"هِمَمْ": أداء الحكومة لرواتب الصحفيين العاملين في المؤسسات الخاصة أدى إلى تدجينها    مشروع محطة تحلية مياه البحر في الداخلة سيمكن من سقي 5200 هكتار    إسرائيل تقحم نفسها في اشتباكات بين السلطات السورية والدروز    لماذا أصبحت فلسطين أخطر مكان في العالم على الصحفيين ؟    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينهي تحضيراته استعدادا لمواجهة نيجيريا وسط شكوك حول مشاركة الزبيري وأيت بودلال    استقدمها من علبة ليلية بأكادير.. توقيف شخص اعتدى على فتاة جنسيا باستعمال الضرب والجرح بسكين    أكادير… توقيف شخص يشتبه في ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في التهريب الدولي للمخدرات وحجز أربعة أطنان و328 كيلوغراما من مخدر الشيرا    فريق طبي مغربي يجري أول عملية استئصال للبروستاتا بالروبوت عن بعد بمسافة تجاوزت 1100 كلم    تنظيم يوم وطني لخدمات الأرصاد الجوية والمناخية الاثنين المقبل بالرباط    الحكم بالسجن 34 سنة في حق رئيس الحكومة التونسية الأسبق علي العريض    اجتماع المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة الداخلة    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    البواري: تحلية مياه البحر بالداخلة مشروع مهيكل من أجل فلاحة مستدامة ومندجمة    كبرى المرافئ الأميركية تعاني من حرب ترامب التجارية    تونس تسجن رئيس الوزراء السابق العريض 34 عاما بتهمة تسهيل سفر جهاديين لسوريا    ألمانيا تهتز على وقع حادث دموي في شتوتغارت.. سيارة تدهس حشداً وتصيب 8 أشخاص    أجواء حارة مرتقبة اليوم السبت بعدة أقاليم    كيوسك السبت | الحكومة تكشف بالأرقام تفاصيل دعم صغار الفلاحين و"الكسابة"    الموت يغيّب المنتج المصري وليد مصطفى    قصف منزل يخلف 11 قتيلا في غزة    زيارة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت تعزز "العلاقات الممتازة" بين الولايات المتحدة والمغرب (الميداوي)    تعاف قوي لصادرات المندرين المغربي بعد سنوات الجفاف.. وروسيا في صدارة المستوردين    الأميرة للا أسماء تترأس بواشنطن حفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وجامعة غالوديت    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    إجهاض محاولة للتهريب الدولي للمخدرات وحجز طنين من الشيرا بمعبر الكركارات    إسرائيل تهاجم بنيات عسكرية سورية    حين تصبح الحياة لغزاً والموت خلاصاً… "ياقوت" تكشف أسراراً دفينة فيلم جديد للمخرج المصطفى بنوقاص    رئيس برلمان دول الأنديز : أحب المغرب .. رسالة مؤثرة من قلب مراكش إلى العالم    الدار البيضاء تطلق قطبا تكنولوجيا جديدا بسيدي عثمان    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    جماهير الوداد الرياضي والجيش الملكي مع موعد تاريخي    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إياد البرغوثي، رئيس مركز رام الله لدراسات حقوق الانسان ومنسق الشبكة العربية للتسامح
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 23 - 04 - 2009

سجل الدكتور إياد البرغوثي، رئيس مركز رام الله لدراسات حقوق الانسان ومنسق الشبكة العربية للتسامح، بأيجابية واضحة إقدام المغرب على طي صفحة الانتهاكات الحقوقية، وقبوله مبكرا بالتعددية السياسية وحرية التعبير وحرية الصحافة وحرية التنقل. وأوضح أنه مازال هناك خلل في سيادة القانون في الكثير من البلدان العربية، إضافة إلى تراجع العمل الديمقراطي والحزبي، رغم أن الكثير من منظمات المجتمع المدني أصبحت تقوم بهذا الدور، رغم حداثة عهدها في المجتمعات العربية. وأضاف أن إحداث جائزة للتسامح من طرف الشبكة العربية للتسامح هو دعم لنشر هذه القيمة..
