تراجع أسعار النفط بعدما سجلت أعلى مستوياتها في 7 أسابيع    بينهم 11 بمجزرة.. إسرائيل تقتل 19 فلسطينيا بقطاع غزة الخميس    مساءلة وزير التربية الوطنية حول "تعثرات" مشروع مدارس الريادة            إحباط تهريب مخدر الشيرا بالكركرات        اجتماع يواكب مبادرة المغرب للساحل    القضاء الفرنسي يدين نيكولا ساركوزي    حموشي يجري زيارة عمل إلى الإمارات العربية المتحدة    المغرب يعلن بمونتريال خططاً لمضاعفة طاقة مطاراته إلى 80 مليون مسافر بحلول 2030    بطولة فرنسا.. توقيف مدرب مرسيليا دي تزيربي مباراة واحدة        زيدان: السياحة المستدامة تشكل "فرصة واعدة" لبناء نموذج اقتصادي مغربي أكثر صلابة    رئيس الحكومة يبرز مواقف المملكة من القضايا الكبرى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    نيويورك.. أخنوش يتباحث مع رئيسة المفوضية الأوروبية    مهنيو محطات الوقود يقاطعون اجتماع وزارة الانتقال الطاقي تعبيرا عن رفضهم لمشروع "الوسم" ويدعون إلى حوار "جدي"    إطلاق اتفاقية متعددة الأطراف بالرباط لمكافحة المنشطات في المجال الرياضي    إصابة نحو 50 إسرائيلياً في هجوم بطائرة بمسيّرة يمنيّة على إيلات    جلالة الملك يعطي انطلاقة مشاريع سككية مهيكلة ذات وقع كبير على التنقل داخل الحاضرة الكبرى للدار البيضاء    قيوح يحشد لتمكين المغرب من مقعد دائم بمجلس المنظمة العالمية للطيران    زامبيا تجدد تأكيد دعمها لسيادة المغرب على صحرائه    بابوا غينيا الجديدة تجدد تأكيد دعمها لمغربية الصحراء، ولسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، وللمخطط المغربي للحكم الذاتي    طنجة.. أزمة الصرف الصحي ومياه الأمطار تُهدد منطقة "أوف شور بلازا" ودعوات عاجلة لوالي الجهة للتدخل    إسبانيا ترسل سفينة لإنقاذ رعاياها بعد استهداف "أسطول الصمود" قبالة اليونان والأمم المتحدة والاتحاد الأوربي يدينان الهجمات        شريط فيديو يستنفر أمن مراكش ويقود لتوقيف شخصين متورطين في حيازة أسلحة بيضاء        شيشاوة.. مصرع 5 أشخاص 4 منهم من أسرة واحدة اختناقا داخل "مطمورة" للصرف الصحي    مونديال أقل من 20 سنة.. وهبي: جئنا بطموحات كبيرة ونسعى للجاهزية الكاملة لمواجهة إسبانيا    الحسيمة تتصدر المدن الأغلى وطنيا في أسعار الاستهلاك    عمر عزيمان يتوج بالجائزة الدولية "ذاكرة من أجل الديمقراطية والسلم"    "لامورا..الحب في زمن الحرب" للمخرج الراحل محمد اسماعيل يدخل سباق القاعات السينمائية    مدرب جيرونا يشيد بأداء أوناحي بعد تألقه أمام بلباو    TV5MONDE تحتفي بالفرنكوفونية المغربية في سهرة ثقافية خاصة    مهرجان "عيطة بلادي" يكشف تفاصيل نسخته الأولى في الدار البيضاء    الصراع مستمر بين المغرب وإسبانيا على استضافة نهائي مونديال 2030    بزشكيان: إيران لا تريد أسلحة نووية    سناء العلوي… من تكريم وزان إلى لجنة تحكيم سلا    قراءة في مسرحية «عيشه ومش عيشه»: «الوجود الإنساني لا يفهم إلا في ضوء تناقضاته»    المغرب يجدد بنيويورك تأكيد دعمه لحل الدولتين بشأن القضية الفلسطينية    6 روايات عن العائلة إلى المرحلة النهائية من جائزة "بوكر"    مؤسسة الدوحة للأفلام تسلط الضوء على الأصوات الفلسطينية في مهرجان الدوحة السينمائي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    منظمة الصحة العالمية: لا علاقة مؤكدة بين الباراسيتامول والتوحد        دراسة: تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال    سفيرة المغرب في فرنسا سميرة سيطايل بالكوفية الفلسطينية وفي بيت سفيرة فلسطين في باريس.. بعد اعتراف الرئيس الفرنسي بدولة فلسطين        دراسة: غثيان الحمل الشديد يرفع خطر الإصابة بأمراض نفسية            المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الولادة بعد الأوان
نشر في المساء يوم 17 - 11 - 2011

تنشغل النساء وخاصة الفتيات في مقتبل العمر بإيجاد الأجوبة للعديد من المشاكل الصحية التي تواجههن في حياتهن اليومية. البروفيسور خالد فتحي المختص في أمراض النساء
والتوليد يجيب عن هذه الأسئلة المحيرة.
