إسرائيل تستدعي آلاف جنود الاحتياط استعدادا لتوسيع هجومها في قطاع غزة    من الداخلة.. أوجار: وحدة التراب الوطني أولوية لا تقبل المساومة والمغرب يقترب من الحسم النهائي لقضية الصحراء    العلمي يحضر تنصيب رئيس الغابون    مسؤول بالجامعة الملكية: التنظيم المشترك لمونديال 2030 يكرس رؤية جديدة للتعاون الدولي    جلالة الملك يواسي أسرة المرحوم الفنان محمد الشوبي    الوداد يظفر بالكلاسيكو أمام الجيش    الناظور.. توقيف شخص متورط في الاتجار في المخدرات وارتكاب حادثة سير مميتة وتسهيل فرار مبحوث عنه من سيارة إسعاف    حقيقة "اختفاء" تلميذين بالبيضاء    مقتضيات قانونية تحظر القتل غير المبرر للحيوانات الضالة في المغرب    "كاف" أقل من 20 سنة.. وهبي: "قادرون على تعويض الغيابات وأؤمن بكل اللاعبين"    البكاري: تطور الحقوق والحريات بالمغرب دائما مهدد لأن بنية النظام السياسية "قمعية"    إدارة الدفاع الوطني تحذر من ثغرات أمنية خطيرة في متصفح للأنترنيت    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    أمسية احتفائية بالشاعر عبد الله زريقة    نزهة الوافي غاضبة من ابن كيران: لا يليق برئيس حكومة سابق التهكم على الرئيس الفرنسي    تقرير: المغرب يحتل المرتبة 63 عالميا في جاهزية البنيات المعرفية وسط تحديات تشريعية وصناعية    قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء    52 ألفا و495 شهيدا في قطاع غزة حصيلة الإبادة الإسرائيلية منذ بدء الحرب    تفاصيل زيارة الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت وترؤسها لحفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وغالوديت    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    انتحار مراهق يهز حي حومة الشوك بطنجة صباح اليوم السبت    حادث مروع في ألمانيا.. ثمانية جرحى بعد دهس جماعي وسط المدينة    ابنة الناظور حنان الخضر تعود بعد سنوات من الغياب.. وتمسح ماضيها من إنستغرام    المغرب يبدأ تصنيع وتجميع هياكل طائراته F-16 في الدار البيضاء    العد التنازلي بدأ .. سعد لمجرد في مواجهة مصيره مجددا أمام القضاء الفرنسي    توقيف شخص وحجز 4 أطنان و328 كلغ من مخدر الشيرا بأكادير    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مجموعة أكديطال تعلن عن نجاح أول جراحة عن بُعد (تيليجراحة) في المغرب بين اثنين من مؤسساتها في الدار البيضاء والعيون    الملك: الراحل الشوبي ممثل مقتدر    وصول 17 مهاجراً إلى إسبانيا على متن "فانتوم" انطلق من سواحل الحسيمة    الإمارات وعبث النظام الجزائري: من يصنع القرار ومن يختبئ خلف الشعارات؟    تير شتيغن يعود لحراسة مرمى برشلونة بعد غياب 7 أشهر بسبب الإصابة    كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة تحتضن أول مؤتمر دولي حول الطاقات المتجددة والبيئة    العصبة تفرج عن برنامج الجولة ما قبل الأخيرة من البطولة الاحترافبة وسط صراع محتدم على البقاء    إسرائيل تعيد رسم خطوط الاشتباك في سوريا .. ومخاوف من تصعيد مقصود    تونس: محكمة الإرهاب تصدر حكما بالسجن 34 سنة بحق رئيس الحكومة الأسبق علي العريض    الملك محمد السادس يبارك عيد بولندا    كازاخستان تستأنف تصدير القمح إلى المغرب لأول مرة منذ عام 2008    بيزيد يسائل كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري حول وضعية مهني قوارب الصيد التقليدي بالجديدة    الإقبال على ماراثون "لندن 2026" يعد بمنافسة مليونية    منحة مالية للاعبي الجيش الملكي مقابل الفوز على الوداد    الداخلة-وادي الذهب: البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    أصيلة تسعى إلى الانضمام لشبكة المدن المبدعة لليونسكو    اللحوم المستوردة في المغرب : هل تنجح المنافسة الأجنبية في خفض الأسعار؟    الكوكب يسعى لوقف نزيف النقاط أمام "الكاك"    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة منطلق كل سياسة تنموية وهناك وعود برفع ميزانية الوزارة
وزير الثقافة في حوار مع المغربية
نشر في الصحراء المغربية يوم 24 - 01 - 2012

في أول حوار لوزير الثقافة الجديد، محمد الأمين الصبيحي، مع صحيفة مغربية، يكشف عن تصوراته الأولية الثقافية، وعن الالتزامات للنهوض بهذا القطاع الحساس، وينفي تدخل صهره، إسماعيل العلوي، في استوزاره، وتهديده بتقديم استقالته من حزب التقدم والاشتراكية
إذا لم يحصل على حقيبة وزارية، مذكرا بأنه "مناضل تقدمي، انخرط في الحزب سنة 1975، حين كان طالبا بالكلية"، وأن ما يربطه بحزبه "أعمق بكثير من الوزارة" .
