لا يضيعون في جهاز الأمن زمنا ثمينا. ما زال من غير الواضح إلى أين ستفضي الاضطرابات في شوارع القاهرة والإسكندرية، وقد أخذوا يُبينون أنه لا مناص من زيادة ميزانية الأمن، لأنه يجب أن يجدوا سريعا بديلا عن التهديد الإيراني. قد يتساءل شخص ما هل مئير دغان على حق؟ وهل من المناسب أن نضاعف ميزانية الأمن شيئا ما؟ وكلما خوّفنا كان ذلك أفضل بطبيعة الأمر. إذا جزمنا، بنغمة ذات سلطة كافية، بأن التهديد المصري سيزداد زيادة كبيرة على إثر تبديل الحكم في القاهرة، فلن تنشأ اعتراضات على مقدار ميزانية الأمن، فضلا عن أن أحدا لن يستطيع معارضة زيادتها. غير أن الحقيقة أن التهديد المصري لن يزداد حتى لو تم إسقاط نظام حكم حسني مبارك. وإذا تولى الإخوان المسلمون السلطة في مصر فسيتضاءل بقدر كبير. من شبه المؤكد أننا سنسمع في الأيام التالية غير قليل عن زيادة قوة جيش مصر بسلاح غربي متقدم وعن التدريبات التي يُجريها والعدو فيها إسرائيل. هذا صحيح، لكنه لا يغير الصورة القائمة، وميزان القوى مع الجيش الإسرائيلي، والظروف الجغرافية الاستراتيجية في المنطقة والمصالح المصرية التي ترفض كل منطق في الخروج لمحاربة إسرائيل. أجل إن سلاح الجو المصري مسلح بنحو 220 طائرة «إف 16»، لكن كما يقول بحث عن وزارة الدفاع الأمريكية، “لا تغيير في سلاح الجو المصري لمستوى التدريبات منذ حدث الانتقال من السلاح الروسي إلى الأمريكي. والنتيجة أن الطيار المصري لا يستطيع استنفاد الطاقة الكامنة في نظم السلاح». إن الفرق بين سلاح الجو الإسرائيلي وسلاح الجو المصري باق لأن سلاح الجو المصري مسلح بطائرات حربية قديمة فيها «ميغ 21» و«فانتوم»، علاوة على أن طائرات «إف 16» من طرز أدنى مما يحصل عليه سلاح الجو الإسرائيلي. سلاح المدرعات المصري أيضا يزداد قوة وفيه نحو 700 دبابة أمريكية متقدمة من طراز «أبرامز»، لكن إذا أراد المصريون الخروج لمحاربة إسرائيل فسيكون على هذه الدبابات أن تجتاز شبه جزيرة سيناء التي هي منطقة حاجزة عرضها 200 300 كلم. ولما كان الحديث عن منطقة صحراوية، بلا نباتات وفيها سكان قليلون فإنها تشكل «أرض قتل» مثالية. وإذا تجرأ الجيش المصري على اجتياز قناة السويس ودخول سيناء، فسيجد نفسه في شرك للجيش الإسرائيلي فيه تفوق مطلق عليه بواسطة السلاح الدقيق والتفوق الجوي. إن تولي الإخوان المسلمين السلطة سيفضي فورا إلى وقف المساعدة العسكرية الأمريكية والتدريبات المشتركة والتزويد بقطع الغيار الضرورية لصيانة الطائرات الحربية. وستضعف قوة الجيش المصري في هذه الحال سريعا. نقول، في سياق قدرة الجيش المصري على القتال والتطور، إن “الجيش المصري يطمح إلى تجديد سلاحه، لكنه لا يُظهر أي دافع إلى تغيير نظريته العسكرية». ومن الصحيح أيضا أن الجيش المصري يتدرب على مخططات حرب في مجابهة إسرائيل، لكن هذا الأمر ينبع في الأساس من أن مصر ترى إسرائيل تهديدا حقيقيا. والسلطة المصرية ترى إسرائيل عاملا غير مستقر يميل إلى استعمال القوة لحل مشكلات سياسية. تؤمن مصر بأن في إسرائيل قوى متطرفة قد يفضي توليها السلطة إلى العدوان عليها. ويؤتى بتحذير أفيغدور ليبرمان في سنة 2001 من أن الجيش الإسرائيلي يستطيع تدمير سد أسوان مثالا على الخوف المصري. كان من المناسب لذلك ألا يستعملوا في جهاز الأمن تعظيم التهديد المصري من أجل زيادة للميزانية لا حاجة إليها. على كل حال، يحسن أن نعلم بأنه لا يوجد في التخويف المرتقب أي شيء حقيقي. عن ال«هآرتس»