جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية البرتغال بمناسبة العيد الوطني لبلاده    عيد الأضحى.. صندوق التقاعد يصرف معاشات المتقاعدين ابتداء من 13 يونيو الجاري    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    مندوبية التخطيط : 25% من أغنياء المغرب لا يمارسون شعيرة عيد الأضحى    قبل مواجهة الكونغو برازافيل.. الركراكي يعقد ندوة صحفية    ديشامب يكشف عن حالة مبابي قبل اليورو    حوالي نصف مليون مترشح لاجتباز الباكالوريا    "الحياة حلوة" عن معاناة فلسطيني من غزة في الغربة…فيلم مشاركة في مهرجان "فيدادوك"    الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    شلل جديد في المستشفيات احتجاجا على "صمت" الحكومة    مصرع عامل موسمي أثناء صباغته لرصيف والسلطات توقف سائق حافلة    وزير الفلاحة يشرف على إطلاق مشاريع تنموية بإقليم الحسيمة    اليمين المتطرف يحقق مكاسب هامة في انتخابات البرلمان الأوروبي من دون الإخلال بالتوازن السياسي داخله    قيادي بحماس يحث أمريكا على الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب    موريتانيا تكشف اقتناء أسلحة متطورة    دلالة ‬استنكار ‬المغرب ‬بقوة ‬الاقتحامات ‬المتكررة ‬للمسجد ‬الأقصى ‬ورفضه ‬المطلق ‬لتقويض ‬الوضع ‬القانوني ‬و ‬التاريخي ‬للقدس    يدعم مقترح الهدنة في غزة.. واشنطن تدعو مجلس الأمن إلى التصويت على مشروع قرار    حماس بين الرفض والقبول    لوموند: انتكاسة الحزب الحاكم في انتخابات جنوب إفريقيا قد تفيد المغرب في قضية الصحراء    القطاعات الاجتماعية في قلب الاهتمامات النقابية لنقابة حزب الاستقلال بالحسيمة    من سيحسم لقب البطولة الجيش أم الرجاء؟    وليد الركراكي يلتقي بالصحافة قبل مواجهة الكونغو    منتخب الكونغو برازافيل يصل إلى المغرب    ألكاراس يستقبل لقب "رولان غاروس" برسم وشم برج إيفل    إخفاق حكومي في تفعيل الصندوق الخاص باستعمال الأمازيغية    اقتراع وطني يحسم في وساطة حكومية لإنهاء أزمة طلبة الطب والصيدلة    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    ستيني يُجهز على شقيقته    أسعار النفط ترتفع بدعم من آمال زيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    جسور التدين في المهجر.. لقاء مع الدكتور عبد النبي صبري أستاذ جامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية    استعمالات فلسفية معاصرة بين الهواية والاحتراف    «نقدية» الخطاب النقدي الأدبي    رابع أجزاء "باد بويز" يتصدر الإيرادات السينمائية الأميركية    تصنيع السيارات.. الصين تتجه نحو المراهنة على المغرب    أعراض داء السكري ترفع خطر الإصابة بالكسور العظمية    محامون وأطباء في شبكة حوادث وهمية.. وأمن الجديدة يواصل أبحاثه لإيقاف باقي المتورطين    علم التجهيل أو الأغناطولوجيا    المغرب يتجه لتحقيق اكتفائه الذاتي من البترول بحلول منتصف 2025    باب سبتة.. ضبط أكثر من 500 كلغ من المعسل    سقوط بارون مخدرات مغربي في قبضة الأمن الإسباني    أسعار الأضاحي تحلق بعيدا عن قدرة المستهلكين .. الاستيراد يفشل في كبح الأسعار    أزيد من 300 حاج مغربي استفادوا من مبادرة "طريق مكة" إلى غاية 9 يونيو الجاري    لبنان تندد بمخرجات ندوة ببيروت أسيء فيها للمملكة وتجدد تأكيدها لمغربية الصحراء    بعد استقالة غانتس وآيزنكوت من مجلس الحرب.. ما خيارات نتنياهو؟    استطلاع: نصف الشباب المغاربة يفكرون في الهجرة "بأية طريقة"    "عجمان" الإماراتي يستعين بالحسوني    منتخب المواي طاي يتألق في اليونان    اليمين الإسباني يتقدم بفارق طفيف على اليسار في الانتخابات الأوروبية        العلامة بنحمزة.. الشرع لا يكلف الفقير ويمكن لسبعة أشخاص الاشتراك في أضحية    بنحمزة يوضح موقف الشرع من الاشتراك في أضحية واحدة    منظمة الصحة العالمية تحذر من احتمال تفشي وباء جديد    جازابلانكا.. حفل اختتام رائع للدورة 17 يمزج بين إيقاعات الكناوي وموسيقى الفوزين    المغرب يسجل حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا    مهرجان صفرو يستعرض موكب ملكة حب الملوك    تشوهات الأسنان لدى الأطفال .. أكثر من مجرد مشكلة جمالية    وزارة الصحة تعلن حالة وفاة ب"كوفيد"    الحج 2024: خمسة آلاف طبيب يقدمون الرعاية الصحية للحجاج عبر 183 منشأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهدي بنبركة.. الزعيم الذي تم قتله وتذويب جثته من أجل إخفاء معالم الجريمة
وقفت أربع جهات دولية وراء جريمتي اختطافه وقتله
نشر في المساء يوم 19 - 04 - 2011

ما زال الغموض واللبس يلُفّان ملف وفاة الزعيم اليساري المهدي بنبركة، رغم مرور أزيد من أربعة عقود على اختطافه. ورغم وجود شهادات متعددة في الموضوع، فإن ملف هذا المناضل
الذي وسم تاريخ المغرب الحديث ما زال يصنف ضمن «الحالات العالقة».