عمري 38 سنة. حامل للمرة الرابعة. بلغت الأسبوع 42 من الحمل. لكني لم ألد بعد. فهل تأخر الوضع لدي؟ وإن كان الأمر كذلك فماذا يعني تأخر الولادة؟ وماهي الأسباب التي تؤدي إليها؟ وما هي مضاعفاتها بالنسبة للأم والجنين ؟
في الوقت الذي نتناول فيه هذا الموضوع ستكون ولادتك قد أنجزت بشكل أو بآخر فلا يمكن للحمل أن يستمر إلى ما لا نهاية إذ هناك آجال معلومة تفرض على الطبيب المولد أن يتدخل.
نقول بأن الولادة قد تأخرت أو إن الوضع قد فات أوانه عندما يتجاوز 42 أسبوعا أو 294 يوما بعد أول يوم لآخر عادة شهرية حدثت لدى المرأة ولم يقع.
لقد مكنت دراسة عينات كبيرة من النساء من تحديد مدة الحمل الطبيعية لدى المرأة في 267 يوما ابتداء من يوم التبويض أو 284 يوما ابتداء من أول يوم لآخر عادة شهرية لدى امرأة ذات دورة شهرية عادية من 28 يوما أي 40 أسبوعا وأربعة أيام. لكن هذه الأرقام لا تسلم من التشكيك. فهي تختلف من فريق طبي لآخر حيث تقع نهاية الحمل بين الأسبوع 40 و41. ولتفادي انعدام اليقين هذا فقد تم التوافق على اعتبار الحمل طويلا عندما تتجاوز مدته مدة الحمل العادية (284 يوما) بعشرة أيام أي 294 يوما أو 42 أسبوعا بالتمام و الكمال.
ورغم أنهما لا يفيدان نفس المعنى فإن اكتمال مدة الحمل واكتمال النمو قد يثيران كثيرا من اللبس في ذهن الحوامل والأطباء على السواء. وهكذا فإن طفلا ولد عند اكتمال مدة الحمل يكون مكتمل النمو بينما عندما تكون الولادة قبل اكتمال مدة الحمل فإن الجنين يكون ناقص النمو أو خديجا. وهكذا يمكن اعتبار تجاوز مدة الحمل مرادفا لتجاوز مرحلة اكتمال النمو.
وبصرامة علمية أكبر يجب أن نميز بين حمل ممتد يفيد معطى زمنيا وبين تجاوز أمد الحمل المؤسس على مفهوم اكتمال النمو لدى الجنين.
ولكي أكون واضحا ينبغي لكن معرفة أن أمد الحمل يختلف من امرأة لأخرى. وتجاوز أمد الحمل الذي يعني فرط نمو الجنين يمكن أن يحدث في تواريخ مختلفة خلال الحمل وليس فقط بعد 42 أسبوعا. وهكذا فإن هناك أجنة يكتمل نموها في الأسبوع 37 و38 ونرصد لديها علامات فرط اكتمال النمو إذا انتظرت الأسبوع 40 للخروج للدنيا. وبالعكس من ذلك فقد يولد الطفل في نهاية الأسبوع 42 دون أن تظهر عليه هذه العلامات، لأن هذا التاريخ يمثل في الحقيقة تاريخ اكتمال النمو لديه. يمثل الحمل الممتد «الحقيقي» الذي يفوق 42 أسبوعا 10% من كل حالات الحمل. لكن هذه النسبة تتغير تبعا لطريقة حسابنا لمدة الحمل. فإذا قدرناها وفق معيار العادة الشهرية تنزل إلى 7.5 % أما إذا اعتمدنا معطيات الفحص بالصدى قبل 12 أسبوعا فإنها تنزل إلى 2.5% وإلى 1.1 % إذا كان هناك تناغم بين طريقتي الحساب هاته. وهكذا يتبين أن عددا كبيرا من حالات تأخر الولادة لا تكون كذلك في حقيقة الأمر. فهي مجرد ظن وقد تتحول إلى مجرد فزع غير مبرر.
