كرة القدم ..الأندية المغربية تدخل غمار المنافسة في عصبة أبطال إفريقيا وكأس ال(كاف) بطموح الظفر باللقب    السجن المؤبد لزوج قتل زوجته بالزيت المغلي بطنجة        استطلاع: 95% من المغاربة لا يثقون في الأحزاب السياسية    دوري الأبطال.. برشلونة يهزم نيوكاسل ومانشستر سيتي يتجاوز نابولي    الفيفا تفتح تحقيقا بشأن إشراك فريق جنوب إفريقيا للاعب موقوف في تصفيات المونديال    فرنسا تجمد التعاون مع مالي في مجال مكافحة الإرهاب وتطرد دبلوماسيين    تمرين مشترك بين القوات المسلحة الملكية والحرس الوطني الأمريكي لمواجهة الكوارث        إشهار الفيتو الأمريكي للمرة السادسة خلال عامين ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة يزيد عزلة واشنطن وإسرائيل دوليًا    سطاد المغربي يعين الصحافي الرياضي جلول التويجر ناطقا رسميا    "لا موسيقى للإبادة".. 400 فنان عالمي يقاطعون إسرائيل ثقافيا    أسعار النفط دون تغير يذكر وسط مخاوف بشأن الطلب    زلزال بقوة 7.8 درجات يضرب شبه جزيرة كامتشاتكا شرقي روسيا    حديث البقالي يفتح ملف الجامعات المغربية وتصنيفها العالمي    كيوسك الجمعة | الحكومة تبشر المتقاعدين بالإعفاء الكلي من الضريبة على الدخل    وفاة شاب في حادث سير مروع بين مراكش وتحناوت    الدّوخة في قمة الدّوحة !    "الجمعية" تضع شكاية لدى النيابة العامة حول شبهة استعمال الموانئ المغربية في نقل عتاد عسكري موجه لغزة    حموني يطالب بحل أزمة الكهرباء في بولمان.. انقطاعات متكررة وحرمان من الربط    الجزائر تهتز بهروب "ناصر الجن" وحلقة جديدة في صراع الأجنحة داخل الجيش و المخابرات.    طقس حار وزخات رعدية محلية بعدد من مناطق المغرب اليوم الجمعة            المغرب في المهرجانات العالمية    الحضري يتوقع نهائي المغرب ومصر    جلالة الملك محمد السادس يدشن ويزور مشاريع كبرى بالعاصمة الاقتصادية للمملكة    حضور مُستشارَيْن فقط في أشغال لجنة المرافق بجماعة تطوان.. هل مصير الدورة الاستثنائية على كف عفريت؟    تقرير: 68% من المغاربة يشعرون بالأمان عند السير ليلا    إسرائيل تكثف قصف غزة بالدبابات والطائرات وسط موجات نزوح غير مسبوقة    أزولاي: الدينامية الثقافية في المغرب تجسد غناه وقدرته على الانفتاح على العالمية    تدشينات ملكية تؤجل لقاء وزير الداخلية بقادة الأحزاب الممثلة في البرلمان        الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العقوبات البديلة بالمغرب .. هذا تسهر منصة على تنفيذ المراقبة الإلكترونية    المصادقة على تعيينات جديدة في مناصب عليا    شيرين وحسام حبيب يقضيان عطلة في "ماربيا"    الخطوط المغربية تدشن خطا جويا جديدا مباشرا بين الدار البيضاء ونجامينا    البحرين تواجه "أسود الأطلس" بالرباط    إسرائيل تجمد تمويل مكافآتها السينمائية الرئيسية بسبب فيلم «مؤيد للفلسطينيين»    فيلم «مورا يشكاد» لخالد الزايري يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان وزان    الفنان مولود موملال: جمالية الغناء الأمازيغي وفاعليته التوعوية    توقيف حكم مباراة اتحاد طنجة وحسنية أكادير بسبب الأخطاء التحكيمية    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    "مجلس حقوق الإنسان" يطالب بحرية التعبير الرقمي وحماية المواطنين من دعاوى التشهير الحكومية    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    أكثر من 200 مليون دراجة هوائية في الصين        الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة        ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الجسور يوم 09 - 11 - 2020


بقلم د. سالم الكتبي
لم تزل روح المسيرة الخضراء تسكن شوارع المملكة المغربية الشقيقة وأزقتها رغم مرور خمسة وأربعين عاماً على هذا الحدث التاريخي الاستثنائي، الذي يشكل علامة فارقة في تاريخ المملكة الشقيقة، ولا يزال يوفر لشعبها الشقيق المزيد والمزيد من الدروس التي تجلى بعضها منذ لحظة وقوع الحدث، فيما لا يزال بعضها الاخر يتكشف لنا بمرور الأيام والسنوات.
