يبدو أن لعبة الشد والجذب لن تنهي بين وزارة العدل والحريات من جهة، ونادي قضاة المغرب من جهة أخرى، وعلى أن عملية التصعيد آتية لا ريب فيها خاصة بالنظر للقرارات التي أقدمت عليها وزارة الرميد مؤخرا في حق بعض القضاة المسؤولين والمنتمين لهذه الجمعية المهنية للقضاة. مناسبة هذا الحديث طبيعة جدول الأعمال الذي تدارسه المكتب التنفيذي للنادي المنعقد يوم السبت الماضي، المتمثل في « التطورات الخطيرة التي يعرفها المشهد القضائي و التي يرتبط جزء كبير منها بممارسة الحريات الأساسية للقضاة، و بعد اطلاعه على التقرير المنجز بخصوص سير الأبحاث الإدارية المنجزة من طرف المفتشية العامة التابعة لوزارة العدل و الحريات طبقا للفصل 13 من التنظيم القضائي للمملكة. فبخصوص الأبحاث التي تباشرها المفتشية العامة التابعة لوزارة العدل و الحريات سجل نادي قضاة المغرب العديد من الخروقات التي تمس بشفافية المساطر و الأبحاث القبلية للمتابعات التأديبية و عددها في: أولا عدم توجيه استدعاءات تتضمن موضوع الاستماع ، إذ تم الاكتفاء بإشعار شفوي من طرف المسؤولين القضائيين للقاضي الذي يتم الاستماع إليه، ثانيا ملاحظة عدم انصرام الأجل المعقول بين تاريخ الإشعار و تاريخ أول جلسة للاستماع ، و هو ما يحول دون استشارة أحد المحامين أو الزملاء، ثالثا تسجيل استدعاء القضاة للمفتشية العامة يوم انعقاد الجلسات المكلفين بها من طرف الجمعيات العامة للمحاكم، ثم رابعا رصد عدم تمكين القضاة المستمع اليهم من الاطلاع على وثائق الملف و أخذ نسخ من المحاضر المنجزة بعد التوقيع عليها. كما سجل المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب رفض المفتشية العامة لطلب المؤازرة المقدم من طرف المحامين و القضاة و ممثل نادي قضاة المغرب، ثم عدم نشر تقارير سنوية لمجمل الأبحاث و التقارير التي تنجزها المفتشية العامة بشكل مفصل في إطار حق المواطنين في الحصول على المعلومة، كما اعتبر النادي استماع المفتشية العامة للقضاة بشأن ملفات معروضة على محاكم أعلى درجة، محاولة غير مشروعة من السلطة التنفيذية للتأثير على القرارات و الأحكام القضائية. وسجل بلاغ للمكتب التنفيذي للنادي تتوفر جريدة «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منه، أنه يتابع بقلق بالغ لنشاط المفتشية العامة التابعة لوزارة العدل و الحريات فيما يتعلق بحالة الاستماع لبعض القضاة في غياب كل مقومات الشفافية، و هو ما يترجم الرغبة في إبقاء نفس آليات التحكم و التدخل في استقلال السلطة القضائية من طرفها على حد تعبير البلاغ. وأبدى نفس المصدر تخوفه من حالات الاستماع غياب مبادئ الشفافية و حقوق الدفاع، ومن أن تكون الأبحاث التي تباشرها المفتشية في قضايا معينة تشكل تدخلا في استقلال القضاة و السلطة القضائية بشكل عام، مطالبا في نفس الوقت بضرورة تنظيم الأبحاث التي تباشرها المفتشية العامة بشكل دقيق في القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و التنظيم القضائي للمملكة و ذلك بالاتجاه نحو تكريس الحقوق الدستورية للقضاة خلال هذه المرحلة التي تسبق المتابعات التأديبية. ونددت هذه الجمعية المهنية الأكثر تمثيلية للقضاة «بالاجراءات التي تعتمدها المفتشية العامة و التي تروم مصادرة الحريات الأساسية للقضاة و خاصة حرية التعبير العلني و تعتمد على مسوغات و تفسيرات تضييقية تهدف الى مصادرة هذا الحق في جوهره». مؤكدة تضامنها مع القضاة المحالين على المجلس الأعلى للقضاء بسبب ممارستهم لحرية التعبير العلني و رفضهم الصريح لظروف الاشتغال المزرية في غياب أبسط الوسائل كالمكاتب. وشكل المكتب التنفيذي بهذه المناسبة تشكيل لجنة منبثقة عن بين أعضائه لمتابعة الابحاث التي تباشرها المفتشية العامة يعهد لها بإنجاز تقارير حول ظروف و مساطر الاستماع لتضمينها في التقرير السنوي الذي يعده نادي قضاة المغرب، معلنا في هذا السياق عن مؤازرته للقضاة المحالين على المجلس الأعلى للقضاء بسبب ممارستهم لحقهم العلني في التعبير و المتجسد في المطالبة بتحسين ظروف الاشتغال ، و يفتح باب تسجيل المؤازرة ابتداء من تاريخ صدور هذا البيان. كما أفرد بيان المكتب التنفيدي لنادي قضاة المغرب حيزا هاما لقضية إحالة ذ محمد الهيني على المجلس الأعلى للقضاة، مؤكدا على عدم أهلية و صلاحية المجلس الأعلى للقضاء بتركيبته الحالية للنظر في المتابعات التأديبية انتصارا لروح الدستور و تأويله الديمقراطي السليم، و بالتبعية.. واعتبر في هذا الصدد أن كل قرارات الاحالة عليه باطلة و تفتقد إلى مقومات، ثم تطرق لقضية إحالة الأستاذ رشيد العبدلاوي على المجلس الأعلى للقضاء، وأكد أن هذه القضية كشفت الوضعية الهشة للاستقلال المالي للسلطة القضائية بالمغرب ، و جسدت إهمال مصالح وزارة العدل و الحريات و تقصيرها في توفير البنايات الملائمة والوسائل الضرورية لقيام القضاة و السلطة القضائية بأدوارها الدستورية . وسجل نادي قضاة المغرب كذلك فيما يخص متابعته لوضعية قضاة المحكمة الابتدائية بالناظور، الموقف السلبي لوزارة العدل و الحريات من الكتاب الموجه لها بتاريخ 8 - 4 - 2014 و الرامي إلى إنصاف قضاة المحكمة الابتدائية بالناظور بالنظر لحجم التضحيات التي قدموها في سبيل القضاء على المتخلف من الملفات بحسب جداول الإحصاء المدلى بها، وأعلن عن تنظيم يوم للمطالبة بإنصاف هؤلاء القضاة تحت شعار «جميعا من أجل شفافية و موضوعية نظام تقييم القضاة»، و ذلك يوم السبت 7 يونيو 2014 على الساعة العاشرة صباحا بمقر نادي قضاة المغرب ، و دعا جميع القضاة المتضررين من نظام التنقيط المعمول به للحضور في هذا اليوم.