قبل الإعلان عن الحكومة، جرى تداول اسمك كمرشح لتولي حقيبة التربية والتعليم، باعتبارك المنسق الوطني لقطاع التربية والتكوين في حزب التقدم والاشتراكية، ألم تتخوف من قبول منصب وزير الثقافة، خاصة أنها تعرف العديد من المشاكل؟
- شخصيا، لا أتخوف من المشاكل، بل أنا مستعد لمواجهتها وتقديم حلول واقعية، عبر سياسة إرادية لتغيير الأمور. التحديات المطروحة في قطاع التعليم تحديات نعلمها بدقة، وكمسؤول عن قطاع التربية والتكوين بحزب التقدم والاشتراكية، اشتغلت منذ زمن على قضايا التربية والتعليم، وعلى الحلول الممكنة، لكن قطاع الثقافة له مشاكله المختلفة، ودوره لا يقل أهمية عن دور التعليم، فالثقافة هي منطلق أي سياسة تنموية بالمغرب، ومن دون حياة ثقافية، تجعل المواطن مطمئنا في بلاده وحياته، ومنفتحا على عطاءات الآخر، ومن دون مجتمع من هذا النوع، لا يمكن أن نطلب من المواطن أن يكون منتجا ومسؤولا، ولا يمكن لأي عملية تنموية أن تتجذر وتتقدم، في مجتمع لا يعترف بثقافته وتراثه، وبمثقفيه ومبدعيه.
إن الثقافة هي جوهر الهوية لشخصيتنا المجتمعية، ونحن مطالبون بالدخول في عهد تطبيق السياسة الثقافية للعهد الجديد. لقد تكلمنا كثيرا عن روح المواطنة، وعن مجتمع المعرفة، وظل ذلك مجرد شعارات، ويجب إعطاء الثقافة معناها الشمولي، والمكانة اللائقة بها في التعليم وفي الحياة اليومية، وفي السياسة الحكومية.
هل هددت فعلا بتقديم استقالتك من الحزب إذا لم يحصل استوزارك؟
- أولا، لم يسبق لي أن طالبت بأن أصبح وزيرا، وباب الأمين العام للحزب مفتوح للتأكد من هذا الأمر، وأكثر من هذا فلا نبيل بنعبد الله، ولا الحسين الوردي، ولا عبد الواحد سهيل، ولا عبد ربه، لم نطلب من الحزب بأن نكون وزراء. إن مسلسل تعيين وزراء التقدم والاشتراكية معروف، ومر عبر محطات مختلفة، منها تحديد القطاعات، التي يرى الحزب أن بعض أعضائه مؤهلون لتحمل مسؤوليتها. وفي هذا الإطار، وردت على الأمين العام مجموعة من الأسماء، من ضمنها اقترح اسم محمد الأمين الصبيحي.
