كشفت منظمة "مراسلون بلا حدود" في تقريرها السنوي حول حرية الصحافة لعام 2025 عن تدهور غير مسبوق في أوضاع الصحفيين داخل الأراضي الفلسطينية، لتصنف فلسطين كأخطر بلد على الصحفيين في العالم، في ظل تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتدهور الأوضاع في الضفة الغربية. وأشارت المنظمة إلى أن ما يزيد عن 200 صحفي قتلوا في غزة منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، من بينهم 42 لقوا حتفهم أثناء تأدية واجبهم المهني، بينما لا يزال عشرات آخرون رهن الاعتقال في السجون الإسرائيلية. وتعرض الصحفيون في الضفة الغربية لاعتداءات متكررة من قبل المستوطنين والجيش الإسرائيلي، وسط غياب تام للمحاسبة. وأكد التقرير أن الصحفيين في غزة يعيشون تحت تهديدات متعددة: من القصف الإسرائيلي، إلى الحصار الخانق، إلى نقص الغذاء والمياه، وصولا إلى الملاحقات الداخلية من قبل سلطات حماس، التي تتهم بعضهم بالتعاون مع الاحتلال، وتفرض قيوداً على عملهم الإعلامي. كما لفت التقرير إلى أن الكثير من الصحفيين يستهدفون بحملات تشويه وتهديدات مباشرة، في ظل دعوات إسرائيلية لمعاقبتهم. ومن داخل القطاع المغلق بالكامل، يواصل الصحفيون، المحترفون منهم والهواة، توثيق جرائم الحرب ونقل الحياة اليومية للمدنيين تحت النار. هؤلاء الصحفيون باتوا الصوت الوحيد للعالم من داخل غزة، خاصة بعد منع الصحفيين الدوليين من دخولها منذ بداية الحرب. وأشار التقرير أيضا إلى أن البيئة القانونية والسياسية في فلسطين تقيد حرية الصحافة بشكل كبير. ففي الضفة الغربية، يستخدم قانون الجرائم الإلكترونية لقمع الأصوات المعارضة منذ 2017، بينما توقف التشريع القانوني في قطاع غزة منذ سيطرة حماس عام 2007، ما يترك المجال واسعا للانتهاكات دون رقيب. وعلى المستوى الاقتصادي، تواجه وسائل الإعلام المستقلة أو شبه المستقلة أزمات مالية خانقة، خاصة في غزة، حيث باتت البنية التحتية الإعلامية مدمرة بالكامل تقريبا جراء الغارات الجوية. ويعيش أكثر من 80% من سكان القطاع، بمن فيهم مئات الصحفيين، في خيام ونزوح مستمر. وتؤكد "مراسلون بلا حدود" أن التحديات اليومية التي يواجهها الصحفيون الفلسطينيون — من القمع والرقابة الداخلية، إلى الاعتداءات العسكرية، إلى الأوضاع المعيشية القاسية — تجعل من ممارسة مهنة الصحافة في فلسطين مسألة بقاء. رغم كل ذلك، أثبت الصحفيون في غزة قدرتهم على الاستمرار، متحدين الموت والرقابة، ليكونوا أعين العالم في واحدة من أكثر مناطق النزاع دمويةً وخطورةً على الأرض.