"إعلان الرباط" يتوج أشغال المؤتمر الوزاري الإفريقي حول نزع السلاح والتسريح وإعادة إدماج الأطفال الجنود    مالاوي وغامبيا تجددان تأكيد دعمهما لسيادة المغرب على الصحراء وتشيدان بالقرار 2797    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    الخليفي: حكيمي من أفضل لاعبي العالم ونحن فخورون بتتويجه الإفريقي    ملف إسكوبار الصحراء .. النيابة العامة تكشف اختلالات خطيرة في العقود الموثقة    في مداخلة له خلال الدرس الافتتاحي للجامعة الشعبية بمكناس .. وسيط المملكة: الإنصاف أعلى من القانون حين يُظلم المواطن    الكاف يتجاهل المدرب محمد وهبي    لفتيت: نعرف عدد النواب المتابعين .. وتعديلات جديدة لمنع المشبوهين    الحكومة تكشف حصيلة المستفيدين من الدعم المباشر لمربي الماشية    المغرب يترأس المجلس الدولي للزيتون    تكريم فريق جمعية الأوائل للأطفال للأطفال في وضعية إعاقة إثر ظفره بكأس العرش لكرة القدم داخل القاعة    تحقيق إسباني يكشف استعمال النفوذ للحصول على صفقات في المغرب وخلفيات ذكر اسمي اعمارة ورباح    وزارة الصحة تطلق المنصّة الوطنية لرصد وفيات الأمهات والمواليد الجدد    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    بايتاس: 756 ألف مربي ماشية استفادوا من دعم بقيمة 3,17 مليار درهم    أشبال الأطلس ضد البرازيل: معركة حاسمة نحو نصف النهائي    الحكومة تقر "تنظيم مهنة العدول"    المغرب يحل ثالثا وفق مؤشر الأداء في مجال التغير المناخي (CCPI)            النيابة العامة توجه منشورا لتوضيح مستجدات المسطرة الجنائية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    السكتيوي يعلن الجمعة لائحة الرديف    الفنان المغربي إِلياه والنجم المصري محمد رمضان يجتمعان في أغنية جديدة    فرنسا تعرض نشر قوة درك في غزة    في الحاجة إلى فلسفة "لا"    تفكيك شبكة لترويج المخدرات بطنجة وحجز أكثر من 4400 قرص مخدر    برلمانية تسائل وزير التجهيز والماء حول "سرقة المياه الجوفية" بتارودانت    ناسا تكشف عن صور جديدة للمذنب 3I/Atlas القادم من خارج النظام الشمسي    منظمة الصحة العالمية تحذر من الزيادة السريعة في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية    غوغل تطلق أداة جديدة للبحث العلمي    وزارة الاقتصاد والمالية تصدر ميزانية المواطن لسنة 2026    تدشين غرفة التجارة المغربية بإيطاليا في روما    الأمن الوطني ينفي شائعة تعرض طفل للعنف داخل مدرسة بالمغرب ويؤكد تداول الفيديو وقع خارج البلاد    مناورات مشتركة بين قوات المارينز الأميركية ونظيرتها المغربية تختتم في الحسيمة    المنتخب النسوي للفوتسال يجري آخر حصة تدريبية قبل لقاء الأرجنتين    الملك يبارك اليوم الوطني لسلطنة عمان    منتخبات ‬وفرق ‬وطنية ‬تواصل ‬التألق ‬وتخطيط ‬متواصل ‬يجعل ‬من ‬كرة ‬القدم ‬رافعة ‬تنموية ‬كبيرة    مونديال 2026.. جزيرة كوراساو الضيف المفاجأة    تقرير: نصف عبء خدمة الدين الطاقي في إفريقيا تتحمله أربع دول بينها المغرب    أوكسفام: "ثروات الأثرياء" في ارتفاع    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    منظمة الصحة تحتاج إلى مليار دولار    كأس ديفيس: المنتخب الايطالي يتأهل لنصف النهاية على حساب نظيره النمساوي    معمار النص... نص المعمار    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    "صوت هند رجب" يفتتح مهرجان الدوحة السينمائي2025    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات للتاريخ في الذكرى الأربعينية لرحيل المقاوم محمد بنحمو كاملي