وهل لقرابتك مع إسماعيل العلوي علاقة باستوزارك؟
- لو أخذت قرابتي بإسماعيل العلوي بعين الاعتبار، لكان الأمر سلبيا بالنسبة إلي، لأن الأخير، على عكس ما تظنون، حرص طيلة الفترة، التي كان فيها أمينا عاما، وأنا معه، على ألا يسمح لنفسه بالدفع بصهره إلى المسؤوليات الحزبية. فانخراطي في الحزب ليست له علاقة مباشرة به، وانتخابي في اللجنة المركزية، سنة 1995 ليس هو من كان وراءه، بل حضوري كمناضل في مدينة سلا، وانتخابي لأول مرة في المكتب السياسي سنة 2006 في المؤتمر السابع لا علاقة لإسماعيل العلوي به، إذ كان الانتخاب حرا.
لكنك كنت عضوا في ديوانه، لما كان وزيرا للتربية الوطنية
- طبعا اشتغلت مع إسماعيل العلوي كمدير ديوان، بعد ما اقترح علي المسؤولية، وقلت له إنني آخر من يمكنه تحمل هذه المسؤولية، لأن هناك رفاقا لهم الكفاءة والتجربة نفسها، التي تخول لهم صلاحية تحملها. وأتذكر أن الرفيق محمد سالم لطافي اتصل بي ساعتها، وأخبرني بأن "هذا ليس قرار إسماعيل العلوي، لكنه قرار المكتب السياسي، لأنك تتوفر على الكفاءات والقدرات المطلوبة لهذه المهمة"، وهذا كل ما في الأمر.
أما بخصوص ما جرى تداوله حول التهديد بتقديم استقالتي من الحزب، فأعتبره مجرد كلام لا أساس له. فأنا مناضل في حزب التقدم والاشتراكية، تدرجت في هياكله منذ سنة 1975 كطالب جامعي إلى الآن. وعلى امتداد 37 سنة من النضال الحزبي والسياسي، ومراكمتي لعدد من الشهادات العلمية والخبرات المهنية، لم يحدث أن كنت من المتهافتين على مناصب المسوؤلية لذاتها، فلو كان ما زال إسماعيل العلوي أمينا عاما للحزب لأبعد اسمي بالقوة، رغم الكفاءة والتجربة التي أتوفر عليهما، ولما حصلت على أي حقيبة وزارية. إن المسؤوليات التي تحملتها كانت ذات طابع علمي تربوي، سواء داخل قطاعات الحزب أو ضمن ممارستي المهنية، فأنا أستاذ جامعي، وحاصل على دكتوراه دولة في الإحصائيات، ودكتوراه السلك الثالث من جامعة باريس 6، ودكتوراه دولة في الرياضيات، من جامعة مارغيل المشهورة في كندا، اشتغلت كأستاذ مساعد في كلية العلوم بشعبة الرياضيات، وكأستاذ محاضر، وأستاذ التعليم العالي، وسبق أن اشتغلت في جامعة الأخوين، وكنت نائبا لرئيسها.
لكن هذه التجربة لم تستمر، فكنت أول من قدم استقالته من جامعة الأخوين، فما سبب ذلك؟
- لما عين سعد حصار ، سنتي 1991 و1992، لدى الكتابة الخاصة للملك الراحل الحسن الثاني، بصفته مسؤولا عن تهيئة جامعة الأخوين، من حيث البناء والتجهيز وإعطاء مضمون لهذه الجامعة الجديدة، كان لي الشرف أن أكون ضمن تلك الخلية المصغرة، التي اشتغلت إلى جانب حصار بصفته مسؤولا عن الخلية، وكريم البرنوصي، مسؤولا عن الإعلاميات والتنظيم، ومحمد الأوزاعي، المسؤول عن تتبع بناء الجامعة، وكنت مسؤولا عن الجانب التربوي والتنظيمي. وبعد سنتين، تمكنا، تحت الإشراف والرعاية السامية للمغفور له الملك الحسن الثاني، من وضع أسس جامعة متقدمة، اعتبرت قاطرة لنظام التعليم العالي بالمغرب على مستويات متعددة. ومن المهام التي أشرفت عليها، العمل على هيكلة وتنظيم الخزانة الجامعية، التي شكلت المحور العلمي الجامعي والنواة الصلبة لخلق علاقات التبادل العلمي بين الجامعات، وتيسير العمل البيداغوجي للأساتذة المختصين، وكان انفتاح الجامعة على محيطها أمرا ضروريا، لأن جلالته سبق وقال لنا "إننا نمر بمرحلة جفاف صعبة، وأن سكان منطقة ومدينة إفران يتميزون بعزة النفس"، وقال جلالته "فكرت في مشروع تنموي للمنطقة، هو جامعة الأخوين، ليس من أجل تعليم نخبة ميسورة، بل لجعلها قطبا تنمويا، يساهم فيه مرتادو الجامعة في تنمية المنطقة وتحريك عجلتها الاقتصادية".
