المشاركون في مؤتمر التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء يقومون بزيارة لميناء الداخلة الأطلسي    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    نجاح باهر للنسخة الثامنة من كأس الغولف للصحافيين الرياضيين الاستمرارية عنوان الثقة والمصداقية لتظاهرة تراهن على التكوين والتعريف بالمؤهلات الرياضية والسياحية لمدينة أكادير    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. وهبي: "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية ورياح عاتية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    الدولي المغربي طارق تيسودالي ضمن المرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في الدوري الاماراتي لشهر أبريل    تأخيرات الرحلات الجوية.. قيوح يعزو 88% من الحالات لعوامل مرتبطة بمطارات المصدر    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    هذه كتبي .. هذه اعترافاتي    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    المغرب ينخرط في تحالف استراتيجي لمواجهة التغيرات المناخية    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    تجديد المكتب المحلي للحزب بمدينة عين العودة    الصين تعزز مكانتها في التجارة العالمية: حجم التبادل التجاري يتجاوز 43 تريليون يوان في عام 2024    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    الحكومة تلتزم برفع متوسط أجور موظفي القطاع العام إلى 10.100 درهم بحلول سنة 2026    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    كيم جونغ يأمر بتسريع التسلح النووي    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    السجن النافذ لمسؤول جمعية رياضية تحرش بقاصر في الجديدة    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    تقرير: 17% فقط من الموظفين المغاربة منخرطون فعليا في أعمالهم.. و68% يبحثون عن وظائف جديدة    مارك كارني يتعهد الانتصار على واشنطن بعد فوزه في الانتخابات الكندية    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذ عبد الحق الزروالي الكاتب والمسرحي لجريدة "الاتحاد الاشتراكي".. عشت سنتين بوهران واشتغلت بالتجارة في الصناعة التقليدية

قال الكاتب والمسرحي عبد الحق الزروالي، أن مستقبل الثقافة والإبداع عموما ببلادنا، تم بناءه منذ سنوات بشكل عشوائي، ولم يوضع في إطاره السليم والمسؤول، فالثقافة عندنا والإبداع عموما لا تعدو أكثر من التسلية والترفيه وتلميع الصورة وإيجاد مبررات لما يسمى باكتمال الدولة.
وأضاف الزروالي في حوار معه لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» سننشره في عدد الغد، أنه في حالات استثنائية ينظر إلينا كأشخاص نشتغل بمجال الثقافة والإبداع كحطب للاستدفاء وتسخين البنادر ضمن لعبة التناوبات التي لم تزدنا إلا تهميشا وحسرة على ما نحن فيه.
وبخصوص الربيع العربي اعتبر الزروالي أن هذا الذي يسمونه الربيع العربي وثوراته قد أعادنا إلى الخلف بمئات الخطوات وفسح المجال لدعاة الوصاية على الإسلام لكي يهيمنوا على مواقع القرار ويعطوا للغرب فرصة ثمينة تمكنه من الإفراط في تشويه صورة الإسلام وهذا ما كان يتمناه الآخر هو إعطاء صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين.
وتساءل المسرحي الزروالي في نفس الحوار، حول بناء مسارح كبرى في عدة مدن مغربية، وقال «هذا أمر بقدر ما يفرح بقدر ما يبعث عن التساؤل، لمن تبنى هذه القاعات ومن أجل أي هدف، وهل هي مسارح كبرى حقا أم أنها فقط تحمل هذا الاسم؟ والأخطر في الأمر هو أننا لم نهيئ المتلقي من جيل الشباب والأطفال لعشق المسرح منذ السنوات الطويلة ولم نربى شبابنا على عشق هذا الفن واستيعاب مضامينه وقيمه....
كما تحدت أيضا عن مشاركته الأخيرة بالجزائر في مهرجان بجاية للمسرح وعلاقته بالجزائر وأقطابها في هذا المجال، ثم عن حصيلته المسرحية وتجربته في المجال وعن عدم الإنصاف الذي يعانيه بالمقارنة مع البعض الذي لم يعطي حتى 10 في المائة من عطاءاته المسرحية للمسرح المغربي، ويعيشون حياة اقتصادية واجتماعية راقية.