وبمناسبة هذه الذكرى الغالية، جاء خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس جامعاً شاملاً للكثير من هذه الدروس التي تستحق أن يستحضرها الجميع في ذكرى المسيرة المظفرة، من أجل غرس ما تعكسه هذه الدروس من قيم ومبادىء تسكن وجدان شعبنا وتستحق أن يكون لها موقع الصدارة في الوعي الجمعي لدى الأجيال المغربية الشابة، التي لم تعايش هذا الحدث الفريد، وتحتاج منا جميعاً، كمراقبين وباحثين، أن نفند ونحلل في هذه المناسبة الغالية ما تنطوي عليه من قيم ومبادىء ودروس وعبر.
ومن أبرز ما تضمنه خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس من نقاط حديث جلالته عن كون المسيرة الخضراء المظفرة كانت نموذجاً في التعبئة الجماعية والالتزام والانضباط والتشبث بالحق، وهي أسس وقيم ومبادىء لأي عمل ناجح في كل العصور والأزمنة والأوقات، ولاسيما في الوقت والمرحلة الراهنة حيث تواجه الشعوب جميعاً تحديات ضخمة تنموية ومعيشية واقتصادية بل وصحية وتعليمية وبيئية وغير ذلك، وهي تحديات تتطلب في مجملها استحضار مثل هذه الأسس والقيم في التصدي لها ومعالجتها وتحويل ما تنطوي أي محنة إلى منحة واستغلال طاقات ملايين الشباب في عمل جماعي مثمر لصالح الأوطان والحفاظ على تطورها وتقدمها وسيادتها الوطنية.
هذه المسيرة المظفرة كانت وستظل نبراساً، للشعب المغربي الشقيق، الذي استجاب بروح وطنية صادقة لنداء قائد استثنائي هو جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، ليسطّر ملحمة ملحمة تاريخية تتناقلها الأجيال، ويكتب صفحة من صفحات التاريخ الناصعة في طيب العلاقة وقوة الوشائج والروابط التي تربط بين القيادة والشعب في المملكة الشقيقة.
أروع مافي هذه المسيرة الظفرة، برأيي، أنها حققت أهدافها الاستراتيجية المهمة من خلال آلية حضارية وطنية تعكس إرادة الشعوب وقدرتها على تحقيق أحلامها وآمالها والحفاظ على ترابها وسيادتها من خلال ترسيخ مغربية الصحراء وغرس هذه القيمة الغالية في نفوس المغاربة وتكريسها على الصعيدين الاقليمي والدولي، ثم الانطلاق من هذه الروح الوطنية الوثابة وتحويلها إلى وقود وقاطرة للبناء والتنمية، لذا فإن قول صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني أن هذه المسيرة "متجددة ومتواصلة" جاء في موضعه تماماً ويؤكد أن القيادة المغربية الحكيمة تمضي على الدرب ذاته، وتستلهم روح المسيرة المظفرة في مواصلة البناء والنهضة والتحديث للمملكة الشقيقة.
هذه الروح الوطنية التي أنتجتها بامتياز المسيرة المظفرة كان لها تجليات وانعكاسات ايجابية على الموقف الدولي حيال مسألة مغربية الصحراء، بترسيخ هذا الموقف وتعزيزه من خلال قرارات دولية تشرعن الموقف المغربي تجاه الاقاليم الجنوبية، وتستبعد أي محاولات غير شرعية أو أطروحات غير قانونية للعبث أو تغيير هذا الواقع من خلال أفكار وطروحات "متجاوزة وغير واقعية" كما شخصّها خطاب جلالته.
خطاب خطاب جلالته مبشّراً للشعب المغربي الشقيق بأن الحل السياسي الذي يقوم على الواقعية والتوافق بات "لارجعة فيه" من خلال مشاركة فعلية للأطراف المعنية الحقيقية، وهو أمر يتجاوب مع إرادة الشعب المغربي وقيادته الحكيمة التي تسعى للأمن والسلام والاستقرار والتفرغ للبناء والتنمية من دون تفريط في ترابها الوطني، ومن دون هدر لإرادة شعب عازم على التمسك بكل شبر من أراضيه، وقد تجسدت هذه الإرادة في مبادرة الحكم الذاتي التي طرحتها المملكة الشقيقة وتحظى بدعم أممي من جانب مجلس الأمن والقوى الدولية الكبرى، باعتباره المسار الوحيد لتسوية هذا النزاع من خلال فعل حضاري يحفظ الأمن والاستقرار ويصون السيادة والكرامة والكبرياء الوطني المغربي.
