ضجة في مجلس النواب جراء رفض طلبات المعارضة مناقشة حصيلة الوزراء في اللجان    وزارة السياحة…عائدات الأسفار بالعملة الصعبة ترتفع بنسبة 10,6 بالمائة    أسعار النفط تنخفض عالميا وسط استمرار ارتفاع الأسعار في المغرب    شركة الطرق السيارة تحقق قيمة معاملات 1,19 مليار درهم    خبراء أمميون يدعون دول العالم للاعتراف بدولة فلسطينية ونتانياهو يريد تنفيذ خطة غزة قبل الاتفاق على كل الشروط    منتخب زامبيا يشد الرحال صوب المملكة المغربية بعد غد الأربعاء تأهبا لمواجهة "أسود الأطلس"    "شروط على المقاس" تضع بنموسى في عين العاصفة    مندوبية السجون توضح بخصوص اتصال سجين من داخل السجن بمسؤولين بجهة الشرق    وصفتها ب"الأجنبية".. تونس تمنع فنانة مغربية من المشاركة في تكريم "ذكرى"    ريال مدريد يكتسح جوائز الاتحاد الأوربي لكرة القدم    السيسي يتسلم استقالة الحكومة ويصدر تكليفا جديدا لمدبولي    من أصول مغربية.. وفاة وزير خارجية إسرائيل الأسبق دافيد ليفي عن 86 عاما    إحباط عملية كبرى للتهريب الدولي للمخدرات بمنطقة سيدي رحال الشاطئية وحجز أزيد من 18 طنا من مخدر الشيرا    أمن باب سبتة يُلقي القبض على فرنسي مطلوب للإنتربول    قضية جثة الجدار بطنجة.. قاضي التحقيق يأمر بإيداع المتورطين في السجن    نايف أكرد يقترب من الإنضمام لعملاق إسبانيا    وفد من الشركات الإسبانية يستكشف فرص الاستثمار في المغرب    ليبيريا تجدد تأكيد دعمها لسيادة المملكة ووحدتها الترابية    الجزيرة تفضح مؤامرة الجزائر ضد المغرب وتكذب ما يروجه إعلامها    إنخفاض قيمة صرف الدرهم مقابل اليورو    بنموسى: الحكومة تراهن على 3 محاور رئيسية لتنزيل الإصلاح الشامل لقطاع التعليم    القفطان المغربي يتألق في مونتريال    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    الوداد الرياضي يكشف مستجدات الحالة الصحية للحارس يوسف مطيع    الرباط .. افتتاح منتدى رفيع المستوى حول الذكاء الاصطناعي كرافعة للتنمية بإفريقيا    المكسيك تشهد تولي أول امرأة رئاسة البلاد    الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا يمنى بهزيمة في الانتخابات    وزان تحتضن الدورة الأولى من الأيام السينمائية    المغرب يسعى لتحقيق اكتفائه الذاتي من الأسلحة بإحداث منطقتين للصناعات الدفاعية    قيادة الأصالة والمعاصرة تستجوب الوزيرة بنعلي حول حيثيات وملابسات "القبلة الحميمية"    محامو المغرب ينددون بعقوبات الاتحاد المصري ضد الشيبي ويعلنون تدويل الملف    تفاصيل اجتماع مطول بين الحكومة وطلبة الطب لإنهاء أزمة دامت شهورا    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    مجلس الحكومة يصادق على فتح اعتمادات إضافية لفائدة الميزانية العامة    أهمية صناعة السينما والمحتوى البصري بفعاليات اليوم الأول لمهرجان روتردام للفيلم العربي    جمع عام استثنائي بالدار البيضاء للغرفة الوطنية للمنتجين السينمائيين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية ليوم الإثنين    زلزال بقوة 5,9 درجات يضرب اليابان    صحيفة إسبانية تهتم بتعزيز المغرب دفاعه بإنشاء منطقتين للصناعة العسكرية    الفنيدق: استعدادات مكثفة لإنجاح الموسم الصيفي    رغم الجفاف.. المنتجات الفلاحية تغزو الاتحاد الأوربي    إسرائيل توصي مواطنيها بعدم السفر لجزر المالديف    أفلام وحكام مهرجان "الرباط كوميدي" الخامس: مسابقة الأفلام الكوميدية القصيرة.    