نشرة إنذارية: موجة حر مع الشركي من الأربعاء إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة    ولد الرشيد يعرض التجربة التنموية المغربية في منتدى برلمان أمريكا الوسطى في سان سلفادور        الجرف الأصفر.. تدشين أول وحدة صناعية لمواد بطاريات الليثيوم- أيون بطاقة إنتاجية تبلغ 40 ألف طن    مع استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران جيش الاحتلال يواصل استهداف غزة واتصالات لوقف الحرب وسط وعود جديدة لترامب    كأس العالم للأندية.. طاقم تحكيم كندي بقيادة درو فيشر يدير مباراة العين الإماراتي والوداد الرياضي    المنتخب المغربي النسوي يبدأ تحضيراته استعدادا لكأس أمم إفريقيا    موقوف يلفظ أنفاسه بعد ابتلاعه كيسًا يحتوي على مخدرات    طنجة.. كلب يهاجم فتاة وسائق يدهس شابا ويلوذ بالفرار    ربط "أخضر" بين إسبانيا والمغرب.. بواخر كهربائية دون انبعاثات تبدأ الإبحار في 2027    نزار بركة يكشف عن انخفاض قتلى حوادث السير في الطرق السيارة بنسبة 50 في المائة و رصد 3 ملايير درهم للصيانة الطرقية    موجة حر مع الشركي من الأربعاء إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة    بنكراد: معظم المحتجين في 20 فبراير بمجرد ما عرضت عليهم المناصب ذهبوا لها وانفضوا    بكين.. مؤتمر يستكشف أوجه التعاون الصيني – المغربي في قطاع السياحة    منتدى أصيلة ينظم الدورة الصيفية    المغرب يرفع القيود على استيراد لحوم الدواجن البرازيلية    منعرج الموت بتارجيست يُسقط شاحنة محملة بالملح ويصيب ثلاثة بجروح    شراكة استراتيجية بين المكتب الوطني المغربي للسياحة والخطوط الجوية التركية لتعزيز الترويج السياحي للمغرب    اجتماع بمقر وزارة الداخلية لتحديد معايير انتقاء المجندين برسم فوج الخدمة العسكرية 2025    بسبب أزمة مالية خانقة.. معاقبة نادي أولمبيك ليون الفرنسي بالهبوط للدرجة الثانية    هل تساءل المغاربة يوماً عن عدد اليهود المغاربة من المدنيين الذين قُتلوا في إسرائيل؟    الإبادة مستمرة.. إسرائيل تقتل 37 فلسطينيا بغزة بينهم 7 من منتظري المساعدات    إيران تنظم السبت جنازة قادة وعلماء    المغرب يستهدف 52% من إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة العام المقبل    فلاحو اشتوكة أيت باها: إيقاف الدعم يهدد باختفاء الطماطم المغربية من الأسواق    النقابة الوطنية للعاملين بالتعليم العالي تجدد تمسكها بالوحدة النقابية وتدعو إلى الإضراب يوم 2 يوليوز    استقالة "قاضية الفضيحة" تُعيد محاكمة مارادونا إلى نقطة الصفر    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    أكاديمية المملكة تنظم تظاهرة دولية    مقتل 6 من جنود اسرائيليين في قطاع غزة    دراسة: تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد ملايين الأرواح    الجواهري: الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي بسبب تصاعد حالة اللايقين العالمية    جدول أعمال دورة يوليوز يكشف إفلاس مجلس جهة سوس ماسة وافتقاده للرؤية التنموية.. وأشنكلي يصدم رؤساء جماعات    احتجاج موظفي المدرسة العليا للأساتذة ببني ملال بسبب تأخر صرف التعويضات    مجلس النواب الأميركي يرفض مبادرة لعزل ترامب    كأس العالم للأندية 2025.. تعادل بوكا جونيورز الأرجنتيني وأوكلاند سيتي النيوزلندي (1-1)    ترامب يؤكد مجددا أن المواقع النووية في إيران "دمرت بالكامل"    طقس حارة في توقعات اليوم الأربعاء    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلامنجو البرازيلي يتعادل مع لوس أنجلوس الأمريكي (1-1)    ثلاثية تشيلسي تقصي الترجي التونسي    أموال الناظور تمول مدنا أخرى.. أين الأبناك من تنمية المنطقة ودعم الرياضة والثقافة كما أرادها جلالة الملك؟    