إسرائيل تعلن بناء 22 مستوطنة جديدة    توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس اليوم الخميس بالمملكة    شاب ينهي حياته بطريقة مأساوية بطنجة    بوريطة لا زال مٌصرا على تسمية "حرب الإبادة" في غزة ب "الإعتداءات"    لم يحدث حتى في الحرب العالمية الثانية.. 10% من فلسطينيي غزة ضحايا الإبادة الإسرائيلية    من طريق المدرسة إلى غرفة العمليات.. جريمة سرقة تغيّر حياة تلميذة في طنجة    الصين تفتح أبوابها أمام الخليجيين دون تأشيرة اعتبارًا من يونيو المقبل    بوريطة ونظيره المصري يدعوان إلى إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل كامل في غزة وتنفيذ بنوده    الركراكي: كرة القدم دعامة لتقاسم القيم والتقريب بين الشعوب    حريق غابة هوارة يلتهم 82 هكتارًا ويقاوم السيطرة رغم تعزيزات الطائرات    ضمنها تعزيز المناعة.. هذه فوائد شرب الماء من الأواني الفخارية    افتتاح مصنع Aeolon Technology الصيني بميناء الناظور.. نموذج لطموحات الصين الاستثمارية بالمغرب    جيش موريتانيا يشدد الرقابة مع تندوف    وزير الخارجية المصري: مصر تدعم سيادة الدول ووحدتها الترابية    من تهافت الفلاسفة إلى "تهافت اللحامة"    في انتظار "خلوة يونيو".. صابري يبرم اتفاقات مع نقابات قطاع الشغل    بن كيران وسكر "ستيڤيا"    تشيلسي يكتسح ريال بيتيس برباعية ويتوج بدوري المؤتمر الأوروبي    البنك الإفريقي للتنمية يشيد بالنجاح الذي حققه المغرب في قطاع صناعة السيارات    تشييع جثمان الفنانة نعيمة بوحمالة    "مؤسسة غزة الإنسانية" تعلن إيقاف توزيع المساعدات مؤقتا بعد سقوط إصابات جراء تدافع آلاف الفلسطينيين    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يلاقي وديا كندا واليابان تأهبا لكأس العالم    موسكو.. حموشي يشارك في الاجتماع الدولي الثالث عشر لكبار المسؤولين المكلفين بقضايا الأمن والاستخبارات    رسمياً.. شباب الريف الحسيمي يحقق الصعود المنتظر إلى القسم الأول هواة    "حماس" تعلن الاتفاق على إطار عام مع أمريكا بشأن وقف حرب غزة    الجديدة.. توقيف مواطن أجنبي متهم بالاحتيال على مهاجرين بعقود عمل مزورة    الإعلان عن تنظيم الدورة التاسعة للجائزة الوطنية لأمهر الصناع    ضعف الاحترام وغياب النظام والنظافة.. استطلاع يسجل عدم رضى المغاربة عن السلوك المدني في الفضاء العام    النيابة العامة بطنجة تفتح تحقيقا في حريق غابة هبّوارة وتوقف مشتبها به بحوزته ولاعات ومخدرات    أخنوش يعطي الانطلاقة الرسمية لخارطة طريق التجارة الخارجية    الرجاء الرياضي يعلن عن تفعيل الشركة الرياضية وقدوم مستثمر مؤسساتي    فاتح ذي الحجة يومه الخميس وعيد الأضحى يوم السبت 7 يونيو 2025    رئيس النيابة العامة يستقبل وفدا كينيا    ملعب مرتيل الجديد جاهز …    نجوم الفن ينعون الراحلة نعيمة بوحمالة    عمر نجيب يكتب: القنبلة النووية والتجويع آخر الأسلحة لكسب معركة إسرائيل ضد غزة..    