الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو في الأقاليم الجنوبية    الوساطة السعودية تنجح في وقف التصعيد الباكستاني الهندي    برشلونة يقتنص الكلاسيكو ب"ريمونتادا تاريخية"    إجهاض محاولة تهريب دولي للمخدرات بميناء طنجة المدينة وحجز 58 كيلوغرام من الشيرا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    سبتة.. إحباط محاولة تهريب أزيد من 11 ألف قرص مهلوس نحو المغرب    إحالة أربعة أشخاص على النيابة العامة لتورطهم في سرقة باستعمال دراجة نارية بالدار البيضاء    "فاموس تطوان والفوز بداية البقاء".. البرلماني الطوب يدعم المغرب التطواني قبل مواجهة السوالم    خطأ غامض يُفعّل زلاجات طائرة لارام.. وتكلفة إعادتها لوضعها الطبيعي قد تتجاوز 30 مليون سنتيم    برقية تهنئة من أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس إلى قداسة البابا ليو الرابع عشر بمناسبة انتخابه لاعتلاء الكرسي البابوي    وزير الخارجية الفرنسي: العلاقات مع الجزائر "مجمدة تماما" بعد تبادل طرد الموظفين    شجرة الأركان في يومها العالمي رمز للهوية والصمود والتحدي الأمازيغي المغربي .    وهبي: طموح أشبال الأطلس لم يتغير وهدفنا أبعد نقطة في كأس إفريقيا    جمعية الشعلة تنظم ورشات تفاعلية للاستعداد للامتحانات    البابا ليون الرابع عشر يحث على وقف الحرب في غزة ويدعو إلى "سلام عادل ودائم" بأوكرانيا    المحامي أشكور يعانق السياسة مجددا من بوابة حزب الاستقلال ويخلط الأوراق الانتخابية بمرتيل    مراكش تحتضن أول مؤتمر وطني للحوامض بالمغرب من 13 إلى 15 ماي 2025    نجم هوليوود غاري دوردان يقع في حب المغرب خلال تصوير فيلمه الجديد    مشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا يعود إلى الواجهة بميزانية أقل    الحزب الشعبي في مليلية يهاجم مشروع محطة تحلية المياه في المغرب للتستر على فشله    سعر الدرهم يرتفع أمام الأورو والدولار.. واحتياطيات المغرب تقفز إلى أزيد من 400 مليار درهم    إسرائيل تستعيد رفات جندي من سوريا    انهيار "عمارة فاس".. مطالب برلمانية لوزير الداخلية بإحصائيات وإجراءات عاجلة بشأن المباني الآيلة للسقوط    شراكات استراتيجية مغربية صينية لتعزيز التعاون الصناعي والمالي    "سكرات" تتوّج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب    الصحراء المغربية تلهم مصممي "أسبوع القفطان 2025" في نسخته الفضية    ميسي يتلقى أسوأ هزيمة له في مسيرته الأميركية    موعد الحسم.. هذا توقيت مباراة المغرب وسيراليون في ربع نهائي كأس إفريقيا    رفع تسعيرة استغلال الملك العام من 280 إلى 2400 درهم للمتر يغضب المقاهي ويدفعها للإضراب    شاهد.. سائحات يطلبن من لامين يامال أن يلتقط لهن صورة دون أن يعرفن من يكون    "الاتحاد" يتمسك بتلاوة ملتمس الرقابة لسحب الثقة من الحكومة    مزور: الكفاءات المغربية عماد السيادة الصناعية ومستقبل واعد للصناعة الوطنية    بوتين يقترح إجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول انطلاقا من 15 ماي    الصحراء المغربية.. الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    تحريك السراب بأيادي بعض العرب    القاهرة.. تتويج المغرب بلقب "أفضل بلد في إفريقا" في كرة المضرب للسنة السابعة على التوالي    غ.زة تعيش الأمل والفلسطينيون يحبسون أنفاسهم    أجواء احتفالية تختتم "أسبوع القفطان"    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    في بهاء الوطن… الأمن يزهر    زلزال بقوة 4,7 درجات يضرب جنوب البيرو    موريتانيا ترغب في الاستفادة من تجربة المغرب في التكوين المهني (وزير)    الأشبال: الهدف التأهل إلى المونديال    جناح الصناعة التقليدية المغربية يفوز بجائزة أفضل رواق في معرض باريس    الأسهم تحفز تداولات بورصة البيضاء    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    الموت يفجع الفنان المغربي رشيد الوالي    مهرجان مغربي يضيء سماء طاراغونا بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيس قنصلية المملكة    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر حيدر إبراهيم 02 : لو استمرت هذه الأحوال فما علينا إلا التفكير في طريقة دفن الوطن
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 27 - 07 - 2017

د.حيدر إبراهيم علي.. دبلوم في التاريخ والتربية 1966 كلية التربية أم درمان، ليسانس في علم الاجتماع القاهرة 1970، دكتواره فلسفة في العلوم الاجتماعية جامعة فرانكفورت 1978، منسق الدراسات والنشر المجلس القومي للثقافة العربية. الرباط 1990- 1993. مدير مركز الدراسات السودانية 1993 حتى الآن.. رئيس تحرير مجلة كتابات سودانية 1995 حتى الآن..
