تخصيص غلاف مالي لتهيئة حجرات خاصة بالتعليم الأولي بالحسيمة وتارجيست وإمزورن    إحباط تهريب "درونات" متطورة من الجيل الجديد عبر ميناء طنجة التوسط    مداهمة مقاهي تقدم النرجيلة وتوقيف مسيرين ووضعهم رهن تدبير الحراسة النظرية    تونس.. السلطات تنفي تعرض أسطول مساعدات متجه لغزة لضربة بطائرة مسيّرة    زخات رعدية ورياح قوية بعدة مناطق بالمغرب مع انخفاض في درجات الحرارة اليوم الثلاثاء    250 درهم عن كل يوم حرية.. ابتدائية الجديدة تصدر حكما بديلا في حق بائعي مثلجات    بطولة اسبانيا: برشلونة يؤكد إصابة دي يونغ    اليونان: زلزال بقوة 5,3 درجات يضرب قبالة جزيرة إيفيا    بفضل التعبئة الحكومية.. أشغال إعادة بناء وتأهيل المنازل المتضررة من زلزال الحوز تشارف على النهاية    "أسطول الصمود" يعلن تعرض إحدى سفنه لهجوم يشتبه أنه نفذ بمسيرة إسرائيلية    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة        "أرما" تتجاوب مع الساكنة وتزيل النفايات قرب مقبرة كورزيانة بطنجة        أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    إسبانيا تستدعي سفيرتها لدى إسرائيل وتصف اتهامات تل أبيب لها ب "معاداة السامية" ب "الترهيب"    إيغامان: أشكر المغاربة على الدعم            "الوردة" يتكتم على مذكرة الانتخابات    انتشار السمنة بين المغاربة يطلق دعوات إلى إرساء "خطة وطنية متكاملة"    إضراب وطني لمدة يومين بسبب مشروع القانون 59.24 التعليم العالي .. استمرار التعثر    ملاحظات "UMT" على مجلس الصحافة    الأحزاب المغربية تطالب بالتصويت بالبطاقة الوطنية بدل بطاقة الناخب        بفوز سابع على زامبيا.. المغرب يواصل مساره المثالي في تصفيات مونديال 2026    الآن: سقوط الحكومة الفرنسية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    عجز السيولة البنكية يتراجع بنسبة 7,48 في المائة من 28 غشت إلى 3 شتنبر    المنتخب الوطني ينتصر على نظيره الزامبي        نسرين الراضي تخطف جائزة أفضل ممثلة إفريقية    الاتحاد الأوروبي يحذر من مخاطر إرسال أساطيل المساعدات الإنسانية إلى غزة    ترامب في مرآة كتاب جديد.. الصحفي سمير شوقي يكشف تناقضات الولاية الثانية للرئيس الأمريكي    بسبب محاكمته.. تأسيس لجنة للتضامن مع الغلوسي    جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد استقلال بلادها    مقتل شاب من مليلية في هجوم مسلح نفذه فلسطينيان بالقدس    «لا بار في شيكاغو» لمحمود الرحبي خرائط سردية تعيد أحياء تائهة إلى مدنها    المستشفيات تحتضن المحكوم عليهم بالعقوبات البديلة لخدمة المجتمع    الوطنية الاحترافية للقسم الأول برسم الموسم الرياضي 2025-2024: النادي الرياضي المكناسي يشحذ أسلحته بطموحات قارية    "كناش الحشمة".. أسطورة الرحل فوق خشبة المسرح الكبير بنمسيك    ربيع القاطي يطرق باب العالمية مجددًا عبر سلسلة "Atomic"    اللغة والهوية في المغرب: خمسون عاماً بين الأيديولوجيا والواقع    فضيحة الخطأ المطبعي.. شركة تعدين تخفض مردودية ذهب كلميم من 300 إلى 30 غراما فقط    قرية لمهيريز... صيادون منسيون في قلب الصحراء يطالبون بالكرامة والإنصاف    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟..    الموقف الأمريكي يعزز المبادرة المغربية كخيار وحيد لتسوية نزاع الصحراء    ألكاراز يتوج بلقب أمريكا المفتوحة للتنس للمرة الثانية        ميناء الحسيمة : انخفاض بنسبة 9 في كمية مفرغات الصيد البحري مع متم يوليوز الماضي            أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوراق من شجرة الشاعرة والروائية .. فاتحة مرشيد الطفلة التي نضجت في الغياب 23 : عن الحرية والكتابة والرقابة

قد يتساءل قراء الشاعرة والكاتبة فاتحة مرشيد وهم يقرأونها: هل هي حقا ما تكتبه أو ما لا تكتبه؟ ماذا يخفي هذا الإيغال في الجرح والحزن الشفيف الذي ينضح من كل كتاباتها؟
في هذه الأوراق من شجرة الكاتبة فاتحة مرشيد، ستسقط الأوراق تباعا ولو أننا لسنا بخريف.. سنتبادل الأدوار لننصت نحن القراء لبعض من وجعها الخفي، حبوِها الأول، لطفولتها الصعبة، للخبايا التي تنزوي خلف الابتسامة العريضة التي لا تغيب عن محياها، للبراكين التي اعتملت داخل هذا الهدوء الذي يشي به الخارج.
