إضراب وطني ووقفة احتجاجية للعاملين بالتعليم العالي يوم 18 يونيو بالرباط    لليوم الرابع.. تصعيد حاد بين إسرائيل وإيران يرفع من وتيرة النزاع ويثير قلق المجتمع الدولي    مقتل 24 إسرائيليا وإصابة 592 منذ بدء طهران الرد على عدوان تل أبيب    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    افتتاح ملتقى دولي بأكادير بمشاركة 50 دولة تحضيرًا لأشغال منتدى الأمم المتحدة المعني بالغابات    ألكسندر دوغين: إسرائيل قد تلجأ إلى "خيار شمشون" وتستخدم السلاح النووي    8 قتلى في إسرائيل وإصابة 287 آخرين ووسائل إعلام عبرية تتحدث عن دمار هائل في تل أبيب الكبرى    "نقاش الأحرار" يحط الرحال بسوس    "الوكالة المغربية للمياه والغابات" تحذّر سكان 9 أقاليم من اندلاع حرائق غابات    رخص "مقهى" و"مأكولات خفيفة" تتحول إلى مطاعم دون شروط السلامة.. فأين لجن المراقبة الصحية بطنجة؟        مرسلي تشيد بانخراط وتعبئة النساء للمشاركة السياسية    توتنهام الإنجليزي يضم المهاجم الفرنسي ماتيس تيل بشكل نهائي    حملات تضليل رقمية تستهدف حموشي.. وتُراهن على النصاب هشام جيراندو    معين الشعباني يقود نهضة بركان إلى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يكتسح أتلتيكو مدريد برباعية نظيفة في افتتاح مونديال الأندية    طاقم تحكيم برازيلي لمباراة الوداد ضد مانشستر سيتي    نهضة بركان يبلغ نصف نهائي الكأس        الهجمات الإسرائيلية تقتل 224 إيرانيا    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    نشرة انذارية: زخات رعدية محليا قوية ومصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة اليوم الأحد بعدد من المناطق    برنامج مباريات كأس العالم للأندية لكرة القدم يوم غدٍ الإثنين    مخاطر الحرب الإسرائيلية الإيرانية تعجل بارتفاع سعر النفط وتفاقم المضاربات    ترامب ينفتح على وساطة بوتين    مقتل رئيس الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني    الوداد يضم مدافعا برازيليا ويلتقي سفير المغرب بأمريكا    "عبد الحفيظ دين" يناقش أطروحته لنيل الدكتوراه في القانون الخاص بكلية الناظور    المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة يحتفي بشخصيات بارزة من عالم الفن السابع    المغرب يحتفي بيوم إفريقيا في لاس بالماس على خلفية التعريف بالتراث    مسافرون يتفاجؤون بفرض 10 كلغ كحد أقصى لحقيبتين يدويتين بمطار العروي    "العدالة والتنمية" يدق ناقوس الخطر إزاء تفاقم المديونية ويحذر من اختلالات جديدة في إعادة تشكيل القطيع    انتخاب سعاد لبراهمة رئيسة جديدة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان.. وهذه لائحة المكتب المركزي    عزيزة داودة يكتب: موريتانيا في مواجهة التحديات الأمنية والدبلوماسية وإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في الساحل    حب الملوك بصفرو : 101 سنة من الاحتفاء بالكرز والتراث المغربي الأصيل    إيران تعلن اعتقال "عميلين للموساد"    تسريب بيانات حساسة يفتح عين "دركي البورصة" على اختلالات خطيرة    التعادل مع إنتر ميامي يحزن الأهلي    المغاربة على موعد مع حر شديد .. والأرصاد الجوية تبسط الأسباب والتدابير    بعد غيابه لقرن من الزمان.. كزناية تحتضن مهرجان التبوريدة    ريدوان وبيتبول يبدعان في أغنية مونديال الأندية    فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    فرينش مونتانا يشعل حفل افتتاح مونديال الأندية بأمريكا بإطلالة بقميص المنتخب المغربي بخريطة المغرب كاملة    إيران تقصف