له العديد من المؤلفات، التغيير الاجتماعي والتنمية، مقدمة في علم الاجتماع، أزمة الإسلام السياسي الجبهة الإسلامية نموذجاً، لاهوت التحرير، الدين والثروة في العالم الثالث، الديمقراطية والمجتمع المدني في السودان، التيارات الإسلامية وقضية الديمقراطية، مواقف فكرية، المثقفون التكوين في السودان، المجتمع المدني والمجتمع التقليدي في السودان، العولمة، أزمة الأقليات في الوطن العربي (بالاشتراك مع د. ميلاد حنا)، التعليم وحقوق الإنسان، سقوط المشروع الحضاري القاهرة.. حول عدد من القضايا كان حوارنا معه..

نظرية المؤامرة في مواجهة الغرب.. إلى متى تمثل مخرجاً للأنظمة العربية من مساءلات شعوبها..؟
قدم الاجابة المفكر الجزائري (مالك بن نبي) قبل نصف قرن.." ليست المشكلة في الاستعمار ولكن القابلية للاستعمار"..
إغلاق عدد من المراكز الثقافية والفكرية، آخرها إغلاق اتحاد الكتاب.. هل يمكن تصنيف ذلك في إطار صراع السلطة والمثقف.. أم أن للأمر أبعاد أخرى..؟
مصطلح الصراع بين المثقف والسلطة غير دقيق.. إذ لا توجد سلطة حتى بالفهم الدكتاتوري.. هذا نظام اسميته (الأمنوقراطية) حيث يحكم جهاز الأمن مباشرة وليس كمعاون للحكومة.. وبالتالي تغيب أو تتداخل السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية، وفي الحالة السودانية الصراع بين الأمن والكل..
متى يتم التقارب بين المثقف والسلطة السياسية؟
في السؤال كثير من التجاوزات لأنه يستحيل إطلاق صفة مثقف على شخص يقف مع هذا النظام مهما كانت قدراته عى الكتابة والتأليف أو الفصاحة.. لأن المثقف هو موقف منحاز للإنسان والإنسانية، ومن هنا يستحيل أن يقبل شخص التعذيب والاعتقال التعسفي والتشريد والغاء الحريات ثم نطلق عليه صفة مثقف لأن لغته جميلة مثلا.. قل عنه كاتب جيد أو شاعر مجيد أو ناظم أو سارد أو محلل، ولكن ليس بأي حال من الأحوال مثقف..
إذا من أين تأتي الأنظمة الدكتاتورية بمثقفيها.. إذا ؟
جاءت السلطة بمادحين وحارقي بخور يبيعون انفسهم لمن يدفع.. وتصور أن بعضهم قال نفس كلامه للنميري.. النظام الحالي لم يقف لجانبه مثقفون حقيقيون لذلك قام بتصعيد وحشد عدد من عديمي الموهبة في المؤسسات الإعلامية والثقافية.. ألبسها البدل الكاملة والكرافتات، وأركبهم السيارات الفارهة، وأسكنهم المنازل الفخمة.. ملأ بهم الصحف والقنوات الفضائية، ليقوموا بتزييف الوعى ونشر الاكاذيب. جاءوا برؤوساء تحرير صحف تخرجوا من خلاوى أطلق عليها تسمية (جامعة).. كما أنهم نشأوا في فترة دكتاتورية النميري:" أبوكم مين؟" ومن كان أبوه نميري فحدث ولا حرج.. ثم تدربوا علي الاسفاف والمهاترة والانحطاط ، لإي أزقة صحف "ألوان" و "الراية"، وتخرجوا في زمن الإنقاذ.هذه عينة من الذين تسميهم " مثقفي السلطة. وهم بلا تجاوز أو ظلم، أقرب لفتوات "الانادي"، فقد أغلق نظام الانقاذ الانادي ومنعها وفتح صفحات الجرائد.تعرضت شخصيا لتجربة اعتداء من قبل هؤلاء: إذ أعلن رئيس تحرير صحيفة كبرى لقرائه أنه سينشر فضائح تخص شخصي، ولكن لم يفعل ولم يعتذر لقارئه ولا للشخص الذي أساء له.. أنهم لا يتحلون بأي نوع من الشجاعة الأخلاقية.اتصلت بمحامين لمقاضاته، فنصحوا بعدم اضاعة الوقت لأنه "مسنود".