كما كشف الزروالي للجريدة على أنه قد استقر بوهران لما يقارب سنتين وكان يشتغل بالتجارة في الصناعة التقليدية وتيسير عبور اليد العاملة من فاس إلى وهران عبر الجبال والممرات المشبوهة، وتحدث بهذه المناسبة أيضا عن حصيلته المسرحية، وعن عدم الإنصاف الذي يعانيه بالمقارنة مع البعض الذي لم يعطي حتى 10 في المائة من عطاءاته المسرحية للمسرح المغربي، ويعيشون حياة اقتصادية واجتماعية راقية.
o في خضم التشنجات والتوترات ما بين الجزائر والمغرب، قمتم بزيارة إلى الجارة الشرقية، في إي إطار تأتي هذه الزيارة؟
n أولا دعني أتقدم بالشكر الجزيل إلى جريدة "الاتحاد الاشتراكي" على دعمها الايجابي لتمكيني من المشاركة في مهرجان بجاية بالجزائر.
فلم يعد سرا أنني أصبحت ألقب بابن بطوطة في ميدان المسرح، لكن هناك أسفار تكتسي صبغة خاصة أذكر منها المشاركة في سنة 1997 و 2009 في مدينة القدس بفلسطين إطار مهرجانات مسرحية، و السفر إلى الخرطوم عاصمة السودان لتقديم مسرحية "كدت أراه" التي حضيت بحضور مميز، بالاضافة إلى مشاركتي في السنوات الأخيرة في الأسبوع الثقافي المغربي بتلمسان كعاصمة إسلامية، وأخير المشاركة في مهرجان بجاية بالجزائر من 29 إلى 5 نونبر 2014 لتقديم مسرحية "نقطة الصفر" باعتباري مؤلفا وليس ممثلا لأن العرض قدمته ممثلة تونسية سميرة بوعمود، إذن دخلت الجزائر عبر تونس (مبتسما) لمناقشة العرض والمشاركة في الندوة التي أقيمت بموازاة مع العروض، بعنوان "المسرح والفضاء".
o وكيف كانت هذه المشاركة في فعاليات هذا المهرجان هذه السنة بالجزائر؟
n تناغما مع التزاماتي والقيم التي تحكمني أعتبر نفسي وفيا للمسرح بشكل مطلق والى حد أنني قلت يوما "حيث ما كان المسرح فمتى وطني" إذن في ظل تصاعد التوثر بين الجارين كان لابد لهذه المشاركة أن تكتسي مشاركة خاصة لأني اعتبر أن الغياب عن مثل هذه المناسبات يشكل نوعا من الإساءة للحضور الثقافي والمسرحي ببلادنا خارج الإطار الجغرافي، وكم كنت فخور وانأ أشارك في الندوات واسمع صوت المغرب وأيضا لقيت مسرحية "نقطة الصفر" إقبال كبير من النقاد والإعلام والجمهور وكل هذا رغبة مني في كسر هذا الطوق وتجاوز هذه الخلافات التي استمرت أربعين سنة خسر فيها الشعبان الشيء الكثير اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وعلى كل المستويات، فانطلاقا من سؤالك، ارجع إلى سنة 1991 عندما أسست فرقة المغرب العربي للمسرح التي كانت تظم خمسة أفراد من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وقدمنا مسرحية "اسمع يا عبد السميع" في كل من ليبيا والمغرب لكن التجربة لم يكتب لها أن تستمر لأسباب متعددة، إذن علاقتي بالجزائر ليست وليدة اليوم، لقد عشت سنة 1972 سنتين تقريبا كإقامة بالجزائر وكانت لي علاقات وطيدة مع رموز المسرح الجزائري وفي مقدمتهم عبد القادر علولة الذي اغتيل برصاص الإرهاب ومصطفى كاتب ومحمد بن قطاب رحمه الله وعبد الرحمان كاتي وأحمد اكومي.