لجنة ال24.. امحمد أبا يبرز دينامية الدعم الدولي لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية أذربيجان بالعيد الوطني لبلاده    "العالم القروي في منظومة الرياضة للجميع" شعار قافلة رياضية بإقليم ميدلت    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    2 مليون وحدة إنتاجية غير مهيكلة بالمغرب.. والمدن تستحوذ على النصيب الأكبر    ترامب يخير كندا: الانضمام إلى أمريكا أو دفع 61 مليار دولار للاستفادة من "القبة الذهبية"    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    الممثلة المغربية نعيمة بوحمالة تغادرنا إلى دار البقاء    استمرار الحرارة في توقعات طقس الأربعاء    خبراء يحللون أبعاد وأثر البرنامج الحكومي لدعم الكسابة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    وداعا نعيمة بوحمالة… الساحة الفنية تفقد إحدى قاماتها    الوداد ينهزم وديا أمام إشبيلية… وتحضيرات حثيثة لمونديال الأندية في أمريكا    فويرتيفينتورا تحتفي بالتنوع الثقافي في الدورة الخامسة من مهرجان "ما بين الثقافتين"    محمد سعد العلمي ضيف برنامج "في حضرة المعتمد" بشفشاون    تتويج عبد الحق صابر تيكروين بجائزة "زرياب المهارات" تقديرا لمنجزه الفني في مجال التأليف الموسيقي    عبير عزيم في ضيافة الصالون السيميائي بمدينة مكناس    كيف تحمون أنفسكم من موجات الحر؟    التهراوي: تسجيل تراجع بنسبة 80 في المائة في عدد حالات الحصبة بفضل حملة التلقيح    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امتحان البكالوريا لمادة اللغة العربية 2013 نحو مقاربة تشريحية لموضوع الامتحان

في أجواء استثنائية, اجتاز المقبلون على الباكالوريا الامتحانات هذه السنة،أجواء صاحبها تخطيط وإعداد ومواكبة من قبل كل العناصر المتدخلة في العملية،والجميع يحذوه أمل إنجاح هذه المحطة لما تكتسيه من أهمية في الساحة التعليمية الوطنية.
ومساهمة في متابعة باكالوريا هذه السنة, ارتأيت تقديم بعض الملاحظات حول موضوع امتحان مادة اللغة العربية لمسلك العلوم الإنسانية.
لا شيء يثير الانتباه في اختبار هذه السنة خصوصا مكون درس النصوص سوى أنه خلخل توقعات الكثير من المترشحين،حيث اصطدموا بنص نظري يتأطر ضمن مجزوءة الأشكال النثرية الحديثة عامة والمسرح على وجه التحديد،فحينما نعود لأرشيف الامتحانات الوطنية نجد أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الاقتراب من المسرح منذ 2008 وهي السنة التي تم فيها اعتماد الامتحان بصيغته الجديدة في مستوى الثانية باكالوريا،وهذا ما جعل من المسرح الحاضر الغائب، فهو حاضر دوما في المقرر, لكنه غائب عن الامتحانات الوطنية, سواء تعلق الأمر بنص نظري حول المسرح أو نص مسرحي إبداعي، ولعل هذا ما جعل محور المسرح يرتبط عند التلميذ بلازمة يكررها الجميع: « المسرح مستبعد « فكان وجه الجدة في امتحان اللغة العربية هذه السنة هو نفي هذه اللازمة مقابل إثبات أن المقرر من ألفه إلى يائه قد يكون موضوع امتحان.