إلى أي جهة يجب أن ينحاز المثقف والمبدع السوداني.. تلك التي يشكلها عبر إبداعه، أم إلى جهة الأنظمة؟
المثقف الحقيقي لا يحتاج للارتباط بأي سلطة مهما كانت: سياسية أو دينية أو غيرها، لأنه في حد ذاته سلطة معنوية أقوي من كل هذه السلط، لو كان ملتزما وصادقا. فالحكام يجب أن يذهبوا للمثقف وليس العكس. فالمثقف – كما عرفه سارتر- هو الضمير الشقي لشعبه. فالمثقف يجب أن يكون أمام أي سلطة لتهتدي بافكاره، وليس خلفها يبرر لها ما تفعل.
كيف يبدو غيابنا عن فضاءات الحداثة وما بعدها؟
نحن حسب الزمن الحضاري وليس الفلكي، بالضبط في عام 1504م حين التقي عمارة دونقس بعبدالله جماع، وقررا التحالف وتكوين سلطنة الفونج أو السلطنة الزرقاء.
المبدع السوداني مازال يخشى النقد..
بسبب عدم النضج، والنرجسية وعدم الرغبة في التطور والتجديد.
بين لفظتي (العتاب) و(الجحود).. العلاقة بين مركز الدراسات السودانية واتحاد الكتاب السودانيين.. إلى أي خصام مضت..؟
كانت حادثة مؤسفة أن تقوم مجموعة تدعي الديمقراطية والتقدمية باستغلال نقابة أو اتحاد لتصفية خلافات شخصية وأن تقوم بابتزاز وتخويف شباب ليسوا طرفا في الخلاف لتمرير بيان باسم إتحاد الكتاب.. ولكن الآن علي رأس الاتحاد مثقف جاد ومحترم وموضوعي، جدير بالاحترام هو د.أحمد الصافي. فقد انتهي الخصام مع الاتحاد بذهاب من أرادوا الفتنة والاستفزاز.
يرى هربرت ماركيوز أن البروليتاريا فقدت ثوريتها بعد اندماجها في النظام الرأسمالي.. من سيتولى مهمة التغيير في دول العالم الثالث؟
يعتبر ماركوزة الاب الروحي لليسار الجديد عقب ثورة الشباب في عام1968، وكان يري أن البروليتاريا قد فسدت بسبب اندماجها في المجتمع الاستهلاكي- الرأسمالي، وبالتالي لن تثور عليه بل صارت مستفيدة من ثماره.ومثلت أفكار ماركوزة بعض ملامح حقبة ما لعد الحداثة، فقد شكك في نتائج عصر التنوير واعتبر أن العقلانية والتكنولوجيا قد قادت لل"إنسان ذو البعد الواحد". فقد عوّل كثيرا علي الطلاب باعتبارهم طبقة أو فئة " نقية" يمكن ان تقوم بالثورة ولكنها لا تملك قوى الانتاج. وبالمناسبة شهدت تلك الفترة ظهور الجماعات اليسارية الارهابية، مثل جماعة بادر-ماينهوف في المانيا، والجيش الأحمر في اليابان، والطريق المضئ،والعمل المباشر، والألوية الحمراء.ولكنها أندثرت مه نهاية سبعينيات القرن الماضي. وتخلت اوربا أو الغرب، عن أفكار الثورة، متحدثة عن " الطريق الثالث" صار أعلي سقف هو التوجه الاشتراكي-الديمقراطي أو النموذج الاسكندنافي أو تدخل الدولة في الرعاية الاجتماعية.وفكريا، ساد فكر النهايات: نهاية التاريخ، وموت الإنسان أو الإله، ونهاية الايديولوجيات.
قلت أن التنوير مهمة المثقفين في زيادة الوعي من خلال انتاج الافكار ونقدها دون إدعاء زعامة سياسية.. هل يعني عدم إيمانك بالمثقف المنتمي؟
أؤمن بلا حدود بالمثقف المنتمي والملتزم جانب شعبه ووطنه وفكره.. المثقف مطالب بانتاج الأفكار ونقدها وليس بتهييج الجماهير وحشدها كما يفعل الزعيم السياسي الذي يحركها بحنجرته وصوته وليس بافكاره.. فالعمل السياسي عندنا ديماغوغي بامتياز ولا يحتاج للعقل كثيرا بل ميدانه العواطف والمشاعر الخام.. قصدت ألا يجاري المثقف السياسيين في اسلوبهم وطريقة عملهم، وهذا لا يعني العيش – كما يقال- في ابراج عاجية. ولكن التعامل مع الجماهير باحترام وصدق والعمل علي محو اميتها الابجدية والفكرية والسياسية.
