توقف تقرير حالة سكان العالم 2020 لصندوق الأممالمتحدة للسكان لمنطقة الدول العربية بعنوان "ضد إرادتي....تحدي الممارسات التي تضر بالنساء والفتيات وتقوض المساواة"، عند ثلاثة ممارسات تضر بالفتاة والمرأة. على رأس هذه الممارسات ظاهرة تشويه الأعضاء التناسلية للفتاة (الختان) وزواج الأطفال وتفضيل الذكور عن الإناث، وهذه الأخيرة ليست منتشرة لكنها توجد ببعض الدول العربية التي تمر من أزمات إنسانية، مؤكدا أن هذه الممارسات مخالفة لحقوق الإنسان، وأنه يجب تكثيف الجهود من أجل القضاء عليها وتعزيز الاستثمار في الرأسمال الاجتماعي للفتاة والمرأة. فيما يتعلق بظاهرة الختان، أفاد التقرير، الذي قدمه الدكتور لؤي شبانة، المدير الإقليمي لصندوق الأممالمتحدة للسكان لمنطقة الدول العربية، اليوم الأربعاء، في مؤتمر صحفي إقليمي افتراضي نظمه الصندوق بشراكة مع جامعة الدول العربية، أن هناك 200 مليون امرأة وفتاة في 31 بلدا عبر العالم هن على قيد الحياة تعرضن للختان، مقابل 55 في المائة في الدول العربية بالنسبة للفتيات بين 15 و19 سنة في الفترة بين 2004 و2018، موضحا أن هذه الظاهرة غير منتشرة في كل الدول العربية. وأضاف الدكتور شبانة أن 52 مليون فتاة وامرأة عبر العالم تعرضن للختان عن طريق الأطباء، مشيرا إلى أنه جرى تشريعه عن طريق الأطباء والعاملين في الصحة بسبب وقوع وفيات عند عملية الختان، داعيا إلى توقيف هذه الظاهرة لأنه لا يجوز حتى للأطباء أو العاملين في الصحة القيام به، لكونه عمل مخالف لحقوق الإنسان ويؤثر على حياة الطفلة أو المرأة على مدى الحياة. وأشار الدكتور شبانة إلى أن معظم الدول العربية جرمت هذا العمل حتى على مستوى الأطباء، وأنه يجب القضاء عليه نهائيا، مضيفا أنه منتشر بين الفئة الأقل تعليما وبالقرى والأرياف أكثر منها بالمناطق الحضرية. وعلى مستوى زواج الأطفال، أفاد الدكتور شبانة، أن نسبة زواج الأطفال قبل سنة 18 سنة عبر العالم قدرت ب 20 في المائة، و20 في المائة في الدول العربية في الفترة بين 2005 و2019، معبرا أن هذه النسبة ليست مؤشرا جيدا. وأضاف الدكتور شبانة أن الصندوق يوصي بإبقاء الفتاة في مقاعد الدراسة حتى تكون عنصرا فاعلا في المجتمع، والاستثمار في خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وتعزيز الاستثمار في رأسمالهن الاجتماعي، مشيرا أن زواج الأطفال يؤثر على الالتحاق بالتعليم بالمنطقة العربية، حيث إن صافي معدل الالتحاق بالتعليم سنة 2018 في الابتدائي بالنسبة للذكور بلغ 85 في المائة و83 في المائة بالنسبة للإناث، فيما وصلت النسبة في مستوى الثانوي إلى 64 في المائة بالنسبة للذكور مقابل 59 في المائة للإناث، موضحا أنه لازال هناك تفضيل لتعليم الذكور مقارنة بالإناث رغم أن كل الدراسات تشير إلى أن الإناث أفضل تحصيلا في التعليم. وفي ما يتعلق بتفضيل إنجاب الذكور على الإناث، سجل التقرير، في الفترة بين 1979 و2020 أن هناك 140 مليون أنثى عبر العالم في عداد المفقودات بسبب الاختيار المتحيز لجنس الجنين، فيما سجل التقرير على مستوى الدول العربية، أن هناك 1400 أنثى مفقودة في تونس في الفترة بين 2013 و2017. ويتوقع التقرير، إذا استمر الوضع على هذا الحال، أن تسجل في الفترة بين 2020 و2030 13 مليون حالة زواج للأطفال في العالم ومليوني حالة ختان، مشيرا إلى أن جائحة كورونا لم تؤثر على هاتين الظاهرتين بقدر ما أثرت على الخدمات المقدمة للنساء. وأكد الدكتور شبانة أن النهج الحقوقي والاستثمار في الر أسمال الاجتماعي للفتاة والمرأة مهم وأن الطريق للمستقبل يبدأ بالمساواة بين الجنسين، وأن تحقيق نتائج متساوية يقتضي تحقيق العدالة والاحترام والوفاء اتجاه النساء، مشيرا إلى أن عددا من الدراسات للصندوق بينت أنه كلما قمنا بتعزيز خيار النساء والفتيات وقدرتهن على التمتع بحقوقهن في ممارسة هذا الاختيار كلما تحسنت المؤشرات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية بالمجتمع. من جهتها قالت السفيرة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد، رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية "إن إصدار مثل هذا التقرير في هذه الظرفية الاستثنائية التي يمر بها العالم بسبب جائحة "كوفيد-19" وتبعاتها على المجتمع، خاصة المرأة والفتاة والطفل وما يتناوله من محاور حول المواضيع الحساسة والمؤثرة في حياة المرأة، يؤكد على أهميتها وضرورة العمل مع الدول لمعالجتها كأولوية أساسية لتحقيق التنمية".