إن النص الذي طُلبَ من المترشحين تحليله جاء مذيلا بصيغة مسكوكة ،وصارت معهودة بالنسبة للذي يلاحق نماذج الامتحانات السابقة ، ويمعن التمحيص فيها،فكلما كنا أمام نص نظري إلا وجدنا مطلبا يتعلق بالتحليل المتكامل للنص مع التركيز على تحديد قضيته وجرد عناصرها ومختلف الأساليب المعتمدة لعرضها. فالنصوص النظرية تختلف وقضاياها تتباين وتتعدد،لكن المطلوب واحد.رغم ما يطرحه عنصر المفاجئة في موضوع امتحان هذه السنة للتلميذ من إرباك فإنه تضمن بعض المؤشرات التي قد تسهل تأطيره وتحليله، إذ نجد منذ البدء لفظة دالة لها دور مركزي في توجيه وعي التلميذ إلى المطلوب منه،ويتعلق الأمر بلفظة « النص النظري « فهذه الصيغة قَلَّصَتْ من الاحتمالات المتناقضة لتأطيره ضمن نصوص تماثله شكلا وتضارعه جوهرا وروحا، فأمام هذا المصطلح يبتعد المترشح عن تأطير هذا النص ضمن مجزوءة المناهج النقدية الحديثة رغم التماثل الشكلي البين بينهما،كما نصادف السؤال المباشر الذي جاء بعد مطلب تحديد قضية النص،حيث وجب على التلميذ وفقا لهذا السؤال أن يحدد مواطن التشابه والاختلاف بين المسرحية والقصة،وهذا السؤال يسهم أكثر في تقليص مسافات الاحتمالات المتعددة للنصوص النظرية التي قد تكون موضوع الاختبار،فأمام هذا السؤال لا يجد التلميذ مناصا من التأرجح بين احتمالين فقط، غاضا الطرف عن كل الاحتمالات الأخرى،وستشتغل خارطته الذهنية فقط على استحضار المسرح والقصة دون غيرهما،مستبعدا بذلك أقرب احتمال كان يراوده قبل حين وهو ذاك المرتبط بالمناهج النقدية الحديثة, لأن هذه الأخيرة يتم أخذها في الحسبان حينما نجد السؤال المباشر جاء بصيغة تقترب من « بيان مبادئ وخصائص المنهج الاجتماعي أو البنيوي أو وضح المفاهيم والمصطلحات والخطوات التي تتبعها المقاربة الاجتماعية أو البنيوية للأدب.»ومما يجعل التلميذ يحسم نهائيا إشكالية التأطير, ذاك المطلب الأخير الذي ألمح بطريقة غير مباشرة أن قضية النص ذات صلة بالمسرح وليس القصة.
يتجلى إذن أن الاختبار ورغم خلخلته للمتوقع , فإنه تضمن الكثير من المؤشرات التي بإمكانها أن تضيء ما قد يكون معتما ، وهذا لا يمنع من إيراد ملاحظات ترتبط بالنص موضوع الاختبار،لقد تم وضع النص من دون عنوان رغم ما يكتسيه هذا الأخير من أهمية قصوى في نظريات القراءة والتأويل وجماليات التقبل وتشكيل أفق الانتظار،وغيابه أو تغييبه يؤدي إلى إرباك خطوات القراءة المنهجية التي تنص على أن التلميذ يجب أن ينجز تحليلا متكاملا سالكا مسار الملاحظة والفهم والتحليل وصولا للتركيب والتقويم،فما الجدوى من هذه الخطوة التي ينص عليها منهاج اللغة العربية إن لم يتم استثمارها في اختبارات الامتحان الوطني. وحتى إن ولا بد من تغييب العناوين في مواضيع الاختبار فلماذا لا نصادف ولو نصا واحدا بدون عنوان في الكتب المدرسية الثلاث سواء تعلق الأمر بالنصوص الشعرية أو النظرية أو النقدية, فإذا كان ولا بد من تغييب دراسة المؤشرات في الامتحان الوطني كان من الأجدر أن يتم اعتماد نصوص بدون عناوين في الكتب المدرسية بين الفينة والأخرى، حتى يكون من هذا من باب « استأنس بالمختلف « فكيف نكون أمام نصوص شعرية تعود للمدونة الشعرية القديمة يتم فرض عناوين عليها لم ترتبط بها يوما في السياق الثقافي الذي أنتجها ،وحينما نصل إلى المحصلة التي كان يجب أن تحاكم كل المداخل المتحكمة في الإقراء المنهجي للنص, نصادف قلق الاختيار, حيث تم تغييب ما وجب استحضاره،ومما يؤكد ملحاحية العنوان وأهميته في هذا النص بالذات هو كون المصدر الذي أخِذَ منه النص اجتهد صاحبه لوضع عنوان كان سيساعد التلميذ على تأطير النص دون عناء ويجنبه متاهات الضياع بين احتمالات متعددة يجتهد لاقتناص الصحيح منها بعد لأي، حيث نجد أن العنوان الذي انتخبه الكاتب لهذا النص وسم ب» فن المسرحية « وهنا يتضح راهنية عدم حذف هذا العنوان وأهميته في تيسير السبل لإنجاز إقراء منهجي محكم للنص.
