«العدالة المجالية أساس التنمية: دواوير جماعة تسلطانت بين التأهيل والهيكلة نموذجا» ، هو موضوع الندوة التواصلية التي نظمتها مساء السبت 20 دجنبر الجاري، الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمراكش وفرع الحزب بتسلطانت، بمشاركة فعاليات حزبية ومساهمة المواطنين من سكان الجماعة. عبد الحق عندليب، الكاتب الإقليمي للحزب بمراكش وعضو اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات للحزب، أكد في كلمته التي ألقاها في افتتاح اللقاء، أن معاينة واقع الحال بجماعة تسلطانت كما في عدد من الجماعات القروية التابعة لعمالة مراكش يؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، أن التحالف الحزبي المهيمن على معظم جماعاتنا الترابية، والذي هو امتداد التغول الحكومي والبرلماني قد أخفق في تحقيق ما كان يدعيه من وعود وشعارات براقة على مستوى إنجاز بعض المشاريع لإخراج هذه الجماعات مما تعانيه من إقصاء وتهميش. وأضاف أن الخصاص الكبير الذي تعيشه جماعة تسلطانت من مؤسسات تعليمية ومن مستشفيات ومستوصفات ومن سكن لائق ومن فرص الشغل ومن طرقات ومسالك ومن تجهيزات ومرافق اجتماعية، شكل سببا مباشرا للاحتجاجات التي مارستها الساكنة في عدة مناسبات وكشف عنها الفريق الاتحادي في العديد من المناسبات وفي كل الدورات. ونبه عندليب إلى أن سوء تدبير الشأن المحلي بجماعة تسلطانت التي تعد من أغنى الجماعات الترابية على صعيد عمالة مراكش، أدى إلى توتر متواصل داخل الجماعة، وهو ما دفع إلى استقالة الرئيسة السابقة أو بالأحرى إقالتها. لكن بسبب التحكم الذي تمارسه عمدة مراكش التي تقود التحالف الحزبي المهيمن داخل الجماعات الترابية للعمالة ظلت دار لقمان على حالها رغم التغيير الذي حدث على مستوى الرئاسة. وقال في هذا السياق « إننا في الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية نتابع الوضع، عن كثب، من خلال ما عبرنا عنه من مواقف تضمنتها بياناتنا وما صرحنا به من خلال ندواتنا الصحفية وما تضمنته الورقة التوجيهية التي قدمتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الإقليمي السابع.» وأضاف « إننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لا نرفع شعار العدالة المجالية من أجل الاستهلاك والمزايدات السياسوية ولكننا نؤمن بأن مبدأ المساواة والعدالة والتضامن ومناهضة كل أشكال التمييز والحيف في حق المناطق القروية وبين كافة فئات الشعب المغربي مسألة محورية وجوهرية، ينبني عليها مشروعنا المجتمعي برمته. وهذا ما أبان عنه حزبنا إبان توليه تدبير الشأن الحكومي في عهد الراحل المجاهد عبد الرحمان اليوسفي ومن خلال تولي مستشاراتنا ومستشارينا في عدد من الجماعات الترابية.» وقال أيضا « إننا نطمح بأن تشكل انتخابات 2026 و2027 بعد إصلاح منظومة الانتخابات وضمان شروط النزاهة نقطة انطلاق لإنصاف مواطنات ومواطني العالم القروي، الذين يعيشون الهشاشة ويعانون من نقص كبير على مستوى البنيات التحتية الأساسية والمرافق الضرورية.» مولاي يوسف مسكين، المستشار الاتحادي بجماعة تسلطات ورئيس المجلس الإقليمي للحزب بمراكش وكاتب فرع الحزب بتسلطانت، أثار في كلمته، الإشكاليات التي يطرحها مشروع هيكلة ثلاثة دواوير بالمنطقة، هي الخدير وزمران والنزالة، مؤكدا أنه سيكون في مقام المترافع وليس المدافع، أي المترافع باسم السكان ورأيهم في هذه المسألة. وأشار إلى الغموض الذي يذكي المخاوف بخصوص هذا المشروع، والمتمثل في إن كان تأهيلا أم إعادة هيكلة. مستحضرا التجارب السابقة التي مازال السكان يتخبطون في المشاكل المترتبة عنها، والتي أجهزت على حقوق العديد منهم، ومنها هيكلة دواوير كوكو والكواسم و دوار الهنا، تأهيل دواري الحركات ودكانة. حيث إن هناك من مات دون أن يظفر بحقه، هناك من سجن بسبب دفاعه عن حقه. موضحا أن هذا التخوف هو سبب تأجيل التصويت على هذه النقطة في دورة المجلس الاستثنائية، مشددا على حرصه على تنمية المنطقة. وتساءل مسكين عن مصير الفلاحين والأراضي الفلاحية والتجهيزات المرتبطة بها مثل السواقي، التي تشكل مجالا حيويا لعيش هذه الفئة، وما هي الحلول المقدمة لها. وقال في هذا الصدد « هذه الوضعية هي التي تجعلنا أكثر تخوفا، لا نريد أن نجد أنفسنا كسكان في قلب المشاكل التي وضعتنا فيها التجارب السابقة. حيث إن الكثير من المواطنين مازالوا يحملون وثيقة الاستفادة، دون أن يتمكنوا من ذلك فعلا. «. ونبه مسكين إلى خطورة