* محمد اليازغي: رجل هابه الموت وتراثه مفخرة للأجيال القادمة * إدريس لشكر: رجل وطني نادر كرس نضاله لوحدة الحزب
* عبد الكريم بنعتيق: بطل رفض الإهانة والخنوع وتحدى القيود والإعدام * بنسعيد ايت ايدر: مقاوم من طينة نادرة واتحادي بمواقف ثابتة

في جو جنائزي مهيب، أحيت أسرة المقاومة وجيش التحرير والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ورجالات المقاومة والتحرير وأسرة الفقيد وحضور رسمي وشعبي وحزبي، تقدمه الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ادريس لشكر، والمندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مصطفى الكثيري، ووزير الدولة السابق محمد اليازغي، والوزير وعضو المكتب السياسي للاتحاد ااشتراكي للقوات الشعبية عبد الكريم بنعتيق والعامل محافظ مسجد الحسن الثاني محمد فقار وقيادات المقاومة والمنتخبين وعلى رأسهم رئيس مقاطعة عين الشق وممثل مؤسسة بنسعيد أيت إيدر الذكرى الاربعينية لرحيل محمد بن حمو كاملي، المقاوم الوطني وقيادي جيش التحرير وأحد مؤسسي الكفاح المسلح وصاحب الرقم القياسي في الإعدام ، الرجل الذي ظل عاضا بالنواجذ على المبادئ والقيم قائدا سياسيا زهد في المناصب والمكاسب واختار الدفاع عن الوطن المستقل، عن مغرب لكل المغاربة، رجل تحدى الموت في عهد الاستعمار وعهد الاستقلال ولم ينزو بل ظل حاملا المشعل إلى أن توفاه الله إلى رحمته.
في كلمة مؤثرة، قال عنه الكاتب الأول السابق ووزير الدولة محمد اليازغي إنه بطل من أبطال المغرب، اختار التوجه نحو الموت حين كان شابا ترعرع في حزب الاستقلال، وكان وراء تأسيس أول خلية للمقاومة بمعية رفيقين له قبل ان يعمدا إلى تعميمها في المغرب حيث اختار العنف المسلح في مواجهة عنف وجبروت المستعمر الفرنسي، وواجه الموت حين اعتقاله ومواجهته بحكم الإعدام، لكن الموت هي التي تهرب منه وظل صامدا مكافحا، وقد اكتشف الراحل، حسب شهادة سي محمد اليازغي، أن الاستقلال جاء ناقصا وأن مطالب المغاربة لم تتحقق، وانتقل مرة أخرى للكفاح من أجل إعطاء الاستقلال معناه المقاوم، واختار النضال من أجل دولة ديمقراطية وقام بانتفاضة جديدة وكفاح جديد، ونال حكم جديدا بالإعدام في مواجهة نظام يقمع ويقتل ويشرد.
ويضيف اليازغي أن الرجل وعى حقيقة أن النضال يقتضي التنظيم الجيد ورص الصفوف والإيمان، ما جعله صامدا مكافحا رغم معاناته داخل أخطر سجون المغرب ولم يبدل تبديلا. وكان المسار الطويل بين الزنازن إلى أن جاء ملك جديد وعهد جديد وكان العفو الملكي إشارة قوية واعترافا بالبطل والرمز المقاوم، وهو فعلا بطل يجب أن يخلده التاريخ وتدرس سيرته للأجيال القادمة حتى يكون نبراسا وموجها للشباب والشابات، هو فعلا مثال يحتذى به ويقدم للأجيال المستقبلية.