كيف تجد تطور موقف وخطاب تيار ما يعرف ب "الإسلام السياسي".. التطور في فكر وخطاب التيار الإسلامي والمشروع السياسي، وإلى مراجعة وتطوير رؤية الإسلاميين للعديد من القضايا الملحة؟
ظل كسب الاسلامويين الفكري ضعيفا وضحلا ، واكتفوا ب"التشعلق" علي أفكار الأب، واعتبروا التفكير والكتابة فرض كفاية إذ قام به البعض سقط عن الباقين.فقد بقي تيار الإسلام السياسي مشغولا بالامور التنظيمية والحزبية فقط.. فهم لم يصدروا مجلة فكرية خاصة بهم غير مجلة "المنار" النسائية. ورغم الامكانيات المادية الهائلة توقفت مراكز ودور نشر ومجلات، حاولت خلق حركة فكرية إسلامية في حجم أو مماثل للتضخم التنظيمي والحزبي.فقد نشأت الحركة الإسلامية عالة علي الفكر القادم من الخارج ثم اقتنعت باجتهادات شيخ حسن- كما يفضلون.كانت بداية البحث عن بناء حركة فكرية قد تبلورت في تأسيس"جماعة الفكر والثقافة الإسلامية" في مارس1981 .وجاء في أسباب التأسيس:" فقد كانت أقوى البواعث المحركة لتكوينها وإنشائها هذا الاحساس العميق الذي استشعره ومازال يستشعره الكثيرون منا كل يوم ببؤس الحياة الفكرية والثقافية عامة وركودها في بلادنا".اصدرت مجلة الفكر الإسلامي والتي لم تستمر طويلا.لم يزد نشاط الجماعة عن المؤتمر الأول في نوفمبر1982 والذي نشرت وقائعه في كتاب:"الإسلام فس السودان".وعجزت الحركة الإسلامية السودانية عن تأسيس تيار فكري متميز قبل وبعد استيلائها علي السلطة.وتهاوات كل مؤساتها الفكرية قصيرة العمر: معهد البحوث والدراسات الاجتماعية، والمركز القومي للانتاج الاعلامي،وتوقفت سلسلة رسائل التجديد الحضاري/ والبعث الحضاري.. ولم تستمر هيئة الأعمال الفكرية منذ أن تركها (المحبوب عبدالسلام)، ولا نسمع عن إصدارات مركز الدراسات الاستراتيجية منذ أن غادره (بهاء الدين حنفي).. ومات بيت الثقافة بقيادة (عادل الباز) وتوقفت صحف (محمد محجوب هارون) التي استنزفت العملات الصعبة في الخارج.. وكان المستفيد الوحيد من الهوجة الإعلامية، التونسي (محمد الحامدي الهاشمي) الذي اغتني من أموال الشعب السوداني لدرجة الترشح لرئاسة الجمهورية وتملك قناة (المستقلة).. وتوقفت مجلة ( التأصيل) التي كان تصدرها إدارة التأصيل بوزارة التعليم العالي، ومجلة (أبحاث الإيمان) عن المركز العالمي لأبحاث الإيمان، و(البرلمان) مجلة فكرية ثقافية دورية تصدر عن المجلس الوطني، ومجلة (دراسات إفريقية) ومجلة (أفكار جديدة).. ويوجد الآن (مركز التنوير المعرفي) وإصدارات وزارة ثقافة ولاية الخرطوم.. ولكن مشكلة الإسلامويين أنهم يتوهمون قيام ثقافة مع غياب الحرية واقصاء الآخرين وعد السماح لهم بالتعبير في الوسائل التي ينفق عليها الشعب السوداني.
لم اقتنع بمراجعات الإسلامويين خاصة تفسير مواقفهم في الأيام الأولي التي عرفت بيوت الاشباح والتعذيب والتشريد.لم يوضح لنا: الطيب زين العابدين،وعبد الوهاب الأفندي، والتيجاني عبدالقادر،وخالد التيجاني، والمحبوب عبدالسلام،وخضر هارون وغيرهم من المراجعين كيف كان موقفهم وشعورهم؟ هذا جانب هام حول جديتهم في خيار الديمقراطية وحقوق الإنسان.