مجموعة بريكس تدعو إلى "كسر حلقة العنف" في الشرق الأوسط    والي بنك المغرب يدعو الحكومة إلى إنجاح برامج تمويل المقاولات الصغرى    الرجاء ينال المركز الثالث بكأس التميز    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    تقنية الهولوغرام تعيد جمهور مهرجان موازين لزمن عبد الحليم حافظ    "جبر أضرار سلفيين" ينتظر الحسم    المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يحتفي بحرف "تيفيناغ" ويرصد التحديات    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    بعد مسيرة فنية حافلة.. الفنانة أمينة بركات في ذمة الله    دراسة تكشف ارتفاع معدلات الإصابة بالتهاب المفاصل حول العالم    الإكثار من تناول الفواكه والخضروات يساعد في تحسين جودة النوم    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفاة الأديب والفنان السوداني محمد بهنس متجمدا على أرصفة القاهرة

سنوات الجامعة، أواسط الثمانينات من القرن الماضي، كان التحصيل الدراسي بالمغرب ، مغموس بالنضال و الكر و الفر مع قوات القمع البوليسي ، هذا قبل أن يزحف الظلام و يهجم الجراد الملتحي و تتحول المعركة بين شباب ونظام إلى مواجهة بين الحب و الكراهية ، بين المعرفة و الجهل ، ورغم القتل الخوف الذي كان مرابضا هناك في الساحات و الشوارع الخلفية ، الدراسة كان لها طعم خاص ، طعم العلم و التحصيل و البحث عن الجديد ، بحث وتحصيل لا يتم فقط داخل المدرجات و الأقسام و الفصول بل كان يتعداه إلى الساحات ، ساحات الكليات ، حيث الحلقيات و النقاشات التي لا تتوقف ليلا أو نهارا ، نقاشات إيديولوجية كانت تبشر بقرب سقوط الطغاة و انتصار إرادة الشعب و الحياة ,, التظاهرات تخرج تباعا في نظام و انتظام ، رافعة شعارات نضالية ، مرددة أغاني ثورية ، أغاني كان للشيخ إمام الحظ الأوفر فيها ، أغاني رص قوافيها سيد الكلمة أحمد فؤاد نجم ، أشعار تنتصر للمستضعفين وتندد بالظالمين ، رأسماليين و إقطاعيين ، أصوات لا تعرف التعب أو الكلل وهي تردد : « شيد قصورك على المزارع من كدنا و عرق جبينا و الخمارة جنب المصانع و السجن مطرح الجنينة ,, 
عندما كنت أتعب ورفاقي و تتفرق جموعنا الزاحفة بين ممرات و أروقة جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ، نلجأ لأقرب كشك من بين عشرات الأكشاك الرثة المترامية على جنبات الأسوار الجامعية ، هناك نلتهم في صمت صحون العدس و الفول المروي بزيت الزيتون البلدي المغشوش و نشرب كؤوس الشاي المنعنع على إيقاع النقاشات الإيديولوجية ، نبحث في المستجدات الطلابية ، نسجل تضامننا مع الجبهات النضالية الوطنية و العالمية ، نستلهم سيرة الأبطال : كرينة و المنبهي و التهاني و زروال و شباضة، نتغنى بسيرة الخطابي و دلال المغربي و غيفارا ، نردد بصوت واحد موحد : « جيفارا مات جيفارا مات ، آخر خبر في الراديوهات... مات المناضل المثال ، ياميت خسارة على الرجال ، مات الجدع فوق مدفعو جوة الغابات .. « 
فلسطين الوطن المسبي ، كان جرحا غائرا في الصدور ، جرح لا يخفف من غلواء آلامه إلا قراءة أشعار درويش و الإنصات لأغاني العاشقين و مارسيل ، نخرج يوم الأرض متظاهرين ، نحاول اختراق الأسوار و الوصول للشارع العام للإختلاط بساكنة احياء « الليدو « و « الأطلس « و « سيدي ابراهيم « ، شوارع و احياء لا يصدنا عن بلوغها إلا هراوات السيمي و رفس المخازني ، ومع ذلك كنا نتحدى الجميع بأصواتنا الحية القوية و أصابع أيادينا الملوحة بشارات النصر في الهواء ، نردد مع الزغاريد الصاعدة من الحناجر الفتية : « يا فلسطينية و الغربة طالت كفاية ، و الصحرا أنت ، م اللاجئين و الضحايا ، و الأرض حنت للفلاحين و السقايا ، و الثورة غاية ، و النصر أول خطاكو,,,, « 
