مع اقتراب موعد الانتخابات الجماعية المقبلة بمدينة طنجة، يتصاعد الجدل حول ضرورة تطهير الساحة السياسية من الوجوه التي ارتبط اسمها بملفات الفساد، واستغلال النفوذ، والبناء العشوائي، والتجزيء السري. الكثير من الفاعلين الجمعويين والحقوقيين بعاصمة البوغاز طنجة، يرون أن عودة هذه الأسماء إلى المشهد الانتخابي ستكون بمثابة انتكاسة لمسار الإصلاح وترسيخ ممارسات الماضي التي أرهقت المدينة. طنجة، التي تشهد اليوم تحولات عمرانية واقتصادية كبرى، دفعت ثمناً باهظاً نتيجة قرارات ارتجالية وغياب الحكامة الجيدة في تدبير الشأن المحلي، وأصبح ملف البناء العشوائي والتجزيء السري أحد أبرز مظاهر هذا الفساد، حيث استفاد منه منتخبون بجماعة اجزناية ومغوغة وبوخالف كذلك مسؤولون سابقون حولوا هذه التجاوزات إلى وسيلة للإثراء السريع، على حساب المصلحة العامة والنظام العمراني. عدد من الفاعلين يطالبون وزارة الداخلية والأحزاب السياسية بتحمل مسؤولياتها كاملة، عبر إقصاء كل من تحوم حوله شبهات الفساد أو صدرت في حقه تقارير سوداء من المفتشية العامة للإدارة الترابية. ويرى هؤلاء أن عملية "تنقية اللوائح" قبل الترشيحات ستعيد الثقة إلى الناخبين وتشجعهم على المشاركة بكثافة، عوض مقاطعة صناديق الاقتراع بسبب الإحباط وفقدان الأمل. كما يؤكد مراقبون أن المغرب يعيش اليوم مرحلة مفصلية في مسار الإصلاح، حيث أصبح الرأي العام أكثر وعياً بحقوقه، وأقل تسامحاً مع ممارسات الريع والفساد. وفي هذا السياق، تمثل الانتخابات المقبلة بطنجة اختباراً حقيقياً لقدرة الأحزاب على تجديد نخبها واختيار الكفاءات النزيهة التي تمتلك رؤية واضحة لتدبير الشأن المحلي بعيداً عن منطق الغنيمة. ويبقى السؤال المطروح: هل ستنتصر إرادة الإصلاح وتنصت الأحزاب لصوت الشارع، أم ستعود نفس الوجوه لتعيد إنتاج نفس الممارسات، في دورة جديدة من الهدر والفساد؟