في ظل الردة الحقوقية التي يعيشها المجتمع الدولي، شرعت الهوة تتسع كالعادة بين النشطاء الحقوقيين وأصحاب القرار السياسي داخل المجتمعات العربية، وإن بشكل متفاوت بين دولة وأخرى. في رأيكم، هل هذا دليل على انعدام الإرادة السياسية لدى الحكام العرب أم أنه مجرد انعكاس للأزمة الحقوقية العالمية؟
لا يمكن بطبيعة الحال أن نعمم هذا التراجع على جميع البلدان العربية، لأن كل بلد قطع شوطا في مجال حقوق الإنسان بطريقة ليست متجانسة مع البلد الآخر. ولعل المغرب، كما أسجل بإيجابية، من البلدان التي قبلت بالتعددية السياسية وحرية التعبير وحرية الصحافة. فبالأمس، قمت بجولة على باعة الصحف بالدار البيضاء، ورأيت جرأة كبيرة في ما يطرح في الصحف والمجلات، وهذا بالطبع غير موجود في كثير من الدول العربية.
ما هو مزعج الآن هو أن الاحتلال الإسرائيلي استطاع تحقيق اختراقات كثيرة مع بعض البلدان في العالم العربي. ما هو مزعج أيضا أن منحى الانقسامات في العالم العربي قد ارتفع. وإذا ما استمرت تلك الانقسامات، ستذهب بنا إلى انقسامات لا نهاية لها. منها الانقسامات الطائفية والانقسامات الفئوية.. أي انقسامات تؤسس لتشرذم يكاد يكون كليا. وهذا بطبيعة الحال، قادنا إلى التفكير في موضوع حقوق الإنسان ليس فقط كمعايير دولية، ولكن أيضا كقاعدة أخلاقية ينبغي أن يستند إليها المشروع الحقوقي، وعلى رأسها قيمة التسامح التي تعني الحق في الاختلاف وضرورة التعامل مع التعددية كثروة ومصدر للثروة..
سجلت بعض التميز الحقوقي بالنسبة للمغرب مقارنة مع بعض الدول العربية الأخرى بدرجات متفاوتة. لكن التقارير الدولية بخصوص حرية التعبير وحرية الصحافة مازالت تضع المغرب في ذيل القائمة. ما تفسيرك لذلك؟
يبدو أن اتجاه الأنظمة العربية نحو القبول بالمواثيق الدولية مازال منصبا على المستوى النظري أكثر منه على المستوى العملي.
على المستوى العملي، مازالت الأنظمة في مجملها، وطبعا بشكل أو بآخر، وبنسب متفاوتة، غير مطمئنة وتتصرف كأنظمة مذعورة من قوى المعارضة، ومن قوى المجتمع. أعتقد أن التجارب تشير إلى أن هذا الخوف غير مبرر، وأن الحجج المقدمة إقليميا ودوليا غير صحيحة. كما تعلم فحقوق الإنسان لها علاقة بالقوى المجتمعية وأدوارها في محاربة الفساد والمستفيدين من هذا الوضع..
لكننا نلاحظ أن القوى المجتمعية داخل المجتمعات العربية التي تتحدث عنها تعيش ضمورا وانكماشا، كما أن السلطة العربية تتفاعل مع حقوق الإنسان انطلاقا مما تقدمه التقارير الدولية. وهذا يضعنا أمام إشكال ارتفاع السلطة العربية على المنظمات الحقوقية المحلية وعدم الاهتمام فعليا بتقاريرها..
هذا شيء تقليدي، أن نهتم بما يقال عنا في الخارج، والسير على المستوى الداخلي نحو تغطية الشوائب، بدل البحث عن حل المشاكل. هذا دليل على أن القوى المدنية بحاجة إلى الكثير من القوة حتى تستطيع فرض أجندتها وفرض هويتها على الانظمة، وعلى القوى المجتمعية التي تساند هذه الأنظمة. هناك خلل فعلي في التعامل مع ثروات البلاد ومع القيم التي ينبغي أن تكون موجودة. مازال هناك خلل بشكل أو بآخر في سيادة القانون في الكثير من البلدان العربية. هناك أيضا تراجع للعمل الديمقراطي والعمل الحزبي، رغم أن الكثير من منظمات المجتمع المدني أصبحت تقوم بهذا الدور، رغم حداثة عهدها في المجتمعات العربية.