سلطّ خطاب جلالته الضوء أيضاً على حصاد العمل الدبلوماسي المغربي المثمر من خلال منصة الاتحاد الافريقي، حيث أكد على تخلص "هذه المنظمة، بفضل رجوع المغرب إلى بيته الإفريقي، من المناورات التي كانت ضحيتها لعدة سنوات، .وأصبحت تعتمد على مقاربة بناءة، تقوم على تقديم الدعم الكامل، للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة، بشكل حصري، من خلال أمينها العام ومجلس الأمن"، كما أشار جلالته إلى انجاز سياسي مواز يتمثل في المسار القانوني والدبلوماسي الذي تحقق في الآونة الأخيرة من خلال قيام عدة دول، ومنها دولة الامارات العربية المتحدة، بفتح قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة؛ "في اعتراف واضح وصريح بمغربية الصحراء، وتعبيرا عن ثقتها في الأمن والاستقرار والرخاء، الذي تنعم به أقاليمنا الجنوبية"، كما بلغ عدد الدول التي لا تعترف بالكيان الوهمي في الاقليم 163 دولة، أي نحو 85% من الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، وهي في مجملها انجازات نوعية كبيرة تحسب للدبلوماسية المغربية وللعلاقات
الطيبة والمتطورة والمتنامية التي تربط بين المملكة وقيادتها الحكيمة وبقية شعوب العالم ودوله.
جاء الخطاب أيضاً مؤكداً على صواب نهج المملكة المغربية في معالجة هذه القضية الوطنية، من خلال الحكمة والمنطق والعقلانية السياسية والدبلوماسية الهادئة التي تتماشى مع الشرعية الدولية، التي تمثل السلاح الأقوى في مواجهة كل المحاولات والمناورات اليائسة التي تقوم بها الأطراف الأخرى من أجل استفزاز المملكة، أكدت للعالم أجمع تمسكها بالحل السياسي من دون أن تتخلى قيد أنملة عن عزمها وإرادتها القوية في التصدي لأي تجاوزات تمس سلامة واستقرار اقاليمها الجنوبية.
الحقيقة أن المسار الحضاري في معالجة القضية، والذي عبر عنه بوضوح تام خطاب جلالة الملك محمد السادس، يعبر عن روح الشعب المغربي في الاسهام الحضاري المبدع في مسيرة التقدم والنهضة والأمن والسلم العالميين من خلال رؤى قائمة على البناء والتنمية لا الصراعات والحروب، وقائم أيضاً على التمسك بالقانون الدولي ومبادىء الأمم المتحدة وبنود ميثاقها، ولاسيما مايتعلق بحسن الجوار واحترام سيادة الدول الأخرى، من دون اللجوء إلى ممارسات فرض الأمر الواقع من جانب واحد، وهي الممارسات التي تمثل جوهر الأزمات والسبب الرئيسي للتوترات في مناطق شتى من عالمنا.
جاء خطاب جلالته أيضاً شاملاً للخطوط العريضة لخطة تنموية طموحة تسعى للاستفادة من قدرات اقاليم المملكة المغربية كافة، واستغلال مواردها البحرية والبرية في إطلاق طاقات تبني جسور المستقبل بين المغرب وعمقه الافريقي كما قال جلالته، الذي ربط بذكاء شديد بين تحقيق هذه الطموحات التنموية الواعدة وبين روح المسيرة الخضراء التي يمكن أن تجعل من هذه الطموحات حقيقة واقعة من خلال ما تنطوي عليه من عزيمة وقوة إرادة وعمل وتنظيم وتعبئة جماعية جادة لقدرات الشعب المغربي الشقيق.
الوفاء لروح المسيرة الخضراء هو بتحقيق طفرة مستقبلية تضع المملكة المغربية في مكانها وموقعها الذي تستحق على خارطة التنمية والنهضة اقليمياً ودولياً، وهذا ما نثق أنه قادم وسيتحقق بإذن الله في ظل هذه الإرادة القوية والثقة المطلقة والعلاقات الراسخة بين الشعب المغربي الشقيق وقيادتها الحكيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.