يفترض أن يشكل الأمن والمجتمع المدني جبهة موحدة للتصدي لمختلف الظواهر الإجرامية، وهو الأمر الذي جرى تأكيده، مساء أول أمس الخميس، بعمالة ابن مسيك في الدارالبيضاء (أيس بريس) خلال اجتماع للسلطات، بمختلف أنواعها، مع فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة، تمحور حول "دور المجتمع المدني في التصدي للجريمة". ووقف المجتمعون، خلال هذا اللقاء التواصلي، عند حصيلة الحملة، التي قادتها المصالح الأمنية، أخيرا، تحت إشراف الولاة والعمال، ضد مختلف الظواهر الإجرامية، خاصة ما يسمى ب"التشرميل"، معتبرين أنها حصيلة إيجابية، أعادت أجواء الطمأنينة والإحساس بالأمن لدى المواطنين، من خلال الوجود الميداني المكثف في كافة الأحياء، ووضع حد لنشاط العصابات الإجرامية. كما وضع المجتمعون الأصبع على بعض الأمور، التي ساعدت على تفشي هذه الظواهر في بعض النقط السوداء، واقترحوا حلولا وإجراءات، من شأنها تعزيز الشعور بالأمن والطمأنينة لدى المواطنين، مؤكدين أن ذلك لن يتأتى إلا بتضافر جهود الجميع، والتنسيق والتعاون المشترك، والتبليغ عن كافة الظواهر المشينة في حينها قصد محاربتها. وقال مصطفى عامر، العامل بالنيابة لعمالة مقاطعات ابن مسيك، إن التطبيق الفعلي لمفاهيم التعاون، والشراكة، والثقة، والتواصل، وتضافر الجهود، والتوعية، التي وقع التأكيد عليها من قبل المتدخلين خلال هذا اللقاء، ستمكن من النجاح في النهوض بشتى الميادين على مستوى العمالة، وعلى رأسها المجال الأمني. وشدد عامر على أهمية الجمعيات في التواصل مع جميع شرائح المجتمع، بما يؤهلها لأن تكون حلقة وصل رئيسية في الحفاظ على الأمن والاستقرار، من خلال التواصل مع السلطات، وتقديم اقتراحات في هذا السياق، قصد مواكبة عمل السلطات الأمنية، ومساعدتها على القيام بعملها على أكمل وجه. وأبرز عامر أن "الأمن ضروري ومهم في حياة المواطنين، وتعزيز الشعور بالطمأنينة واجب على جميع المتدخلين، لأن للجميع الحق في الإحساس بهذا الأمر"، معلنا أنه بتضافر "جهود الجميع من سلطات محلية، ومصالح أمن، وفعاليات المجتمع المدني، نسير في الاتجاه الصحيح لمعالجة كافة القضايا والإشكاليات المطروحة". ودعا العامل ممثلي المجتمع المدني إلى نقل هذه الرسالة للمواطنين، وتحسيسهم بأهمية التعاون والتواصل، والتبليغ عن جميع الظواهر المشينة، قصد التصدي لها، مؤكدا على ضرورة استمرار مثل هذه اللقاءات التواصلية. وأضاف أن الدارالبيضاء تعد من المدن الآمنة على الصعيد الوطني، مقارنة بعدد سكانها، منوها ب"الدور الكبير" للقوات المساعدة في الحملات الأخيرة، لمحاربة الظواهر الإجرامية، وتطور هذا الجهاز خلال العشرية الأخيرة، على مستوى الموارد البشرية والتكوين. من جهته، قال حسن الفاروقي، مراقب عام، رئيس المنطقة الأمنية بابن مسيك، إن مصالح الأمن انخرطت في حملات أمنية هادفة بشكل يومي، في نقط مختلفة بالقطاع، مكنت من تسجيل نتائج إيجابية جدا، إذ أمكن القضاء على عدد من الظواهر الإجرامية، على رأسها ما يسمى ب"التشرميل". وأوضح أن مصالح الأمن بابن مسيك تمكنت، قبل انطلاق الحملة، من تفكيك عصابة مختصة في هذا النوع من الجرائم، مشيرا إلى أن المعطيات التي تيسر التوصل لها في هذه العملية مكنت من إيقاف عدد من العصابات، كانت تهدد سلامة المواطنين. وأشاد المراقب العام بتعاون وتجاوب المواطنين، وقال إنهم استحسنوا المجهودات المبذولة والنتائج المسجلة، وطالبوا باستمرار الحملات، مؤكدا وعي المصالح الأمنية بهذا المطلب، ما يحتم عليها الاستمرار في تكثيف الوجود الأمني، لتعزيز الشعور بالأمن والطمأنينة لدى المواطنين. وأفاد الفاروقي أن تدخلات ممثلي المجتمع المدني كشفت أن الكل واع بأن الأمن مسؤولية الجميع، مبرزا أهمية الجمعيات في تأطير المجتمع والمواطنين وتحسيسهم بأهمية التعاون والتبليغ، واصفا الشخص الذي يبلغ عن جريمة بالمواطن الصالح وليس "البركاك". وأعلن المسؤول الأمني تجند مصالح الأمن وفتح أبوابها للجميع، وخصوصا المجتمع المدني، من أجل أمن وسلامة المواطن، مشددا على أن كل حملة تكون مسبوقة باجتماع يترأسه العامل، يتوج بتوصيات تنص على الاحترام التام للقانون خلال التدخلات الأمنية. من جانبهم، أشاد ممثلو المجتمع المدني في تدخلاتهم بالمجهودات الأمنية المبذولة لمحاربة كافة الظواهر الإجرامية. وأعلن المتدخلون أن ظاهرة "التشرميل" غريبة عن مجتمعنا وليست من أخلاق ولا شيم المغاربة، وأنها بمثابة سحابة عابرة، معتبرين أن للأسرة دورا مهما في تقويم سلوك أبنائها ومراقبتهم. كما أكدت التدخلات على دور المجتمع المدني في توعية المواطنين بأهمية التبليغ عن كافة الظواهر المشينة لمساعدة الأمن على التصدي لها، مطالبين بتعزيز الموارد البشرية الأمنية، حتى لا يجري إرهاق عناصر الأمن بالعمل، لضمان نتائج ومردوية حسنة، إضافة إلى التركيز على البؤر السوداء، وتزويدها بالإنارة. كما تطرقت بعض التدخلات إلى حدوث بعض التجاوزات خلال الحملات، داعين المسؤولين إلى السهر على التصدي لها لتلافي حدوث "انزلاقات"، والحرص على التطبيق السليم للقانون، ومراعاة حقوق الإنسان. وأكدت التدخلات أن المقاربة الأمنية ليست وحدها الكفيلة بالتصدي للظواهر الإجرامية، وأن المقاربة يجب أن تكون شمولية، تتحمل فيها كل من وزارات التربية الوطنية والصحة والعدل مسؤولياتها في التربية والتنشئة والعلاج والزجر، فضلا عن إجراء دراسات اجتماعية وسوسيولوجية لشخصية "المشرملين"، قصد مواكبتهم وإعادة إدماجهم وفق منهجية صحيحة، إضافة إلى تنظيم دورات وحملات تحسيسة في أوساط الشباب والتلاميذ بخطورة هذه السلوكات.