إن الأسئلة التي تُذَيَّل بها النصوص لها أهمية كبرى لأنها تحسم في مسار تواصل التلميذ مع موضوع الاختبار،فكلما كانت دقيقة واضحة إلا وسهل على المترشح تحديد المطلوب،ففي درس النصوص الأسئلة بمثابة خارطة طريق تحدد نقطة البدء والمنتهى،لكن إذا تلبسها الغموض فهي طبعا صارت مسلكا غير ناجز لما يجب أن يكون عليه جواب التلميذ،فالمطالب التي ذُيِّل بها النص لم تخلف في صورتها عن الصورة العامة التي تأتي بها جميع الأسئلة في درس اللغة العربية،لكن مع ذلك فهذه الأسئلة لا تفي بما يجب أن يكون،ففي الوقت الذي لا يطرح فيه السؤال الأول والثاني أدنى إشكال يذكر لأنهما تضمنا على التوالي وضع تأطير مناسب للنص وتحديد قضيته وعناصرها،يثير المطلب الثالث عدة أسئلة ،ولا مجال هنا للتذكير بأن هذا المطلب يكون له دور حاسم في الفصل بين النصوص المتقاربة ( نص نظري حول المدارس الشعري،أو حول الأشكال النثرية أو نص نقدي حول المناهج النقدي.) وله أيضا دور في جعل التلميذ يقترب من قضايا النص أو على جزء منها على الأقل،إلا أن موضوع الامتحان جاء بسؤال يبعث على الحيرة والقلق،فهو تضمن مصطلحين لهما حضور قوي في المجزوءة الثالثة من المقرر، أقصد القصة والمسرحية،مما يجعل التلميذ يتأرجح في وضع المقدمة بين هذين الشكلين الفنيين، وازداد الأمر صعوبة حينما تم قص/ قطع العنوان الذي كان سيسهل على التلميذ مأمورية التأطير،فإن كان ولا بد من الاحتفاظ بهذا السؤال بهذه الصيغة كان من الواجب الاحتفاظ بالعنوان الأصل للنص « فن المسرحية « ليتعرف التلميذ أن الأمر يتعلق فعلا بإشكالية ذات صلة بفن المسرح،ومن جهة ذات صلة مطلب السؤال المباشر كان سيكون أكثر فعالية لو ارتبط بالفقرة الثالثة من النص حينما تحدث الكاتب عن مكونات المسرحية،كأن يقال مثلا ماهي مكونات المسرحية حسب صاحب النص،أو قدم تعريفا لمكونات المسرحية،لأن الكثير من المترشحين سيعتبرون القضية الاساس للنص المسرحية أما عناصرها ( الحدث الشخصيات الفكرة الحوار ) وعناصر القضية ليست هي هذه، فلو تم وضع هذا السؤال سنكون قد تركنا للمترشح التوسع في الحديث عن تقنية المقارنة حينما يلج لجرد تقنيات عرض القضية وساعدناه على تأطير النص ضمن المسرح وليس ضمن القصة، وضمنا له القدرة على التحكم في المكونات الأساس للمسرحية دون خلطها بعناصر القضية التي تضمن إشارات لإشكالية التأصيل والتحديث للمسرح وإشارات عن مكوناته وتاريخ بداياته.
