المغرب 24 : علي طالب أثارت قضية نقل رئيس جماعة اجزناية بعمالة طنجة–أصيلة، وعضو مجلس المستشارين، إلى المستشفى بعد تعرضه لانهيار صحي مفاجئ، موجة واسعة من الجدل، خاصة بعد تزامن الواقعة مع تدخل للشرطة القضائية في إطار بحث قانوني. ورغم الطابع الشخصي والتجاري للملف، سارعت بعض المنابر الإعلامية إلى ربط القضية بسياق سياسي، في تأويلات تجاوزت المعطيات المتوفرة آنذاك، وأقحمت السياسة في ملف لا يمت لتدبير الشأن العام بصلة. ووفق ما تم تداوله في حينه، فقد جرى نقل المعني بالأمر على وجه السرعة إلى مستشفى محمد الخامس، حيث خضع للعناية الطبية اللازمة بعد تدهور مفاجئ في حالته الصحية، استدعى تدخلا طبيا عاجلا ومتابعة دقيقة خلال الساعات الموالية، غير أن تزامن هذه الوضعية الصحية مع إجراء قانوني فتح الباب أمام قراءات وتأويلات متعددة، ذهب بعضها بعيدا في ربط الواقعة بخلفيات سياسية. غير أن التطورات اللاحقة أعادت ترتيب الوقائع، بعدما قضت المحكمة المختصة ببطلان مسطرة الإكراه البدني المتخذة في حق بولعيش، على خلفية ديون موضوع نزاع قضائي. وهو حكم اعتبره متابعون حاسما، إذ أكد عدم توفر الشروط القانونية التي تبرر اللجوء إلى هذا الإجراء الاستثنائي. واستندت المحكمة في قرارها إلى ثبوت ملاءة الذمة المالية للمعني بالأمر، وتوفره على ممتلكات عقارية ومنقولات كافية، ما يجعل مسطرة الإكراه البدني غير مبررة قانونا، في ظل وجود بدائل قانونية واضحة، تتيح للدائن سلوك مساطر التنفيذ الجبري، كالحجز التحفظي أو التنفيذي، وفق ما ينص عليه القانون. وأكد الحكم أن الإكراه البدني لا يعد وسيلة عادية لاستخلاص الديون، بل إجراء استثنائيا لا يلجأ إليه إلا عند ثبوت عسر المدين وانعدام أي ضمانات مالية أو ممتلكات قابلة للتنفيذ، وهو ما لم يثبت في هذه القضية، بحسب ما راج أمام المحكمة من وثائق ومعطيات. ويعيد هذا الحكم إلى الواجهة النقاش القانوني حول شروط تطبيق الإكراه البدني وحدوده، خاصة في القضايا ذات الطابع المدني أو التجاري، حيث يشدد الاجتهاد القضائي على ضرورة احترام مبدأ التناسب، وتفادي المساس بالحرية الشخصية خارج الضوابط الصارمة التي يحددها القانون. غير أن ما يثير الاستغراب، وفق عدد من المتابعين، هو السرعة اللافتة التي جرى بها تداول معطيات ذات طابع شخصي وتجاري، لا علاقة لها بتدبير الشأن العام، ولا بمهام المسؤول الجماعي أو البرلماني. وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول دوافع تسريب هذه المعطيات، وحدود المسؤولية المهنية لبعض المنابر التي هرولت إلى النشر دون مراعاة طبيعة الملف أو تبعاته. ويرى متابعون أن الواقعة لا يمكن عزلها عن السياق العام، خاصة وأن بولعيش يُعد من الوجوه التي تحظى بشعبية محلية معتبرة، وتتوفر، بحسب متتبعين للشأن السياسي المحلي، على حظوظ قوية للعودة إلى الواجهة السياسية. وهو ما يغذي فرضية وجود رغبة لدى جهات ما في كسر صورته والتشويش عليه، عبر توظيف ملف ذي طابع شخصي في معركة التشهير. وفي المحصلة، تطرح قضية بولعيش إشكالية مزدوجة، من جهة، ضرورة احترام المساطر القانونية وضمان عدم توظيف إجراءات استثنائية خارج شروطها، ومن جهة أخرى، مسؤولية الإعلام في التمييز بين ما يهم الرأي العام وما يدخل في دائرة الحياة الخاصة، حتى عندما يتعلق الأمر بمسؤولين منتخبين. وهي أسئلة تظل مفتوحة، في انتظار ترسيخ ممارسة إعلامية أكثر التزاما بأخلاقيات المهنة، بعيدا عن منطق الإثارة والحسابات غير المعلنة.