إيران تستدعي سفراءها لدى كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا بعد رفض مجلس الأمن تمديد الاتفاق النووي    تفاصيل خطة ترامب لإنهاء حرب غزة المكونة من 21 نقطة    بطولة العالم لبارا ألعاب القوى 2025 : ستة أبطال مغاربة يطمحون للتألق في نيودلهي    مرة أخرى.. إصابة مزراوي وغيابه إلى ما بعد التوقف الدولي    طقس السبت.. أجواء حارة نسبيا بالجنوب والجنوب الشرقي مع ضباب وأمطار خفيفة محليا    طقس حار في توقعات اليوم السبت بالمغرب            المستشار الخاص للرئيس الأمريكي: شركات أمريكية تبدي اهتماما بالاستثمار في الصحراء المغربية    "يونايتد إيرلاينز" توسع رحلاتها المباشرة بين مراكش ونيويورك لفصل الشتاء    "موسم أصيلة الثقافي" يكرّم مؤسسه الراحل بنعيسى بكلمات من القارات الثلاث    وكالة "ستاندرد آند بورز": التصنيف الائتماني السيادي للمغرب يرتقي إلى BBB-/A-3    البطولة الوطنية الاحترافية "إنوي" لكرة القدم.. الفتح الرياضي يتعادل مع اتحاد تواركة (1-1)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    تدريب ل"الأشبال" قبل لقاء إسبانيا        محادثات عطاف وبولس تتفادى الصحراء    أخنوش: التكنولوجيا تستوجب إرساء الثقة        تتويج أمهر الصناع التقليديين بأكادير    السلطة تقرر منع احتجاج في خريبكة    "سيدي علي" المزود الرسمي بالمياه خلال لكأس الأمم الإفريقية (المغرب – 2025)    البرتغال تجدد تأكيد دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الأساس البناء الأكثر جدية ومصداقية    رقم معاملات "مكتب الفوسفاط" يرتفع إلى 52.2 مليار درهم خلال النصف الأول من 2025    أستاذ يفارق الحياة بالحسيمة متأثرًا بتناول مادة "حارقة"        عجز السيولة البنكية يتراجع بنسبة 3,37 في المائة من 18 إلى 24 شتنبر (مركز أبحاث)    شكايات المواطنين تتزايد ومهنيون يحذّرون .. تحركات وزير الصحة مناسباتية بإجراءات محدودة عوض قرارات هيكلية    تونس.. توقيف أجنبي متهم بالاعتداء على سفينة ب"أسطول الصمود"    هل فقدت المحاكمة الجنائية مقوماتها!؟    القسم الوطني الثاني يفتتح موسمه بمواجهات متكافئة وطموحات كبيرة    ترامب: أعتقد لدينا اتفاقا بشأن غزة    منظمة العفو الدولية: تجريم الإجهاض في المغرب يعرض حياة النساء للخطر    نتنياهو: دولة فلسطين انتحار لإسرائيل    رئيس الفيفا: كل شيء جاهز تقريبا.. يمكننا تنظيم كأس العالم من الآن    مسرح رياض السلطان يفتتح موسمه الثقافي الجديد ببرنامج حافل لشهر اكتوبر    "نوستالجيا".. عرض مضيء لطائرات "الدرون" بموقع شالة الأثري        شركات كبرى مثل Airbnb وBooking ضمن 158 شركة متورطة بأنشطة في المستوطنات الإسرائيلية    منشور الخارجية الأمريكية واضح ومباشر: لا استفتاء، لا انفصال، الصحراء مغربية إلى الأبد    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بنبيل عيوش وآيدا فولش وإياد نصار    الحكم على الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بالسجن لخمس سنوات    مكافحة تلوث الهواء في باريس تمكن من توفير 61 مليار يورو        عبد الوهاب البياتي رُوبِين دَارِييُّو الشِّعر العرَبيّ الحديث فى ذكراه    أدب الخيول يتوج فؤاد العروي بجائزة بيغاس    جمجمة عمرها مليون سنة توفر معطيات جديدة عن مراحل التطور البشري            نبيل يلاقي الجمهور الألماني والعربي    الاتحاد الأوروبي يوافق بشروط على علاج جديد للزهايمر    الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الهادي التازي: كان المعمرون يسمون القرويين «الغرفة السوداء»
نشر في المساء يوم 29 - 07 - 2008

مؤرخ، عضو أكاديمية المملكة، سفير سابق بكل من ليبيا والعراق وإيران والإمارات العربية المتحدة، مؤسس نادي الدبلوماسيين المغاربة... إنه عبد الهادي التازي أحد الرجال الذين تركوا بصماتهم في تاريخ المغرب. ويذكر في هذا السياق أن الجينرال جوان بعد تعيينه مقيما عاما بفرنسا طلب أن يلتقي بالعلماء الجدد خريجي جامعة القرويين، وكان التازي على رأس هذه الدفعة من العلماء، فقال له جوان: «ينبغي أن تعلم أنه بفضل فرنسا أصبح خريجو جامعة القرويين يحصلون على شهاداتهم في ريعان شبابهم أطلب منك، إذن، أن تهتم بما يعنيك، ولا تتدخل في السياسة ».
- ولدت في 15 يوليوز 1921 بفاس. حدثنا عن طفولتك؟
< عشت في حي الشراطين بفاس. كنت أسكن في بيت مقابل لمدرسة الشراتين التي شيدها السلطان مولاي رشيد. نشأت في أسرة محافظة. وبعد أن حفظت القرآن، أردت أن ألتحق بالمدرسة الفرنسية، لكن أبي رفض ذلك بشكل قاطع. بالنسبة إليه، كان التحاقي بالمدرسة الفرنسية في فترة الحماية خيانة للوطن، لأنه كان يعتقد يقينا أن الالتحاق بمدرسة غير مغربية سيؤدي إلى خسارة اللغة العربية والدين الإسلامي.