o وبما كنت تشغل هناك في هذه الفترة؟ وماذا عن مشاركة في المسرح وهل هناك ذكريات في هذه المرحلة؟
n كنت اشتغل بالتجارة في مجال الصناعات التقليدية وأساهم في تيسير عبور اليد العاملة من فاس إلى وهران عبر الجبال والممرات المشبوهة، أما بالنسبة لممارسة المسرح، اعتذر لي الفنان علولة عن ذلك قائلا لي الوضع المسرحي هنا غير مشابه لوضعكم في المغرب، بحيث أن المسرحيين الجزائريين كثر وهم موظفين وليس هناك فرص كثيرة في المجال المسرحي للاشتغال، وهنا لابد أن أشير أنني كنت ملزما بالرجوع إلى وجدة، من اجل طبع جواز السفر من قبل المصالح المختصة، واشتغلت بالتجارة، وأصبحت تدر علي أرباحا طائلة ، حيث كان مدخولي اليومي يعادل ما أتقاضاه يوميا من الأجرة الشهرية التي كانت مخصصة لي كمحرر بجريدة الأنباء قبل السفر إلى الجزائر، فكانت لي ذكريات جميلة في وهران وتوطدت علاقاتي بساكنتها ولحد الآن لازلت أحن لتلك الذكريات بشوق إنساني يسمو فوق كل الحدود والمسافات.
o وماذا عن زياراتك الفنية الأخرى للجزائر؟
n في سنة 1993 توصلت بدعوة للمشاركة في مهرجان الوطني بمستنغانم وكانت حصلت بعض التشنجات حينما ذهبت إلى هناك بسبب أن الدعوة مدون فيها "من اجل تقديم مسرحيتي "جزائرية الأعراس" على هامش المهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستنغانم، ولدى وصولي إلى هناك وجدت المهرجان لم يعد يحمل هذه التسمية بحيث أصبح يحمل اسم مهرجان المغرب العربي لمسرح الهواة، وطبعا من وجهة منظمي المهرجان تم إقحام فرقة تنشيطية غنائية راقصة تمثل ما يسمونه بالجمهورية الصحراوية، فاعتذرت للمنظمين وعن مشاركتي في المهرجان ووقع نوع من التشنج بيني وبين منظمي المهرجان كان له تأثير سلبي على نفسيتي آنذاك.
ومرة أخرى زرت فيها الجزائر حين تم اختيار تلمسان عاصمة إسلامية اقترحتني وزارة الثقافة المغربية لتقديم مسرحية "كدت أراه" ولقي العرض نجاحا مميزا وتجاوبا كبيرا مع جمهور هذه المدينة الرائعة التي أيقضت في وانأ أتجول بين أسواقها الحنين إلى مدينة فاس نظرا لتواجد العديد من الالتقاء والتشابه بين المدينتين.
أيضا سنة 1989 عندما أخدت سيارتي رونو 4 R4) ( محملة بذكور أكبر من حجمها من الرباط إلى طرابلس في ليبيا كان لابد أن أعبر هذه المسافة التي تفوق 2000 كلم، هذه الرحلة أيضا عرفتني على خارطة هذا البلد الشقيق وتنوع مدنه وقراه من غرب الجزائر إلى شرقها.
o لماذا يتحمل المسرحي الزروالي كل هذا التعب ويقطع آلاف الكلمترات، هل فقط لعرض مسرحية أمام جمهور المغرب العربي ؟
o هذا يعني أن في داخلي رغبة جامحة لاختراق هذه الحدود المفتعلة بيننا كلما أتيحت الفرصة في ذلك حتى أني لما سئلت في المهرجان الدولي للمسرح ببجاية عن أحاسيسي كمثقف وممارس للمسرح ورأيي في الحدود المغلقة بين المغرب والجزائر، كان جوابي المتضرر الأكبر من هذا التشنج ما بين البلدين الذي طال واستطال هم المثقفون والفنانون الجزائريون والمغاربة، وشخصيا عندما ستفتح الحدود سأعتبر ذلك اليوم يوم عيد بالنسبة إلى وسأصر على الاحتفال به كل سنة.
للتذكير فقط وبالعودة للذاكرة في بداية الاستقلال جل الفرق المسرحية والموسيقية والفنية عموما من الجزائر والمغرب لا تتوقف، رحلات متواصلة مهرجانات وجولات وللحقيقة وللاعتراف أن الشعب الجزائري يكن تقديرا وحبا خاصا للفن المغربي عموما ويتجاوب معه بشكل عميق، كما أن الجمهور المغربي يطرب للأغنية الجزائرية ويستمتع بفن الكوميديا الجزائرية منذ رابح درياسة والمطربة سلوى الجزائرية إلى الشاب خالد والحاج العنقة والطرب الغرناطي الممتدة من بجاية كعاصمة ثقافية وعلمية إلى تلمسان ووهران.