لكن، للأسف، لم يستطع المسؤولون الأوائل عن جامعة الأخوين جعلها قطبا تنمويا حقيقيا، لا على صعيد الجامعات المغربية، ولا على صعيد المنطقة والمدينة، بل رغبوا في اختزال مهمتها في تكوين أبناء الفئات الميسورة، ما جعلها بعيدة كل البعد عن الأهداف التي رسمها لها المغفور له الملك الحسن الثاني، ومن ثم، فرسالة استقالتي، التي سلمتها إلى المستشار الملكي، أندري أزولاي، وعبد الفتاح فرج، المسؤول عن الكتابة الخاصة للملك، كانت تتضمن الاعتبارات السالفة الذكر.
سبق أن ترشحت في الانتخابات في سلا لكن الحظ لم يحالفك رغم أنك سليل أسرة سلوية، فما سبب ذلك؟
- ترشحت في الانتخابات التشريعية سنة 2007، وقبلها في الانتخابات المحلية. وبشكل عام، فالانتخابات تعد أهم معركة سياسية، لأنها تمنح للمناضلين إمكانية الاتصال بالفئات الشعبية، والمساهمة في رفع مستوى الوعي، والعمل على التعريف ببرامج حزب تقدمي، يرفع شعار العدالة الاجتماعية، والديمقراطية، والمساواة، وحقوق الإنسان.
وحين نخوض المعارك الانتخابية، فهدفنا هو الاحتكاك بأكبر عدد من المواطنين في الأحياء، وفي الاجتماعات العمومية، والهدف هو كسب ثقة الناس، هل سننجح أم لا؟ الأمر بدأ يطرح في العقد الأخير، حين أصبحت المؤسسات التمثيلية المحور الحقيقي للحياة السياسية، وهو أمر جديد، بدأ يعرفه المغرب منذ عشر سنوات، بعدما كان للمؤسسات أدوار صورية، وكان يكفي أن يكون لك برلمانيون من حجم وطينة الراحل علي يعتة، أو مولاي إسماعيل العلوي، أطال الله عمره، لتقوم بدورك.
اليوم، اقتربنا شيئا فشيئا من دولة المؤسسات، ومقاربتنا للانتخابات تغيرت، لأننا ملزمون باقتراح مرشحين أكفاء، لديهم شعبية، ولديهم ارتباط بأفكار الحزب، الأمر الذي يجعلنا نوجد في الساحة.
لم يحصل الحزب في انتخابات نونبر الماضي سوى على 18 مقعدا، رغم أننا كنا نأمل في 25 مقعدا أو 30، لأن أسماء وازنة من برلمانيينا السابقين، مثل الحسين بلكطو في شيشاوة، ومولاي زغلول السعيدي في الحوز، والحناوي في تاونات، وعبد السلام البقالي في فاس، والمتيوي في شفشاون، وحسن مبخوت في الخميسات، وبرلمانيين آخرين كانوا عرضة لعملية استهدافية حالت دون نجاحهم، لتقزيم التمثيل السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وهذا ما يفسر أنه، ضمن 18 برلمانيا منتخبا في الاستحقاقات الأخيرة، هناك 3 برلمانيين سابقين فقط. كنا نتعامل مع الانتخابات كمحطة نضالية، وفي هذه الظروف، ترشحت في مدينة سلا المدينة سنة 2007، وترشح عبد الصمد الزمزمي في سلا الجديدة، وقمنا بحملة قوية وذكية، وتمكنا من أن تكون لنا مكانة حقيقية في الحقل السياسي السلاوي، عبر نتائج مرضية جدا. وأنا لا أتأسف لعدم فوزي، لأنني أعرف الظروف الصعبة التي ترشحت فيها، والمرشحين الأقوياء، الذين حاولت منافستهم كعبد الإله بنكيران، وإدريس السنتيسي، ونورالدين الأزرق.