لننصت إذن ونحن نقرأ فصول حكايتها الحقيقية، إلى الأصوات التي تنبعث من غرفها المظلمة والمضيئة، فربما يرسم كل منا صورة مغايرة لما كوّنه عنها من قبل، أو يتعرف على جانب خفي من شخصيتها.

ترى فاتحة أن علاقة الحرية بالكتابة، تنطلق من كونها إحساسا داخليا قبل كل شيء، ومرتبطة بمرجعيات الكاتب الثقافية والفكرية وبقناعاته في الحياة.
تقول فاتحة «شخصيا أرفض أن أوضع في قالب معين أسجن فيه إبداعي وحريتي. لأنه في نهاية المطاف يبقى المهم لدى الكاتب هو عملية الكتابة في حد ذاتها. هي هذه التجربة الانفعالية الحادة التي تمنحها له الكتابة خلال بلورتها وهو يبني عالما جديدا وفريدا. انتهاؤه من نص يحس فيه بأنه استطاع أن يعبر بدقة عما يخالجه، ورضاه عنه هو الذي يمنحه الرضا عن نفسه إلى حين».
لا تضع فاتحة خططا لما ستكتبه في أي عمل جديد لأن الحياة هي ما يفرض على الكاتب مواضيع الكتابة، بل تتعامل مع كل فكرة تفرض نفسها وتلح عليها.
تقول فاتحة: «الإبداع مرتبط بالحدس والانفعالات أكثر مما هو وليد التفكير العقلاني وهو مدثر بالغموض لهذا لا يمكن أن نتحدث عن مشاريع مبرمجة ومفكر فيها. أتقدم دائما في منطقة الشك وليس في منطقة اليقين أو الثقة الكاملة. لا أعلم بشكل كامل ما أنا قادمة عليه، أبدأ بخطوة تتلوها خطى في شبه عتمة.. أتقدم من المعلوم نحو المجهول.»
في كل ما كتبته في الشعر والرواية والقصة، تعيش فاتحة منفتحة على كل الاحتمالات ولا تكبل نفسها باختيار معين، مؤمنة بأن الكتابة مجال للحرية وعليها أن تتعامل معها بحرية.
تعتقد فاتحة أن هامش الحرية الكبير في كتاباتها خاصة الروائية، تأتى لها بفضل تحررها من الانتماء لأي مدرسة معينة أو ارتهانها لقواعد مكبلة، لأن الكاتب الذي يسجن نفسه بالقواعد يحد من تجربته.
تقول فاتحة:» ليست لدي قوالب جاهزة أو مناهج للكتابة، أنا لا أكتب وفق قواعد كتابة الرواية لذا لا أخاف من الخروج عنها أو تكسيرها.. هذا يعطيني حرية أكبر. الإبداع خلق وابتكار، وكل تجربة إبداعية هي تجربة استثنائية لا يجب أن تتشابه مع تجارب الآخرين أو تخضع للنسقية الخانقة. لا أعتبر تجارب الآخرين منافسة لي. المنافسة الوحيدة التي أقوم بها هي مع نفسي. كل عمل صدر لي هو ملك للقارئ وليست لي سلطة عليه بعد ذلك. فأنا لست مسؤولة عن تأويلات القارئ لأنني أومن بالإختلاف وأحترمه كما أحترم رأي الناقد الذي اعتبره رأيا شخصيا. لأن المبدع يستمد الجمال من الفوضى والناقد يبحث عن نظام.. النظام الوحيد هو الذي يصنعه الكاتب من هذه الفوضى وهو نظامه الخاص الذي قد لا يتوصل إليه الناقد.»
لاتخاف فاتحة من ردة فعل القارئ، لذا تصر في كل عمل جديد على سلك دروب أكثر التباسا وإثارة للجدل، لأنها تكره صورة الكاتب النمطي.
تقول «أنا أكتب لأفاجئ القارئ بأشياء لم يكن ينتظرها مني لأن المفاجأة هي العامل الحاسم في تطور التجربة الإبداعية من عدمها، وعندما ندخل اعتبارات القارئ أو الناقد أثناء الكتابة لا يمكن الحديث لحظتها عن الحرية.