وهذا يعني أننا عندما نغوص في عمق ذاكرة الشعبين الجزائري والمغربي ونستحضر عمق التعاون الذي كان حاصلا بين المقاومة ضد الاستعمار في البلدين يتبين مدى أهمية الدور الذي يمكن أن نقوم به كمثقفين وكمبدعين خصوصا بعد عجز القرار السياسي من سلطة وأحزاب عن إيجاد صبغة تخلصنا من هذا العناء وتفسد علينا نشوة الامتداد في عمق الذات الكبرى التي أراها جغرافيا تمتد من الخليج إلى المحيط، وما يثير الانتباه هو أن الرياضيين أصبحوا أكثر واعيين بأهمية هذا التعاون وأصبحنا نرى اليوم مدرب تونسي وذاك جزائري والآخر تونسي يشرفون على فرق مغربية لكرة القدم، فلماذا لا نقوم نحن بمبادرات من أجل إعداد ملاحم واوبريتات مشتركة حول ما هو مشترك بيننا ومعارض وأفلام سينمائية تتناغم فيها الكفاءات الفنية بين البلدين ونعطي منتوجا يساهم في الإشعاع الثقافي في المنطقة وإفريقيا بكاملها.
o وهل تفكر الآن في عمل مشترك مغربي جزائري أو مغاربي لتكسير هذا الطوق المفروض على الثقافة بفعل السياسة؟
n خلال هذه الزيارة الأخيرة بدأنا نهيئ مشروعا مشتركا جزائريا مغربيا لم تتحدد ملامحه كاملة لكننا نسعى للوصول إلى عمل من شأنه أن يعيد الرشد إلى العقول المتحجرة والنفوس اللاطاهرة. وعندما نتأمل هذا الخلاف بين المغرب والجزائر، نجده على انه خلاف مرضي ينم عن عقد تلامس البعد اللاحضاري في النظرة لمعنى اللامسؤولية ولمعنى اتخاذ إقرار وتدبير الشأن العام للشعوب والقطار والرابح الأكبر هو الآخر، هذا الغرب، وهذه الأمريكا، التي تتلاعب بمصالحنا ويشوهون ذاكرتنا وتاريخنا المشترك ويحجبون عنا رؤية المستقبل بعين التفاؤل، والسؤال المطروح هو إلى متى ؟ وما ذنب هذه الأجيال القادمة المنفتحة على أشكال التطور التكنولوجي والاقتصادي في العالم في حين نمتلك ثروات بشرية واقتصادية وسياحية لو تم ترشيد استعمالها لكنا الآن في وضع أحسن على كل المستويات وها نحن أمام أمثلة واقعية والبلاء الذي أصاب العديد من إخواننا في الأقطار العربية، الآلاف من المعطوبين والقتلى والملايين من اليتامى وتدمير المآثر التاريخية والمساجد والكنائس والمستشفيات والعديد من المؤسسات الرمزية والبنيات التحتية والتجهيزات الأساسية التي يصعب علينا إعادتها وبناءها ولو اشتغلنا قرن من الزمن على ذلك في اعتقادي أن المسؤولية عندما لا يحسن استعمالها تؤدي لا محالة إلى الكوارث والدمار، فذنوب كل الضحايا من الشعوب المنتمية لهذا الفضاء هي في رقبة أصحاب القرار وسيحاسبون عليها عاجلا أم آجلا.