أسباب الحمل الممتد
لا نعرف لحدود اليوم سببا واضحا لامتداد الحمل إلى ما بعد أمده. لكننا نشك في أن بعض العوامل تتسبب في هذه المشكلة يأتي في طليعتها الحمل بجنين عديم الدماغ أي جنين لا يتوفر على دماغ. وهذا عيب خلقي تستحيل معه الحياة بعد الولادة. لكن الحمل مع ذلك قد يمتد إلى ما بعد مدته الطبيعية. وهذه فقط ملاحظة إحصائية يعوزنا التفسير العلمي المقنع لها.
ويكاد يتفق أطباء التوليد على أن الولادة للمرة الأولى تسبب أيضا طول أمد الحمل ربما، لأن عنق الرحم يكون غير مدرب على التوسع في إبانه لما يطلب منه ذلك للمرة الأولى. ويضيفون لهذه العوامل ارتفاع وزن الجنين ف 63% من الأطفال الذين يولدون بعد 42 أسبوعا يفوق وزنهم 4000 غرام مقابل 23% فقط من الذين يولدون قبل 40 أسبوعا . ومما يدعم هذا الطرح أن الزيادة اليومية في الوزن تنزل من 30 غراما إلى 10 غرامات بعد 40 أسبوعا. كذلك عرف عن بعض أمراض الجنين أنها سبب لطول مدة الحمل كتواجد الماء بالدماغ والتثالث الصبغي 18 والضمور الخلقي للغدتين الكظريتين.
ما الذي يحدث عندما يتأخر الوضع؟
تحدث أمور كثيرة قد تكون لها مضاعفات خطيرة فعلى مستوى المشيمة، فقد تظل ذات شكل طبيعي في 25% من الحالات. أما في الحالات الأخرى فتظهر عليها علامات الشيخوخة لأنها عمرت داخل الرحم أكثر من اللازم فتنخفض كفاءتها الوظيفية مما يسبب أفدح الأضرار لدى الجنين الذي يقل تزويده بالأكسجين والمغذيات مما يؤدي إلى معاناة مزمنة داخل الرحم حيث يصاب بالاجتفاف مما يؤدي إلى انخفاض التبول وبالتالي انخفاض كمية سائل الجنين المحيط به الذي يتكون في غالبيته من بول الجنين.
يحاول هذا الجنين أن يتكيف مع هذا الوضع الحرج من خلال المحافظة على التروية الدموية لدماغه على حساب التروية الدموية للجلد والكلى و الأمعاء. مما يجعل هذه الأخيرة تتأثر أيضا فتلفظ الغائط نحو الخارج في قلب سائل النخط. مما يجعله متعفنا ذا لون أخضر عوض أن يظل معقما وذا لون أبيض، الشيء الذي قد يؤذي الجنين الذي عادة ما يبتلع هذا السائل مما يؤدي إلى معاناته وتعفنه ويطرح الكثير من المشاكل بعد الولادة. ولكن ألا يجدر بنا أن نسأل عن حالة الطفل القادم من حمل ممتد؟ كيف هو شكله العام؟ وهل هناك علامات تميزه؟
في أغلب الأحيان لا نسجل لديه أي اختلالات حيث يكون الطفل طبيعيا . لكن المضاعفات لا تلبث تتقاطر كلما أمعن الحمل في الزمن. وهكذا قد ينخفض الوزن بسبب الجفاف والهزال. كما يكون الجلد جافا رماديا مقشعرا متقشرا على مستوى راحتي اليدين وباطن القدمين وتطول الأظافر وشعيرات الرأس كما لو أن هذا الجنين لم ينتظر فشرع في طفولته في رحم أمه. لكن الملاحظ والمتفق عليه أن نمو الأجنة يرتبط بعوامل أخرى زيادة على عامل التغذية عبر المشيمة. فلنفس مدة الحمل نلاحظ أن هناك تفوقا في النمو لدى السود على البيض ولدى الفتيات على الذكور ولدى التوأم مقارنة بالحمل ذي الجنين الواحد. هناك عدة مخاطر ينطوي عليها الحمل الممتد أولها ارتفاع وزن الجنين عند الولادة الذي يفوق 4 كلغ بعد 42 أسبوعا فيؤدي إلى المراضة و الوفيات في صفوف المواليد الجدد وإلى تسجيل مضاعفات عند الأم كارتفاع احتمالات الخضوع للعملية القيصرية وعسر الولادة إذا ما اخترنا الولادة الطبيعية بسبب ارتخاء عضلة الرحم، هذا بالإضافة إلى طول المخاض وإلى احتجاز الكتفين أثناء الوضع حيث يستحيل استكمال الولادة بشكل سلس دون اللجوء لتقنيات معقدة وخطيرة مما قد يسبب موت الجنين أو حدوث كسور لديه أو شلل يهم الأطراف العليا. كما قد يتمزق عجان الأم قبل أن يسمح بمرور هذا الطفل الضخم.