استغلال هذه النقطة في حملة انتخابية سابقة لأوانها، مؤكدا أنه سيترافع عن توصيات السكان بخصوص هذا المشكل ورأيهم. وقال في هذا السياق « نحن مع المصلحة العامة، ومع حقوق السكان، ومع تأهيل مندمج ومتكامل، ومع إعادة هيكلة، لكن برؤية واضحة .» رشيد مرابط، عضو الكتابة الإقليمية ومستشار جماعي وعضو اللجنة الوطنية لمراقبة المالية والإدارة والممتلكات للحزب، أكد في مداخلته أن الفوارق المجالية هي نتاج آلية استعمارية، بما نتج عنها من تقسم إلى مغرب نافع ومغرب غير نافع، وما أفرزته من إقصاء وتهميش من حظوظ التنمية. مذكرا برؤية الاتحاد التي تقوم على ضرورة التوزيع العادل للثروة والتنمية بين مختلف الأقاليم، وجعل كل المجالات الترابية في قلب الرهانات التنموية بما يضمن للساكنة شروط العيش الكريم ويتجاوز حالة الإقصاء والتهميش. وأشار مرابط إلى مجموع البرامج التي اعتمدها المغرب منذ حكومة التناوب لمواجهة الفوارق المجالية، مؤكدا أنها رغم أهميتها وقيمة الميزانيات المرصودة لها إلا أن هناك قصورا في تنفيذها، بسبب غياب آليات التقييم. موضحا أن برنامج تقليص الفوارق المجالية في العالم القروي، ظل رهينا بالتغول الحكومي. وتحدث رشيد لمرابط عن وضعية جماعة تسلطانت الذي يبلغ تعداد سكانها 106 ألف نسمة، مبرزا مظاهر القصور التنموي فيها، حيث إنها لا تتوفر إلا على مركز صحي واحد وطبيب رئيسي واحد وستة ممرضين لكل الساكنة، وعشرين مؤسسة تعلمية ابتدائية وإعدادية وثانوية. مؤكدا أن مواجهة الفوارق المجالية هي مسؤولية كل المتدخلين من منتخبين ومصالح الدولة، لكي لا يظل المغرب يسير بسرعتين. وبدوره أكد محمد رضا العلوي المودني، مستشار جماعي وعضو الكتابة الإقليمية للحزب بمراكش وعضو المجلس الوطني للحزب، أن موضوع الفوارق المجالية، هو إشكال واقعي وموضوعي يمس التوازن الاجتماعي والاستقرار وإحساس السكان باستفادتهم من خيرات وطنهم. وأوضح في مداخلته، أن جماعة تسلطانت تعد جماعة شبه حضرية رغم أنها متاخمة لمراكش، وتحتضن كما كبيرا من المشاريع الاستثمارية العقارية والسياحية الكبرى، وتحتكم لميزانية لا تتوفر في جماعات أخرى، وتساءل «ألم يحن الوقت لاعتبار هذه الجماعة جماعة حضرية وليس جماعة شبه حضرية، ولا سيما أنها تلعب دورا كبيرا في تطوير الاستثمار وجذبه». مستغربا حالة التهميش التي تعيشها، حيث لم يبرمج سوى ثلاثة دواوير للهيكلة، برؤية غير واضحة، في حين ينبغي على الأقل إعادة هيكلة 50 بالمائة منها. وشدد المودني على ضرورة القضاء على الفوارق المجالية، معتبرا العدالة المجالية مدخلا للعدالة الاجتماعية والتوازن والاستقرار الاجتماعي. وبدوره أكد عزيز حيكان المستشار الجماعي ونائب كاتب فرع الحزب بالحي الحسني وعضو الكتابة الإقليمية، أن الجهة هي الوحدة الترابية القادرة على تقليص الفوارق والفقر والهشاشة بحكم الإمكانيات التي تتوفر عليها، وقدم جردا تاريخيا للبرامج التي اعتمدها المغرب من أجل هذا الغرض، وكذا خلفيتها الدستورية. وألح على ضرورة الانخراط الجماعي لتمتيع الساكنة بعدالة مجالية، تضمن للمواطنين الاستفادة من حقهم في التنمية وتلغي الإحساس بالفوارق، وتضع المغرب في كل ربوعه على سكة النهضة المتكاملة. أما لحسن حبيبو، عضو الكتابة الإقليمية للحزب وكاتب فرع المحاميد وممثل للسكان بمجلس جماعة مراكش، فاعتبر في مداخلته أن تدبير الشأن المحلي هو تدبير تنموي لرفع مؤشرات التنمية ومؤشرات السعادة. مؤكدا أن العدالة المجالية يجب أن تكون منصفة للجميع، قائمة على توزيع عادل للثروة، التي يجب أن نشارك جميعا في إنتاجها وتوزيعها والاستفادة منها. وبعد حديثه عن مفارقات التنمية في جماعة تسلطانت وقصور التدبير المجالي بها، تساءل عن خلفيات تمديد التعمير إلى المجالات الفلاحية واستهدافها، علما أن هناك مناطق أخرى ليست فلاحية ملائمة أكثر لهذه الغاية. واعتبر أن المشاريع التنموية يجب أن تكون مقيدة برؤية مستدامة تروم إلى تنمية المجال في انسجام مع خصوصيات عيش السكان وحاجياتهم مع الحفاظ على حقوق البيئة. الندوة التي سيرها بكفاءة عمر حكوش، المنسق الإقليمي للشبيبة الاتحادية بمراكش وعضو الكتابة الإقليمية والمجلس الوطني للحزب، عرفت نقاشا موسعا من قبل المواطنين، ولاسيما حول نقطة إعادة هيكلة ثلاثة دواوير بالمنطقة بما يثيره غموضها من مخاوف من تكرار التجارب السابقة التي ما زال عدد من الأسر يتخبطون فيها دون أن يظفروا بحل رغم مرور أزيد من 16 سنة على تنفيذها.