o في نظرك ذ الزروالي كمثقف مغربي ما يقع لهذه الشعوب العربية أثر هذه التحولات السياسية بفعل ماصطلح عليه بالربيع العربي من يتحمل المسؤولية في آلت إليه الأوضاع العربية ؟
n هنا تحضرني فكرة، الصين لها ما فوق مليار ونصف نسمة من السكان ويعيشون في نوع من الاستقرار والتكامل ويشكلون قوة عالمية يحسب لها ألف حساب على كل المستويات في حين نحن نسير في الاتجاه المعاكس ، لقد قسموا السودان، وسوريا والعراق إلى دويلات والسبب في ذلك الرعونة الفكرية والعنهجيات وفنتازية القرار السياسي، وكل هذا يحدث ضمن سياسة فرق تسود وضمن إستراتيجية الاستعمار ليس عبر الطائرات والدبابات والجيوش ولكن عبر زرع الألغام والفتنة والتفشي، ليسهل على الآخر ليعبث بثرواتنا وبهويتنا وأيضا ليعلمنا كيف نلتهم أصابعنا وكيف نطعن بعضنا البعض بخناجر التخلف وضعاف الروح الإنسانية فينا وكل هذا لتمهيد الطريق أمام الخصم المشترك الذي هو إسرائيل التي اعتبرها يد فاعلة في تحريك ما يسمى هذه السنوات الأخيرة بالربيع العربي، وانأ اعتبره البركان العربي خصوصا ونحن نعرف أن الثورات في العالم لا يمكن أن تاتي بشكل عشوائي دون أن تكون رؤية بديلة لما هو أتي والمفروض أن يكون هذا الآتي أحسن مما كان، في الوقت الذي نلاحظ أن هذه الثورات وهذا الربيع قد أعادنا إلى الخلف بمئات الخطوات وفسح المجال لدعاة الوصاية على الإسلام لكي يهيمنوا على مواقع القرار ويعطوا للغرب فرصة ثمينة تمكنه من الإفراط في تشويه صورة الإسلام وهذا ما كان يتمناه الآخر هو إعطاء صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين وها نحن نقدم له كل الوسائل للوصول إلى هذه الغاية، إن الآخر لم يكن يحلم [أن يصبح اسم العربي مقترنا بالتشرد والجهل والفقر واسم المسلم مقترن بالإرهاب والتخلف، والى حد الآن الضرر لم يعد يأتينا من الآخر بل أصبحنا نكره أنفسنا ولا نملك حق الاعتزاز بهويتنا وبجغرافيتنا.
o لنعد إلى المشهد الثقافي المغربي هل هو بخير في نظرك؟
n مع الأسف الشديد كنت أتمنى لو كان بوسعي أن أعطيك جوابا يبعث على التفاؤل والأمل والارتياح عن مستقبل الثقافة ببلادنا ولكن رغم كل الجهود والمبادرات وبعض الاشراقات التي تظهر وتختفي هنا وهناك، من حين لآخر فان عمق السؤال يلزمني بالدخول في حيرة وذلك بسبب أن الثقافة والإبداع عموما، تم بناءه منذ سنوات بشكل عشوائي، لم يوضع في إطاره السليم والمسؤول، فالثقافة عندنا والإبداع عموما لا تعدو أكثر من التسلية والترفيه وتلميع الصورة وإيجاد مبررات لما يسمى باكتمال الدولة، فمن يرد هذا الضعف والتردي إلى الميزانيات وهذا صحيح والى حد ما، لكن في تقديري السبب هو أن الساسة عندنا لديهم عقدة المثقف والمبدع وحتى في حالة تقديم المبادرة الايجابية فقط لتلميع الصورة ولا تؤسس لمشروع ثقافي يعتمد عليه الإنسان المناسب، المتحضر فكرا وسلوكا والواعي بحقوقه وواجباته، المتلتزم بقيم التسامح والمحبة والتضحية .
فالأمر لا يتعلق بوزارة الثقافة فقط، مع الأسف الشديد أن الجماعات المحلية والجماعات الحضرية غير معنية أصلا ولا تعير هذا المجال أي اهتمام في حين يندرج ضمن المهام الأساسية الكبرى، أيضاالطبقية في المغرب لا تعني التفاوت الاقتصادي بقدر ما تعني خلق مسافات بين الفئات الاجتماعية، فالغرب اعتمد الثقافة والإبداع في ثوراته وفي النهضة التي يشهدها الآن وتربى في أحضان البورجوازية المتنورة للوحة والموسيقى الراقية والسينما وللكتاب في حين أن البورجوازية المتخلفة لدينا والرعناء لا تكتفي بمقاطعة هذه المجالات بل تتمادى إلى حد احتقارها واستصغار شأنها لأنها ترى في الوعي الثقافي والفني لدى المواطن ما من شانه أن يضر بمصالحها المادية وبهيمنتها على المشهد العام. وفي حالات استثنائية ينظر إلينا كأشخاص نشتغل بمجال الثقافة والإبداع كحطب للاستدفاء وتسخين البنادر ضمن لعبة التناوبات التي لم تزدنا إلا تهميشا وحسرة على ما نحن فيه.
