يرى النائب البرلماني عن دائرة طنجةأصيلة، الحسين بن الطيب، أن ورش المبادرة الملكية للتنمية البشرية، لم يكن مجرد آلية للتمويل، بل تحول إلى مدرسة اجتماعية كرّست مفهوم الكرامة وغيّرت علاقة المواطن بالفعل العمومي. ويقول بن الطيب، الذي يشغل عضوية اللجنة الإقليمية للمبادرة، إن الحصيلة بقدر ما تتجلى في الأرقام، بقدر ما تعكس تحوّلًا عميقًا في فلسفة تدبير التنمية، مشيرًا إلى أن "الكرامة أصبحت محور السياسات الاجتماعية"، على حد تعبيره. - إعلان - بلغ عدد المشاريع المنجزة داخل تراب عمالة طنجةأصيلة منذ 2005 نحو 1943 مشروعًا، بكلفة إجمالية تفوق 1.124 مليار درهم، بينها حوالي 975 مليون درهم كتمويل مباشر من المبادرة. واستفاد من هذه البرامج أزيد من 868 ألف شخص، وفق معطيات رسمية. ويؤكد بن الطيب أن المراحل الأولى من المبادرة ركزت على كسر العزلة في العالم القروي، قبل أن تتوسع لاحقًا نحو التعليم والصحة ومحاربة الهدر المدرسي، إلى أن جاءت المرحلة الثالثة سنة 2019، التي وصفها ب"النقلة النوعية"، بسبب تركيزها على التمكين الاقتصادي وتحسين الدخل. رغم ذلك، يقر البرلماني ذاته بوجود تحديات، بينها مشاريع لم تحقق الأثر المنشود بسبب "ضعف المواكبة أو محدودية التنسيق أو صعوبات في التنفيذ"، معتبرًا أن نجاح الورش لا يُقاس فقط بعدد المشاريع، بل بقدرتها على إحداث تحسين نوعي في حياة السكان. في ما يتعلق بتقليص الفوارق، يرى بن الطيب أن المبادرة "تعاملت مع التفاوتات المجالية بشكل مباشر"، خصوصًا بين المجالين الحضري والقروي، من خلال تعبيد 174 كلم من الطرق، وربط أكثر من 1200 دوار بالماء الشروب، وإنشاء وحدات للتعليم الأولي، فضلًا عن برامج الدعم الاجتماعي في مجالات النقل المدرسي والرعاية الصحية. وفي الموسم الدراسي الأخير، استفاد قرابة 800 طفل من التعليم الأولي داخل هذه الوحدات، وهو ما اعتبره المتحدث دليلاً على "الأثر الملموس للمبادرة في المناطق الهشة"، مع التشديد على ضرورة الانتقال من منطق تعميم البنية إلى ضمان جودة الخدمة واستدامتها. أما بخصوص التمكين الاقتصادي، فقد تم في إطار المرحلة الثالثة تمويل 203 مشاريع لفائدة الشباب والتعاونيات بغلاف مالي ناهز 27 مليون درهم، تنوعت بين مقاولات فردية، ومشاريع الاقتصاد التضامني، ومبادرات لتحسين التشغيل، إضافة إلى إطلاق منصتين لتأطير الشباب في حيّي "المرس" و"كاستيا". لكن بن الطيب يشدد على أن "رأس المال وحده لا يكفي"، مؤكدًا أن عدداً من المقاولات الناشئة تعاني من مشاكل التسويق والاستمرارية. ويقول: "نحتاج إلى منظومة مرافقة تمتد من الفكرة إلى الاستقلال الاقتصادي، وإلا ستكون المكاسب مهددة". ويستشهد النائب البرلماني بتجارب ميدانية لإبراز التحول في علاقة المواطن بالدولة، مشيرًا إلى شهادات من قبيل "الدولة وصلات لهنا" أو "أول مرة شي حد سمعنا"، كمؤشرات على تجدد الثقة في الفعل العمومي. لكنه يحذّر من التعامل مع هذه الثقة كرصيد دائم، داعيًا إلى تعزيز آليات التقييم والتتبع والإشراك الميداني، ومؤكدًا أن المواطن اليوم "يريد أن يرى، ويفهم، ويسائل". ويختم بن الطيب بالإشارة إلى أن الأولوية في المرحلة المقبلة ليست في توسيع المشاريع، بل في تثبيت المكتسبات وتعزيز النجاعة والشفافية والرقمنة، مع فتح المجال للتقييم المستقل وتغذية المبادرة من مقترحات المستفيدين أنفسهم.