ولد الرشيد يتباحث مع سفراء بلدان آسيا-المحيط الهادي المعتمدين بالمغرب    تنفيذا لما جاء في مشروع مالية 2026.. الحكومة تكثف جهودها لإدماج الشباب والنساء في سوق الشغل    واشنطن تحسم مسودة قرار الصحراء المغربية تمهيدا لتصويت مجلس الأمن    الذهب يصعد وسط تراجع الدولار واحتمالات خفض الفائدة    استعدادا للمونديال... المغرب سيقتني 168 قطارا بينها 18 فائق السرعة    تعديل الكربون.. آلية أوروبية تضع الشراكة مع المغرب في اختبار صعب    بورصة الدار البيضاء تستعيد التوازن    ميسي يتطلع للمشاركة في كأس العالم 2026 رغم مخاوف العمر واللياقة    بدوان تحمل العلم الوطني في المرحلة 11 "سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء"    إنجازات كرة القدم المغربية تلهم مصر    صلاح وحكيمي ضمن ترشيحات "فيفبرو"    اعتداء على دراج شرطة يطيح بمتهورين    كيوسك الثلاثاء | المغرب ضمن الدول ال 30 الأفضل سمعة في العالم    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    بريطانيا تجدد التأكيد على دعمها لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية    إقبال متزايد على برنامج دعم السكن..    المغرب يتوفر على إمكانات "مهمة" للنهوض بفلاحة مستدامة (ممثل الفاو)    طقس الثلاثاء: أجواء غائمة جزئيا بعدد من الجهات    تقرير أممي يتهم أكثر من 60 دولة بينها المغرب بالمشاركة أو التواطؤ في إبادة غزة    طنجة وتطوان تدخلان عصر النقل الذكي بعد استقبال 56 حافلة عصرية ضمن المرحلة الأولى    المغرب وإسبانيا يعززان تعاونهما لمواجهة آثار التغير المناخي    أمن طنجة يوقف سائق عربة لنقل العمال دهس سائق دراجة نارية ولاذ بالفرار    الكاميرون: بول بيا يفوز بولاية رئاسية ثامنة في عمر 92 عاما    إعادة انتخاب الحسن وتارا رئيسا لساحل العاج لولاية رابعة بغالبية ساحقة    المنتخب المغربي النسوي لأقل من 17 سنة يواجه كوريا الشمالية في اختبار حاسم بمونديال الناشئات    قافلة طبية جراحية لساكنة حد الغربية بضواحي طنجة    الجمعية المغربية للباحثين في الرحلة وجمعية نظرة للثقافة والإعلام تنظمان:مصر في مرآة رحلات مغربية معاصرة    71 ألف و114 مستفيدا من دعم السكن    الانخفاض ينهي تداولات بورصة البيضاء    البرنامج الجديد للنقل الحضري العمومي.. إستلام 257 حافلة جديدة بميناء الدار البيضاء    الأمين العام الأممي يدين انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف    زمن النسيان العام    الكاتب المغربي سعيد بوكرامي مرشحا لنيل جائزة ابن خلدون – سنغور للترجمة 2025    مجلس الحكومة يستعد الخميس المقبل لمنح ثلاث شركات للاتصالات تراخيص الجيل الخامس    محمد البارودي يقود الديربي بين الوداد والرجاء    البلاوي: "حماية المال العام تعد من المهام الجسيمة التي تستلزم تعبئة تشريعية وقضائية ومؤسساتية متكاملة"    المانوزي: التمديد للشكر تم في منتصف الليل بشكل غير ديمقراطي وقد ألجأ للطعن إنقاذا للحزب    تحرّك قانوني مغربي ضد توكل كرمان بعد إساءتها للمغرب    المدافع باعوف ضمن اللائحة الأولية لأسود الأطلس    أهداف حاسمة ومساهمات قوية ل "أسود الأطلس" في صدارة المشهد الأوروبي    في قلب بنسليمان..مهرجان عيطة الشاوية يرى النور في مدينة المونديال    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    يضم نقوشا صخرية وقبورا جنائزية.. مطالب بحماية موقع أثري بكلميم من التخريب    تتويج المغرب في جائزة اللغة العربية    إقبال كبير من المهنيين وعشاق السينما على مهرجان الفيلم بطنجة    فاطمة عاطف.. تكريم بطعم المواويل    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    هامبورغ تتصدر مجددا قائمة الولايات الأكثر سعادة في ألمانيا    ترامب يرغب في لقاء كيم جونغ أون    دونالد ترامب يبدأ زيارة رسمية لليابان    الصين: ارتفاع أرباح الشركات الصناعية الكبرى بنسبة 3,2 بالمائة عند متم شتنبر    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحريري والمسدس المصوب على رأسه
نشر في المساء يوم 16 - 11 - 2010

نتفق مع السيد سعد الحريري، رئيس وزراء لبنان وزعيم تيار المستقبل، في موقفه الذي عبر عنه في مقابلته مع محطة «روسيا اليوم» التلفزيونية العربية قبل يومين، وأكد فيه أنه لن يرضخ للتهديد، لتنفيذ ما يريده الآخرون منه، في إشارة واضحة إلى «حزب الله» والسيد حسن نصر الله على وجه الخصوص، ولكن ما نختلف معه فيه أيضا هو رضوخه الحالي للضغوط الأمريكية، وربما العربية التي تطالبه بالمضي قدما في تبني مشروع المحكمة الدولية المتعلقة باغتيال والده، وقرارها الظني المتوقع، رغم معرفته المسبقة بأن هذا الرضوخ قد يؤدي ليس إلى تفجير لبنان فقط وإنما المنطقة العربية بأسرها.