ألا نستطيع القول بأن الجمعيات الحقوقية في الدول العربية تعيش «وهم المسرح»- حسب تعبير فرانسيس بيكون- أي أن وظيفتها استعراضية، وأنها توهم بأنها موجودة في حين أن وجودها غير حقيقي، لأنها غير منبثقة عن حركة اجتماعية معارضة..
حتى لا نظلم حركة حقوق الإنسان الداخلية، نقول إنها موجودة قياسا بالماضي بشكل ملحوظ، ولكن أفعال الأنظمة وردود أفعالها مازالت لها علاقة بالخارج أكثر. وربما بعد ذهاب إدارة بوش، وبعد الحروب التي وقعت وأدت إلى هذه الكوارث، كما جرى في العراق وفلسطين، يمكن أن تلتفت هذه الأنظمة إلى الداخل وأن تنصت إلى نبض الشعوب العربية.
صفقت الكثير من المنظمات العربية والدولية لمسلسل المصالحة الوطنية الذي أطلقه المغرب. لكن المنظمات الحقوقية المغربية تسجل، في السنوات القليلة الماضية، عودة قوية للدولة البوليسية وتراجعا ملحوظا عن الكثير من التوصيات التي قدمتها هيئة الإنصاف والمصالحة في تقريرها الختامي الذي تسلمه الملك. بينما تسجلون بإيجابية ما يقع في المغرب، هل معنى ذلك أن جسور التواصل منعدمة بينكم وبين الحقوقيين المغاربة؟
نحن نرى أن المحصلة إيجابية، وأن الأمور نسبيا إذا قورنت ببلدان ما زال فيها القتل على الهوية والاعتقالات العشوائية وحقوق الناس ضائعة تماما، فإن ما يجري بالمغرب هو إيجابي بشكل كبير. طبعا أي حركة ما لم يكن وراءها قوة تساعدها كي تستمر ستتراجع، كما أن هذه الحركة لا تسير في اتجاه واحد، إذ هناك قوة في المغرب كما في غير المغرب ليس من مصلحتها السير في اتجاه الانفراج الحقوقي. وإذا ما أخذت خريطة العالم العربي، ستجد أن المغرب حالة مازالت منيرة.
من موقع مسؤوليتكم داخل الشبكة العربية للتسامح، هل بإمكانكم تقديم تشخيص مقرب للحالة المغربية؟
القوانين التي توضع الآن هي قوانين إيجابية. فإذا ماقورنت اعتقالات الماضي التي كانت تتم بدون قانون، والاختفاء القسري للنشطاء السياسيين، بما يقع الآن، يبدو لي أنها صفحة طويت، وهذا شيء جيد. والأهم أن المغرب سجل نقاطا إيجابية على مستوى حرية الرأي وحرية التعبير وحرية التنقل. لكن أحيانا في بعض الأحداث التي تقع، كما حدث في أعقاب تفجيرات الدار البيضاء، تجري اعتقالات قد لا تكون منضبطة، وقد لا تكون مؤسسة على ضوابط قانونية.
مرة أخرى، نحن لا نتحدث عن الشيء المثالي، ولا نتحدث في فراغ. نتحدث مقارنة مع بلدان أخرى يجري فيها القتل في الشوارع، واعتقالات لا يظهر بعدها أي أثر للأشخاص المعتقلين..
لننتقل إلى الوضع الحقوقي بفلسطين في ظل الشرخ أو الانقسام الفلسطيني بين السلطة وحماس؟
كما تعلم، انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين كانت أساسا انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى، وبقينا لسنوات نعمل في هذا الاتجاه. لم تكن لدينا سلطة، ولم تكن لدينا قوى تضطهد قوى أخرى في الداخل الفلسطيني. المشكلة حدثت بعد قيام السلطة والاتفاقيات التعسفية التي جرت مع الإسرائيليين، مما أجبر السلطة على إحداث جيش أو قوة مسلحة وظيفتها ليست بطبيعة الحال هي مقاومة الاحتلال نهائيا، بل وظيفتها هي حفظ الأمن في الداخل مع القيام بمهمات على المستوى الفلسطيني، والتي جرى أثناءها الكثير من الانتهاكات. إلا أن هذه الانتهاكات زادت بعد الانقسام الذي جرى بين فتح وحماس، وأخد هذا الانقسام الطابع الجغرافي، حماس في غزة وفتح في الضفة الغربية. والآن، ونتيجة لهذا الصراع السياسي، هناك الكثير من الاعتقالات، وكثير من التحديد لحرية التنظيمات الأخرى، سواء في الضفة الغربية أو في غزة. هناك اعتقال سياسي للمئات من الطرفين.