أتذكر أن مواجهة دارت بيننا، أنا وأبي، قبل أن نتوصل إلى اتفاق؛ اتفقنا على أن أتسجل في المدرسة الوطنية التي كان يسيرها بوشتى الجامعي، والد الصحافي المشهور خالد الجامعي. وكان الجامعي ذا شخصية قوية ومعروفا بمواقفه الشجاعة التي أدخلته إلى السجن عدة مرات. وتأثرت به كثيرا إلى درجة أنني تبنيت نفس المواقف والأفكار، وأدخلتني مساهمتي في الحركة الوطنية بدوري إلى السجن.
- في أية ظروف؟
< التحقت بالحركة الوطنية في سن مبكرة. واعتقلت لأول مرة في سن الخامسة عشرة سنة 1936عندما شاركت في المظاهرات الاحتجاجية للمطالبة بإطلاق سراح الزعماء الثلاثة: علال الفاسي وبلحسن الوزاني ومحمد اليزيدي. ثم اعتقلت مرة ثانية سنة 1938، وثالثة في إطار المطالبة باستقلال المملكة في 1944.
- تابعت دراساتك العليا في جامعة القرويين بفاس. أي دور لعبته هذه المؤسسة في فترة الحماية؟
< كان مساري في القرويين سيرورة نضال في سبيل حرية الوطن. لعبت هذه المؤسسة دورا محوريا في فترة الحماية. ويجب ألا ننس أن جامعة القرويين هي المؤسسة الوحيدة التي كان المغرب يعتمد عليها في تكوين الأطر.
فقد ظلت منذ تأسيسها وأثناء الحكم الإدريسي والمرابطي والموحدي والوطاسي والسعدي والعلوي مشتلا للقضاة والعلماء والعدول... كان الملك محمد الخامس حريصا على صون هذه المؤسسة لأنها تجسد الهوية الوطنية المتمثلة في اللغة العربية والدين الإسلامي.
من جهتهم، كان الفرنسيون يرون فيها خطرا على وجودهم، لأنها كانت مصدر توتر وحرب مستمرين بين القصر والإقامة العامة، ولذلك سموها «الغرفة السوداء»، كانوا يعتبرونها تنظيما إرهابيا إذا استحضرنا التسميات المعمول بها اليوم.
كان محمد الخامس يعلم أن الفرنسيين يتحكمون في البلاد، وأن القرويين هي الشيء الوحيد المتبقي للمغرب بفضل اللغة العربية والإسلام، وهما عنصران يشكلان الهوية المغربية. ولذلك كانت الحركة الوطنية نشيطة في هذه المؤسسة.
- كنت الأول في دفعتك. التقيت بالجنرال جوان وهددك، لماذا؟ ماذا حدث بالضبط؟
< في 1946، وصل الجنرال جوان إلى فاس يوم تسليم الشهادات للعلماء الجدد مباشرة بعد تعيينه مقيما عاما في المغرب، كانت مهمته في فاس تتمثل في استعادة الهيبة التي فقدتها فرنسا بسبب احتجاجات الطلبة في شوارع العاصمة العلمية.
في ذلك اليوم، طلب الجنرال جوان مقابلة العلماء الجدد. وقال لي بصفتي الأول في دفعتي: «ينبغي أن تعلم أنه، قبل وصول فرنسا، كان خريجو القرويين لا يحصلون على شهاداتهم إلا في سن متقدمة. بفضل فرنسا، أصبح بإمكانهم أن يصبحوا علماء في ريعان شبابهم. أطلب منك، إذن، أن تهتم بما يعنيك، ولا تتدخل في السياسة». كان تهديدا واضحا لا لبس فيه.
- هل وصلت أصداء ذلك إلى محمد الخامس؟
< طبعا، بل إنه دعاني لحضوري الحفل الذي نُظم بعد ذلك على شرف الأمير مولاي الحسن بمناسبة حصوله على شهادة الباكلوريا. وقال لنا أثناء الحفل إن القرويين أدت مهمتها بتكويننا، وإنه يتعين علينا أن نقوم بواجبنا في الدفاع عن الوطن. في تلك الفترة، كان الصراع على القرويين بين القصر الملكي والإقامة العامة قد وصل إلى أوجه. أعطى محمد الخامس أوامره لكي ألتحق بالقرويين أستاذا، لكن الفرنسيين رفضوا ذلك بدعوى أنه ليس لي من النضج ما يمكنني من الاضطلاع بهذه المهمة. ولمزيد من الضغط، حرموني من راتبي، ولم أحصل على سنتيم واحد طيلة عامين.
- اعترض الفرنسيون كذلك على إنشاء ملحقة خاصة بالفتيات. لكن علال الفاسي أصر على ذلك. كيف تمكن من تحقيق هذا المشروع؟
< علال الفاسي كان على صواب لما قرر أن يفتح ملحقة خاصة بالفتيات في هذه المؤسسة. فقد أصبح تمكين الفتيات من ولوج جامعة القرويين أولوية لدى الحركة الوطنية. وكان ذلك كارثة بالنسبة إلى الفرنسيين الذين اعترضوا عليها بشكل قاطع. لكن علال الفاسي لجأ إلى حيلة لتحقيق ذلك. في 1948، استغل زيارة محمد الخامس لفاس ليدعوه إلى تدشين فصول للفتيات درسْتُ فيها بدون مقابل.
ترجمة: محمد بوهريد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.