المطلب الرابع أيضا بحاجة إلى صياغة أكثر وضوحا،فالأمر يتعلق بمطلب تحديد مختلف وسائل بناء النص،من طريقة حجاجية استنباطية أو استقرائية وكل التقنيات الحجاجية والأساليب الاستدلالية الأخرى،لذلك وجب أن يُقدّمَ السؤال بصيغة تفي بالمطلوب،كأن يقال:»بين طريقة البناء الفكري للنص،محددا مختلف التقنيات الاستدلالية والأساليب الحجاجية المعتمدة لعرض القضية مع بيان وظائفها.» وبهذا المطلب نكون قد قدمنا تميزا لتقنيات تحليل الخطاب بين ما نشأ ضمن نحو النص ونحو الجملة والخطاب الحديث مع الانفتاح على ما قدم علم المعاني ،كل داخل نسقه النظري المتكامل،وفي نفس الآن هذا المطلب يكرس لدى المترشح ما تلقاه من دروس في مكون علوم اللغة سيما دروس الاتساق والانسجام وأساليب الحجاج، خصوصا وأن الإقراء المنهجي للنصوص يؤكد على ضرورة استثمار المكتسبات المعرفية واللغوية. فاستحضار هذه التقنيات والأساليب يقطع أولا مع التصور السائد عند الكثيرين وهو القائل بأن دروس الاتساق والانسجام يجب استثمار نتائجها في مجزوءة المناهج النقدية فقط، فحضور المطلب بهذه الصيغة الشمولية من شأنه أن يكرس تقدما في آليات تحليل الخطاب سواء كان النص شعريا أو مقالة نظرية أو مقالا نقديا،بل الأدهى والأمر حينما نربط الاتساق والانسجام بالنص النقدي فقط متغافلين أن جميع الخطابات تتضمن روابط لخلق الاتساق والانسجام.
وحينما ننتقل لآخر سؤال نجده اشتمل على ثلاثة مطالب ،المطلب الأول التركيب هو تحصيل حاصل لأنه يتوقف عند حدود وضع خلاصة لنتائج التحليل،أما المطلب الثاني فهو للمناقشة،وهنا تم اقتناص قولة من آخر النص وطلب إبداء الموقف والرأي منها،إلا أن هذه القولة يكتنفها الغموض فهي تشير بطريقة غير مباشرة لجدلية النص والعرض في المسرح،حيث تضمنت القولة أن المسرحية تحدث أثرها الفني اعتمادا على القراءة،وفي هذا انتقاص من أهمية العرض المسرحي ودوره،لذلك كان من الواجب أن تنتقى قولة أكثر وضوحا وتفتح آفاقا رحبة للتحليل من قبيل القولة الواردة في مفتتح النص حينما قدم الكاتب تعريفا للمسرحية قائلا:» المسرحية تعبير عن صورة من صور الحياة» فهذه القولة لو طلب من المترشح مناقشتها لأبدى فيها الكثير من الأفكار الجادة،فهو يعاين في الحياة مسرحا مصغرا يكشف له دوما عن تناقضات اليومي، و هو أيضا يتفاعل مع المسرح الذي يصور تفاعلات البائع البئيس والتاجر المتلاشي في زمن الرأسمال المعولم،ويقف أيضا على مسرحيات تكشف المستور عنه في نفسيات الناس،أما أن يتم صرف النظر عن مثل هذه الفقرات المهمة في النص والارتهان إلى قولة تسيج أفق المناقشة والتحليل في إشكالية لا نبخسها حقها لكنها لا يجب أن تكون على حساب أقوال أخرى في النص أكثر أهمية ،ومما يؤكد ما قلناه أن هذه القولة أكاديمية وتتطلب اطلاعا مسبقا من التلميذ حول نظريات المسرح الغربي بين أولئك الذين انتصروا للعرض وغيرهم ممن راهنوا على النص،ونركز على هذا التوجيه في هذا المجال إيمانا منا بأهمية مرحلة التركيب والتقويم في النص خصوصا وأن سلم التنقيط يمنحهما ما لم يمنحه لأي مكون آخر حينما يعطي لهذه المرحلة أربع نقط من أصل أربعة عشر نقطة،زيادة على أن هذه المرحلة تعتبر مناسبة لاكتشاف قدرات التلاميذ على التعبير عن الرأي الشخصي،والتوجيهات التربوية تنص على ترسيخ الكفايات المرتبطة بهذا المجال،لذلك كان من الأفضل أيضا أن تغير القولة الوارد في آخر مطلب بصيغة مفتوحة من قبيل» صغ خلاصة لنتائج التحليل تعبر فيها عن موقفك من تعبير المسرح عن قضايا وهموم الناس الحياتية،ولن يحيد التلميذ في هذه الحالة عن الاستشهاد بنصوص مسرحية دُبِّجَ بها الكتاب المدرسي من قبيل نص امرئ القيس في باريس،أو نص الكنز لتوفيق الحكيم،أو نصوص أخرى من قبيل اسمع يا عبد السميع،أما أن يرمى له بقولة حول إشكال نظري أكبر من حجمه فالأمر بحاجة لإعادة نظر،فقد نجد استشهادات لو سرنا في المقترحين السابقين،لكن لا تنتظر أن تجد استشهادا بتصور نقاد أنصار النص أو العرض.