معهد وايزمان الإسرائيلي للعلوم    الدار البيضاء.. توقيف شخص متورط في سرقة بالعنف باستخدام دراجة نارية    المغرب يعزز موقعه في سباق الطاقة النظيفة: اتفاقية استراتيجية مع شركة صينية لإنتاج مكوّنات بطاريات السيارات الكهربائية    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما    الحجاج يواصلون رمي الجمرات في أيام التشريق، والسلطات تدعو المتعجّلين للبقاء في المخيمات    الحج 2025: السوريون يغادرون من دمشق لا المنافي بعد 12 عاماً من الشتات    16 دولة تدق ناقوس الخطر لمواجهة التغيرات المناخية على خلفية مؤتمر "كوب 30"    الولايات المتحدة تُعد قائمة حظر سفر جديدة تشمل 36 دولة بينها ثلاث دول عربية    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي على وقع الانخفاض        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الألواح البيضاء» تجربة في الأدب المرح
نشر في المساء يوم 08 - 09 - 2008

تنساب الحكايات في مجموعة «الألواح البيضاء» القصصية دون تكلف أو ظهور صنعة، مع أن الكاتب نورالدين محقق يظهر علو كعبه في كتابة قصص شفافة بشخصيات مرحة، موغلة في البساطة بأحلامها ورغباتها، بكذبها وصدقها. قصص تنهل من معين المتخيل الذاتي، تستحوذ عليها موضوعات الكتابة (تأليفا وخطابا)، والحب في الحياة اليومية، والضحك والسخرية الرقيقة.
تتميز المجموعة القصصية، وهي ميزة المتخيل عند الكاتب، بكونها تمنحنا عوالم ممتعة ، فيها العيش ممكن مع كثير من المرح والتفاؤل وإمكانات الحلم، حلم به يفتتح الكاتب عالم «الألواح البيضاء» التي تضم ثماني قصص تتسم عناوينها بالقصر، وهي على التوالي: «تأويل الأحلام، بنت الأرض، مدينة الخيال، الألواح البيضاء، لا بأس يا حبيبتي، لبن العصفورة، الحب في زمن الإنترنت، الغصن الذهبي».
هي قصص يربطها خيط دقيق ينسج كل الحكايات ألا وهو الانهمام بالكتابة والكتاب والكتب ، من خلال سرد القصص أو الاستماع إليها، (الألواح البيضاء)، )بنت الأرض) أو البحث عن الكتب ( مدينة الخيال) و(الغصن الذهبي) أو الدخول في حوار مع الكتاب والكتب، تضمينا ومحاكاة و باروديا ، تلميحا وتصريحا، ونقبل على القراءة والتأويل (تأويل الأحلام) القصة الاستهلال وهي تعبير فني جمالي عن حلم داخل الحلم، يستثمر فيها المؤلف عوالم العجائبية، بفجائيتها، وانبهام الحدود فيها بين الإنساني والطبيعي ، بين العقلي والحسي. إنها حكاية أليغورية يتحول فيها النائم الحالم إلى كتاب يتألف من كتب لا نهائية (في تلميح إلى مكتبة بابل البورخيسية). كتاب -إنسان تنغرس الأوراق في جسده ، ينتزعها كي يقرأها ورقة ورقة، قصة قصة على جمهور من الطيور النادرة ندرة القراء المفتقدين. قصص من حروف مختصرة ، حاء باء، كناية عن الحب، ألف لام، تكثيف للألم، كاف نون، اختصارا للكينونة اللامختزلة. فجأة يقذف بالحالم إلى مكان قصي، سمته التحولات دائما، يصادف حجرة ناطقة تنتظر من يعيدها إلى سيرتها الأولى. ولأن السارد شاعر فهو ينشدها بعضا من شعره المضمن ترميزا في بحر الطويل لتصير الحجرة الناطقة فتاة ينبهر لجمالها. يهم بضمها لولا رنين المنبه. يستيقظ لمعاودة اليومي والذهاب إلى العمل، لكنه لا يلبث أن يجد بأن حلمه اللعين ما زال مستمرا، حلم داخل الحلم إذن. فالمضاعفة سمة أسلوبية تميز كتابة القصص في مجموعها إذ هناك القصة داخل القصة (بنت الأرض) والحكاية تتوالد حكايات (الألواح البيضاء) والرواة يتناوبون على حكاية القصة ذاتها تتميما وتنويعا، والسارد المضاعف الذي يصل حد ازدواجية الاسم على النمط البورخيسي من جهة وبول استر من جهة أخرى.
