عمر الحياني يتعرض لاعتداء داخل مجلس الرباط و"فدرالية اليسار" تحمل السلطات المسؤولية    انتقادات لغياب أخنوش المتكرر عن جماعة أكادير ومطالب بافتتاح المستشفى الجامعي للمدينة    مجموعة شبابية تدعو إلى نقاشات عمومية مفتوحة تمهيدا لإصدار وثيقة مطالب شعبية    وزير الصحة: مديرية الأدوية تعرف اختلالات تدبيرية وأخلاقية والتلاعب بالصفقات إشكالية كبيرة    براهمة: غالي وبن ضراوي لا يزالان في حالة اختطاف ومصيرهما مجهول حتى الآن    استمرار احتجاز إسرائيل لنشطاء مغاربة يصل إلى البرلمان.. ومطالب لبوريطة بتدخل عاجل    "سبيس إكس" تطلق 28 قمرا صناعيا جديدا إلى الفضاء    السجن المؤبد لشاب قتل والدته بطريقة بشعة في طنجة    إحباط تهريب أزيد من 21 ألف قرص مخدر بميناء طنجة المتوسط داخل ألعاب أطفال!    ثلاثة باحثين بينهم الأردني من أصل فلسطيني عمر ياغي يفوزون بجائزة نوبل في الكيمياء    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    "فيفا": أكثر من مليون شخص يتقدمون لبرنامج المتطوعين الخاص ب"مونديال" 2026    السكرتارية الوطنية للمختصين التربويين تعلن عن وقفة احتجاجية أمام وزارة التربية الوطنية    بعد غياب طويل.. عمر بلافريج يعود إلى الواجهة عبر "جيل Z"    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    تبادل المعطيات.. توقيع اتفاقية شراكة بين كتابة الدولة المكلفة بالتجارة الخارجية ومكتب الصرف والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي    مارين لوبان تنتقد خطة ماكرون لتشكيل حكومة جديدة: "مسرحية بلا نهاية"    مجموعة المغرب تواصل التألق في مونديال الشباب..    ارتفاع قياسي في أسعار الذهب العالمية    سويسرا تختار المغرب شريكا استراتيجيا جديدا لتنمية الاقتصاد الأخضر وخلق فرص الشغل    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    لماذا لا تكفي إقالة الوزير لإصلاح التعليم في المغرب؟    وقفة احتجاجية بتطوان للمطالبة بإطلاق سراح مغاربة تحتجزهم إسرائيل    مباحثات مغربية سنغالية نحو شراكة معززة وآفاق استراتيجية واعدة    التهراوي: تشخيص وضعية قطاع الصحة كشف أوجه قصور استدعت إصلاحا هيكليا    النيابة العامة تأمر بفتح تحقيق بعد إقدام شخص على إضرام النار في آخر بالشارع العام    انتشال جثة من حوض مائي بإقليم سيدي بنور.. نازلة غرق أم بفعل فاعل؟    الياسميني يترجم للفيلسوف "براندوم"    بلاغ للوكيل العام حول اضرام النار في الفنان " تسوليت"        كأس العالم لأقل من 20 سنة.. المنتخب الإسباني يحجز بطاقة العبور لربع النهائي بتغلبه على نظيره الأوكراني (1-0)    الركراكي يستدعي لاعب الجيش الملكي لمباراتي البحرين والكونغو    جريمة في الخلاء.. الأمن يوقف متشردين قتلا شخصًا بطريق طنجة البالية    جمعية إشعاع للثقافات والفنون تنظم الدورة الثانية لمهرجان ليالي السينما بالعرائش    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بالأحمر        جيل زد.. حين تكلم الوطن من فم    التصفيات الإفريقية المؤهلة لمونديال 2026 .. المغرب يستضيف أربع مباريات لحساب الجولتين التاسعة و العاشرة    أزمة سياسية غير مسبوقة في فرنسا    مهرجان الإسكندرية السينمائي .. المخرج المغربي حكيم بلعباس ينشط ماستر كلاس حول الإخراج    جيل الغضب وسفينة الحكومة: حين تهتزّ مسؤولية التحالفات وتتعالى أصوات الشباب        التغيير في المغرب.. غير ممكن !    اليماني: سعر المحروقات يبنغي ألا يتعدي 10 دراهم وتحرير القطاع لم ينعكس على الصحة والتعليم    إسرائيل تطلق نشطاء وتحتفظ بمغربيين    من باريس إلى الرياض.. رواية "جزيرة القارئات" الفرنسية بحرف عربي عبر ترجمة مغربية    مولودية وجدة يحقق فوزه الأول وشباب المحمدية يتعثر    هذا الموريسكي .. سر المخطوط الناجي (2)    انطلاق "دوري الملوك" في السعودية    دراسة: التدريبات الرياضية تقلل الإحساس بالجوع    الخلايا التي تمنع أجسامنا من مهاجمة نفسها.. نوبل الطب 2025 تكرّم اكتشاف "فرامل المناعة"    أهم نصائح التغذية لشهر أكتوبر    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    دراسة: فحص بسيط يكشف عن خطر الإصابة بالخرف قبل عقود من ظهور الأعراض    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا تكفي إقالة الوزير لإصلاح التعليم في المغرب؟
نشر في لكم يوم 08 - 10 - 2025

في مغرب اليوم، يقف التعليم عند مفترق الطرق، حيث تتداخل التقاليد القديمة مع تطلعات مجتمع يتغير بوتيرة سريعة. في هذا المشهد، يطل "جيل Z"؛ جيل يحمل في عقله همومه الخاصة: وعيا نقديا قلقا لا يهدأ، وجرأة على السؤال تتجاوز حدود الخوف والرتابة. هذا الجيل لا يقبل المعلومات على شكل شعارات وقوالب جاهزة، ولكنه يبحث عن الفهم، عن مغزى المعرفة في عصر مفتوح، يتغير. إنه جيل يوازن بين متطلبات زمنه، دون أن يفقد ذاكرته التي تربطه بوطن عريق في حضارته، غني بثقافاته المتنوعة، بين طموحه الفردي والتزامه الاجتماعي، بين روح الحرية التي تتجاوز الحدود التقليدية والانضباط الذهني، ويجعل من التفكير النقدي أداة للوعي والتحرك، تماما كما كانت الحركات الشبابية في التاريخ شرارة لضخ دماء التجديد في السياسات وإعادة تشكيل المجتمعات.