اخترت رئيسا لديوانك من الحزب نفسه، فهل ستكون عناصر الديوان الأخرى من الحزب أم ستعتمد على الكفاءة والمهنية كما نص على ذلك رئيس الحكومة؟
- اخترت مولاي علي الإدريسي رئيسا للديوان، لأنه صديقي وأعرفه منذ أكثر من 20 سنة، لأن رئيس الديوان هو وزير الخفاء، فالكثير من القرارات يتخذها رئيس الديوان، في تشاور مع الوزير في البداية، وبعدها، من دون اللجوء إليه لأن الأمر يصبح سلسا، وتكون كل الأمور معروفة. وأكثر من هذا فمولاي علي الإدريسي ذو كفاءة مهنية عالية في التربية والتدبير، ومتمكن من الثقافة و اللغات العربية، والفرنسية، والأمازيغية، وشيئا من الإنجليزية، كما أنه ذو خبرة وحنكة سياسية، فهو عضو في المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ورئيس جماعة. ونحن نزاول مهامنا، ونكتشف جميعا هذا القطاع، وإلى حدود اليوم، هناك تفاعل إيجابي جدا مع فعاليات القطاع، وشركائه، وهم وضعوا فينا ثقتهم وينتظرون منا الشيء الكثير، وإن شاء الله، سنكون في مستوى هذه الثقة. وفي ما يخص عناصر الديوان الأخرى، سنرى ما هي المجالات التي يمكن أن تتطلب تتبعا دقيقا، ومن هذا المنطلق، سنختار الشخص المناسب في المكان المناسب.
أنت شخص جدي وحاد الطباع، فكيف يمكن أن تدبر شؤون الثقافة بهذا المزاج؟
- )يضحك ويقول عن نفسه مسكين( جدي وحاد الطباع، حين يتعلق الأمر بالتدبير. فحين نتفق على أمر وعلى كيفية تدبيره، وعلى أجل لتنفيذه، ويكون هناك إخلال بهذه المسؤولية، في هذه الحالة فقط أكون شيئا ما حادا وصارما. التعامل بشكل غير مهني يستفزني ويجعلني أنفعل وأطلب الحساب بقوة، فباستثناء حالة التهاون هذه، أظن أنني شخص لطيف، ومرن، وبشوش، وأتعامل مع الناس بكثير من الاحترام والتقدير.
لكنك ورثت وزارة حبلى بالمشاكل مع الفاعلين في القطاع، فكيف ستدبر هذه المشاكل، وتعيد المياه إلى مجاريها بين الوزارة والمثقفين والفنانين؟
- لا يمكن لي الحكم على تجربة سابقة أو تدبير للشأن الثقافي لوزير سابق.
لكنك عشت أصداءها، لأن تلك الإطارات راسلت الحكومة والأحزاب
- توصلنا في حزب التقدم والاشتراكية برسائل عديدة من الفنانين والنقابات، وبكثير من الملاحظات حول تدبير هذا القطاع، والمهم اليوم، في إطار حكومة جديدة، أن هناك إرادة سياسية ترغب في جعل الثقافة تلعب دورا رائدا في تلاحم مكونات المجتمع المغربي، بدءا بالنخبة المثقفة، التي لها دور التأطير والتوجيه وبلورة المشروع الثقافي الحداثي الديمقراطي للمغرب، بالارتكاز على أهداف جديدة ومقاربة تشاركية مندمجة.
لهذا، لا بد من أن نطوي صفحة الماضي، وننطلق من أسس جديدة، تجعل المثقفين والمبدعين والفنانين يحظون بمكانة اعتبارية متميزة، وبناء على ذلك، سنسهر على رد الاعتبار للمبدعين والفنانين والمثقفين، بدءا من الاهتمام بأوضاعهم الاجتماعية، بما في ذلك التقاعد، والتغطية الصحية، وظروف العمل. فالجانب الاجتماعي للمبدع والمثقف والفنان أصبح أساسيا في السياسة الثقافية، لأن رد الاعتبار لهؤلاء يعني جعلهم محفزين وقادرين على العطاء .