o المسرحي الزروالي معروف لدى الجمهور بالمسرح الفردي هل لازال هذا الإصرار على ممارسة المسرح الفردي؟
n خلال العشرة سنوات الأخيرة لدي ثلاثة أعمال جماعية الأول "عتقوا الروح" التي نالت بالقدس العربي سنة 1997 الجائزة الثانية مناصفة مع عبد الكريم برشيد وذلك من بين 129 نص ترشح لهذه المسابقة، في المغرب والقدس، انه عمل جماعي ضم نخبة من خيرة الممثلات والممثلين المغاربة وفي سنة 2000، قدمت في المهرجان الأول للمسرح الاحترافي بمكناس مع طلبة المعهد لعالي للتنشيط الثقافي والمسرحي "رحلة العطش" ، وفي سنة 2005 قمت بأكبر مغامرة فنية ومادية وقدمت مسرحية "هاملت" لشيكسبير بمشاركة نخبة من الممثلات والممثلين وكانت من إخراج رشيدة محدور والسينوغرافية لعبد المجيد الهوس، ثم عشرة أعمال فردية على مستوى المنودرامى ، المستمر فيها بشكل فعال وملح وفي جل المهرجانات وأنا هنا لا أتباهى ولكن "هذا الشي الي عطا الله" (مبتسما)، أفوز في عدة دورات، التشخيص والتأليف و الإخراج، إلى حد أني في آخر دورة شاركت فيها بمسرحية "واش فهمتي" عن حياة الشاعر العالمي بابلو نيرودا، شاركت في المهرجان العاشر وكانت اللجنة تتكون من أسماء وازنة من جل الأقطار العربية وعلى رأسهم الفنانة الكبيرة المصرية سميحة أيوب، اقترحت إعطاء كل الجوائز لعبد الحق الزروالي، فقالت لها صونيا من الجزائر "كيف يعمل مسرح فردي، فهل نعطيه جائزة أحسن ممثلة؟ فقالت سميحة نعم لأن المرأة المنحوثة التي كانت موضوع السينوغرافية لإدريس السنوسي وطريقة تناغمه معها وإحساسه بها وقدرة استنطاقها وتحريكها، جعلني أرها أحسن من العديد من الممثلات اللائي كن حاضرات في العروض الأخرى.
إذن رصيدي لآن 27 عمل مسرحي فردي و 14 مسرحية جماعية و 2 ملاحم، وهذا يجعل حصيلتي ذات قيمة وأجيبك عن سؤالك وان اختياري للمونودراما لم يأت من اجل القطيعة مع المسرح الجماعي، إنني في المسرح الجماعي أبحث عن وحدة الموضوع وتعدد الشخصيات وفي المسرح الفردي ابحث عن وحدة الشخصية وتعدد المواضيع.