وفي كلمة تحية وترحيب ألقاها الكاتب الأول للحزب الأستاذ ادريس لشكر حيى فيها الحضور النوعي ثقافيا وسياسيا ومجتمعا مدنيا، شدد في بدايتها على ضرورة الاهتمام بتراث الفقيد محمد بن حمو كاملي، الرجل الكبير، مثنيا على المجهود التوثيقي لسيرته والذي قدم عبر شريط في بداية اللقاء، وعبر عن تأثره بكلمات مجايلي الراحل كل من محمد اليازغي ومصطفي الكثيري وكذا الصور المؤلمة لمكان اعتقال الرجل ورفاقه والذي زاره لشكر كمحام ارتبط بقضايا المعتقلين والمطالبين بإطلاق سراحهم منذ السبعينات أيام الحراك الطلابي والاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وذكر لشكر بأن الفقيد محمد بن حمو كاملي كان مدرسة داخل السجن وكان يهتم بالسجناء السياسيين ويهتم بهم ويحميهم ويؤازرهم.
وقال لشكر شاءت الأقدار أن
وفي كلمة له بالمناسبة، قال الوزير وعضو المكتب السياسي عبد الكريم بنعتيق «رحل سي
وأوضح بنعتيق «تمر الأعوام،
وأضاف بنعتيق «يشهد الجميع وبدون استثناء
‬وقال بنعتيق التقيت سي محمد أول مرة في
وأوضح «جمعتنا لحظات لا تعد ولا تحصى،
وأضاف «‬تحضرني
وبعث المقاوم محمد بنسعيد برسالة تلاها نيابة عنه المناضل محمد الحبشي ،جاء فيها «كثيرا ما نستعيد بحرقة ذكرياتنا الأليمة ونحن نستعيد لحظات فورات الشباب وعنفوانه . وكنا نحرض بعضنا البعض على التضحية والوفاء للوطن ، وأضاف بنسعيد الذي تعذر عليه الحضور لأسباب قاهرة أن الراحل عرف من الرعيل الأول للمقاومين الذين انخرطوا بحماس كبير وعطاء مبدع. وأردف وهو من الجيل الذي تصدى للغطرسة الاستعمارية .
وعن مسارهما المشترك،أكد بنسعيد أن الراحل انخرط في حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية .
وبعد الاستقلال، وفي ظل استمرار ارتباط الاقتصاد الوطني بالمستعمر ونكوص سياسي كبير، والشروع في اعتقال المقاومين والمناضلين، وإبعادهم من مصدر القرار، ووصلت حدة الصراع إلى حملة الاعتقالات في صفوف المقاومين وأعضاء جيش التحرير على إثر مقال نشر، واعتبر أن فيه مسا بالسيادة، وكان ضمن المعتقلين عبد الرحمان اليوسفي ومحمد الفقيه البصري كمسؤولين عن جريدة التحرير، وتلتها حملة من الاعتقالات شملت عشرات المقاومين والمناضلين ومنهم محمد منصور وسعيد بونعيلات وبوشعيب لحريزي …لم تتوفر شروط النجاح لهذا التمرد يقول بنسعيد، وتمت موجة اعتقالات كبيرة وضمنهم الفقيد كاملي ..
ويختم المقاوم بنسعيد بأن الراحل المقاوم حافظ على توهجه النضالي في صفوف الاتحاد الاشتراكي فاعلا وصاحب رأي بمواقف ثابتة وسلوك رصين .
وكانت كلمة العائلة بداية الحفل التأبيني، استهلها ابن الفقيد عمر بنحمو كاملي بتلاوة الرسالة الملكية، التي توصلت بها الأسرة يوم وفاته ، مما جاء فيها «تلقينا بعميق التأثر نعي المشمول بعفو الله ورضاه المرحوم، المقاوم محمد كاميلي بن حمو، أحسن الله قبوله إلى جواره، مع عباده المنعم عليهم بالجنة والرضوان».
