحة وعلى رأسها مواجهة الفكر التقليدي بكل أطيافه, والمنطق التوحشي للعولمة الذي دفع العديد من الفئات المجتمعية في دول الجنوب نحو مزيد من الفقر والتهميش ومواجهة كل أشكال الاستغلال المادي والروحي. لقد كان هم حزبنا الدائم ولايزال هو تحقيق الربط الجدلي ما بين الترسيخ السياسي للتداول الديمقراطي والسلمي على السلطة وضمان توزيع عادل لها وبين الاشتراكية كإيديولوجيا تتبنى فكرة التوزيع العادل للثروة، وأنسنة السوق بما يخدم البعد الاجتماعي، وترسيخ الثقافة العقلانية التنويرية بقيم أخلاقية واقتصادية في خدمة قيم العدل والعدالة والتضامن والحرية والتسامح العقائدي، ورفع الحيف والتمييز عن المرأة وتنفيذ مبرراته الدينية السطحية والتقدم الفعلي في ترجمة فعلية لمبدأ المناصفة والمساواة وفتح طاقات الشباب نحو البناء والتغيير.
ولهذه الأسباب جميعها، اعتبر حزبنا مبادرة القاهرة بمثابة استجابة لتطلعاته الأساسية. وعليه، لا يمكننا اليوم من هذا المنبر إلا أن ننوه بهذا الحدث التاريخي الذي انطلق بالقاهرة يوم 20 يناير 2013، ويتوج اليوم بلقاء الرباط التأسيسي. كما أشكر بالمناسبة، الأحزاب الأوربية الشقيقة والافريقية والآسيوية والمنظمات المدعمة لهذه المبادرة، خاصة المنتدى التقدمي العالمي وحزب الاشتراكيين الأوربيين ومجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين بالبرلمان الأوربي، ومؤسسة الدراسات التقدمية الأوربية. تشكراتي لهم على تتبعهم للتحولات الديمقراطية التي تعرفها منطقتنا ودعمهم لنا لمواجهة كل أنواع التحديات وضمان التقدم المطرد نحو تحقيق مطالب وتطلعات الحراك العربي: وهي الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية وسيادة دولة القانون والحكم الرشيد. نشكرهم كذلك على مساندتهم لنا كقوى تقدمية في العالم العربي لمواجهة التحديات الأساسية التالية:
تحويل الدول الاستبدادية في المنطقة إلى نظم ديمقراطية من خلال تثبيت الديمقراطية بضوابط وتوازنات جديدة تضمن الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والقضائية وحرية وسائل الإعلام.
دعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل استعادة حقوقه كاملة والعودة لأرضه وحقه في إقامة دولته على حدود عام 1967 وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي.
تلبية المطالب المشروعة للشعوب من أجل حياة أفضل، وزيادة خلق فرص العمل والحاجة الملحة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط وشمال افريقيا وفي الساحل الافريقي.
دعم المجهودات التحديثية ونشر الأفكار الديمقراطية الاجتماعية والسعي لترسيخها في مجتمعاتنا مثل المساواة وحرية التعبير وحقوق المرأة وحقوق الأقليات وحقوق الشعوب غير العربية في العالم العربي، والنضال من أجل سمو المواثيق الدولية وتوسيع مجال الحقوق الفردية والجماعية.
تقوية التواصل والتعاون بين الديمقراطيين الاجتماعيين العرب ونظرائهم الدوليين، وتركيز الدعم والعمل المشترك على تعزيز المبادئ المشتركة، والسعي لترجيح موازين القوى الاجتماعية والثقافية والايديولوجية لصالح قوى التقدم والحداثة الفكرية، وبالتالي تحصين الديمقراطية مجتمعياً من التوجهات المحافظة والانتكاسات.
الاهتمام الجاد بقضايا الشباب والنساء من خلال دعم المبادرات لصالح الشباب، وتمكين المرأة من المساواة والمناصفة من خلال دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتقديم حلول تقدمية لبطالة الشباب وتمكين المواطنين من مقومات العيش الكريم من خلال نظام اجتماعي لائق.
تقوية التعاون وتبادل الخبرات واقتراح الحلول والدفاع عليها وبذل المجهودات الضرورية لتمكين الدولة من القدرة على ضبط الاقتصاد ،ومواجهة انفلاتات اقتصاد السوق، والاستجابة للمطالب الاجتماعية المتزايدة، والمتعلقة أساساً بالتشغيل والنهوض بالقدرة الشرائية للمواطنين ومحاربة الفقر والتهميش.
المساهمة الفكرية الجادة في الإعلاء من مكانة الفعل الثقافي والإبداعي عند الأفراد والجماعات، وفي إنتاج خطاب عقلاني وتنويري حول الدين الاسلامي كدين انفتاح وتسامح واجتهاد حتى لا تبقى المرجعية الاسلامية حكراً على القوى المحافظة والظلامية التكفيرية.
تلكم أيها السيدات والسادة، انشغالاتنا الدائمة وطنياً وإقليمياً ودولياً، ونتمنى لكم التوفيق في أشغال لقاء الرباط التأسيسي للمنتدى الديمقراطي الاجتماعي العربي، والذي سنحرص على أن يتحول إلى دعامة أساسية للمشاريع الديمقراطية الحداثية في المنطقة، وإطاراً فعالا في مجال تجديد الوعي والفكر والارتقاء بالذوق الفني والجمالي، وبالتالي إعداد الأجيال العربية لتكون فعالة في التحولات الاقليمية والكونية، وأن تقول كلمتها في مناهضة الأفكار الهدامة والايديولوجيات الاستغلالية والأصولية المتطرفة التي نجحت نسبياً في دغدغة عواطف المواطنين الأبرياء، وفي جعل العنف المادي والمعنوي سلاحها الوحيد لتحقيق طموحاتها المفضوحة للتحكم في الدولة والمجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.