o حصيلة كهذه ذ الزروالي وتجربة كبيرة من العمل الميداني، حضور وازن في المشهد المسرحي الوطني و العربي هل يمكن أن نقول أن ذ الزروالي لم يتم إنصافه معنويا وماديا؟
n المجال الثقافي بالمغرب ثم بناءه بشكل عشوائي كما قلت، وهذا معضلة، ثم المعضلة الثانية ثم اندراجه في نطاق ما يسمى الهوايات، ثم المعضلة الثالثة هي أن المسرح أصبح موضوع للكلام وتم تهميش البعد النظري والأدبي على البعد العملي في حين أن الممارسة هناك شح في الإبداع ولم تعطى للكفاءات لا القديمة ولا الكفاءات التي أنجبها المعهد الوطني للتنشيط الثقافي والمسرحي فرصة لبلورة مشاريعها الإبداعية الميدانية من خلال جهوية حقيقية متكاملة الشروط لها برامج عمل وميزانيات والمؤسف أن نسمع عن بناء مسارح كبرى في عدة مدن مغربية وهذا أمر بقدر ما يفرح بقدر ما يبعث عن التساؤل، لمن تبنى هذه القاعات ومن أجل أي هدف، وهل هي مسارح كبرى حقا أم أنها فقط تحمل هذا الاسم، أم أنها ستسخر للمهرجانات الفنية العمومية وللسهرات البادخة والتجمعات السياسية والاحتفالات بالأعياد الوطنية والدينية؟
والخطير في الأمر لم نهيئ المتلقي من جيل الشباب والأطفال لعشق المسرح منذ السنوات الطويلة ولم نرى شبابنا على عشق هذا الفن واستيعاب مضامينه وقيمه وبالتالي في غياب هذا المتلقي المتعطش للتعددية الفكرية والروحية والجمالية لا يمكن أن ننظر إلى المشروع إلا من زواياه المتعددة ووفق قرار سياسي نعول فيه على أعلى سلطة والذي هو جلالة الملك لإعطاء المسرح قيمته الاعتبارية الأزمة ضمن خطة التنمية الشاملة والعمل على استثمار ما ورد في خطابه حول الثروة اللامادية.
وبالرجوع إلى السؤال علاقتي النفعية بهذا المجال، اعتبر نفسي أكثر المتضررين لأن التجربة أصبح لها صدى واشعاع كبير داخل المغرب وخارجه في حين أني أجد صعوبة في إيجاد فضاء للمسرحيات التي أعدها كل سنة مما يضطرني إلى اللجوء إلى الغابات والشواطئ والأماكن المهجورة ولم أستفد حتى الآن لا من مأدونيات ولا من راتب دائم ولا من منح سنوية لامتلاك القدرة على الاستمرار وتطوير هذه التجربة ضمن هذه المفارقة المهولة بين ما هو مادي ومعنوي أجدني أعيش قلقا يصل بي أحيانا إلى حد النفور والاستياء ولكن من حين لآخر تاتي بعض الإشارات ذات القيمة الاعتبارية كما حصل في السنة الماضية عندما وسمني صاحب الجلالة في عيد الشباب بوسام من درجة قائد وهو وسام اعتز به واعتبره اعتراف معنوي على كل ما قمت به في هذا المجال. في حين هناك أسماء لم تقدم للمسرح حتى 10 في المائة مقارنة مع ما قدمته للمسرح المغربي، واستفادت من الرواتب والامتيازات المادية أساسا ويعيشون وضعية اجتماعية واقتصادية راقية، وأذكر مرة أني سئلت ألم تراودك أثناء اللقاء بجلالة الملك أن تقم طلبات بهذا الشأن, فكان جوابي على شكل حوار في مسرحية "كدت أراه" يقول "العطاء بعد السؤال لا يعول عليه".
o هل لأبناء ذ الزروالي أمين وسامح ميولات للمسرح؟
n أنا ضد توريث الفن، إلا في بعض الاستثناءات وأحمد الله أن أبنائي ضلوا بعيدين عن هذا المجال وتوجهوا نحو دراستهم وعملهم وهذا ليس بآمر هين بل لأنهم تشبعوا معي المرارات منذ طفولتهم وعايشوا مكابداتي وأوجاعي في هذا الميدان وبالتالي تربى في أنفسهم هذا النوع من النفور
o هل هناك عمل مستقبلي في الطريق؟
n نحن في بداية الموسم وأنا بقدر ما يهمني الاستمرار بقدر ما يهمني أكثر أن تكون هذه الاستمرارية مقرونة بالتطور وتقديم الإضافات والإتيان بإبداعات ترقى لمستوى اللحظة التي نحن فيها وتشكل إضافة نوعية لا كمية لرصيدي في هذا المجال، اليوم انأ برفقة المخرج السنوغرافي عبد المجيد الهوس نعمل على بلورة مشروع مسرحي نام لان نحقق من خلاله النقلة النوعية التي نتطلع إليها.
o كلمة أخيرة:
n أستغرب أن العديد من ممارسي المسرح دائما يشتكون عندما تسألهم أننا نعاني مع المسرح ويقولون إننا نعيش معاناة مع المسرح وينسون أن المسرح هو الذي يعاني منهم ولله يسمح للجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.