وأعرب جلالة الملك، بهذه المناسبة المحزنة، لأفراد أسرة المرحوم، ومن خلالهم لكافة أهلهم وذويهم، ولسائر أصدقاء الفقيد المبرور ومحبيه، ولأسرة قدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير، عن أحر التعازي وأصدق المواساة «في رحيل وطني غيور من رواد المقاومة وجيش التحرير، والذي قدم التضحيات الجسام من أجل حرية واستقلال وطنه، في تشبث مكين بثوابت الأمة ومقدساتها، ووفاء للعرش العلوي المجيد».
وأضاف جلالته «وإننا إذ نشاطركم مشاعركم في هذا المصاب الأليم، الذي لا راد لقضاء الله فيه، لندعوه عز وجل أن يعوضكم عن رحيله جميل الصبر وحسن العزاء، وأن يتغمد فقيدكم الكبير بواسع رحمته ومغفرته، ويجزيه الجزاء الأوفى عما أسدى من خدمات جليلة لوطنه، وما قدم بين يدي ربه من أعمال مبرورة، ويبوئه مقعد صدق مع الشهداء والصالحين من عباده، المنعم عليهم بجنات النعيم».
وتقدمت الأسرة بكلمة شكر وتقدير لكل من ساهم في إحياء أربعينية الفقيد العزيز نهاية الحفل، منوهة بمجهودات الجميع، كما تناوب على المنصة عدد من المؤسسات وأصدقاء الراحل في كلمات مؤثرة بالمناسبة كلها تداولت مناقب الفقيد وسيرته الوطنية المثالية .

مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير
نقترح إطلاق اسم الفقيد على أحد الأماكن العمومية بجهة الدار البيضاء

أكد مصطفى الكثيري حرص المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على إطلاق اسم الفقيد العزيز على أحد الأماكن العمومية بجهة الدار البيضاء، بتعاون وتنسيق مع السلطات الإقليمية والمنتخبة، واقتراح تسمية إحدى المؤسسات التعليمية باسمه، عربون وفاء وبرور بسيرته الإنسانية والأخلاقية وبمسيرته النضالية.
وقال المندوب السامي، في الكلمة التي ألقاها، يوم 14 يونيو 2019، بمناسبة إحياء الذكرى الأربعينية لوفاة المقاوم محمد بن حمو كاملي، إن شخصية الفقيد سي محمد بنحمو كاملي ستشحذ بالمدرسة المحمدية بالدار البيضاء، ليس على مستوى التكوين الدراسي فحسب بل حتى التكوين الوطني والنضالي.
وذهب الكثيري إلى أن هذا الوعي تشكل «في ظروف وأجواء مثقلة بالأحداث المتسارعة والصاخبة التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء من اغتيال الزعيم النقابي التونسي والمغاربي فرحات حشاد، ونفي للسلطان سيدي محمد بن يوسف، وما تخللتهما من مظاهرات وتعسفات قمعية وحشية للبوليس الاستعماري، فكان من الطبيعي أن يتلقفها فقيدنا سي محمد بن حمو وهو شاب يتقد حيوية ونشاطا وصدره يخفق غيظا ويفور حنقا على مستعمرمتسلط على العباد والبلاد، وأن يقرر الانخراط في صفوف المنظمات الفدائية التي كان الحديث عنها يتم في مجامع خاصة من تلاميذ المدرسة المحمدية أو مع المعارف ممن يحظون بالثقة».
وذكر المندوب السامي أن بنحمو التقي، في تلك المرحلة، إدريس بن بوبكر، وابن خالته جناح بنعاشير، ومن بعدهما المرحوم عبد السلام أزيدان ومحمد بن جلون ومحمد الكردوني والبشير أمشكي ليشكلوا عناصر منظمة فدائية حملت اسم «أسد التحرير» .