الذي يضع المسدس على رأس السيد سعد الحريري ليجبره على اتخاذ قرارات لا يريدها هو، في رأينا، الولايات المتحدة الأمريكية بالدرجة الأولى، وبما يخدم الأجندات الإسرائيلية، وليس اللبنانية، من حيث القضاء على كل أنواع المقاومة الوطنية المشرفة، وإبقاء إسرائيل دولة نووية إقليمية عظمى مهيمنة ومسيطرة على المنطقة ومقدراتها وثرواتها، ومواصلة لعمليات الإذلال لشعوبها ومقدساتها، فممنوع أن تكون هناك مقاومة تذكر بالكرامة العربية المهدورة بعد أن استسلم كبار الكبار.
المحكمة الدولية مسيسة فعلا ولا جدال في ذلك، ويجري توظيفها حاليا من قبل الإدارة الأمريكية لخدمة أجندات تريد خلق الذرائع والحجج لإيقاع حزب الله، ومن خلفه سورية، في مصيدة تحدي قرارات ما يسمى بالشرعية الدولية، من خلال تثبيت تهمة عدم التعاون مع محققي المحكمة، تمهيدا لشيطنتهما وتبرير العدوان عليهما.
السيد الحريري يتعرض حاليا لعملية «ابتزاز» أمريكية واضحة للعيان، عنوانها تحريضه على الثأر لمقتل والده، بتأييد المحكمة وإجراءاتها وتحقيقاتها، وتبني أي قرار ظني يمكن أن تتمخض عنه، يدين «حزب الله» أو بعض عناصره، يكون مقدمة لبدء عجلة الفتنة الطائفية في الدوران، وبما يؤدي في نهاية المطاف إلى حرب أهلية أخرى تحرق الأخضر واليابس في لبنان ويمتد لهيبها إلى الجوار العربي وليس الإسرائيلي للأسف. تماما مثلما استهدف مفجرو الحرب الأولى في السبعينيات رأس المقاومة الفلسطينية والتفاف معظم الشارع اللبناني المسلم حولها.
فهل من قبيل الصدفة أن المتهمين في المنطقة العربية في المحاكم الدولية هم من العرب والمسلمين الموضوعين على لوائح الإرهاب الغربية، والمعارضين لمشاريع الإذلال الأمريكية الإسرائيلية المشتركة؟
لماذا لم تشكل الولايات المتحدة محكمة دولية لاغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات، أو الزعيم اللبناني الدرزي كمال جنبلاط، أو الرئيس الباكستاني ضياء الحق، أو اليمني إبراهيم الحمدي أو المغربي المهدي بن بركة، ولماذا لا نرى مجرم حرب إسرائيليا واحدا يمثل أمامها وما أكثرهم؟
لماذا لا نرى محكمة دولية تشكل بقرار من مجلس الأمن الدولي للتحقيق في جرائم الحرب الأمريكية في العراق وأفغانستان بعد اعتراف مرتكبيها بمسؤوليتهم عن هذه الجرائم من أمثال جورج بوش الابن، وتوني بلير مبعوث «السلام» الدولي في الشرق الأوسط، وديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي السابق، ودونالد رامسفيلد وزير دفاعه، وهناك في مذكرات هؤلاء إصرار على الجرم ومعلومات دامغة بالكثير مما يدينهم.