ولكن كيف نتعامل مع الحمل الممتد لدرء هذه المضاعفات؟ أولا يجب أن نرصد هذا الحمل ثم نراقبه ثانيا ونتخذ قرارات صائبة بشأنه ثالثا : يمر تشخيص الحمل الممتد عبر الحساب الصحيح للمدة النظرية لهذا الحمل. وهكذا تكون هذه المدة دقيقة إذا نجم الحمل عن تقنية أطفال الأنابيب، لأن الطبيب هو من ينجز هذا الحمل فيكون على بينة تامة من تاريخ وقوعه. ويكون هامش الخطإ ثلاثة أيام فقط إذا كنا نعرف تاريخ التبويض لدى المرأة أو تاريخ الاتصال الجنسي الذي نجم عنه الحمل. ويرتفع هذا الهامش إلى 4 أيام إذا تم اعتماد معطيات الفحص بالصدى بين الأسبوع 8 و 12 للحمل ويصل إلى 7 أيام إذا اعتمدنا تاريخ آخر عادة شهرية أو الفحص بالصدى بين الأسبوع 12 و 20 ويستقر هامش الخطأ هذا في 10 أيام نقصا أو زيادة عندما نستنتج مدة الحمل من خلال فحص بالصدى بعد الأسبوع 20، هناك أيضا علامات وندرة بتعطل الوضع أهمها انخفاض حركات الجنين وانخفاض علو الرحم وندرة سائل النخط وملاحظة ترهل المشيمة من خلال فحص بالصدى وتلون سائل النخط خلال فحص بالمنظار وكذا ظهور اختلالات في تخطيط نبض القلب عند الجنين تنذر بمعاناته.
ولكن دعونا من كل هذا ولنبحث عما ينبغي فعله. بداية يقرر الأطباء أن المراقبة اللصيقة يجب أن تبدأ 3 أيام بعد الأسبوع 39 للحمل وتشمل فحص الأم من خلال حساب الضغط والوزن والبروتين في الدم وتقييم مدى شروع عنق الرحم في فتح أبوابه تم مراقبة الجنين عبر تخطيط نبض القلب وتقدير كمية سائل النخط من خلال الفحص بالصدى. ومن الطبيعي أن وتيرة المراقبة ترتفع كلما طال أمد الحمل. بالنسبة لقرارات التوليد فتتخذ حسب كل حالة على حدة. فقد نقرر الانتظار إما لأن المرأة مخطئة في حساباتها أو لأن الوضع مطمئن. وقد نقرر تسريع الولادة بناء على معطيات طبية. آنذاك فحسب حالة عنق الرحم قد نقوم بإنضاج هذا العنق ثم نستحث الوضع من خلال بعض الأدوية على أن نضع في الحسبان أنه إذا أخفقت المحاولة يجب أن نكون على استعداد لإنهاء الولادة بالقيصرية أو قد نقوم بالتوجه رأسا إلى هذه العملية القيصرية إذا ارتأينا أن لا فائدة من انتظار المخاض الطبيعي، لأن معطيات الفحص قد دلت على أن المرأة مستمرة في تكاسلها ولا تنوي الشروع في الولادة بمفردها وإذا كذلك خفن ألا يطيق الجنين هذه الولادة الطبيعية.


البروفيسور خالد فتحي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.