يبدو أن معركة إجبارية فرض إلزامية جواز التلقيح لولوج الموظفين إلى مقرات عملهم تتجه نحو التصعيد، خصوصا بعد إعلان بعض المركزيات النقابية رفضها الكلي لهذا القرار معتبرة إياه غير دستوري. فبعد موقف الاتحاد النقابي للموظفين العضو في الاتحاد المغربي للشغل المندد بالقرار، تعززت الجبهة النقابية الرافضة له، بإعلان الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بدوره "رفض هذا الإجراء غير القانوني، والمخالف لمقتضيات الدستور المغربي"، مستغربا "الإقدام على مثل هذه القرارات في ظل التجاوب الطوعي للمغاربة مع عملية التلقيح". واعتبر الاتحاد الوطني للشغل منع الموظفين من ولوج مقرات عملهم اعتداء على حق دستوري، وعرقلة غير قانونية لسير المصالح الإدارية والخدمات التي قدمها الموظفون لعموم الشعب المغربي. كما نبه الحكومة إلى عدم قانونية هذا الإجراء، أو أي إجراءات زجرية أو عقابية أخرى بسبب اللقاح، لأنه ينبغي أن يبقى أمرا اختياريا، معلنا وقوفه بكل الوسائل النضالية المتاحة إلى جانب المتضررين من تعسف أي إدارة تمنعهم من دخول مقرات عملهم. ودعا الاتحاد الوطني للشغل، أيضا، الحكومة إلى التراجع عن هذا الإجراء، الذي يخرق حقوق الموظفين والموظفات ومقتضيات النظام الأساسي للوظيفة العمومية، مؤكدا على ضرورة تبني النهج التشاركي في إدارة القرارات المرتبطة بتداعيات الجائحة، وعدم الاستفراد بكل ما له علاقة بحقوق المأجورين، والتعجيل بتنظيم جولات الحوار الاجتماعي من أجل التعاطي مع الوضع الاجتماعي الحالي، وبحث سبل تحسن أوضاع الشغيلة المغربية، خصوصا في ظل الآثار السلبية التي خلقتها جائحة كورونا. وكان الاتحاد النقابي للموظفين العضو في الاتحاد المغربي للشغل رفض من جانبه إلزام الموظفين بالإدلاء بجواز التلقيح لأجل ولوج مقرات عملهم. واعتبر الاتحاد أن بلاغ رئاسة الحكومة المتعلق ب"ضرورة تعزيز تدابير مراقبة التزام الموظفين بتوجيهات السلطات العمومية، خاصة ما يتعلق بجواز التلقيح، سيفتح مما لاشك فيه، المجال نحو منع الموظفين غير الملقحين من ولوج مقرات العمل بشكل تعسفي، ومن ثمة اتخاذ إجراءات مجحفة وغير قانونية في حقهم، تحت ذريعة الانقطاع المتعمد عن العمل، قد تصل إلى الاقتطاع من أجورهم بل وتطبيق مسطرة ترك الوظيفة في حقهم، أي حذفهم النهائي من أسلاك وأطر الوظيفة العمومية". وأوضح الاتحاد، في بلاغ له، أن الشروع في تنفيذ هذه الإجراءات عبرت عنها بوضوح "مذكرة العمل حول إجراءات وتدابير العمل لمكافحة وباء كورونا" الصادرة عن الكتابة العامة لوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة بتاريخ 02 فبراير 2022، والتي تندرج في إطار الشروع في التفعيل الرسمي لبلاغ رئاسة الحكومة سالف الذكر. وحسب الاتحاد، تتضمن المذكرة تدابير تمس وضعيات نظامية مؤطرة بموجب النصوص التشريعية الجاري بها العمل، علما أن هذه المذكرة لا تستند إلى أي أساس تشريعي، بل ومخالفة في الصميم للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي يؤطر بوضوح حالة الانقطاع المتعمد عن العمل، ويحدد المساطر والنتائج القانونية التي ينبغي أن تترتب عنه. وحذر، في هذا السياق، مما أسماه "مخاطر زرع الانقسام والتفرقة بين الملقحين وغير الملقحين في صفوف الموظفين، وبالتالي صرفهم عن الإشكالات والقضايا التي تهم الوظيفة العمومية، وعلى رأسها استمرار سياسة تجميد التوظيف بالعديد من القطاعات، وتفكيك الخدمة العمومية، وتجميد الأجور، والتأخر الكبير في صرف مستحقات الترقية في العديد من القطاعات، وضرب الحرية النقابية، والتهييئ لفرض إصلاحات اجتماعية مضادة تهم تفكيك أوضاع الشغل والتقاعد والإضراب وغيرها، في ظل استمرار تغييب الحوار الاجتماعي مع الحركة النقابية". كما حذر الاتحاد، أيضا، الحكومة من مغبة منع الموظفات والموظفين من ولوج مقرات عملهم بدعوى عدم الإدلاء بجواز التلقيح، الذي لا يمكن اعتباره سوى ضرب من ضروب الانتهاك السافر للحق في العمل الذي يضمنه الدستور والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من لدن بلادنا، وكذا النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية. وسجل، كذلك، "استغرابه مرة أخرى من مواصلة الحكومة الاستفراد بتدبير مخلفات الجائحة وتداعياتها بمنهجية أحادية لا يمكن أن تؤدي إلا إلى تأجيج التوترات الاجتماعية وتعميقها، ما سينعكس سلبا على أدوار المرفق العام، وعلى جودة الخدمات التي يقدمها للمواطنين، في ظل استمرار التغييب الكلي لأي شكل من أشكال الحوار الاجتماعي مع الحركة النقابية في القضايا التي تهم عالم الشغل بالقطاع العام". وجدد الاتحاد في الأخير مطالبته رئيس الحكومة بإعادة النظر في المادة الثالثة من المرسوم بقانون المؤطر لحالة الطوارئ الصحية وفق منهجية قانونية تقطع مع اتخاذ التدابير الوقائية بواسطة البلاغات الغامضة والمرتجلة، بما يراعي حماية الصحة العامة واحترام الحريات الفردية والعامة.