وقد اقتنعت هيأة الإنصاف والمصالحة ب»مسؤولية الدولة الفرنسية عن اختطاف المهدي بنبركة، نظرا إلى وقوع الاختطاف والاغتيال فوق التراب الفرنسي، وبمسؤولية الدولة المغربية، نظرا إلى تورط مسؤولين كبار فيأجهزتها الأمنية في الجريمة»، كما ورد في تقرير متابعة تفعيل توصيات الهيأة، الملحق، رقم 1، الصادر عن «المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان» سنة 2010.
وقد تحدث ملحق هيأة الإنصاف والمصالحة عن ضرورة استمرار السلطات العمومية في المساهمة في الكشف عن الحقيقة بخصوص هذا الملف وتسهيل كل الجهود المبذولة في مجال الإنابات القضائية المتعلقة به.
بداية النهاية
ولد المهدي بنبركة في يناير سنة 1920 في الرباط وبدأ نشاطه مبكرا في حزب «الاستقلال»، لينفصل بعد ذلك عن الحزب سنة 1959 ويؤسس «الاتحاد الوطني للقوات الشعبية». اضطر بنبركة للرحيل إلى جنيف، بسبب معارضته سياسة الحكومة. وبعد وفاة الملك محمد الخامس، قرر العودة، ثم غادر البلاد ثانية.
اختُطِف بنبركة على مقربة من مقهى «ليب» في باريس، على الساعة الثانية عشر والربع من يوم الجمعة، 29 أكتوبر من سنة 1964، من قِبَل رجال أمن فرنسيين. وقد تأكد تواجد مسؤولين كبار في أجهزة الدولة المغربية في فرنسا عشية الاختطاف وغداته، حسب تقرير صدر حول متابعة تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة.
وقد صدر قرار قضائي في الموضوع عن المحكمة الجنائية في باريس، بتاريخ 5 يونيو من سنة 1967، وتقدمت عائلة بنبركة سنة 1975 بشكاية إلى قاضي التحقيق تتعلق بالقتل العمد مع الترصد للراحل، قبل انتهاء أجَل التقادم على ارتكاب الجريمة، وبعث قاضي التحقيق بإنابات قضائية إلى السلطات المغربية بمقتضى المعاهد القضائية المبرمة بين البلدين، كما تقدم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يوم 11 يوليوز من سنة 2011، ضد مجهول بين يدي قاضي التحقيق إثر التصريحات الصحافية الصادرة عن عميل المخابرات السابق أحمد البوخاري، الذي قال إن بنبركة تعرض للتعذيب بشكل وحشي، قبل أن يقتله الجنرال محمد أوفقير، الذي كان يشغل، وقتَها، منصب وزير الداخلية بمساعدة أحمد الدليمي.
وحسب شهادة البخاري، فإن بنبركة لقي حتفه في الساعة الثالثة من فجر يوم السبت، 30 أكتوبر من سنة 1965، في إحدى الفيلات في «فونتناي لو فيكونت» بالقرب من باريس، ونقلت جثته، بعد ذلك، إلى الرباط وأذيبت في حوض من «الأسيد».
وقد اعتبرت أسرة بنبركة شهادة أحمد البخاري مثيرة للاهتمام، لأنها جاءت من داخل أجهزة الاستخبارات المغربية، لكنها اعتبرت أن الأمر يستدعي تأكيدها أمام القضاء.
تعدد الروايات
دفعت الظروف الغامضة للوفاة عائلة المهدي بنبركة التي ما زالت تنتظر أجوبة عن أسئلتها «المعلقة»، إذ لا تتردد، في كل مناسبة، في المطالبة بالحقيقة الكاملة في الملف، وهكذا طالبت العائلة بتنفيذ توصيات هيآت الإنصاف والمصالحة خلال مسيرة رمزية لجمعيات حقوقية نظمت في شهر أكتوبر من العام الماضي، وتطرقت العائلة، في كلمة لها، للأسئلة التي ما زالت دون جواب: «من هم القتلة؟ أين الجثة؟ هل تم تحديد المسؤوليات؟»... مع الإشارة إلى أن هذه المسؤولية لم تُحدِّد، بدقة، مستوى مسؤولية الأفراد والأجهزة الأمنية في تنفيذ الجريمة في المغرب وفرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، رغم أن الهيأة تشير إلى مسؤولية بلدين فقط هما فرنسا والمغرب.