وزاد الكثيري: «ضمن هذه المنظمة الفدائية، سيقوم رفقة أعضائها بعمليات تصفية لبعض الجواسيس ورجال الأمن الاستعماري، وإحراق بعض الضيعات الفلاحية، وكتابة المناشير بخط اليد وتوزيعها والكتابة على الجدران بدروب وأزقة الأحياء الشعبية لمدينة الدارالبيضاء، كدرب السلطان ودرب الفقراء وكريان الكرلوطي ودرب الشرفاء ودرب الطلبة ودرب بوشنتوف ودرب ميلة وغيرها.
وكان من الطبيعي أن تكون لهذه العمليات تداعيات وتبعات أمنية،حيث اعتقل المرحوم ادريس بن بوبكر لتبدأ فصول مطاردة أعضاء المنظمة التي سيلجأ بعض أعضائها إلى المنطقة الخليفية ويعتقل مؤبننا بمدينة الرباط، التي غادرها لمتابعة نشاطه الوطني، بعد وشاية من إحدى السيدات…لتبدأ فصول الاستنطاق وما رافقها من تعذيب جسدي لا يحتمل، دفع فقيدنا للبوح بأسماء أفراد الخلية ممن التحقوا بالمنطقة الخليفية، وإمعانا في تحطيمه نفسيا، قامت الإدارة الاستعمارية عمدا باعتقال أخيه الغزواني ووالده احتياطيا.
بعد الرباط، سينقل مؤببنا إلى مخفر الشرطة المشهور ب «كوميسارية المعاريف» ومنها إلى مقر درك «بوسكورة» حيث ستبدأ فصول أخرى من التعذيب أشد وأقسى وأفظع لتتم إحالته رفقة ثلة من الفدائيين والمقاومين على قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية بالدار البيضاء، ثم نحو سجن عين البرجة فسجن غبيلة بالدارالبيضاء، والذي منه سينظم فقيدنا عملية فرار بتنسيق مع مقاومين ووطنيين لم يطلهم الاعتقال، وهي حكاية طريفة واردة في مذكراته المنشورة تحت إشراف مؤسسة المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير سنة 2010 بعنوان : صفحات من تجربة حياة»
بعد الفرار كانت وجهته مدينة الخميسات التي سيبدأ فيها فصلا جديدا من فصول النضال والمقاومة التي طبعت وميزت حياة فقيدنا محمد بن حمو كاملي، إذ لم يزده السجن إلا صلابة ويقينا بالمشروع التحريري الذي يؤمن به، فكان الانخراط في إحدى فرق جيش التحرير بالأطلس المتوسط التي كانت تنشط بين زاوية أحنصال وآيت عتاب وأفورار، وتدرج في مراتبها إلى أن تولى القيادة مع أحمد العمراني وادريس السيتل.
بعد حصول المغرب على الاستقلال، يقول مصطفى الكثيري، التحق المرحوم بنحمو كاملي بصفوف جيش التحرير بالجنوب المغربي، وعمل تحت قيادة محمد بن حمو المسفيوي مكلفا بمهام التنظيم والتنسيق بين منظمة المقاومة وبين جيش التحرير بالصحراء.
وأضاف المتحدث: «أنه بعد توقف عمليات جيش التحرير، عين بنحمو كاملي قائدا مدنيا على أحواز الرباط بالإدارة الترابية لوزارة الداخلية التي كانت تحت إمرة الوزير ادريس المحمدي، ومع مسؤوليته الرسمية كقائد، كانت اتصالاته وأنشطته الحزبية مستمرة، وكان من الأطر النشيطة والفاعلة إلى جانب الشهيد المهدي بنبركة والمناضل محمد الفقيه البصري لإنجاز مشروع تكوين الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال انطلاقا من فاتح فبراير 1959 والذي سيفضي إلى عقد المؤتمر التأسيسي لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية يوم 6 شتنبر 1959.
«وإذا كان هذا التاريخ الذي يشهد على ميلاد حزب وطني عتيد وعلى دخول مرحلة جديدة من تاريخ المغرب المستقل، فإنه يشهد أيضا على مرحلة مؤلمة وقاسية من حياة المناضل والمقاوم سي محمد بن حمو كاملي، مرحلة خُون فيها وطورد ووضع على لائحة المطلوبين ال 55 .