ماذا بالنسبة للتنظيمات السياسية التي لاتنتمي، لا إلى فتح ولا إلى حماس؟
إنها تحاول أنها تقوم بدور الجسر بين الطرفين. لكن بدون نتائج، وأحيانا تتحول إلى ضحية، لأن كل طرف من الطرفين المتصارعين يعتقد أن هذه التنظيمات الأصغر هي محسوبة على الطرف الآخر. والواقع، أن الانتهاكات، في ظل الحوار الوطني الذي يجري حاليا، خفت قليلا نسبتها وإن كانت مستمرة. يبدو أن القوى الإقليمية المعنية بالانقسام هي أقوى من الدوافع الداخلية..
ما هو انعكاس الشرخ الذي وقع في الوحدة الوطنية على الشعب الفلسطيني؟
هذا الانقسام أدى إلى كثير من الإحباط. فإذا أخذنا غزة مثلا، فمستوى الفقر يصل إلى أكثر من 80 بالمئة، وهناك انعدام للحاجات الأساسية، وهناك أيضا الموت بسبب عدم الحرية في الذهاب إلى المستشفيات. الآن حوالي 500 شخص توفوا بسبب عدم قدرتهم على الذهاب إلى المستشفيات لتلقي العلاجات الضرورية. وهناك من يموت في الأنفاق..
الجمعيات الحقوقية في فلسطين، هل تكتفي بتشخيص الأوضاع فقط، أم أنها تقوم بمبادرات عملية لإنهاء الأزمة التي يعيشها الشعب الفلسطيني؟
مع أهمية التشخيص الذي قد يتحول إلى عمل إيجابي، هناك الكثير من المبادرات التي يقوم بها المجتمع المدني، مثل تأسيس لجنة لإنهاء الاعتقال السياسي، حيث قام بحملة إعلامية واتصل بكل من السلطة في رام الله وفي غزة، وحقق نجاحا وإن كان ضئيلا في هذا الموضوع. هناك دور للمؤسسات القانونية في محاكمة مجرمي الحرب الإسرائليين، حيث رفعت قضايا في بعض الدول الأوربية، كإسبانيا وبريطانيا.. أحيانا يبادر المجتمع المدني إلى القيام بإجراءات عملية، ولكن العمل الأكبر مازال يتمثل في رصد الانتهاكات وتعميمها على المجتمع الدولي..
هل هناك عمل مشترك مع المنظمات الحقوقية الإسرائيلية التي تدين انتهاكات الاحتلال؟
إذا تحدثت عن المنظمات الفلسطينية إجمالا، هناك البعض منها يعمل مع المنظمات الحقوقية الإسرائيلية. أما بالنسبة لمركز رام الله، فلا داعي لذلك أساسا. نحن لانستطيع التدخل لدى المحاكم الإسرائلية من أجل المعتقلين الفلسطينيين. نحن لا نعمل في هذا المجال. هناك منظمات تعمل في مجال الاعتقال لدى الإسرائليين. لا بد من أجل الوصول إلى المحاكم الإسرائيلية والمحامين الإسرائليين من التعاون مع المنظمات الحقوقية الإسرائلية من أجل تسهيل هذه المهمة، لأن تلك المنظمات تستطيع أن تقوم بدور إيجابي وتستطيع الحركة أكثر من المنظمات الفلسطينية. نحن لا نستطيع الذهاب إلى القدس، ولا نستطيع الذهاب إلى داخل إسرائيل، وهناك مسألة الحواجز في الضفة الغربية التي تصل إلى حوالي 800 حاجز إسرائلي داخل مساحة تناهز مساحة الدار البيضاء.