ومن بين الكتب التي تناولت هذا الملف كتاب يحمل عنوان «خفايا اغتيال المهدي بنبركة: كشف جريمة»، لمؤلفيه الصحافيين الفرنسيين جاك درجي وفردريك بلوكان، واللذين استندا إلى وثائق رسمية خاصة بالشرطة الفرنسية، إلى جانب التحقيقات وأقوال الشهود، التي نُشِرت في الصحف الفرنسية.
وقد استنتج الصحافيان وقوف أربع جهات دولية خلف جريمتي اختطاف وقتل بنبركة، والتي كانت لها مصلحة مباشرة وغير مباشرة في التخلص من بنبركة، وهي المغرب وفرنسا وأمريكا والمخابرات الإسرائيلية.
وإذا كانت شهادة البخاري تقول إن بنبركة قد أذيبت جثته في المغرب، فإن الكاتب الفرنسي والكومندوز السابق في سلاح البحرية، جورج فلوري، كشف توفره على معطيات مثيرة تثبت أن جثة المهدي بنبركة تم إحراقها في منطقة «إسون» في فرنسا مباشرة بعد اختطافه.
وقال فلوري، في حوار صحافي: «قبل 25 سنة، كنت أوقع كتبا لي في معرض للكتاب، حين اقترب مني شخص لا أعرفه ووضع أمامي ملفا رماديا يتضمن وثائق، ولم يزد عن قوله: «هذا لك»، ثم انصرف، ليضيف أنه عندما فتح الملف وجده عبارة عن تقارير للدرك الفرنسي، طبعت عليها عبارة «سري»، مؤرخة ما بين سنتي 1965 و1966، وتبيَّن أن الدرك الفرنسي كان على علم بإحراق جثة بنبركة، من خلال أحد مخبريه، كان يمد جهاز الدرك بالمعلومات.
وإلى جانب هاتين الروايتان، هناك أخرى جاءت على لسان مشاركين في الجريمة، تقول إن الجثمان دُفِن ضفاف على نهر «السين» بالقرب من فيلا في ضواحي باريس، حيث كان بنبركة محتجَزا.
مزيد من الغموض

دفع تعدد الروايات حول جثة المهدي بنبركة أسرة «المهدي» إلى الحديث عن احتمال أن هذا الأمر سيؤدي إلى زرع مزيد من الغموض حول القضية. وكان طابع السرية قد رُفِع عن 125 وثيقة سنة 2000، ثم عن باقي الوثائق سنة 2004، من ضمن مجموعة من الوثائق ثم حفظها باعتبارها من «أسرار» الدفاع الوطني الفرنسي. وقد تأكد من خلال الملف، حسب هيأة الإنصاف والمصالحة، تسهيل فرار الفرنسيين ذوي السوابق نحو المغرب، بعد الاختطاف.
وما زال الملف لم يغلق بعد وما زالت «الحقيقة» ضائعة، رغم أن المغرب وافق -رسميا- على طلب القضاء الفرنسي بخصوص الإنابة القضائية، إلا أنه في كل مرة يتم تأجيل موضوع الإنابة هذا. وقد زار قاضي التحقيق، الفرنسي باتريك مارييل، المغرب من أجل الاستماع إلى مسؤولين مغاربة وردت أسماؤهم في التحقيقات، لكن ذلك لم يتحقق، بعدما تم إخباره أن المعنيين بالأمر لم يتم التعرف على عناوينهم!...
وقد عاد القاضي الفرنسي، مرة أخرى، إلى المغرب، لكنه دخله بشكل غير رسمي وأخفى هويته، حيث سجل في بطاقة دخول مطار محمد الخامس مهنة «مستثمر فلاحي»، بدل قاض، وسجل أيضا عنوانا غير صحيح لإقامته في فرنسا أو في الرباط.
كما طُرِح «الملف»، من جديد، خلال هذه السنة، بعدما صدر قرار اللجنة الاستشارية لسرية الدفاع في فرنسا، الرافض لرفع السرية عن مجموعة من الوثائق، بعد طلب تقدم به قاضي التحقيق، باتريك رامييل، وهو القرار الذي زاد من حدة استياء عائلته، إذ قال نجله البشير بنبركة، في تصريح صحفي، إن «الحاجز الأول لم يكن في هذا القرار، فقد واجهنا عراقيلَ كثيرةً في السابق»...
وما تخشاه أسرة الزعيم اليساري هو التأخر في حل «لغز» هذا الملف، مما سيجعل الحقيقة تضيع برحيل المشاركين في هذه الجريمة أو الشهود عليها إلى دار البقاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.