أعرف أن قرائي ينتظرون مني الجديد الذي يفتح زوايا أخرى للنظر ، زوايا تجعلهم يغيرون نظرتهم للأشياء ولأنني أحترم ذكاء القارئ أشرع له نافذة جديدة في كل عمل».
وعن سؤال لمن تكتب فاتحة مرشيد؟ تجيب:
«أكتب للقارئ الذكي الذي يقاسمني حرقة الأسئلة. القارئ الذي سينفخ من روحه في الكتاب ويمنحه حياة أخرى. القارئ الذي لن يقتصر على قراءة رواياتي بل سيعيش كل قصة كما لو كانت قصته الخاصة.. فيبكي في المقاطع التي كتبتها بدمي وبكيت أثناء تدوينها، ويضحك ملء الصوت في التي كتبتها بخفة وشغب.
أكتب للقارئ الإنسان الذي سيجد في مرآة حروفي صورة لوجعه الوجودي ويقر على أن الوجع واحد عندما يتعلق الأمر بالإنسان.»
ترى فاتحة مرشيد أن الروائي ليس منظرا أو قاضيا ولا مقدم دروس، عليه فقط أن يكتب ليستفز القارئ ويحثه على طرح الأسئلة للبحث عن إجابات لها دون أن يسقط في فخ الطرح الأخلاقوي أو يهمل الشق الجمالي في الكتابة، لأن الإبداع الحقيقي لا يقف عند خطوط حمراء، هو أبعد من ثنائية الخير والشر ..الفاضل والفاجر. فالقارئ عندما يجد إبداعا حقيقيا، فإنه يتجاوز كل نظرة أخلاقية للعمل الإبداعي.
من الأشياء التي تعتبر فاتحة مرشيد أنها حررتها من كل رقابة شخصية، عدا التكوين المنهجي الذي لم تخضع له بحكم تخصصها المهني، أنها جاءت إلى عالم النشر بعد حياة بأكملها في عالم الطب الذي تعتبره تجربة إنسانية عميقة. وربما هذا الخروج المتأخر جعلها ناضجة ومتصالحة مع نفسها ومع الآخرين وحررها بعض الشيء من نظرة الآخر.
تقول في هذا الصدد « لوكنت كتبت في سن العشرين، ربما ما كنت لأكتب بنفس الحرية. ليس لدي أساتذة في الآداب. أساتذتي طيلة مساري هي الكتب. حتى أصدقائي من الشعراء والكتاب تعرفت عليهم بعد أن ولجت عالم النشر واللقاءات الادبية. أقرأ الكتب التي تضيف إلي وتحيلني بدورها على قراءات أخرى وأحس أنني كبرت ونضجت بعد قراءتها. أقرأ كثيرا بالفرنسية والانجليزية أحيانا، لأن الأدب العالمي يستهويني، لكنني أكتب بالعربية لعشقي الشديد لهذه اللغة، كما لا أقتصر على قراءة الأدب بل ألتهم كتب الفلسفة وعلم النفس والاجتماع والعلوم الطبيعية وغيرها.»
عن مصادرة كتبها في بعض الدول العربية تقول فاتحة:
«مصادرة كتبي تحفزني أكثر على الكتابة لأنها تأكيد على أننا بحاجة أكثر إلى تعرية النفاق الذي نتخبط فيه والسكيزوفرينيا التي نعاني منها. ثم من يصادر الكتب؟ بالتأكيد ليس القراء بل الرقابة كسلطة تخاف الكتب وتشهر السيوف في وجهها. وأنا لا يهمني سوى القراء. نحن في عصر العولمة والقارئ عندما يريد قراءة كتاب فهو يبحث عنه بكل الوسائل ويتوصل إليه. والكتب التي تصادر علانية تقرأ في السر.. تعجبني فكرة أن أُقرأ في السر. لأن من بين الكتب التي ساهمت في رفع مستوى وعيي وجعلتني أكبر فكريا وحسيا وإبداعيا،توجد كتب قرأتها في السر.»
تقول فاتحة مرشيد بأن شرط الإبداع الحرية، ولا توجد حرية دون استقلال مادي، والكاتب يحتاج أن يكون مستقلا حتى لا يجبر على مد يده لأحد أو بيع روحه لأحد وحتى يظل صوته حرا وصادقا وشجاعا. وتضيف «إن كانت فيرجينيا وولف تقول بأن المرأة لكي تكتب لا بد لها من غرفة خاصة وبعض المال بمعنى استقلالية مادية، فهذا يسري على الرجل المبدع كذلك. لكن مع الأسف، الكتاب الذين يعيشون من كتاباتهم في الدول العربية يشكلون استثناء.»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.