أدت قرارات جزافية اتخذت من طرف الوزير السابق، إلى مقاطعة المهرجان الوطني للمسرح الاحترافي، والدعم المسرحي، فماذا ستفعل لإنقاذ السنة المسرحية؟
- يجب أن نطوي بسرعة صفحة الماضي، ونحن في الأيام الأولى لمزاولتنا للمهام بالوزارة، حرصنا على لقاء المسؤولين عن المديريات، والموظفين، وأطر الوزارة، وكانت استجابتهم كبيرة وتفاعلهم قويا مع توجهاتنا، وأبلغناهم أننا عازمون على النهوض بهذا القطاع، والدفاع عن رجاله ونسائه ومبدعيه ومفكريه وموظفيه، وطلبنا من الإدارات الاشتغال إلى جانبنا، وأحسست أن هناك تجاوبا من طرف الكل. كما التقينا المسؤولين عن المكتبة الوطنية ومسرح محمد الخامس، والمؤسسات التكوينية المرتبطة بوزارة الثقافة، وسننظم لقاءات مع المديريات الجهوية، والمندوبيات الإقليمية، وفي الأسبوعين المقبلين، سننظم حفل استقبال لبعض الفنانين والمبدعين في كل المجالات، ونأمل أن يكون انطلاقة مرحلة جديدة في الحياة الثقافية بالمغرب.
ما هي الاستراتيجية والسياسة التي ستعتمدها في تدبير قطاع الثقافة؟
- يمكن تلخيصها في ثلاثة محاور:
أولا: الثقافة يجب ألا تظل حكرا على النخبة، وهذا ليس مفهوما قدحيا للنخبة، لأن الثقافة لها دور أساسي في تعزيز الانتماء للوطن من خلال تثبيت مرتكزات الشخصية المغربية بكل مكوناتها، وروافدها الثقافية العربية والأمازيغية، كما أقرها الدستور، والعمل على تطويرها واغتنائها. ولتحقيق ذلك، لابد من نهج سياسة القرب، وخلق منشآت ثقافية على صعيد الجماعات المحلية أو بالأحرى حياة ثقافية ترضي تطلعات المواطنين، وخلق مكتبات، ومجموعة من الإصدارات، التي تتيح للشباب القيام بالخطوات الأولى في مجال الإبداع، من الصورة الفوتوغرافية، إلى الموسيقى، والرقص، وغير ذلك من الفنون.
ثانيا: مواكبة ودعم الإبداع والمبدعين، لرد الاعتبار لهم، وبلورة سياسة تحفيزية مندمجة لكل أشكال وأنواع النشاط والفعل الإبداعيين، وربطهما بالمشروع التنموي لمغرب الحداثة والديمقراطية.
ثالثا: لا بد من تثمين وصيانة التراث الثقافي المادي واللامادي، وخلق جمهور واسع له، فما الفائدة من وجود قصبات ومآثر من دون زوار؟، وما فائدة مهرجانات فنوننا الشعبية مثل أحواش وأحيدوس، والملحون، والعيطة، والطقطوقة، والعلاوي... دون جمهور؟ فالعناية بالتراث وتثمينه، تتطلب سياسة إرادية ومبدعة، لهذا، يجب أن نحافظ عليه ونطوره وأن ندخله في مسلسل تنموي ضمن مخطط شراكات مع كل الجهات المعنية. فأحسن صيغة للمحافظة على التراث هي أن نجعل منه معلمة حية، متأصلة في وجدان المغاربة، ومعبرة عن حضارة المجتمع المغربي، ومتفاعلة معه.
هل ستعيد للمثقفين والفنانين المكتسبات التي تراجع عنها الوزير السابق؟
- بالنسبة إلى دعم المبدعين، لدينا وعود من الحكومة بأنها سترفع مستقبلا من ميزانية وزارة الثقافة. وإلى جانب الدعم المباشر المحدود لوزارة الثقافة، سنتولى دور صلة وصل بين المبدعين والفنانين، من جهة، والمؤسسات الكبرى، من جهة أخرى، بهدف دعم العمل الثقافي والفني. وهذه العملية ستكون مثمرة جدا، لأن الوزارة ستكون المحرك لهذه المقاربة، من أجل دعم الإنتاج الإبداعي المغربي. لكن، في الوقت نفسه، نذكر المبدعين والفنانين أن الجمهور المغربي تغير، وأن ذوقه تطور، وأصبح يلح على جودة الإنتاج المغربي، وبكل صراحة، فما يقدم في بعض الأحيان، في التلفزيون أو خارجه، لا يرقى إلى تطلعات مغاربة العهد الجديد، لهذا، سنحرص، بجانب الحكومة، على أن يتحسن هذا الإنتاج، ويرقى إلى تطلعات المواطنين.