لكن هذه القوة الفاعلة، مهما بلغت، لا تستطيع اختزال طموحاتها في تغيير شخص أو منصب. فالتعليم الذي ينادي شباب اليوم بالاهتمام به، ليس قضية وزير أو قرار لحظي، بل منظومة معقدة مبنية على ثقافة متجذرة، وأساليب تدريس تقليدية، وهياكل مؤسساتية متجاوزة. فاستقالة الوزير، كما يطالب الشباب من بين أمور أخرى، ومهما بدت رمزيتها استجابة لجانب من تلك المطالب، فلن تلمس جذور المشكلة، ولن تخلق بيئة تعليمية قادرة على تحفيز التفكير النقدي أو إبداع المعرفة. الإصلاح الجوهري يبدأ من إعادة بناء ثقافة التعلم نفسها، من إعادة الاعتبار للقيم التي تحكم طريقة اكتساب المعرفة، ومن تشكيل وعي جماعي يجعل التعلم فعلا مستمرا وورشا مفتوحا في بيئة حرة حاضنة لكل فئات المجتمع، وليست امتيازا لطبقة ميسورة على حساب طبقات أخرى.
في قلب هذا التحدي تكمن البنية المؤسسية للتعليم: شبكة من المدرسين، والمناهج والقوانين والمرافق. هذه البنية، إذا بقيت جامدة أو معزولة عن محيطها المتغير باستمرار، ستعيد إنتاج الفشل مهما تغيرت الشخصيات على رأس المؤسسات. إصلاح التعليم يتطلب إعادة هندسة كامل منظومته: تأهيل المدرسين، تحديث المناهج، وخلق بيئةٍ تشجع على الابتكار والإبداع والتفكير المستقل، حيث يصبح الطالب شريكا في العملية التعليمية بدل أن يبقى متلقيا سلبيا للمعلومات، دون إغفال تنقية المؤسسة التعليمية من أمراض الزبونية والغش والمتاجرة والاستغلال.
ومن هنا تظهر أهمية إشراك الشباب والاستماع إلى تطلعاتهم، بهدف إعادة صناعة القرار التعليمي بشكل شامل وعميق. "جيل Z" يملك الرغبة والوعي والقدرة على المساهمة الفعلية في تصميم المناهج التي تتناسب مع عصره واحتياجاته المعرفية والرقمية، واختيار طرق تعلُّم حديثة تركز على "التفكير النقدي"، التعلم بالمشاريع، والمرونة في اكتساب المهارات. إضافة إلى ذلك، من الأفضل تنمية مهاراتهم، تقديم التكوين اللازم لهم، اطلاعهم على تجارب النهضات التعليمية الناجحة في العالم، وإعدادهم عمليا ليصبحوا شركاء فاعلين حقيقيين في الإصلاح التعليمي، أفضل من أن يظل الأمر مجرد صدام بين طرفين يسيران نحو التناقض: طموحات الشباب وتجاهل الحكومة، إن لم يكن تعنتها. ففي منظومات التعليم الناجحة عالميا، يظهر أن مشاركة الطلاب بهذه الطريقة تحوّل التعلم إلى تجربة حية وديناميكية، تعزز الشعور بالمسؤولية الذاتية والانخراط الجماعي، وتضمن أن الإصلاح لا يبقى شعارا رمزيا، إنما يتحول إلى فعل ملموس ومستدام.
إن النهضة التعليمية، إذا أرادها المجتمع بصدق، تبدأ من إعادة تشكيل "العقل الجمعي": تقدير الفهم وليس الشهادات، العقل النقدي وليس التلقين، والحرية الفكرية وليس الطاعة العمياء.. كل تغيير شكلي، مهما كان، يظل بلا جدوى إذا لم يمتد إلى الجوهر: وعي المجتمع، تكوين المدرس، بيئة مدرسة حاضنة، ومناهج تعليمية تتماشى مع العصر. التعليم، في نهاية المطاف، هو مسؤولية جماعية تمتد من حارس بوابة المدرسة إلى أعلى سلطة وزارية.
فإذا كان كل فرد في المجتمع، من الطالب إلى المدرس، من الأسرة إلى المؤسسات، يتحمل نصيبه من المسؤولية في صناعة المعرفة وتشكيل بيئة تعليمية محفزة، عندئذ يسير قطار التعليم نحو وجهته المبتغاة. والوهم الأكبر، أن ننتظر من استقالة وزير حدوث معجزات.
مسؤولية النهضة التعليمية تقع على عاتق كل واحد منا، والإصلاح يبدأ من المشاركة والوعي والعمل الجماعي الحقيقي.
خريجة جامعة أسكودار كلية الإعلام الجديد والاتصال اسطنبول تركيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.