{ يقوم عدد من الأشخاص غير المهنيين والمكونين في المجال بترويج العدسات اللاصقة والنظارات الطبية والشمسية كذلك، ما هو تعليقكم على هذا الوضع؟ للأسف الشديد ، هذا أمر واقع وعناوينه كثيرة في عدد من الأسواق وبالشوارع العامة، وتنشط فيه "مافيا" البضائع المهربة، التي تعمل على تهريب كل المنتوجات والمواد مهما كانت طبيعتها، ومن بينها العدسات اللاصقة والنظارات الشمسية، والزجاج الطبي والإطارات، والتي تكون إما مقلدة أو متدنية الجودة أو منتهية الصلاحية، التي تباع في الأسواق المغربية بثمن زهيد بينها وبين ثمن المنتوج الأصلي فارق كبير، مما يشجع على الإقبال عليها، وهذا على مرأى ومسمع من السلطات التي لا تحرك ساكنا، في وقت يجهل المواطنون خطورة اقتنائها.
{ لكن من بين هؤلاء نجد مبصاريين، فكيف تفسرون ذلك؟ لقد أضحى القطاع يعاني من مشاكل كبرى، تتجلى على الخصوص في تطفل عدد كبير من المرمّقين "بريكولور" على القطاع، وهم عبارة عن أشخاص لايملكون الخبرة والتكوين العلمي اللازم توفرهما في المبصاريين المرخصين من طرف الأمانة العامة للحكومة طبقا للقانون، فالمشرع المغربي نظم مهنة المبصاريين بالمغرب بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ سنة 1954، وفرض على كل شخص يريد مزاولتها الحصول على ترخيص من الأمانة العامة للحكومة، وذلك بعد حصوله على إجازة أو دبلوم معادل من إحدى الجامعات، إلا أن الملاحظ على أن هؤلاء المتطفلين يقومون بتخريب أبصار المواطنين بسبب الأخطاء التقنية البشعة التي يرتكبونها، مستغلين في ذلك انعدام الوعي الصحي عند عدد من المواطنين البسطاء، إضافة إلى إغراق السوق «السوداء» بزجاج مهرب من الجزائر بجودة تقنية منعدمة، حيث يتم اقتناؤه للكيلو الواحد، ويستعمله محترفو النصب على المواطنين البسطاء بدعوى العمل الخيري، على مرأى ومسمع من السلطات العمومية، فضلا عن ظهور مجموعة من المنتفعين والجشعين من "أصحاب الشكارة"، الذين يتاجرون في جميع أنواع التكوينات، بحيث أصبحوا يحدثون «مدارس» ينبتونها كالفطر في عدد من المدن المغربية خارج الضوابط القانونية المتعارف عليها، وذلك بطرق تدليسية، بحيث تقترح على زبنائها «تكوينات» في مجالات متعددة، وخاصة في مجال البصريات، نظرا لمردوديته المادية المرتفعة ديدنهم الوحيد هو «بيع» الشواهد لمن يطلبها بدون تكوين حقيقي، وبدون وازع أخلاقي أو ضمير. { كيف يتم تفريخ هذه «المعاهد» غير التابعة للوزارة الوصية؟ إن شعبة البصريات تابعة لوزارة التعليم العالي ويتم تدريسها بجامعة القاضي عياض والمعاهد التابعة للوزارة المذكورة ،غير أنه ، وللأسف الشديد، اكتشفنا أن المعاهد التابعة لوزارة التشغيل يتم منح تراخيص لطلبتها من الأمانة العامة للحكومة من أجل مزاولة مهنة مبصاريي وهو خلط لا يتحمل مسؤوليته خريجو هذه المعاهد، بل تتحمل مسؤوليته الدولة التي تعطي الأولوية لما هو اجتماعي حين تتعارض المصالح مع ما هو صحي ولو أدى الأمر إلى ضرب صحة المواطن في الصميم، علما بأن معاهد التكوين التابعة لوزارة التكوين المهني تنحصر مهمتها في تكوين التقنيين، وبعض هذه المعاهد لا يهمها الحرص على التكوين العلمي الرصين لخريجيها بقدر ما يهمها جني الأرباح المادية من وراء عملية التكوين ولو على حساب صحة المواطن، ونؤكد على أن خريجي هذه المعاهد لا يتحملون أي مسؤولية في هذا الواقع المر. ولهذا أصرت نقابتنا على ضرورة وضع شروط ودفتر تحملات واضح ومضبوط لتدريس شعبة البصريات حتى يكون جميع الخريجين على مستوى مماثل من التكوين وحتى يتم قطع الطريق على «المعاهد» التي تتاجر في بيع الدبلومات، وفي هذا الإطار تقدمنا مرارا وتكرارا بعدة مراسلات لوزارة التشغيل ووزارة التعليم العالي وأخبرناهما بكافة المشاكل والمعيقات التي يتخبط فيها مجال التعليم في قطاع البصريات بالمغرب وفضح الممارسات التي تقوم بها بعض المعاهد والمتجلية في بيع الدبلومات.
{ من بين الانتقادات المسجلة، استعمال الجانب الخيري من طرف بعض الجمعيات لبيع النظارات «غير الطبية»؟ بالفعل تقوم بعض هذه الجمعيات باستغلال بعض الصور التدليسية والاحتيالية بادعاء تنظيم حملات تبرعية مجانية وكذا استغلال اسم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لتحقيق أهداف ربحية ومادية، والتي تتاجر في النظارات التي لاتكون صحية لفائدة المواطنين، وهو ما دفعنا إلى مراسلة وزراء الصحة والداخلية والأمين العام للحكومة وأرفقنا مراسلاتنا بمحاضر لمفوضين قضائيين يشهدون فيها بكون هذه الجمعيات تقوم بعملية بيع النظارات وإجراء عمليات جراحية بسيطة، كما زودناهم بوثائق تثبت تحايل هذه الجمعيات وتغيير أسمائها مع المحافظة على نفس الأنشطة، ولم نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا الوضع، بل تدخلنا وقمنا بإيقاف هذه الحملات بتعاون مع مبصاريي النقابات الجهوية بعد كشف آلاعيب هذه الجمعيات للمستفيدين من حملاتها بتدخل من السلطات المحلية ومرافقة من المفوضين القضائيين، هذا دون أن ننسى اللجوء للقضاء في مثل هذه الحالات. وقد أثمرت الخطوات المتخذة تدخل وزير الصحة وقيامه بتقديم مراسلة لوزير الداخلية من أجل التثبت من هذه الحملات والتأكد من كونها مجانية والأشخاص المشرفين عليها، كما أنه ونتيجة لهذه الخطوات الجبارة التي قمنا بها فقد راسل وزير الداخلية ولاة وعمال العمالات و الأقاليم يطلب منهم فتح بحث مع هذه الجمعيات والتأكد من أنشطتها وهو ما اضطر هذه الأخيرة لتغيير أسمائها، وفي نفس الصدد قمنا بمراسلة وزير المالية والمدير العام للضرائب نخبرهما بالتلاعبات المالية التي تقوم بها هذه الجمعيات قصد ممارسة التهرب الضريبي الذي تقوم به مباشرة بعد حصولنا على وثائق مثبتة لذلك، كما راسلنا في نفس الإطار رئيس المجلس الأعلى للحسابات من أجل إجراء افتحاص مالي للتأكد من الخروقات المالية لهذه الجمعيات.