ننتقل إلى الجبهة العراقية التي قيل الكثير عنها بخصوص الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان، على مستوى ما يقوم به الاحتلال وأيضا على مستوى الاقتتال الطائفي. ما هي المبادرات التي قامت بها الشبكة العربية للتسامح؟
طبعا، الانتهاكات التي اقترفها الاحتلال الأمريكي كانت واضحة للجميع. في السجون، في قتل المدنيين. لكن أهم شيء اهتممنا به هو الانتهاكات التي كانت تقوم على مستوى الفئات المختلفة داخل المجتمع العراقي، والذهاب بهذا الانقسام غير المبرر (القتل على الهوية، وعلى مكان السكن، وعلى أساس العقيدة الدينية (سني، شيعي). وأحيا فلسطيني. صحيح أن هناك العشرات من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين بالعراق الذين تعرضوا للقتل بلا سبب. وربما تذكر المخيمين الفلسطينيين اللذين كانا على الحدود السورية العراقية، حيث كان الفلسطيني يفضل العيش في المخيم في الصحراء بدل احتمال التعرض للقتل في بغداد. وللأسف، نظمنا مؤتمرا للتضامن مع الفلسطينيين في العراق ودعينا إلى إرجاع الفلسطينيين إلى قطاع غزة في حينه، أي في الوقت الذي انسحب الإسرائيليون منها. لكننا لم نتلق الدعم من أية جهة، لا من المسؤولين الفلسطينيين ولا من السلطة الفلسطينية. وكان المخطط كان هو إخراج الفلسطينيين إلى أبعد ما يكون عن فلسطين، فأرسل بعضهم إلى البرازيل..
(مقاطعا) هذا في الوقت الذي مازال الكل متشبثا بحق العودة؟
نعم، إلى درجة أن الحديث عن عودة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أصبح يعني ترحيلهم إلى أماكن أبعد. وهكذا أصبح تقريب الفلسطينيين من بلادهم شيئا مرفوضا من طرف التركيبة الدولية. وهكذا عاينا مغادرة الفلسطينيين إلى الشيلي والأرجنتين..
أي ما يطلق عليه الآن الدياسبورا الفلسطينية..
نعم. فسوريا أو الأردن أو حتى الداخل الفلسطيني أصبح لا يستوعب إلا عشرات الأشخاص.. فالأردن كان على استعداد لاستقبال مليون عراقي مثلا، وهذا يعني على أية حال أن للأنظمة حساباتها والتزاماتها. لكن يبدو أن حقوق الإنسان في العراق أصبحت أحسن قليلا عندما تراجع الوضع الطائفي قليلا. هناك توجه نحو التعددية السياسية على أساس علماني، وبالتالي خفت الطائفية..
تستعدون قريبا لتسليم جائزة التسامح لإحدى الشخصيات العربية. كيف تم التفكير في هذه المبادرة وماذا أعددتم لها؟
حتى تنشر قيمة ما، فإنك تدعمها بكل الوسائل. وقد نظمنا في الشبكة العربية للتسامح تدريبا حول موضوع التسامح في 6 دول عربية، منها المغرب. وقمنا ببعض الدراسات ووضعنا معايير لقياس مؤشرات التسامح، وسنعمل انطلاقا من هذه المعايير على وضع تقارير سنوية لقياس التقدم والتراجع على المستوى العربي. قمنا أيضا بعروض فنية من أجل هذه القيمة النبيلة، والجائزة يمكنها أن تدعم هذا الاهتمام بقيمة التسامح.
من هي الجهة التي تدعم الجائزة؟
الجائزة هي قيمة معنوية أكثر منها مادية. وهذا المشروع تدعمه مؤسسة المستقبل، إضافة إلى مؤسسات أخرى في المنطقة. والجائزة هي اقتطاع من مصاريف المشروع. ولا ينبغي أن نتخيل أنها جائزة ذات قيمة مادية كبيرة، فهي مجرد جائزة رمزية..
متى ستعلنون عن الشخصية الفائزة بالجائزة؟
سنعقد مؤتمرا في 30 أبريل و1 ماي 2009، وسيتم تسليم الجائزة في قاعة قصر اليونيسكو ببيروت، في حفل سيدعى إليه كافة البرلمانيين اللبنانيين وممثلي القوى السياسية وأعضاء الديبلوماسية العربية.