«وابتداء من يوم 7 مارس 1960، أشار فقيدنا إلى رفيقة حياته بالالتحاق بمنزل والديها بسوق السبت أولاد النما بإقليم بني ملال ليبدأ هو رحلة العصيان والمغامرة والمطاردة والملاحقة من الرباط إلى سلا فغفساي ثم الرباط ليبادر ويقرر بعد تداوله مع بعض المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير بالتوجه إلى بني ملال، حيث كان قائدا لجيش تحرير الأطلس، وهي الرحلة التي قام بها رفقة البشير بن التهامي يوم 17 مارس 1960، والتي يردد أنها كانت مؤامرة دبرت له تدبيرا للتخلص منه.
«بالجبل، اعتصم إلى حدود 22 أبريل 1960 أي لمدة 35 يوما، حيث اعتقل بعد أن تم تطويقه واخترق جسَدَه وابل من الرصاص، وفي يوم 23 أبريل، شُرع في استنطاقه لمدة 69 يوما لتوجه إليه تهم ثقيلة كتكوين عصابة مجرمين، والعصيان والإخلال بالأمن الداخلي للدولة والقتل العمد والثورة والفتنة وإثارة الحرب الأهلية، وليودع بالثكنة العسكرية لقصبة تادلا، ومنها سيحاول الفرار ويتمكن من الوصول إلى مشارف مدينة وادي زم، حيث سيلقى عليه القبض ثانية ليعاد إلى الثكنة العسكرية بقصبة تادلا، ليجد أمامه مشهدا فظيعا: زوجته الحامل وأبناؤه معتقلون ومطوح بهم أمامه، وهنا يبوح فقيدنا بقوله «أمام وضع عائلتي المعتقلة، شعرت لأول مرة بالضعف، وكأنني ذلك الطائر المكسر الجناحين، وقلت لمعتقِلي، أطلق سراح أسرتي، دعها وشأنها وسأفعل ما تريد وما تطالب به».
بعدها، نقل إلى ثكنة عسكرية بحي المحيط بالرباط، حيث سيظل رهن الاعتقال لمدة ثلاثين يوما لينقل بعد ذلك إلى السجن المركزي بالقنيطرة ويوضع في حي الإعدام، يتذكر فقيدنا اللحظة قائلا «بعد استكمال الإجراءات، قادني الحراس إلى «حي الإعدام»، وولوجي لهذا الحي، غير مجرى حياتي، ساعتها شعرت أنها النهاية… انهمرت من عيوني دموع الحزن، وقلت في نفسي لمن سأترك أبنائي الثلاثة (رشيد، إلهام، أمال) لمن سأترك أم أبنائي فاطمة، لمن سأترك الوالد والوالدة. فلم يحضر في ذهني في تلك اللحظة إلا دعاء السفر، (اللهم أنت الخليفة في الأهل والمال والولد).
«بعد 11 سنة من الاعتقال الاحتياطي، سيعرض على المحكمة التي قضت في حقه بالإعدام بعد 64 جلسة، ليظل رهن الاعتقال حتى أواخر سنة 1975،حيث أطلق سراحه بكفالة».
وأكد مصطفى الكثيري أن الراحل عاد بعد إطلاق سراحه «إلى أسرته وحياته ولم يغير منه السجن شيئا، أنفة وكبرياء وجودا وعطاء وغيرة وطنية لاحدود لها. ظل الرجل رغم الأعاصير والشدائد والنائبات، ملتزما وفيا لمبادئه وقناعاته وخياراته السياسية والفكرية. واصل نضاله في صفوف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وفي معترك الطبقة العاملة بعزم وحزم وإصرار وتميزت نضالاته الوطنية المشهود له بها بمواقفه الثابتة والداعمة لقضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.