الرجاء البيضاوي يعتلي الصدارة في انتظار خطوة واحدة بوجدة    الجامعة الملكية المغربية للملاكمة بطولة المغرب التأهيلية للملاكمة كبار للموسم الرياضي 2024/2023    الدراج العثماني يحل ثانيا في "غاروا"    موسيقى جهجوكة.. نغمات صوفية من جبال المغرب إلى أبرز مسارح العالم    تتويج الفنان والعازف السعودي عبادي الجوهر بجائزة زرياب للمهارات بمهرجان تطوان الدولي للعود    انطلاق أعمال القمة الدولية لريادة الأعمال ونهائي برنامج الإيسيسكو لتدريب الشباب بمجال التكنولوجيا    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    4 فوائد صحية محتملة للقهوة "رغم أضرارها"    "العلم" تواكب عمل البعثة الطبية المغربية لتقريب خدماتها من الحجاج في مكة والمدينة    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    «الموسوم الوجيه بأعلام آل الشبيه» : كتاب يتتبع مسار العائلة والزاوية الإدريسية لثلاثة قرون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوق عكاظ عاد إليك من جديد

عكاظ ذلك السوق التاريخي الذي يحمل أكثر من دلالة حضارية و ثقافية، كما يعبر عن حقبة كان الإنسان العربي فيها يهوى الكلام و يحب التلاعب باللغة الفصيحة من حيث رسمها و بيانها. أن يعود من جديد منطقيا هو ضرب من الخيال، لعدة اعتبارات لعل أظهرها أننا لم نعد بتلك الوجاهة واللغة الرصينة البالغة الرسم و التخطيط، أما أن إنسان اليوم لم يعد يربط السوق بالثقافة أو اللغة والشعر الذي يحتفي به العالم هذه الأيام. لكن عودته اليوم جاءت في قالب سيء يعبر عن البؤس الواقع اليومي المغربي. الأحداث السياسية الأخيرة لتسارعها وغرابتها جرت علينا الكثير من الظواهر الاجتماعية والنفسية الشاذة، بالخصوص في المجال الإعلامي، إذ أننا أصبحنا نسمع لغة غريبة وسيناريوهات لا إخراج جيد لها. بالنظر إلى ان أصحابها و للأسف لم نعد نعرف من أي كوكب هم قادمون. مع غرابة تخصصاتهم التي قد لا نصادفها إلا في وطننا الحبيب، كما لا علم لنا بالمدارس و المعاهد التي تنتج هذا النوع من التخصصات الوباء و الطفيلية. خبير جيواستراتيجي أو خبير إستراتيجي خبير في العلاقات الدولية و الجماعات الإرهابية، كلمات و أسماء لم يستطع حتى الحاسوب التعرف عليها لغرابتها، لست أدري هل هي ترجمة خائنة لكلمات يونانية أم خلطة سحرية مرتبطة بعصر الفراعنة؟ كما من حقنا نحن من نتابع و نستهلك برامج التحليل السياسي أن نتساءل، عن المدارس و المعاهد التي تقدم هذه الشواهد العلمية التي تكتب على الشاشات أو تسمع عبر الأثير؟ قد تكون المعلومات التي صرفت لنا في الجامعات قديمة ومتهالكة، لكنها بالكاد رصينة وعلمية الشيء الذي يحير بالفعل بين ما يقدم في الجامعات و ما يستهلك من كلام فارغ في الإعلام الذي يفترض فيه أن يكون حامل لرسائل أخلاقية وثقافية راقية. إذ من المفترض من المحلل المتخصص في مجال معرفي معين العودة دائما في تحليله إلى مراجعة و نظريات ذات جدوى عوض تسويق نماذج مشوهة لإعلام الأخر. سوق عكاظ هذا الذي عاد إلينا من جديد مثل عودة الكابتن ماجد عندما كنا صغار، حمل لنا ظاهرة أخرى غريبة أقل ما يقال عنها أنها بدعة أهل الفراغ، إنهم رؤساء مراكز البحث على اختلاف أشكالها و تخصصاتها، بحيث نصادف في الأغلب فقط الرؤساء في الشاشات كل صباح و مساء، دون مراكز واقعيا إذ أن الدستور يكفل للجميع حق تأسيس جمعية تسميتها حسب هواه كما قد يطلق احدهم أسما غريبا على ابنه أو صفحته الاجتماعية. فهذا مركز دراسات إفريقيا و الشرق الأوسط و شمال أفريقيا و جزر القمر و اوقيانوسيا و أمريكا الجنوبية و شبه جزيرة الواق واق… لكن يحق لنا أن نسأل هؤلاء الرؤساء عن أبحاثهم و منجزاتهم العلمية واقعيا عوض كلام يحسبه الجاهل علما. كما يحق لنا أن نعرف عن ندوات و ورشات هذه المراكز لان أهداف تأسيسها ليس السكن الدائم أو المؤقت أمام أعين المشاهد بل فتح نقاشات و معالجة ظواهر و تقديم بدائل وإنجاز أبحاث و أوراق علمية دراسية في مجالات علمية متخصصة. هنا كذلك يحق لنا أن نساءل هذه القنوات التلفزية عن معايير الاختيار، هل هي فصاحة اللغة أم جمالية الوجه أو انها المنجزات الدراسية والعلمية؟ كما يحق لنا معرفة مصادر سيناريوهات هؤلاء المحللين العباقرة و التي ي الغالب لا تتحقق إلا ناذرا جدا. ثم لماذا تم تهميش أهل العلم والمعرفة الأكاديمية الرصينة ممن لهم منجزات ودراسات وليست لهم القدرة على الكلام في كل شيء والفهم في كل شيء؟ إذ يوم كان المهدي المنجرة أو محمد عابد الجابري محمد كسوس وغيرهم كثير ممن يستحقون منا الكثير من الاستماع والاستمتاع بنظرياتهم وأفكارهم بل مشاريعهم الفكرية التي لا يعرف عنها الكثير إلا المتخصص. يصعب اليوم تصديق عكاظ هذا كما يستحيل عدم مصادفته يوميا لقدرته الفائقة على الكلام دون توقف حتى وإن كان لا يقول أي شيء في المجمل، كم هو سهل أن أطلق على نفسي صفة او أسم معين لكن كم هو صعب أن أجلس في البيت صامتا لمدة طويلة كي أخرج إلى العالم بإنجاز علمي أو جمالي يستحق القراءة.
الشاشة الصغيرة اليوم ليست مجرد وسيلة إعلامية لتسويق الكلام، كما لا يفترض اعتبارها سبيل للشهرة على حساب القيم و الثقافة الرصينة و الجادة. اننا أمام احدى أهم وسائل التربية اليوم بالنظر إلى قدرتها الفائقة على اختراق كل البيوت في المدن كما القرى. لذلك يجب ان تتميز موادها بالنظافة، لا مجرد كلام فارغ قد يهدم القيم أكثر من مساهمته في البناء. ففي اعتقادي الخاص ينتظر من التلفزيون اليوم أن تشكل الوعي الجماعي على نحو ايجابي على عدة مستويات، طبعا الى جانب باقي المتدخلين والمؤسسات الاخرى. بذلك لا يحق لها الاحتفاء بالفراغ المعرفي و الفكري على حساب أهل العلم و المعرفة، لان في ذلك تهديد للقيم الايجابية داخل المجتمع.
(*) أستاذ باحث في علم الاجتماع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.