ومن الملاحظات التي تسترعي الانتباه ما يثيره التصرف في النصوص موضوع الامتحان من زيادة أو تحرف أو نقصان،وهذا ما لم يسلم منه موضوع هذه السنة،فرغم الاجتهاد في اختيار نص قصير من فصل مستقل في الكتاب فإن مقص الحذف والتقديم والتأخير قد طاله،فالنص الأصلي يتكون من ست فقرات،أما موضوع الامتحان فقد جاء في خمس فقط،وهذا يؤشر كميا على أن نسبة التصرف في النص قليلة إن لم يوح بأنها منعدمة لكن حقيقة الأمر عكس ذلك،فإذا تجاوزنا الفقرة الأولى التي جاءت بمثابة تقديم مختزل يعرف المسرحية فإن بقية الفقرات طالها التصرف ،ولربما الفقرة الأولى سلمت من ذلك لأنها لم تتجاوز ثلاثة أسطر في النص الأصل، ونجد أن أشكال التصرف تعددت فشملت حذف كلمات وجمل من قبيل حذف قرابة السطرين من الفقرتين الرابعة والخامسة،وشمل الحذف أيضا حذف شرح لمفهوم الصراع في المسرح حيث نصادف في النص الأصلي « المظهر المعنوي لها هو الصراع وكلمة دراما تعني صراعا داخليا»فحذف هذا السطر ضيع تقنية من تقنيات عرض القضية وهي تقنية الشرح والتفسير،كما اتجه الحذف أيضا لحذف أسماء بعض نقاد المسرح حيث نجد في النص موضوع الامتحان اعتماد صيغة التعميم «بعض النقاد المسرحيين يروون أن العلاقة» أما في النص الأصلي نجد :»بعض النقاد المسرحيين مثل اشبنجارن» والاحتفاظ باسم الناقد يفتح للتلميذ استثماره في إطار جرد تقنية الاستشهاد،وفي بعض الأحيان شمل التصرف في النص استبدال كلمة بأخرى من قبيل استبدال كلمة اليونانيين بالإغريق،كما تم في الفقرة الثانية استبدال كلمة» الأمر»ب « الظن « فهل الأمر هو الظن؟؟.. كما أن هذا التصرف في بعض الفقرات أحدث تكرارا صياغة غير واضحة وهذا ما يتضح من خلال الفقرة الآتية : ولا يميزها تمييزا واضحا عن القصة إلا طريقتها في استخدام أسلوب الحوار بصفة اساسية.وقد تستخدم القصة الحوار بجانب السرد والتصوير « أما النص الأصلي فيستعمل فيه الكاتب اسم الإشارة الذي يحيل على سابق حينما قال « وقد تستخدم القصة هذا الأسلوب بجانب استخدام السرد والتصوير» فهنا تجنب الكاتب التكرار مستفيدا من الإحالة باستخدام اسم الاشارة وهذا كان سيجعل التلميذ يستخرج هذا العنصر ; حيث حديثه عن تقنيات عرض القضية ومظاهر اتساق النص وانسجامه.هذا ويشمل التصرف ايضا عدم احترام فقرات النص الأصلي, إذ نجد أن آخر فقرة في موضوع الامتحان قد تم خلقها عن طريق التوليف والجمع بين فقرتين.كما أن هذا التصرف في النص قد يذهب بتحميل الكاتب ما لم يحتمل فهو تحدث عن ناقد واحد أشار للعلاقة العرضية بين المسرحية والمسرح والممثلين, في حين جاء في موضوع الامتحان تعميم لهذا الحكم دون موجب حق « يرون أن العلاقة بين ... عرضية «هذا إلى جانب إغفال إشارات من الكاتب حول الكوميديا والتراجيديا والتي وضعها في الهامش.