نحن مقبلون على تنظيم المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء، الذي يشهد هذه السنة، أيضا، بعض المشاكل مع بعض الناشرين، فكيف يمكن تطوير هذه التظاهرة، وتجاوز الخلافات؟
- المعرض يعد أول محطة للمسؤول الجديد لهذه الوزارة، ومنذ تعييني، عقدت اجتماعات مع مديرية الكتاب لتتبع سير تنظيم التظاهرة. وفعلا، هناك إعلان لمقاطعة بعض الناشرين في الكتاب المدرسي، وهم قلة، وسنربط بهم الاتصال وندرس مطالبهم، لنجعل من هذه المحطة انطلاقة جديدة للعلاقة بين وزارة الثقافة والكتاب والناشرين، وبين كل المبدعين والفنانين.
ولنجاح هذا المعرض، حرصنا على أن تكون التظاهرة مجالا لتكريم الكاتب، الذي ينتج طيلة أشهر بل سنوات في ظروف صعبة، ويقدم منتوجه الإبداعي، دون أن يحصل أحيانا حتى على الجانب الاعتباري، أما الناشر، فهو صاحب مقاولة، يقدم منتوجا يتوخى منه الربح. إن تكريم الكتاب يعتبر من الأولويات في سياستنا الجديدة، بجعله في متناول الجميع، بمعنى أننا في حاجة إلى توسيع قاعدة القراء، بدءا من التعليم الابتدائي، وهنا أركز على أهمية ودور الخزانات المدرسية، التي لم تفعل أدوارها، للأسف، في الحياة المدرسية.
لهذا، فدور المعرض الوطني للكتاب يكمن في تسليط الضوء على هذه المعضلات. إذ كيف يمكن توفر كتاب في المستوى، ومقاولات نشر مربحة، ومجال ترويج الكتاب وقراءته منعدمان؟ لا توجد اليوم بالمغرب سياسة وطنية لجعل القراءة في متناول الجميع، أو مقاربة لتشجيع القارئ وتطوير إمكانات القراءة. يجب الخروج بالمعرض من المجال التقني للعرض فحسب، إلى مجال الاحتفاء بالكتاب والمبدعين، وانطلاق سياسة تعزيز القراءة والتعاطي مع الكتاب بالمغرب. قد يقول البعض إننا نحلم، لكنها سياسة ممكنة التحقق، إذا هيئت لها كل الظروف الملائمة، وتحدونا الإرادة القوية لذلك. لقد ترسخت لدينا القناعة بأن الثقافة من العوامل الأساسية للدفع بالتنمية في بلد ما، وإذا ربحنا الرهان الثقافي، سنربح بكل تأكيد الرهان الاقتصادي والاجتماعي، والسياسي.
حين نقول المعرض نقول جائزة المغرب للكتاب، التي تسلم في افتتاحه، فما هي التدابير التي من شأنها أن تعيد لهذه الجائزة مصداقيتها؟
- طلبت اجتماعا في أقرب وقت مع لجنة التحكيم، التي تسهر على النظر في الأعمال المرشحة للجائزة، وكوني متأكدة أننا نحرص على أن تمر أشغال الجائزة في شفافية تامة، وأن الأعمال المرشحة ستنشر، وسيعلن عن أعضاء لجان تحكيمها، وما أؤكده هو أن "اللي ف راس الجمل، ف راس الجمالة".
تمثيلية المغرب الثقافية بالخارج باهتة، خاصة أنها تقتصر على أسابيع أو لقاءات عابرة هنا وهناك، بأسماء مكرسة لا تعطي الصورة الحقيقية عن الواقع الثقافي بالمغرب، فما هو الشكل الذي ستمنحه لهذه التمثيلية بالخارج؟
- أعتز بتعيين زهور العلوي من طرف جلالة الملك سفيرة المغرب لدى اليونسكو، ولي علاقة متميزة مع هذه السيدة الفاضلة، التي لها طاقات مهمة، وفي أول نقاش لي معها، فهمت أنها تستوعب أنها سفيرة المبدعين والمثقفين المغاربة لدى اليونسكو، والمدافعة عنهم، وستحاول أن تفتح لهم المجال لولوج التظاهرات الثقافية الدولية.
