تشير نتائج مؤشر الشباب للمعنوية 2024–2025 إلى وضع مقلق لحالة الشباب المغربي، ويقترب من أدنى المعدلات المسجلة عالميًا. يعكس هذا التراجع في المعنوية، خاصة بين المراهقين مقارنة بالأطفال، شعورًا متزايدًا بالاغتراب وانخفاض الانتماء الجماعي، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً لدعم الصحة النفسية والاجتماعية للشباب. على الرغم من الجهود الحكومية المعلنة، مثل إعداد مخطط مديري لتأهيل وتجهيز مؤسسات الشباب، وتعميم «جواز الشباب» الذي يتيح للشباب الاستفادة من خدمات ترفيهية وثقافية ورياضية، لا تزال العديد من التحديات قائمة. فعدد دور الشباب تراجع بشكل ملحوظ خلال العقود الماضية، حيث أُغلقت عديد من دور بسبب نقص الموارد البشرية والمالية، وضعف التجهيزات، ما أدى إلى تراجع الإقبال عليها وتحول بعضها إلى فضاءات مهجورة لا تلبي تطلعات الشباب. كما أن البرامج الحكومية في مجال الصحة والشغل لا تزال تعاني من قصور في الفعالية والتنسيق، رغم وجود إنجازات، حيث يشكو الشباب من ضعف فرص التشغيل وارتفاع معدلات البطالة التي تصل إلى مستويات مقلقة. ويضاف إلى ذلك ضعف الإرادة السياسية في الاستثمار الكافي في قطاع الشباب، كما عبرت برلمانية عن تراجع الميزانيات والموارد البشرية المخصصة للوزارة مقارنة بفترات سابقة، مما يحد من قدرة الوزارة على تنفيذ برامج طموحة ومستدامة. في المقابل، تؤكد الوزارة على أهمية دور الشباب باعتبارها فضاءات ثقافية وترفيهية ذات أولوية، مع نية لإعادة الاعتبار لهذه المؤسسات عبر تحديثها وربطها بالإنترنت، وتوسيع خدماتها لتشمل مكتبات وقاعات سينمائية، فضلاً عن فتحها في مناطق نائية وقروية لتعزيز التماسك الاجتماعي. كما تسعى إلى تحسين تأطير الموظفين وتطوير آليات التواصل مع الشباب. مع ذلك، يظل التحدي الأكبر هو استعادة ثقة الشباب في هذه المؤسسات والبرامج، خصوصًا في ظل المنافسة المتزايدة من وسائل التواصل الاجتماعي التي غيّرت أنماط الترفيه والتفاعل الاجتماعي، مما يستدعي تحديث العرض الثقافي والتربوي داخل دور الشباب، وتنويع البرامج لتشمل التنمية الذاتية والمهارات الرقمية، إلى جانب دعم المبادرات الشبابية الحقيقية. يعكس واقع الشباب المغربي مزيجًا من الإمكانات الكبيرة والتحديات العميقة، ويتطلب الأمر إرادة سياسية قوية واستراتيجية متكاملة تدمج الشباب في صنع القرار، وتوفر لهم فضاءات مؤهلة ومناهج حديثة، مع دعم نفسي واجتماعي مستدام. إن الاستثمار في الشباب ليس خيارًا بل ضرورة وطنية لضمان مستقبل مستقر ومزدهر للمغرب.