أما مكون درس المؤلفات فقد وقع الاختيار على قولة من الكتاب النقدي ظاهرة الشعر الحديث للكاتب والشاعر أحمد المعداوي وتم تذييل هذه القولة بثلاث مطالب مترابطة،الصيغة كرست المتعامل به مع درس المؤلفات في صيغته الجديدة،حيث لا ينزاح المطلوب دائما عن مطلب ربط القولة بفصول المؤلف وتحديد موقعها ضمن قضاياه،ويُتبَع ذلك بسؤال مباشر ينطلق من القولة موضوع التحليل ويحاول تقصي أبعادها والأفكار الفرعية المتفرعة عنها،أما المطلب الثالث والأخير فقد صار معتادا أنه يتصل بالحديث عن المقاربة النقدية التي يعتمدها الكاتب في مؤلفه،من الأشياء الإيجابية في سؤال هذه السنة أنه تضمن صيغة تؤكد أن التلميذ ملزم في درس المؤلفات بكتابة موضوع وليس تقديم إجابات على شكل رؤوس أقلام فقط،وهذا هو عين الصواب، ومن الأشياء التي وجب الاعتراف بها في هذا المكون هو التزامه بتحديد المطلوب بدقة وعناية ،حيث تعلق الأمر بضرورة بيان خصائص لغة الشعر الحديث ،حيث كان واضع السؤال موفقا في اختيار صياغة أفضل،فلو استعمل مثلا التعبير الذي يضعه المجاطي لكان الأمر صعبا على التلميذ ،حيث يصف المجاطي هذه الخصائص « بالمميزات الثورية للغة الشعر الجديد» فهذا تصرف محمود وإن كنا نفضل لو تسنى له أيضا التصرف في لفظة « الخاصة « ويقصد بها «الميزة والخاصة « وذلك تسهيلا على المترشح لا غير ، إلا أن القولة تطرح صعوبات لأنها ارتبطت بالفصل الذي التمس فيه الناقد الخصائص الشكلية والبنيوية للشعر الحديث وغالبا ما يختلط عند بعض المترشحين بالفصل الأول الذي خصصه لمقاربة شكلية بنيوية لكن لشعر سؤال الذات،إلا أن ورود رقم الصفحة في أسفل القولة يسهل على المتنبه أن الأمر يتعلق بالفصل الرابع وهو آخر فصل في الكتاب،ومما وجب التذكير به أيضا أن المطلب الثالث واستحضارا لكون متطلبات السؤال الثاني كثيرة نوعا ما كان من الأجدر أن يتم تحديده في فصل واحد وليكن هو الفصل الرابع فيقال مثلا بيان المنهج النقدي الذي اعتمده الكاتب في دراسة لخصائص الشعر في هذا الفصل فيركز بذلك التلميذ على المنهج البنيوي والأسلوبي فقط.
ختاما لقد عملنا من خلال هذه الورقة أن نتتبع موضوع امتحان الباكالوريا لسنة 2013 مادة اللغة العربية مسلك العلوم الإنسانية فبينا ما هو كائن وما يجب أن يكون مستحضرين الأبعاد المنهجية والابستمولوجية التي تحكم اختيار النصوص للاختبار وسبل التعامل معها،وكيفية صياغة الأسئلة المرافقة لها مع بيان حدود التصرف فيها والإشكالات التي قد تنجم عن التصرف في النص دون تبصر واستحضار لروح التنزيل الديداكتيكي لمنهاج اللغة العربية في التعليم الثانوي،كما لم يفتنا أن نشيد بالجوانب الإيجابية التي ميزت هذا الاختيار الذي تبقى له راهنيته حجيته في سياق هذا السجال المتواصل حول امتحانات الباكالوريا،وحسبنا من وراء ذلك أن نثير أسئلة حقيقية وجادة عن قضايا التربية والتكوين عامة وبعض القضايا الديداكتيكية المرتبطة بدرس اللغة العربية.
* أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي - ثانوية عبد الله الشفشاوني - نيابة تارودانت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.