لم اطلع لحد الآن على الميزانية المخصصة في الوزارة لمشاركة المغرب في هذه التظاهرات الثقافية والفنية عبر العالم، لكن، هناك نقطة قد تبدو ثانوية، لكنها بالنسبة إلي أساسية، وتتعلق بالتأشيرة، فأول إجراء سنتخذ، هو الدفع في اتجاه تسهيل حصول الفنانين والمثقفين على التأشيرة في مختلف السفارات بالدول الأجنبية، فوزارة الثقافة ستصبح الشباك الوحيد لهؤلاء الفنانين والمبدعين في ما يخص التأشيرة، ما دامت هناك دعوة رسمية لحضور تلك التظاهرة. لا نرغب في أن يعاني الفنان أو الكاتب من أجل الحصول على التأشيرة. وسننظر في الإمكانيات المتاحة للوزارة وللمؤسسات لجعل تلك الأسماء المرموقة في مجالي الفن والثقافة، تحضر بشكل مستمر في مختلف التظاهرات الثقافية والفنية الدولية، وسنحرص على أن تكون مشاركتهم متميزة.
في كثير من الأحيان، نتحدث عن الدبلوماسية السياسية والبرلمانية وننسى الدبلوماسية الثقافية، التي تؤثر كثيرا على الرأي العام الوطني أو الدولي. فلا يمكن لدولة قوية مثل المغرب، ألا تسخر إمكانياتها الثقافية والفنية من أجل تغيير الصورة السلبية التي يرغب الأعداء إلصاقها بالبلد.
هذا يدخل، أيضا، ضمن مهام وزارة الخارجية، والتي يؤخذ على قنصلياتها بالخارج أنها تقصر في تحقيق هذه الأهداف
- وزارة الخارجية ليست لديها الإمكانيات الكافية أيضا، ومن يتوفر على ذلك هي المؤسسات البنكية الكبرى، وقطاعات التأمين، أو الإسكان، والفلاحة، التي لديها مؤسسات ثقافية تابعة لها تدعم المثقفين، لكننا نرغب في أن نشركها في التظاهرات الدولية، التي نتوفر على أجندتها، وبإمكانها، أيضا، اختيار المشاركين في تلك الأنشطة ومناقشة فحواها في إطار شراكة مع وزارة الثقافة.
إن القضية الثقافية قضية مجتمعية، وأي سياسة ثقافية تأخذ بعين الاعتبار انتظارات المجتمع وتطلعات المواطنين والداعمين، لن تكون إلا إيجابية بالطبع.
سنختم بمدينتك سلا، التي لديك غيرة كبيرة عليها، جعلتك تشارك في تأسيس "جمعية سلا المستقبل" سنة 2006، فأين وصلتم في هذه الجمعية؟
- الجمعية نشيطة ومتفاعلة مع محيطها السوسيو ثقافي، وأخيرا، نظمت منتدى أورو متوسطيا يهتم بالمدن العتيقة في المحيط المتوسطي، ويسعى إلى إعادة الإشعاع والحيوية إليها، لأن المدن العتيقة أضحت مجالا للسكن فقط، ولم تعد مندمجة في النشاط الاقتصادي. الجمعية حية وفاعلة، وتشتغل ضمن النسيج الجمعوي السلاوي، لكنها تواجه مشاكل ضعف الإمكانيات المادية، مثل باقي الجمعيات الأخرى، ولا ننسى أن هذه السنة كانت متميزة في حياة الجمعية، باعتبارها سنة الحراك السياسي والحراك الاجتماعي.
ماذا يعني لك الربيع العربي؟
- الكل كان يتحدث عن الاستثناء العربي في مجال الديمقراطية، وأحسن درس قدم هو أن العرب ليسوا استثناء.
الحرية؟
- حرية التعبير والمبادرة والمساواة أصبحت حقوقا وقيما كونية، لا يمكن التنازل عنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.