يوجد في المغرب العديد من المنظمات الحقوقية، لماذا اخترتم العمل مع منتدى المواطنة؟
اخترنا العمل مع منتدى المواطنة لسببين: الأول، أننا تعرفنا على نشاط منتدى المواطنة عبر الانترنيت، والذي يتميز بالجدية والاستمرارية، خاصة أن موضوع المواطنة وموضوع التسامح متقاربان جدا. وثانيا، عندما سألنا بعض الأصدقاء في منطقة المغرب العربي خاصة في تونس حول المنتدى، تكلموا بإيجابية عنه، فبادرنا إلى الاتصال به. والآن نحن نبحث عن شريك في موريتانيا..
مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان
تأسس مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، الذي يترأسه الدكتور إياد البرغوثي (أستاذ جامعي متخصص في علم الاجتماع السياسي)، عام 1998 من مجموعة من الأكاديميين والمحامين ونشطاء حقوق الإنسان والباحثين في قضايا الديمقراطية حقوق الإنسان.
يسعى المركز إلى نشر ثقافة وقيم التسامح والمواطنة المستندة على مفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويلتزم المركز في ذلك بكل المواثيق الدولية ذات الصلة، وبإعلان المبادئ بشأن التسامح الذي اعتمده المؤتمر العام لليونسكو في السادس عشر من تشرين الثاني من العام 1995 في دورته الثامنة والعشرين.
ويهدف المركز إلى تبني مداخل علمية ومنهجية لتأصيل وترسيخ مبدأ حرية الرأي والتعبير، ونشر وترويج مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الثقافة الفلسطينية.
كما يهدف المركز إلى دعم ومناصرة الحقوق التعليمية في فلسطين ودمقرطتها، وتشجيع التعليم الحر ومواجهة السلطوية في المؤسسات التعليمية والدفاع عن الحريات الأكاديمية.
إضافة إلى ذلك، يتمتع المركز بعضوية الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وعضوية شبكة الحد من سوء استخدام الأسلحة الصغيرة، وشبكة الحقوق التعليمية والأكاديمية، وشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، وعضو لجنة تنفيذية في شبكة تكامل للشباب، ومنسق الشبكة العربية للتسامح، وعضو مؤسس للرابطة العربية للديمقراطية، ويشغل منصب نائب رئيس فدرالية مراكز حقوق الإنسان في الدول العربية.
ويعى المركز إلى دعم ومناصرة مبادئ الديمقراطية وحركة حقوق الإنسان وسيادة القانون في فلسطين على طريق إرساء دعائم مجتمع مدني فلسطيني قوي ومؤثر. ويعمل المركز بشكل رئيسي على تعزيز المفاهيم التالية في الثقافة الفلسطينية: التسامح، التعليم الحر، حرية الرأي والتعبير والحكم الصالح.
أما أهم أهدافه، فهي:
أولا، التسامح: نشر ثقافة التسامح كقيمة أصيلة من أجل تعزيز الديمقراطية والتعددية والحق في الاختلاف وقبول الآخر وصيانة واحترام التنوع الفكري والثقافي داخل المجتمع الفلسطيني.
ثانيا، الحقوق التعليمية: مناصرة الحقوق التعليمية في إطار التعليم الرسمي والتعليم العالي في فلسطين، وتحديث وتطوير التعليم المدني والديني بحسب مفاهيم التسامح وحقوق الإنسان، وتشجيع التعليم الحر والدفاع عن الحريات الأكاديمية، ودمقرطة التعليم في المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية.
ثالثا، الديمقراطية وحقوق الإنسان: تعزيز ونشر مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، خاصة مبدأ حرية الرأي والتعبير، وحرية الإعلام، والتركيز على إدخال هذه المبادئ في مناهج التعليم العام والعالي في فلسطين. كما يسعى المركز إلى تعزيز قدرة المجتمع الفلسطيني على التحول إلى الديمقراطية.
رابعا، الحكم الصالح: تعزيز مبادئ وقيم الحكم الصالح، ونشر مفاهيم الشفافية والنزاهة وتشجيع الإصلاح في مؤسسات الحكم ودعم المشاركة ومحاربة الفساد. والمبادرة إلى تقوية دعائم المجتمع المدني وتشجيع الأداء التكنوقراطي في مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.