السيد حسن نصر الله كان محقا عندما قال إن اليد التي ستمتد إلى أي من عناصر حزب الله لاعتقالهم من قبل المحكمة ستقطع، لأنه لا يوجد هناك ما يمنع أن تكون قرائن هذه المحكمة «مفبركة»، واتهاماتها مسيسة.
ألم يكن فريق التفتيش الدولي في العراق، في زمن الرئيس الراحل صدام حسين مسيسا ومزروعا بالجواسيس من عملاء وكالة المخابرات المركزية، باعتراف سكوت ريتر الذي أصيب بصحوة ضمير مفاجئة دفعته إلى الانقلاب على أسياده السابقين من المحافظين الجدد، وتقديم معلومات دامغة وموثقة حول طرق الاستفزاز التي اتبعها هؤلاء المفتشون لإخفاء نواياهم الحقيقية في استثارة أعصاب الرئيس العراقي، من خلال جرح نخوته وكرامته وبما يؤدي إلى دفعه إلى طرد هؤلاء المفتشين لتبرير العدوان على بلاده لاحقا؟
فلماذا يذهب محققو محكمة الحريري إلى عيادة نسائية في الضاحية الجنوبية، تتردد عليها نساء قادة المقاومة الإسلامية، وما هي المعلومات التي يريدون الحصول عليها من جراء فحص مئات الملفات الطبية المغرقة في الخصوصية النسائية، فهل جرى وضع خطة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري في أرحام هؤلاء النسوة أو إحداهن؟
ألا يذكّرنا هذا الاستفزاز العلني المكشوف بإصرار المفتشين من عملاء المخابرات المركزية على تفتيش غرفة نوم الرئيس الراحل صدام حسين بالأساليب نفسها التي يتبعها محققو المحكمة الدولية؟ وللأغراض نفسها، وهم الذين دخلوا غرفة نوم الرئيس العراقي تحت ذريعة البحث عن أسلحة دمار شامل تحت سريره وهم يعلمون مسبقا، ومثلما كشفت الوثائق لاحقا، بأن هذه الأسلحة غير موجودة أساسا في العراق، وجرى تدميرها بالكامل قبل سنوات.
الرئيس العراقي كظم الغيظ، وتعاون بالكامل مع المفتشين، وبلع جميع إهاناتهم، مكرها، ولكن هذا التعاون لم يغير من واقع الأمر شيئا، ولم يمنع العدوان على العراق، وتغيير النظام، وقتل مليون إنسان بريء، وإغراق البلاد في حالة من الفوضى الدموية لم يسبق لها مثيل، ولا نحتاج إلى سرد تفاصيل الكارثة مجددا.
السيناريو نفسه يتكرر حرفيا هذه الأيام في لبنان، وفي إطار أجندة مماثلة معدة فصولها بعناية فائقة، وأبرز عناوينها تصفية سلاح المقاومة، ونزع أسنانها، وتقليم مخالبها، وتحويلها إلى حمل وديع مثل جميع العرب الآخرين وجيوشهم الجرارة التي ينفقون على تسليحها مئات المليارات من الدولارات، ولكن لخوض حروب تدعم التفوق الإسرائيلي وتعززه.
السيد سعد الحريري رجل طيب، لا نشك في أنه يتمتع بحس وطني وإنساني صادق، ولكن من المؤلم أن هناك مخططا جهنميا لتوظيفه، وطائفته، في خدمة مشروع شيطاني لتدمير لبنان والمنطقة بأسرها، تحت مسميات العدالة والثأر لمقتل والده.
نحن مع العدالة، ومع القصاص من كل المتورطين في جريمة استشهاد والده الذي كان، حسب ما نعرفه، من أشد الناس حرصا على نصرة القضايا العربية، والفلسطينية منها على وجه الخصوص، وتعزيز الوحدة الوطنية في لبنان شريطة ألا تكون هذه العدالة مغشوشة ومزورة والهدف منها الدمار والخراب وسفك دماء العرب والمسلمين مثلما حدث في العراق الشقيق، وترميل آلاف النساء، وتيتيم عشرات، بل مئات الآلاف من الأطفال الأبرياء.
نتمنى من الحريري الابن أن يستفيد من إرث والده العربي القومي، وأن يضع مصلحة لبنان والعرب جميعا، فوق جميع اعتبارات الثأر والانتقام، تماما مثلما فعل صديقه وليد جنبلاط، وأن ينظر إلى الأمام لا إلى الخلف، وإن فعل فسيدخل التاريخ من بوابة الشرف والكرامة والوطنية، وإن لم يفعل فسيدخله من بوابة أخرى يعرفها جيدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.