في طنجة، مدينة المتناقضات، يبدو أن عجلة التسيير تعطلت منذ شهور، حتى اضطر الوالي التازي أخيرًا إلى النزول شخصيًا إلى الشارع. زيارات فجائية قادته، إلى عدة أحياء بالمدينة، كشفت واقعًا مؤلمًا، أرصفة محتلة، شوارع مغلقة، أزبال متراكمة، وفوضى تجارية عارمة. لم يتردد الوالي في إظهار غضبه، كيف لا، والأرصفة تحولت إلى ملك خاص للمقاهي والمحلات؟ كيف لا، والباعة المتجولون يفترشون الفضاء العام بلا حسيب ولا رقيب؟ بل إن مشهد الحاويات المليئة عن آخرها بالقمامة بساحة الأمم، كان كافيًا ليؤكد أن الشركة المفوضة لجمع النفايات تشتغل خارج دفتر التحملات. الوالي التازي، وفق متابعين، بات مقتنعًا أن طنجة تسير بلا بوصلة، وأن المنتخبون يفتقرون إلى أي تصور أو خطة حقيقية، تجعل من عاصمة البوغاز نموذجًا حضريًا يحتذى به، بدل أن تبقى غارقة في الفوضى والارتجال. هذه المؤشرات تؤكد أن التعويل على المنتخبين، وفي مقدمتهم عمدة المدينة، بات رهانًا خاسرًا، فالعجز عن تقديم حلول ملموسة، والتخبط في إدارة الملفات الكبرى، يكشفان أن طنجة لن تنهض إلا عبر تدخلات مباشرة للوالي التازي، وإعادة ترتيب أولوياتها بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح السياسية الآنية. ويحذر متتبعين للشأن المحلي من أن أي تأخير في وضع رؤية متكاملة سيجعل المدينة تلاحق الزمن بدل أن تستبقه، ما قد يؤدي إلى ارتباك كبير عند اقتراب كأس إفريقيا 2025 ومونديال 2030 . فتنظيم كأس إفريقيا وكأس العالم، ليس مجرد حدثين عابرين، بل فرصة ذهبية لإعادة الاعتبار لمرافق المدينة، وتثمين أدوارها الاقتصادية، وإبراز مؤهلاتها السياحية والاستثمارية على الصعيد الدولي. وفي غياب رؤية واضحة لدى المنتخبين، وتفاقم مظاهر التسيير العشوائي، تتعالى الأصوات اليوم مطالبة الوالي التازي بأخذ زمام المبادرة مباشرة دون انتظار مجلس جماعي فقد ثقة المواطنين والفاعلين، وعاجز عن تحمل مسؤولياته. فالتحديات التي تنتظر طنجة تتجاوز قدرة مسيّرين يفتقرون للرؤية، وتحتاج إلى إرادة حقيقية، وقرارات جريئة تضع المدينة على سكة الإصلاح قبل فوات الأوان. إن طنجة، اليوم، تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى خطة طوارئ حقيقية، وتعبئة كل الطاقات والكفاءات، حتى لا تضيع فرصة أن تتحول إلى واجهة مشرقة للمغرب الحديث، وإلا فإنها ستسقط في فخ الفرص الضائعة، والبقاء أسيرة أعطاب التدبير المحلي المزمن.