في الأمسيات العامة أو الخاصة ، كانت جموعنا تخترق صمت الليل بالشعارات اللاعنة للزمن الأغبر و للعادات البائتة و الخرافات الساكنة في الوجدان المغربي ، نقرأ الأشعار النابعة من أعماق أشهر الشعراء ، شعراء الكلمة الصادقة و المواقف المبدئية الصامدة « لا تصالح « لأمل دنقل « « ريتا « لمحمود درويش و « الرحلة الأخيرة لدون كيشوت « لممدوح عدوان و « الولد الفسطيني « لأحمد دحبور ، دون أن ننسى طبعا ، قصائد توفيق زياد ومعين بسيسو وعبد الله زريقة و مظفر نواب و بابلو نيرودا وناظم حكمت... أشعار و أشعار و أشعار ,, لكن شعر أبو النجوم ( أحمد فؤاد نجم ) كان المبتدأ و المنتهى ، كنا نردده مثلما يردد مؤمن حقيقي آيات من كتابه المقدس ، نتلذذ بقوله المحكم ، نتتبع سيرته و مغامراته الليلية و النهارية ، علاقاته المثيرة مع النساء و المتوترة مع الشيخ إمام ، علاقات وتوترات كنا نحاول أن نبحث لها عن معنى ، ونحاول أن نجد لها تفسيرا و تبريرا ,,, 
قراءاتنا العديدة المتعددة للنظريات التقدمية عامة و الماركسية خاصة ، كانت تزج بنا داخل عوالم التركيز و إعمال العقل ، تركيز و إعمال للعقل كان لابد له من غذاء روحي ، غذاء كنا نجده في الأغاني ، أغاني تعطينا معنى الحياة ، مثلما تلهمنا و تزرع في قلوبنا و أرواحنا حب المرأة و الوطن ، تجعلنا أكثر إنسانية و شفافية و شغفا بالحق و ضرورة رفع الظلم و إبادة الظالمين ,,,
فؤاد نجم بشاعريته الوقادة و إمام بصوته المبحوح ، في عز البرد و الشتاء ، عند الحر والقيظ و الشمس الحارقة ، في أحضان الحرية أو داخل الزنازن المنسية ، كانا دائما هناك و هنا ، الأول بكلماته الشاعرة و قراءاته الحالمة و الثاني بألحانه و صوته المبحوح ، لا أحد منا يمكنه أن ينسى قصائد أو أغاني من طينة « يا بهية « أو « يا عبد الودود يارابض على الحدود « أو « مر الكلام « أو « دور يا كلام على كيفك دور « ... عشرات القصائد المغناة ، كانت هي الأمل و الزاد و الشمس الساطعة ,,,
« آه من الشعر ,, هذا الكائن الساحر الخلاب .. منحة الموهبة الجزيلة و امتحان الحياة الصعب الوعر « بهذه الكلمات افتتح نجم أعماله الشعرية الكاملة الصادرة سنة 2009 عن دار ميريت المصرية ، أعمال قرأناها نحن كقصائد متفرقة أو دواوين مهربة ، قصائد و دواوين أهدى نجم رسائلها الباذخة لشباب كان يمني النفس بالثورة ، شباب آمن بالمستحيل في زمن كانت قولة الحق تقود نحو الموت ..
بإسم كل أولئك الشباب الذين حلموا بغد أفضل ، غد الوحدة و الحرية في مجتمع تنتفي فيه الطبقات و تتلاشى الفوارق و تنمحي الكراهية ، شباب بعضه منح سنوات من عمره للسجون و المنافي و بعضه الآخر كان أكثر كرما بتقديم روحه ( نذكر هنا أساسا شهداء الحركة الطلابية ، زبيدة خليفة و المعطي أوملي و أيت الجيد بنعيسى .. ) و صنف ثالث، نسي أو تناسى الماضي بأفراحه و أتراحه ليرتمى في أتون الحياة اليومية و هموم الوظيفة و الزوجة و الأولاد ، و آخرون خانوا الفكر و المبدأ و الوطن و استوطنوا المواقع التي يرابض فيها العدو ...بإسم الجميع نقول :
شكرا لك أبا النجوم على شاعريتك الفياضة ، و أكرم التاريخ مثواك ، نظير ما قدمته من سخي الكلام و كثرة الأحلام ، لشباب كان يفكر صادقا بقلبه قبل استخدام عقله ، شباب ردد معك في السر و العلن :
ح نغني و دايما 
ح نغني 
و نبشر بالخير و نمني
و نلف الدنيا الدوارة 
على صوت النغمة الهدارة 
ومعانا المشرط و البلسم 
في الكلمة الصاحية النوارة
هو احنا كده و حنبقا كده
ماشيين
عارفين
مع مين دايما واضحين
هو كده و حنبقا كده 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.