الملايين من المغاربة كان لهم أمل كبير في حكومة ما بعد دستور 2011 ، تشكلت من حزب عمره 80 سنة ،حزب الاستقلال، وحزب مازال لم يجرب بعد تسيير الشأن العام الوطني ألا وهو حزب العدالة و التنمية, وكان يشهد له بنوع من المصداقية فيما سبق، إلى جانب حزب الحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية ، لكن مع توالي الأيام والشهور بدأ يستفرد رئيس الحكومة وحزبه بالقرار الحكومي وانتشرت التصريحات والخرجات والقرارات الوزارية القطاعية غير متفق عليها في مجلس الحكومة، وهكذا إلى أن توترت العلاقة بين حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية، واعتبر حزب الاستقلال أن منهجية الاستفراد بالقرار ومحاولة السبق للظهور بمظهر المنقذ للبلاد والعباد من طرف وزراء حزب العدالة والتنمية هي منهجية خاطئة و توجه نحو الهاوية, لذلك تقدم بمذكرتين تتمحور حول الحلول الاقتصادية العاجلة لإنقاذ البلاد ولن يتأتى هذا إلا بإعادة هندسة الحكومة و إدخال كفاءات جديدة قادرة على الإبداع وإيجاد الحلول لإخراج البلاد من الأزمة الخانقة، لكن من حيث يدري أو لا يدري رئيس الحكومة رفض كل ماجاء به حزب الاستقلال مما أصبح معه التعايش الحكومي بين هذين الحزبين مستحيلا. لكن الأسوأ هو ارتكاب أخطاء كان ممكن تفاديها من طرف الحكومة يقودها رئيس حكومة جاء لمحاربة الفساد والاستبداد، وما قام به هذا الرئيس عكس ما جاء من أجله, فالاستبداد الحكومي لأول مرة في تاريخ المغرب المعاصر يظهر للوجود, حيث يتم رفض كل المشاريع والمقترحات التي يأتي بها الشريك الحكومي الأساسي حزب الاستقلال، ثم تلتها المقولة الشهيرة لرئيس الحكومة ولا نعرف هل هي زلة لسان أم توجه وهي «عفا الله عما سلف « قالها لمختلسي المال العام ولكبار المفسدين في المغرب عبر الهواء في قناة الجزيرة، وليكفر عن ذنبه عاد وبدأ يتهم المفسدين بالتماسيح والعفاريت وعبر عن عجزه أمامهم، وفي الأخير انقلب 360 درجة و تحالف مع حزب قد سبق أن نعت زعيمه بكل أنواع الأوصاف السياسية القدحية، والنتيجة انسحاب حزب الاستقلال من حكومة لا تعرف التدبير الأمثل والتوجهات الصائبة لإنتاج الثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، ونتج عن هذا الانسحاب فراغ حكومي لمدة شهور، ثم تم تشكيل حكومة موسعة يستحيل أن تستمر إلى نهاية ولايتها بسبب تضارب المواقف داخل الأحزاب المشكلة لها وتضارب الاختصاصات بين عدة وزارات. ويمكن أن نسرد أهم أخطاء رئيس الحكومة التي كان بالإمكان تجاوزها ببساطة دون تشنج : أولا: كان عليه الحفاظ على التحالف الحكومي مع حزب الاستقلال مع تحيين البرنامج الحكومي وإعادة هندسة الحكومة, نظرا لأن الظرفية الاقتصادية الصعبة تستدعي ذلك. ثانيا :كان عليه أن يوظف المعطلين الذين تم التوقيع على محضر توظيفهم من طرف الوزير الأول السابق عباس الفاسي, حيث مبدأ استمرارية الدولة، وكان بإمكان إخضاع هؤلاء المعطلين لتكوين يؤهلهم لولوج الوظيفة العمومية، ولم يكن أي داعي للدفع بالمعطلين للترافع أمام القضاء والقيام بسلسلة من الاعتصامات والاحتجاجات. ثالثا:رئيس الحكومة عوض التفرغ للمعضلات الكبرى والقضايا المصيرية للبلاد يجاري منتقديه من المعارضين ويخصص أغلب وقته للرد على خطابات ومقولات سياسية لا تفيد الشعب المغربي في شيء. رابعا:رئيس الحكومة تشبث بوزير انسحب حزبه من الحكومة ولم يمتثل لذلك وتم طرده من الحزب، ومن الأخلاق السياسية أن يتم الإستغناء عن هذا الوزير للحفاظ على الحد الأدنى من احترام العمل السياسي والمؤسسات الحزبية. خامسا: التجأ رئيس الحكومة إلى جيب المواطنين عن طريق الزيادة في الأسعار لحل الأزمة المالية عوض ابتكار الحلول واستقطاب الاستثمارات الدولية وتشجيع الاستثمار الوطني لرفع نسبة النمو للخروج من الأزمة. سادسا: أغلق باب الحوار مع الفرقاء الاجتماعيين النقابات، وبالتالي تم فتح الباب أم المجهول وتأجيج الاحتقان الاجتماعي لكن لا يمكن أن نحقق التقدم والنجاح دون أن تجرب كل الأحزاب العمل الحكومي والميداني ويتم اكتشاف حدود الممكن وما هو غير ممكن و مستحيل .