قصة (مدينة الخيال)، هي جنس أدبي يتحول إلى جنس أدبي آخر: قصة تصير مذكرات شخصية (بنت الأرض) علاوة على استلهام المحكي التراسلي (لا بأس يا حبيبتي) والحكاية التراثية (مدينة الخيال)، كما أن الشخصيات الرئيسة هي في الغالب متكلمة بضمير «أنا» وهي تقنية تسمح للقراء بمتابعة مسار أفكار وأحلام ورغبات الشخصيات الممثلة، كما تساعد على تحديد الوضع الاعتباري للمؤلف المجرد الذي يبرمجه النص السردي ، فهو بمثابة قاص في (تأويل الأحلام ) يقول السارد: («شعرت بأن أوراق الأشجار تحولت كلها إلى عيون تبصرني، وتدعوني إلى قراءة قصص عليها») أو في (بنت الأرض) حيث يقول ساردها: («اقترح الجميع علي أن أبدأ أنا بالكلام ، لأني معروف بكتابة القصص»). («كان بطلا من ورق على حد تعبير رولان بارت، لم يكن ، أي البطل، في مستوى تحمل المسؤولية، أليس كذلك أيها القارئ المنافق الذي يشبهني ، أنا الكاتب ، بتعبير شارل بودلير») أو هو شاعر («أخبرني هذا الجني أن خلاصي سيكون على يد شاعر ، ما أن يتغزل في جمالي بقصيدة عمودية ، على بحر الطويل، حتى أعود إلى أصلي الأول. أخبرتها أني شاعر بالفعل، لكني لا أكتب إلا قصائد نثر»). قصة (تأويل الأحلام). («خرج من بيته غاضبا فقد اتصلت به صديقته عروس البحر من وراء البحار، تطالبه بكتابة قصيدة في عينيها الفاتنتين. تساءل كيف يكتب قصيدة في عينين فاتنتين لم يقبلهما بعد؟») قصة (لا بأس يا حبيبتي). إضافة إلى ذلك شواهد نصية عديدة في ثنايا (الألواح البيضاء) تجعل منها نصوصا أقرب إلى المتخيل الذاتي منه إلى أي جنس أدبي آخر، تؤثث فضاءاته شخصيات ذات مرجعية واقعية شأن أولائك الأصدقاء في قصة (بنت الأرض)الذين يقاومون عبث الثرثرة المجانية في المقهى بابتكار تسلية متفردة (« كتابة قصة جماعية سمتها اللعب بالمتضادات): الفتاة ، ذلك الكائن الترابي ولقاؤها المستحيل مع ابن البحر، الكائن المائي، وهي حكاية يستغلها السارد الرئيسي ، بديل المؤلف للتلميح إلى فن الكتابة القصصية، مراوغا نفاق القراء في إحالة صريحة لإهداء «أزهار الشر» للشاعر الفرنسي شارل بودلير، أو إحالة ضمنية للكاتب الروائي ذائع الصيت نجيب محفوظ، من خلال قلب الاسم («إن دورك محفوظ يا نجيب»(قصة (بنت لأرض) ذاتها، أو عبر كتابة قصة تحاكي المتن التراثي « حدثنا هشام بن عيسى» (مدينة الخيال). وهي حكاية عن مدينة الدار البيضاء التي لا يصفها السارد، خلافا للكثيرين بالمدينة الغول، في معارضة صريحة للأكليشيه المبتذل، بل بمدينة تعج بالخيال والحياة البهية، من خلال فضاءاتها المليئة بالخيال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.