يتحدث إسلاميون في النظام الحاكم عن فشل مشروع الدولة الاسلامية.. هل هذا يعني فشل نظرية الدولة الدينية.. أم التجربة؟
فشل الاثنين معا، فالتاريخ الإسلامي لم يعرف ما يسمي بالدولة ولكن عرف الخلافة الإسلامية.. ووجود مفهومين مستقلين يعني بالضرورة اختلافهما وتمايزهما في الفلسفة والمؤسسات.. وقد أخذت الخلافة أسم الأسر التي حكمت من أمويين وعباسيين وايوبيين واخشيديين وبويهيين ومماليك.. الخ. وكانت كلها ضمن الملك العضوض ولم تترك أي تراث لنظرية سياسية إسلامية.. مشروع الدولة الإسلامية مجرد يوتوبيا أي توجد في اللامكان تحولت بعد التطبيق الي(دستوبيا) أو مشرع الكارثة واليأس.
المجتمع المدني السوداني هل ينجح في ملء الفراغات التي خلفها غياب السلطة والمعارضة؟
تحول المجتمع المدني لأنه سوداني، إلي ثالثة الأثافي المكملة للحكومة والمعارضة، فالنخبة السودانية لديها قدرة رهيبة في تحويل الوعود والآمال الي كوارث: كلما انبت الزمان قناة ركّب السوداني في القناة سنانا. فقد تحولت كثير من منظمات المجتمع المدني الي وكالات إعاشة لبعض المتعطلين ومصدر للترفيه والرحلات للخارج دون تقديم أوراق أو مساهمات فكرية للفسحة والمظهرية فقط.أين هذه المنظمات ورئيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني(أمين مكي مدني) معتقل منذ 6 ديسمبر الماضي؟
إحتماء السودانيين بنار الغربة من رمضاء الاغتراب الداخلي.. هل يقلل من احتمالات تغيير مرتقب؟
لم يلاحظ السودانيون أنهم أعادوا تجربة اليهودى التائه والخروج الكبير(exodus) بعد عام1989 وعليهم ألا ينزعجوا لو انقطعت صلة ابنائهم وبالذات بناتهم بالوطن وصاروا غربيين، جيلنا المهاجر عليه الا يتباكي بدموع النساء علي وطن لم يبنيه- خارج الاناشيد والأغاني- بطريقة تضمن مستقبل الاجيال القادمة .فقد فرّط ومازال يفرط في استرداد الوطن الذي قال أنه يحلم به يوماتي. فقد تركه مستباحا للتتار والظلاميين لربع قرن كامل، وظل يتلذذ بحلم اسقاط النظام في المواقع الاسفيرية وتكوين الجبهات والائتلافات وإطلاق النداءات التي ما قتلت ذبابة.أكرر لو استمرت الأحوال بهذا المنوال، فما علينا إلا التفكير في طريقة دفن الوطن بطريقة لائقة فقط.
سعى محمد عابد الجابري من خلال مشروعه الفكري، لتجديد العقل العربي من داخل تراثه.. في رأيك هل مازال الفكر العربي يحمل في داخله بذرة التجديد من داخله؟
لايسمح المجال بمناقشة موضوع العقل والعقلية، ولكن لقد أخطأ (الجابري) حين اعتبر أن مشكلة المسلمين في رؤوسهم فقط ولم يعط بطونهم بعض الاهتمام.. فهم يعيشون في مجتمع راكد لأكثر من 14قرنا لم تتغير خلالها وسائل الانتاج ولم نشترك في صنع التكنولوجيا التي نستهلكها وبالتالي لم نساهم في انتاج العلوم.
اختلاف التراث عن الحضارة المعاصرة في النوع والكيف وليس اختلاف درجة وكم. وكأنك تتوقع أن تتطور الشجرة إلي الإنسان. وبسبب تمسك (الجابري) بالتراث انكر دور العلمنة مع أنه هو نفسه نتاجها المباشر. وبسبب التركيز علي الخصوصية أهمل العام والإنساني في أوضاع كثيرة.. لقد بدأ (الجابري) ناقدا وثائرا وانتهي توفيقيا خائبا بمعني ضمور مشروعه ولم يجد الانتشار رغم أنه كان مكثرا في الكتابة.
كيف يمكن أن تصف الأزمة التي يعيشها المستبدون العرب..؟
من الذي قال لك أن المستبدين العرب يعيشون أزمة؟.. فهم يحكمون عقوداً من الزمن وليس سنين.. وهل عبّر(بشار الأسد) عن الشعور بأزمة؟ طالما حيدوا وهمّشوا شعوبهم، فهم في راحة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.